(يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا ، وبَشِّرُوا ، ولا تُنَفِّرُوا).
الراوي : أنس بن مالك
المصدر : صحيح البخاري
شـرح الـحـديـث :
أمَر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ
بأمرينِ :
الأول :
يرتبِطُ به صلاحُ الإِنسان واستقامتُه ،
وهو التَّيسيرُ ، وضدُّه التَّعسير ، ومقصودُه التَّخفيفُ على النَّفسِ بممارسة الأعمالِ الَّتي تُطِيق ، والاقتصادُ والتوسُّط في نوافلِ العباداتِ والطَّاعاتِ ؛ مِن صيامٍ وقيامٍ ونحوه ، وعدمُ تكليفِ النَّفس ما لا تُطيقُ مِن العبادات والطَّاعات ، وإهمالِ حقوقِ الجسد والرُّوح وحقوق الأهل والولد وغيرها ، فإنَّ ذلك يؤدِّي إلى عاقبةٍ وخيمةٍ ، وهي السَّآمةُ والملَل المؤدِّي إلى كراهيةِ الأعمالِ الصَّالحة ، ثمَّ إلى كراهيةِ الدِّينِ نفسِه، والعياذُ باللهِ!
وأمَّا الأمرالثاني
:فهو التَّبشيرُ ، وضدُّه المبالغةُ في التَّرهيبِ والتَّخويف ، المؤدِّي إلى النُّفور ، ومقصودُه تبشيرُ المسلِمينَ بفضلِ الله وثوابِه ، وجزيل عطائِه ، وسَعةِ رحمتِه ، وعدمُ تنفيرِ النَّاسِ بالإكثارِ مِن أحاديثِ التَّرهيِب وأنواع الوعيدِ.
_وفي الحديث :
عدمُ الإكثارِ مِن النَّصائحِ ؛
مخافةَ الملَلِ والتَّنفير.
وفيه :
أنَّ مِن السنَّةِ الاقتصادَ في نوافل الطَّاعاتِ والعباداتِ مِن صيامٍ وقيامٍ ، وإعطاءَ النَّفْس حقوقَها الطَّبيعيَّةَ حتَّى تُقبِل على الطَّاعة في شوقٍ ورغبةٍ ، فتكونَ أجدى لها وأكثرَ نفعًا.
وفيه :
الأمرُ بالتَّبشيرِ بفضلِ الله ، وعظيمِ ثوابه ، وجزيلِ عطائِه ، وسَعةِ رحمته.
وفيه :
النَّهيُ عن التَّنفيرِ بذِكر التَّخويف وأنواعِ الوعيد مَحضةً مِن غيرِ ضمِّها إلى التَّبشيرِ.
وفيه :
تأليفُ مَن قرُب إسلامُه ، وتركُ التَّشديدِ عليهم ، وكذلك مَن قارَب البلوغَ مِن الصِّبيان ، ومَن بلَغ ، ومَن تاب مِن المعاصي.