إياكَ أن تحزن على فوات الأشياء!
هناك أشياء كان ينبغي لها أن ترحل إلى الأبد..!
وهناك أشخاص كان ينبغي لهم منذ زمن أن يعودوا غُرباء..!

وهناك مواقف مَريرة كانت لابد أن تمر عليك لتصبح أقوى في مواجهة غيرها فيما بَعد..!

وهناك فرص لابد وأن تضيع لأنها لو لم تَضِع لَضِعتَ أنت..! 

وهناك أيام لابد أن تَخلُو عليك حتى تعلم قيمة الأيام التي سوف تَحنُو عليك..!

لا تنظر لكل ما كان مُرًا على حقيقته! 

بل انظر إليه على ما أدى إليه، وما غرسَ فيك مِن بعده ، وما أنقذكَ مِن الوقوع فيه ، وما سوف يفتح مِن بعده مِن أبواب كانت غائبةً عن أَعيُنِك..!

فلولا إصابتك بنزلات الإعياء والمرض صغيرًا، لما تكوّنَت مناعتك ضِدها الآن، فأصبحت تمر بها كل لحظة ولا تؤثر بك !

ثم واللهِ لو أنكَ لم تخرج مِن كل درسٍ قاسٍ في دنياك الا بأچره عند الله، لكفاك ذلك وزاد..!
وتذكر عند كل فَقْد 
"فَأرَدنَا أن يُبدِلَهُما ربهما خيرًا منه" ،
 "واللهُ يَعلمُ وأنتم لا تَعلمون"..

لا يُمكن أن تعاني فقدًا دون أن تنال عِوَضًا بعده يشفي لهيب روحك، بدايةً مِن شعور السكينة بقضاء الله والتسليم له، نهايةً بدمعة مِن عينٍ قريرة بچميلِ رزق الله.. 

أعرفُ أُناسًا إذا ما دُعُوا إلى طعامٍ؛ صاموا.. ليفطروا عند داعيهم، وعندما سألتهم..
قالوا..
 لينال صاحبنا أجرين: إطعام الطعام وإفطار صائم..

وسمعتُ أُناسًا إذا ضحكوا؛ همسوا "الله، الله"،
وعندما سألتهم..
قالوا..
 "نذكره في الرخاء حتي لا يثقل على لساننا ذكره في الشدة"

ورأيتُ أُناسًا إذا أظلم الليل؛ أناروا شُرفاتهم، وعندما سألتهم..
قالوا.. "لتضيء طريق المصلين فجراً ".

وقابلتُ أُناسًا إذا ذُكِر الرسول أمامهم؛ حكوا سنّة مهجورة من سنته، هكذا دون استئذان..
تجدهم يتحدثون...." صلوا على رسول الله، أتعلمون أن نبينا كان يفعل كذا.. حين كذا؟ ......".

وأحببتُ أُناسًا كانوا إذا سمعوا بكاءً؛ دعوا لصاحبه بالسكينة، وإذا رأوا أحبّةً؛ دعوا لهم بدوام الحب، وإذا ساروا بطريقٍ؛ ابتسموا ولو كان في صدرهم ألف هَمّ، وإذا سُئلوا؛ أعطوا ولو كان بيتهم لا يحوي درهمًا.

وناظرتُ أُناسًا كانوا إذا اشتد بنا النقاش توقفوا وقالوا.. "أُحبّك".. ثُمَّ أكملوا النقاش.

وعانقتُ أُناسًا إذا رأيتهم حسبتهم كالورق من رقتهم، لكن كان في عناقهم دفء ورحمة.

ومررتُ بأُناسٍ إذا ما حضروا حزنًا أو غمًّا، قالوا.. "بسيطة، هو على الله هيّن"
ثُمَّ سمعوا وما ملّوا، وطيّبوا الخاطر بلمسة أو كلمة ولا زيادة.
 تخيّلتم اللطف..؟! 

تعلمنا الحياة دروسها بالصفعات، لا تمسح على رؤوسنا ولا تشد أذننا، ولا تمزّق كُراسة الواجب أمامنا وتطلب إعادتها، فقط تأخذنا بقوة وتصبّ في صدورنا الدرس وراء الدرس حتى نسقط تحت ثِقَل الدروس والعِبَر،
وننسى أننا في حياة بعضنا لسنا مجرد عدد، ولكننا عدةٌ وعتادٌ أمام الصفعات، والركلات، والآلام بكل صنوفها،
فنجد بعض النفوس وكأنّ أحدهم نفخ في صدورهم ريحًا من الجنّة؛ فترى شيئًا من نعيمها في حديثهم، وسمعهم، ومشيهم، وظنهم، وهذا رزق الله لنا ولهم. 
فلُطفًا.. لا تبخلوا،
ووالله لا أحب إلى الإنسان من أخيه الإنسان.. كحبه وشوقه ولهفته للطفه معه، 
وما أعظم الأثر الذي يُصنَع من لُطف ، وينشأ في كلمة، ويحيا في فعل!
وما أكرم الخالق! 

تعليقات