قول لا إله إلا الله

فضل قول لاإله إلا الله 
في شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب

عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروحٌ منه والجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل. "

 هناك شروط لقول لا اله الا الله حتى تنفع صاحبها في الاخرة لانه يمكن لانسان ان يقول لا اله الا الله في الدنيا لكن لا تنفعه في الآخرة

▪مثل:
 من قالها بلسانه ، ولكن قلبه ليس فيه تصديق ولا حب ولا تذلل ولا خوف ولارجاء لله 
ولكننا نتعامل على الظاهر ولا نعلم ما في القلوب 
فمن قال لا اله الا الله واظهر فعل الطاعات فهذا عندنا مسلم 

▪مثل:
 قصة الرجل الذي قتله سيدنا أسامة بعد أن قال لا اله الا الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قال له اقتلته وقد قال لا اله الا الله فقال يا رسول الله قال خوفاً من السيف ، فقال له النبي اشققت عن قلبه ؟! 

فهذا يعلمنا أن نحكم على إيمان الناس بالظاهر
ما دام ظاهر اعمالهم كلها اعمال الايمان فهو مسلم  .

فمجرد قول لا إله إلا الله تنفع صاحبها في الدنيا لمجرد قولها باللسان 
لأنها تعصمه في الدنيا من القتل ومن هدر الدم والعرض وغيره ، لكن ربما لا تنفعه في الآخرة إلا بشروط 


ما شروط لا إله إلا الله لكي تنفع صاحبها يوم القيامة ؟!

  ١_ العلم:
 بمعنى لا اله الا الله نفياً واثباتاً يعني ان نشهد ان الله واحد لا شريك له ، وان نعتقد انه لا معبود بحقٍ الا الله ، وان نعلم الواجب علينا تجاه الرب عز وجل من توحيد الوهية والربوبية واسماء وصفات وغيرها .

٢_ الشرط الثاني اليقين المنافي للشك:
 فلا بد ان يكون عندنا يقين ليس فيه ادنى شك ان الله واحد لا شريك له

 ٣_الشرط الثالث القبول المنافي للاستكبار :
فلابد ان نقبل ما يأمرنا الله عز وجل به وتطبيقه والانقياد لله عز وجل 
فنحن نقول كل يوم (رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيا)
فلابد ان يكون عندنا قبول لاوامر الله ولا نكون مثل ابليس الذي ابى واستكبر ولم يقبل امر الله عز وجل

٤_ الشرط الرابع وهو الانقياد المنافي للإباء والرد : والمقصود بالانقياد هنا الذي هو شرط في اصل الايمان وهو انقياد القلب وهو شيء زائد على مجرد المعرفة والتصديق 

والانقياد هنا:
 هو رؤية العبد ان عليه ان يطيع الله عز وجل واذا قصر في الطاعة او عصا فهو ظالم لنفسه 
واما انقياد الجوارح وترك المعاصي:
 فهو شرط في كمال الايمان الواجب لا اصل الايمان

وتأمل الفرق بين ادم وابليس كلاهما عصى الله عز وجل 

● فالإيمان ابعاض : (ركن،واجب ،ومستحب) 
_الركن هو الإسلام
_والواجب هو الإيمان
_والمستحب هو الاحسان. 

فالركن :
هو الاصل الذي اذا انتفى او اذا زال من القلب زال الايمان بالكلية وكفر الانسان .
 

 ٥_ الخامس من شروط لا اله الا الله هو الصدق المنافي للكذب :

ان نكون عندنا صدق مع الله يعني تصديق لاوامر الله عز وجل وكل ما يخبر عنه الله عز وجل فلابد لنا من تصديقه 

٦_الاخلاص :
 اي تكون العبادة لله عز وجل وحده

٧_ المحبة :
 وهي محبة الله ورسوله وللمؤمنين وبغض الكافرين والمنافقين.


●هناك تنبيهات على هذه الشروط :

١_انها ليست مقصورة على هذه السبعة فقط بل كل من اعمال القلوب الواجبة شرط في قبولها يوم القيامة
فالتوكل شرط والخوف شرط من شروطها وكذلك الرجاء والرغبة وغيرها 

٢_أيضا ان الشروط التي ذكرناها يتفاوت الناس فيها زيادة ونقصان وكما ذكرنا أن التصديق درجات لأن الإيمان يزيد وينقص

 والذي هو شرط في اصل الايمان هو قبول لا اله الا الله من العبد يوم القيامة بنجاته من الخلود في النار
هو اصل كل شرط من هذه الشروط السبعة
وشرط في كمال الايمان وجوبا واستحبابا يعني ان الانسان لا يقبل له اي عمل الا اذا كان عنده اصل الايمان الذي هو قول لا اله الا الله و هو الايمان بلا شكٍ ولا تكذيب ولا ريب

٣_ التنبيه الثالث ان هذه الشروط ليست شرطاً في قبول الاسلام الظاهر في الدنيا.  بل هذه الشروط شرط في قبول الاسلام في الاخرة 
لانه لا يعلم ما في القلوب الا الله. 

 والاحاديث التي وردت في الاعمال شرطاً نجدها في امر الاخرة 

▪مثل :
" من قال لا اله الا الله يبتغي بها وجه الله حرمه الله على النار "

فهي ليست شروطاً لعصمة الدم والمال ، فثبوت حكم الاسلام ظاهراً وعصمة الدم والمال تكون بالنطق بالشهادتين فقط،  وما دام انه يصلي ويصوم ويعمل الطاعات ويشهد ان لا اله الا الله 
اما من  يستدل باستجواب مجهول الحال 
كما في حديث الجارية فهو اما ان كان يكون مجهول الحال من الكفار ممن لا يُعلم عنه اسلام ولا كفر ،
و لا مجهول الحال ممن ثبت الاسلام
لكن لو أن كافرا أصلا

▪مثل :
 النصارى نسمعهم  يقولون لا اله الا الله ، ولكنهم اصلاً لا يعتقدون بها ، بل هم يعتقدون بالوهية عيسى او باشراك اله مع الله عز وجل 
فنحن لا نأخذ أصلا بقولهم لا اله الا الله ، لأننا نعلم انهم اصلاً كفار 
ولكي يدخل احدهم الاسلام يلزم أن يقول لا اله الا الله وان عيسى عبد الله لانه اختلف في أنه يشرك مع الله الها اخر 

إذن  قول لا اله الا الله فقط في الدنيا تنفع صاحبها ان لم يعلم عنه عبادة لغير الله مثل النصارى الذين يعبدون عيسى عليه السلام من دون الله 
فيلزم أن يكفروا اولا بهذه الامور التي يعبدونها من دون الله مع قول لا اله الا الله 

وقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث :" وان محمداً عبده ورسوله "
ذكر فيه الكلمتين (عبده ورسوله)
فأتى بهاتين الصفتين وجمعهما دفعاً للافراط والتفريط
فلا نفرط في منزلة النبوة او نحقر من منزلة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم او غيره من الانبياء
_و الافراط:
هو ان نعظمه لدرجة ان نؤلهه من دون الله
_والتفريط:
هو ان لا نعطيهم حقهم ولا نعظمهم ولا نبجلهم كما امر الله عز وجل لكن دون ان يوصلوا الى درجة الالوهية

فذكر فهذه هاتين الصفتين (عبده ورسوله )حتى يعلمنا النبي صل الله عليه وسلم ان كثيرا ممن يدعي انه من امته افرط في الغلو قولاً وفعلاً ، وفرط بترك متابعته واعتمد على الآراء المختلفة 

▪مثل :
الصوفية هم مفرطين وعندهم افراط
فهم بالغوا في اعتقادهم في النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوه مثل الملائكة وألهوه
او ينبه على تفريط بعض الناس الذين يتركون اتباع النبي صلى الله عليه وسلم 

 وقوله في الحديث ( وروحٌ منه) منه هنا للابتداء الغاية لا للتبعيض يعني ليس جزءا من الله كما يعتقد النصارى ، حاش لله
ولكن هذه الروح من عند الله ابتداء

وقوله (والجنة حق والنار حق). هذا فيه اثبات لوجود الجنة والنار. وان وجودهما حق 

وهذا رد على النصارى الذين يقولون انه لا يوجد جنة ولا نار وان هذا الأمر معنوي وليس حسي
وفي الحقيقة أن أمر الجنة والنار حسي ومعنوي

وقوله ( ادخله الله الجنة على مكان من العمل) :
 يعني على حسب درجات العمل فكل واحد يحاسب على درجته
فالمسلم لو كان عنده معاصي ان شاء الله عز وجل عذبه وان شاء غفر له ، ولكن في نهاية المطاف يدخل الجنة
والمؤمن والمحسن يدخل الجنة لأول وهلة
             
ولهما في حديث عتبان :"فان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله" 

( يبتغي بذلك وجه الله) هذا شرط الاخلاص لمن قال لا اله الا الله 
كما انها لا تنفي اذا انتفى باقى شروطهاا وانتفى اصل واحد يقتضي انتفاء اصل الايمان

يعني لو واحد نقص من عنده او أزيل من قلبه اصل الخوف فقد كفر بانتفاء اي عمل من اعمال القلوب كليةً من القلب كفر الانسان
هذا أيضا فيه اثبات لصفة الوجه لله عز وجل ، ولكننا نجهل هذه الكيفية 
وهذا رد على الاشاعرة والمعتزلة الذين ينفون إثبات الصفات لله عز وجل..
            
 وعن ابي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" قال موسى يا رب! علمني شيئاً اذكرك وادعوك به. قال : "قل يا موسى لا اله الا الله" قال : كل عبادك يقولون هذا؟ قال :
" يا موسى ! لو ان السماوات السبع وعامرهن غيري والأراضين السبع في كفة ولا اله الا الله في كفة لمالت بهن لا اله الا الله "
رواه ابن حبان والحاكم وصححه

 فالنبي موسى عليه السلام هو الذي يطلب  ، فإذا كان النبي لم يقصر في طاعة الله يقول هذا
، فمن اولى ؟ _نحن اولى بذلك 

 وعلمنا من هذا الحديث أيضا أن السماوات  سبعة ، وان الاراضين سبعة

وعلمنا  ان (لا اله الا الله) يوم القيامة اذا وضعت وكان صاحبها موجود في قلبه الشروط التي ذكرناها
يعني قال لا اله الا الله بحق ترجح بها كفة الميزان فينجو الانسان فيدخل الجنة. 
             
 وللترمذي وحسنه عن انس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" قال الله تعالى :"ياابن ادم لو أتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة"

وهذا  فيه دليل على عظم التوحيد وان التوحيد الخالص سبب في نجاة العبد ، وان التوحيد الخالص الذي ليس فيه شرك سببٌ في مغفرة الذنوب ورفع الدرجات..


تعليقات