لتجنب الإنتكاسة؛ وتذوق حلاوة القرب من الله

سُبل العمل لكي تذوق حلاوة الأُنس بالله وتتجنب الإنتكاسة 
هناك بوابتان أساسيتان للوقاية من هذا الداء وهو الإنتكاسة و لحفظ القلب و إيمانه و عدم قسوته :

١- قضية دوام سؤال الله الثبات ..
و هذا المعنى يزداد كلما ازددت ادراكاً لقيمة الايمان..
"يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك"

٢- قضية الإنابة و المداومة عليها و هي من أعظم الأمور التي تعين الإنسان على ألّا يصل للانتكاس ..
المداومة في تجديد الرجوع إلى الله رجوعاً فيه إعترافاً بوحدانية الله الغفور الرحيم و عبودية الإنسان .. "و جاء بقلبٍ منيب" 

لماذا يحدث للإنسان هذا الانتكاس و حال الوحشة هذه و فقدان النعيم ؟ :
الله شكورٌ حليم لا يسلب الإنسان نعمة الإيمان بلا سبب ..
لذلك أكثر ما يخيف من الآيات القرآنية الآيات التي فيها العقاب بالأمراض القلبيه ..
"فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم"
و هذا قد يكون مشروع بحث و من المهم للمسلم البحث عنه  :
الموضوعات التي ورد أنها سبباً في قسوة القلب..

"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُم"

طال عليهم الأمد هذه تحتاج وقفة طويلة ،لذلك التغير الذي قد يحصل للإنسان ثلاثة أنواع:

١- تغير مقبول ضمن إطار الشريعة و هو الذي سمّاه حنظلة نفاقاً

٢- في مرحلة طول الامد ، التغير الذي صار مستحكماً، أي قد يستمر في هذه الوحشة و البعد مدة يقسو قلبه بها ..و هذه أخطر المراحل و هي التي يحتاج الإنسان بها أن ينتبه لنفسه..

٣-الانتكاسة،تطول الغفلة و الأمد فتحصل الانتكاسة ،و هي درجات :  انتكاسة مع الشعور بالفقدان و التحسّر على ما فاته من طاعات ..
و انتكاسة مع كبر .. و غيرها..

العلاج لهذه التغيرات :
- الذّل و الانكسار بين يدي الله سبحانه..و التذلل لطلب الرجوع إليه..هذا معقد الجواب و سرّ الرجوع.. و لكن يحتاج لطول مداومة ..
و أصلح ما يكون و أفضل ظرف له هو الخلوات ..
و معالم هذه المرتبة من الذّل :

 ⁃ الشعور بأن لا حل و لا سبيل للرجوع إلى الحالة الايمانية السابقة إلا بالله تعالى ..إدراك الاحتياج لله ادراكاً تاماً ..

 ⁃ الذّل و الانكسار بالألفاظ و العبارات التي يدعو بها الإنسان.. 
أي الشكوى لله كدعاء زكريا -إذ نادى ربه نداءً خفياً ،ربّ اني وهن العظم منّي و اشتعل الرأس شيباً-،و النداء بأسمائه الحسنى المناسبة للحال، و يدخل ضمن الشكوى بيان حال العبد إذا لم يجب الله دعاءه- إلى من تكلني ..لا ملجأ منك إلا إليك ،و الخ-.

 ⁃ شدة الإلحاح ، أن يكون الذل بين يدي الله بشدة الالحاح و تتمثل بما يلي : طول الدعاء و كثرة النداء و تكرار الدعاء و إدمان السؤال حتى يجبرك الله سبحانه و تعالى .. و هذه الصورة العملية للعلاج. لا بدّ من التزام قرع الباب ولا تنتظر الإجابة من دعاء واحد.

 ⁃ حُسن الظنّ بالله .
و لن يكون مع كل هذا إلا إجابة الله سبحانه و تعالى بإذن الله ،و لإبن القيم كلام في هذا تحت عنوان القلوب المنكسرة .

٢- الاستكثار من الأعمال الصالحة ، و خاصةً إذا كان العمل الصالح من جنس الذنب الذي أورث في القلب الانتكاسة ..

٣- محاولة التقرّب إلى الله بأفضل الأعمال ، و هنا يأتي فقه الأولويات و المراتب و فقه التقرّب إلى الله .و من هذا مهم جداً أن يتمسّك الإنسان بأصول الشريعة ..و البحث عن العمل الصالح الذي يختصر الطريق ..مثل ذكر لا إله الا الله بالقلب و اللسان .. ابحث عن أحبّ الأعمال إلى الله مثل المداومة على عملٍ ما ..

٤- دوام الاستغفار ..

٥- مداومة تجديد توبة ،و كل الذي ذُكر يُشترط به المداومة .. 
و من هذه التوبة التوبة العامة الشاملة و حتى بما لا تعلم من الذنوب..الانخلاع من الذنوب و المعاصي و تجديد الرجوع من أعظم القربات و من أعظم ما يغسل القلب من آثار تراكم الذنوب ..
و من المهم أيضاً دوام استشعار أن الإيمان و حياة القلب رزق من الله سبحانه و تعالى ..

أخيراً : 
الإنسان يجب أن يكون دائماً حساساً لحياة قلبه و  مستوى إيمانه و ينتبه لتغير الحال و يسعى للرجوع له سبحانه ..
و اعلم أن الله قد يحول بغفلتك بينك و بين قلبك و أنّه أيضاً يحبّ التوابين و يحبّ الأوابين..

تعليقات