أسرار أسم الله " الغني "

قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }  [ فاطر /١٥ ] .

الله عز وجل هو الغني الحق الذي استغنى عن الخلق كلهم بعظمة ملكه
_ وجلال كبريائه
_وعز سلطانه
_وكمال قدرته :

{ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [ لقمان/٢٦].

وهو سبحانه الغني بذاته
_الغني الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه 
_لكمال ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله :
{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [ طه / ٨ ] 

وهو سبحانه الغني الكريم الذي له خزائن السموات والأرض , وخزائن الدنيا والآخرة , 
_وعنده خزائن كل شيء
_ وبيده كل شيء , وله كل شيء :
{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [ الحجر /٢١ ] .

وهو سبحانه الغني وكل ما سواه فقير
_الغني عن كل ما سواه 
_الغني الذي لا حاجة له إلى أحد أصلاً
⬆بل الخلق كلهم فقراء إليه وإلى فضله وإحسانه :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[ فاطر /١٥ ] .

وهو سبحانه الغني الكريم المغني جميع الخلائق غنىً تاماً 
_الذي أغنى جميع الخلق من فضله
فكما أنه لا خالق غيره فكذلك لا رازق غيره , ولا رب غيره , ولا إله غيره.

فالله وحده هو الخالق الذي خلق الخلق وحده لا شريك له , وهو الغني الذي يرزقهم وحده لا شريك له 
فيجب عليهم أن يؤمنوا به ويعبدوه وحده لا شريك له :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
 [ البقرة/٢١-٢٢].

هو الواحد الأحد الذي خلق كل أحد 
_ الغني الكريم الذي قسم الأرزاق ولم ينس أحد.
وهو الملك الغني  الذي أنعم على الخلائق بنعمه التي لا تعد ولاتحصى :
{ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [ إبراهيم /٣٤ ] .

هو سبحانه الغني وحده لا شريك له , 
_والغني هو من لا تنقص خزائنه أبداً مع كثرة الإنفاق.
 
فسبحان الغني الذي يملك كل شيء , وعنده خزائن كل شيء .

●خزائن الرحمة والقوة والعزة , 
●وخزائن المخلوقات والأشياء والذرات
● وخزائن الحبوب والثمار والمياه 
●وخزائن الجماد والنبات والحيوان
●وخزائن الأسماع والأبصار والعقول
●وخزائن الحروف والكلمات والأرقام والأنفاس :
{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ } [ الحجر/٢١].
 
هو الغني سبحانه عن كل ما سواه ,
_ الغني عن جميع خلقه المسلم والكافر , والبر والفاجر , والعالم والجاهل , والغني والفقير:
{ قَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}[ إبراهيم/٨].

فسبحان الملك الغني عن كل أحد , الذي يحتاج إليه كل أحد.

_هو الغني الحميد الذي لا يعامل أحداً معاملة إلا ويستحق عليها الحمد , سواء كان فيما يحب أو فيما يكره :
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [ لقمان/١٢].
 
_هو الغني بذاته الغني الذي وهب الغنى لكل غني
● الغني الكريم الذي يعطي عباده من نعمه كل آن
●الغني الذي أغنى بعض عباده عن بعض , وأحوج بعضهم إلى بعض .

●هو الغني الذي أفاض الغنى على عباده بالعدل , وما من غني في الوجود إلا وهو من جناب الغني ممدود :
{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [ الزخرف/٣٢].

_واعلم أن شأن الخالق أنه غني عن كل ما سواه ,
● وشأن مخلوقاته أنهم جميعاً فقراء إليه في خلقهم وإمدادهم وبقائهم :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [ فاطر/١٥].

_واعلم أن من سأل ربه الكريم أعطاه وأكرمه وأعزه
●ومن سأل عبيده أذلوه وأهانوه وحقروه , فسل ربك الغني الكريم الذي يملك كل شيء :
{ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [ لقمان/٢٦]. 

_واعلم بأن من استغنى بالله أغناه وكفاه , ومن أخذ من الدنيا ما شاء أخذ بقدره هماً وعناء :
{ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون} [ التوبة/٥٥].

_واعلم أن من استغنى بالله عما في أيدي الناس أغناه الله وأرضى عنه الناس.

●ومن احتاج إلى مخلوق كان أسيره , ومن استغنى عنه كان نظيره , ومن أحسن إليه كان أميره.
_وهو سبحانه الغني الذي أغنى جميع الخلق غنىً مطلقاً

_وأغنى خواص خلقه بما أفاض على قلوبهم من الإيمان , ومعرفة جلاله  وجماله , ومعرفة آلائه وإحسانه :
☀{ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد /٢١ ] .

_فهو سبحانه الغني بذاته
●والعبد فقير إليه بذاته
●والعبد محتاج إلى ربه في جميع أحواله
لاغنى له عن ربه الغني ولو طرفة عين
● وحاجة العبد إلى ربه لذاته لا لعلة أوجبت تلك الحاجة :
{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[ الحج/٦٤] .

واعلم أن الفقير بذاته محتاج على الدوام إلى الغني بذاته  .

فالعالم العلوي والعالم السفلي كله عبد فقير مملوك لربه الملك العزيز الجبار ذو العظمة والملكوت والجلال والكبرياء :
{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [ آل عمران /٢٦ ] .

وفقر العالم كله إلى الغني سبحانه فقر ذاتي لا يُعلَّل .

●فكل ما سوى الله فقير إليه في خلقه وإيجاده
●وفي بقائه وفي حياته
●وفي تدبيره وفي إمداده :
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود /٦] .

■وفقر المخلوقات إلى ربها نوعان :
الأول:
 فقــرٌ إلى ربوبيته:
وهو فقر المخلوقات بأسرها إلى خالقها , 
فكل الخلائق فقيرة إلى ربها في خلقها , وبقائها , وحفظها , ورزقها , وتدبيرها :
{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر/٦٢] .

الثاني:
 فقــرٌ إلى ألوهيته وعبوديته:
 وهو فقر أنبيائه ورسله وعباده المؤمنين به.
وهذا هو الفقر النافع , ولبه دوام الافتقار إلى الله في كل حال .

_ونَفْع هذا وما قبله عائد على العبد الفقير، والله غني عن الخلق وما يعملون :
{ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[ العنكبوت /٦ ] .

_فسبحان الغني بذاته عن كل ما سواه
●الغني الذي لا تنفعه طاعة الطائعين:
 ولا تضره معصية العاصين
●الغني الكريم المحسن إلى عباده بكل خير
●الرحيم بهم مع كثرة معاصيهم:
لكمال غناه وكرمه , وكمال رحمته وإحسانه :
{ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}[ النحل/٥٣].

وعن أبي ذرعن النبي ﷺ  فيما روى عن الله تبارك وتعالى قال: 
•يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ في مُلْكِي شَيْئاً.
•يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً .
•يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ , فَسَأَلُوني فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ ممَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ .
•يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَد الله ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ »أخرجه مسلم

_وهو سبحانه الكريم الذي دل خلقه عليه:

■ وأرشدهم إلى سؤاله
■وفتح لهم أبواب خزائنه العظيمة
■ وأعطاهم وأغناهم وهو الغني عنهم :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [ الذاريات/٥٦– ٥٨].

_واعلم أن الله هو الصمد الذي جميع الخلق تصمد إليه في جميع حوائجها
●ومَنْ قصد إلى الله تعالى ثم رجع عند حوائجه إلى غير الله ابتلاه الله بالحاجة إلى الخلق
● ثم نزع الرحمة من قلوبهم عليه,فتراه بينهم مذموماً مخذولاً :
{ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [ الإسراء /٢٢ ] .

_ومن صدق في افتقاره إلى الله عز وجل 
●وشهد قدرته وغناه
●ورجع إليه بحسن العرفان
أغناه الله عما سواه
_ورَزَقه من حيث لا يحتسب
_ وأعطاه من حيث لا يرقب :

{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣) } [ الطلاق /٢ – ٣].

_فسبحان الغني الحميد الذي كل غنى ونعمة في العالم من فضله وإحسانه.

_هو الغني الحميد الذي أغنى عبده المؤمن بمعرفته , وأغناه بمعرفة دينه 
        فصار له حكمة بالغة
●وسداد في الأقوال
●وصواب في الأفعال
●وحُـسن في الأخلاق
 وهذا هو الغني الحقيقي :
{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [ يونس/٥٨].

■واعلم أن الله غني كريم 
 يغني عامة الخلق بالمال والجاه والعافية والأولاد والبنين وأمثالها من النعم :
{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) } [ النحل/١٧-١٨].

ومنهم من يغنيه بتصفية الأحوال , وهم خواص الخلق الذين اجتباهم وهداهم , وأغناهم عما سواه :
{ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[ البقرة/٥].

_أغناهم الله بكمال الإيمان والتقوى
 _وأغناهم بأحسن الأخلاق
● فالإيمان غنى , والصدق غنى
●والكرم غنى , والحلم غنى
●والإسلام غنى , والحكمة غنى :
{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) } [ الشرح/١-٤].

●والهداية غنى , والرعاية غنى :
{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨) } [ الضحى/٦-٨].

_واعلم أن من عرف ربه الغني استغنى به عما سواه , وافتقر إليه في جميع أحواله 
وكلما افتقر العبد إلى ربه زاده غنى , وكلما تذلل إليه زاده عزاً وثواباً :
{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ }[ الزمر/٦-٧].

_فسبحان الغني الرحيم الحليم الذي لا يعاجل عباده بالعقوبة وهو القادر :
{ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ }[ الأنعام/١٣٣].

_واعلم أن أغنى الأغنياء هو من عرف ربه بأسمائه وصفاته 
☆وسارع إلى مرضاته بأنواع الطاعات
☆ وأنفق في سبيل الله على عباده
☆ وأعطى مما أعطاه ربه من نعمه :

{ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [ الحديد/٢١].

_واعلم وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه :
أن الله عز وجل هو الغني الحق عن كل ما سواه من الخلق ، وخزائنه مملوءة بكل شيء
_ وجميع المخلوقات مفتقرة بل مضطرة إليه في خلقها وبقائها , وإمدادها وسائر أحوالها :
{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [ آل عمران/٩٧].

_هو الغني الذي يخلق ما يشاء ، ويأمر بما يشاء ، ويعطي من يشاء ، ولا ينقص ما في خزائنه مثقال ذرة : { سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض}ِ [ يونس /٦٨ ] .

الْعَلِيمُ (٣٦)} [فصلت/٣٤-٣٦ ].

●وإن أعطاك الغني سبحانه بدناً قوياً
☆وقلباً شجاعاً ، وعلماً نافعاً
☆ ومالاً وافراً ، وخُلقاً فاضلاً
فاستعمل ذلك كله في طاعة من خلقك وأغناك واجتباك وهداك
_بفعل كل  محبوب إليه ، وتَرْك كل مكروه لديه
¤ يرضى الله عنك ، ويرفع درجاتك
¤ويغفر ذنوبك , وتزيد حسناتك :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) } [ الصف/١٠-١٢]. 

_وأنفق من كل ما أعطاك الله من الخير في مرضاته يحبك الله ، ويرضى عنك ، ويخلف عليك خيراً منه :
{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [ سبأ / ٣٩ ] .  

_واعلم أن الذي أعطاك هو الذي أمرك أن تُعطي عباده , لتنال بذلك الأجر

فأنفق مِنْ أحسن ما أعطاك الله تنال أحسن منه براً وأجراً وثواباً :

{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}[ آل عمران /٩٢ ] .

●اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [ الأحقاف /١٥ ].

{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥)} [ الشعراء /٨٣ – ٨٥ ] .

{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا }[ نوح / ٢٨ ] .

« اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لى دِينِىَ الَّذِى هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِى , وَأَصْلِحْ لى دُنْيَاىَ الَّتِى فِيهَا مَعَاشِى , وَأَصْلِحْ لى آخِرَتِى الَّتِى فِيهَا مَعَادِى , وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لى فى كُلِّ خَيْرٍ , وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لى مِنْ كُلِّ شَرٍّ » أخرجه مسلم .

اللهم إني أسألك الهدى والتقى , والعفاف والغنى , والفوز بالجنة , والنجاة من النار , يا أرحم الراحمين.

_وأعلم أن الله عز وجل يحب أسماءه وصفاته
ويحب ظهور آثارها فيمن اصطفاه من خلقه 
●ومن أجل هذا بيَّنها الله في كتابه ، وأظهرها في آياته ومخلوقاته
لندعو الله بها ، ونعبده بمقتضاها :
{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[ الأعراف /١٨٠ ] . 

_وإذا أغناك الغني عز وجل من فضله
فاستغن به عما سواه , ولا تلتفت لأحد سواه. 
●وقف ببابه مع الفقراء المتواضعين ، ولا تقف بباب غيره من الفقراء العاجزين :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }[ فاطر / ١٥] .

_وإذا سألت فاسأل الله وحده ، وإذا استعنت فاستعن بالله وحده
 ● فهو الغني الذي صمد لجميع حوائج الخلق كلهم
¤وأنت عبده فلا تذل نفسك بسؤال غيره من العبيد:
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) } [ الإخلاص/١ – ٤].

¤وعن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :
 « إِذَا سَأَلْتَ فاسْأل اللهَ , وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله ,

■وَاعْلَمْ أَنَّ الأَمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوْكَ بِشَيءٍ , لَمْ يَنْفَعُوْكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتبَهُ اللهُ لَكَ , 

■وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوْكَ بِشَيءٍ ,  لَمْ يَضُرُّوْكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ » أخرجه أحمد والترمذي.

_وإذا أغناك الغني من فضله ، وأعطاك من رزقه ، وجاد عليك بإحسانه 
فاشكره على ما أولاك من نعمه ، واحمده على ما خصك به ، واستعْمِل ذلك كله فيما يحبه ويرضاه :

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [ الحجرات /١٥ ] .

_فإنْ أعطاك الغني سبحانه مالاً 
فأنفقه فيما يحبه ويرضاه على نفسك وعلى غيرك

■وتقرب به إليه ، يضاعَف لك أجره ، ويخْلف عليك أحسن منه :

{ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [ التغابن / ١٧].

_وإنْ علّمك العليم عز وجل  من علمه فاعمل به ،
 وتقرب به إليه ، وعلِّمه عباده تكن ربانياً :

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ }[ آل عمران /٧٩ ] .

■وادع الناس إلى ربهم
▪وعرِّفهم بأسمائه وصفاته وأفعاله
ليعظموه ويكبروه
▪وعرِّفهم بنعمه وإحسانه
 ليحبوه ويشكروه

 وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن :{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }[ فصلت/٣٣].

■وأنفق مما آتاك الله من العلم
▪وحرك لسانك بذكره وشكره
▪ واستعمله بالدعوة إليه , وتعليم شرعه :

{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [ النحل /١٢٥ ] .

_إنْ جَبَلك الله على الخُلق الحسن ، ووهبك من مكارم الأخلاق
فاشكره وتعبَّد له بذلل
■ واتق الله حيثما كنت
▪وأَتْبع السيئة الحسنة تمحها
▪ وخالق الناس بخلق حسن :

{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران/١٦٤] .

■واصبر لحكم ربك
▪ وأحسِن إلى العباد
▪واصبر على الأذى ابتغاء مرضات الله :

{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[ الأعراف /١٩٩ ] .

■وصِلْ من قطعك
■وأعط من حرمك 
■واعف عمن ظلمك
■وأحسِن إلى من أساء إليك
_ افعل ذلك كله ابتغاء مرضات الله 
_يَقْلب الله عدوك صديقاً ، وبغيضك محباً , ويهتدي بسببك ضال:

{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ

تعليقات