قصة للترغيب في حفظ القرآن

دخلت المسجد لأُصلي الظُهر ، وبعد أن اِنتهيتُ من الصلاة؛ جلستُ لأُردد الأذكار..
كان هُناك بعض الأولاد يجلسون بجواري فأنصتُ إلى أحدهم وهو يقول :

قال لنا الشيخ أن كُل واحد منا سيُلقي اليوم كلمة في الحفل ، بعض الكلمات التي تختصر ثمرة ما تعلم من القُرآن.

انتابني الفضول فأنصتُ إليه وهو يتحدث ، فلقد كان طفلًا صغيرًا في عُمر العشر سنوات ، فـ سألت عن مكان الحفل فأخبرني أنه سيكون في قاعة التكريم التي بجوار المسجد ، وبعد قليل ذهبوا وتركوني ، فأكملتُ أذكاري ثم ذهبتُ باحثًا عن مصدر الصوت.. 

دخلتُ قاعة كبيرة بجوار المسجد ، كانت القاعة مُزينة من الداخل ، وكانت الأطفال تجلس بجوارِ الأباءِ ، والشيوخ تقف في أول القاعة..

وبعد مرور عدة دقائق قام أحد الشيوخ وألقىٰ السلام ثم قال:

سنترك اليوم لكُل واحدٍ مِنكُم حُرية التعبير عن ثمرةِ ما تعلّم من القُرآن ، فمن كان منكُم مُستعدًا لذلك فليتقدم.

نظرتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي منتظرًا الطفل، فوجدتُه يتقدم ليقفَ علىٰ المنصة ، ثم أخذ نفس عميق واغمض عينه قليلًا وقال:

أنا ريَّان 
سَلام يا قَوم
أسأل الله لي ولكم الفردوس ، وأن يكون لنا لقاء في سوق الجنة نستمعُ فيهِ إلى تلاوة رسول الله ﷺ..

سلامُ الله علىٰ من أُنزل عليهِ القُرآن ، ومن حَفظهُ من بعدهِ ، ومن عمِلَ به ، ومن قرأ آية فيه ، وعلىٰ قلوبكم التي تشتاق لحِفظ كتاب الله.

بِسم الله ألف مرة علىٰ تلك القلوب التي لا زالت تُجاهد وتتعثر وتخشىٰ اللّٰه ، وعلىٰ كُل من صبر في وقتٍ كان الصبرُ فيهِ شاق ، وعلىٰ كُل من تعثر في حِفظ كتاب الله ثم قام ونَفض غُبار اليأس وواصل السير مُتشبثًا في قول اللّٰه له " اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا  "
يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

وحق القرآن ليكرمنّ الله أهل القرآن ، فـ القرآن كلامه ، و ما أحب الله أحدًا كحبه لأهل القرآن ، وواللهِ لن يُعذّب الله بالنار لسانًا تلا القرآن ، ولا قلبًا وعاه، ولا أذنًا سَمِعته، ولا عينًا نظرت إلى آياته ..
هنيئًا لكُل من حَفِظَ آية في كتاب اللّٰه. 

القُرآن كريمٌ ، والله أكرم ، ولو أننا أكرمناهُ حق الكّرم لأكرمنا كما أكرم الساعي إليه ، والحافظ له، ثَانِيَ اثْنَيْنِ في الغُرفة ، وثَانِيَ اثْنَيْنِ في القبر، وثَانِيَ اثْنَيْنِ عند الصراط يبتسم لك ويقول : إي ربِّ شفعني فيه فيشفع لك
ويُعطيك تاجٌ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ.

وعندمَا ترىٰ مَن باعَ دينه بعرضٍ مِن الدُّنيَا قليل
اجعل أمنيتك الوحيدَة؛ أَن يبقى القُرآن معك وتبقى معهُ، وأن يتشبث في قلبك وألاّ ينزع مِن قَلبِك نزعًا ، فـ القُرآن إذا هجرتهُ هجرك.

ولا تشتكي من التعثُر أثناء الحِفظ فإذا أخطأت فـ اعلم أن الله يُحب أن يَنصت إليك فَزِد فلن يمل الله من الإنصات
ومهما تعثرت سيأتي اليوم الذي تُرتل فيه دون أخطاء،
وكلما جلست مع القُرآن وقتٍ أكثر ، كانت فرصتك في دخول الجنان أكثر فُـ أكثر ، وسيكون خِتَامُ تلك المحاولات والتعثُرات مِسْكٌ ، وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ...

قد لا تملكُ عصاً سحريةً تُغيِّرُ صوتك أثناء التلاوة وتجعلهُ جميل كبعض الشيوخ ؛ ولكّن الملائكة حفظت صوتك وأحبتهُ..
دعكَ من كُل هذا وتخيل أَن اللَّٰه إصطفاك من بين المُسلمين جميعًا ، ومن بين أهل بيتك وبلدتك لِتُرتل كتابه ،ويسمعك كُل ليلة ، يراك وأنت تتعثر في الحفظ ويُطلِق لسانك في المقامات ، ويسمعُك ، ثم يراك وأنت تُخطئ وتُجاهد فـ يُعطيك أجرين ويُضاعف لمن يشاء..
‏ألا يَكفيك أنه سيكون لَك صُحبةٌ فـِ السماء تعرف صوتك جيدًا وتنتظر سمعاك يوم القيامة
 تُرتل كتاب الله ! 

اِعلم بأن لإنجاز حِفظ القُرآن لذّة بمثابة جنة الدُنيا
فأنتَ إذا آويت إلى القُرآن فلقد آواك الله إلى رُكنٍ شَديد ليسَ كمثِله شيءٌ وهو السميعُ البصير.

ثم وضع الطفل يده على عينهِ وهو يسعىٰ لإخفاء الدمع ثم قال :
سعيتُ لأجدَ شيئًا أمدح القُرآن به فمدحت كلامي بالحديثِ عن القُرآن فعُذرًا 

العبرة :
هيا أن نعود إلي حفظ القرآن 
تعليقات