قبسات من صلاح الدين الأيوبي

وصل نبأ لصلاح الدين الأيوبي أن القائد الصليبي 
أرنـاط حاكم الكرك (مدينة وسط غرب الأردن قريبة من حدود فلسطين) قام بقطع الطريق على الحُجاج المسلمين، وقتل النساء والأطفال، وكان يقول:
اطلبوا من محمدكم أن يدافع عنكم!

وشاء الله تعالى أن يفر رجل بنفسه ويخبر صلاح الدين بما يجري هناك..

اعتزل صلاح الدين بيته، بالتضرّع والبكاء يومين كاملين،
ثم أعد جيشه، وقال فيهم هذه الخطبة الصغيرة:
يا جُند محمد عليه الصلاة والسلام، إن ارناط حاكم الكرك قد تجبر وعلا وقتل حجاج بيت الله الحرام، وسفك دماء الأطفال والنساء.. قائلًا: اطلبوا من محمدكم أن يدافع عنكم. 
وأنا قد وهبت نفسي وروحي لأنوب عن محمد صلى الله عليه وسلم في الدفاع عن أمته، فمن أراد الذهاب معي فليلحقني،
فقال جنده جميعاً بصوت واحد:
كلنا فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم...
وانطلقوا كالأسود الضواري، ودقت طبول المعركة الخالدة "معركة حطين"، فحطم فيها جيش المسلمين أعدائهم وأسروا
 كلـ. ـبهم أرناط..

كانت هزيمة الصليبيين في معركة حطين هزيمة كارثية، حيث فقدوا فيها كثير من  فرسانهم، وقتل فيها أعداد كبيرة من جنودهم وأسر فيها أعداد كبيرة أيضاً. وأصبح بيت المقدس في متناول صلاح الدين، وكان من بين الأسرى ملك بيت المقدس ومعه مئة وخمسون من الفرسان ومعهم رينو دي شاتيون (أرناط) صاحب حصن الكرك وغيره من كبار قادة الصليبيين، فأحسن صلاح الدين استقبالهم، وأمر لهم بالماء ، ولم يعط أرناط (حاكم الكرك)، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقى إلى أرناط، فغضب صلاح الدين
 وقال:
"إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني"،
ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه وعرض عليه أن يسلم فرفض أرناط فقام إليه صلاح الدين وقال:
أأنت الذي قلت:
أطلبوا من محمدكم أن يدافع عنكم؟
قال: نعم.
فأجاب صلاح الدين: 
وأنا العبد الفقير الذي تراه أمامك، قد ناب عن رسول الله في الدفاع عن أمته.. وقطع رأسه

لا عِزة لمسلم أبدا ما لم يكن مستمسكا بدينه، ولا أذل على وجه الأرض ممن ترك طاعة الله وأطلق العنان لنفسه الأمارة بالسوء تعصي كما تشاء.


المصادر:
-الكامل في التاريخ لـ ابن الأثير.
-النوادر السلطانية والمحاسن اليوسيفية لـ بهاء الدين بن شداد.

تعليقات