تفسير وإعراب وخواطر
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)
..... ..... .....
لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذارا، وبالسراء استدراجا ومكرا،
ذكر أن أهل القرى، لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه،
لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا
{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ْ} بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة.{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ْ}
.... ...... .....
تفسير البغوى
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)تفسير القرطبى
قوله تعالى "ولو أن أهل القرى"
يقال للمدينة قرية لاجتماع الناس فيها، من قريت الماء إذا جمعته، وقد مضى فى " البقرة " مستوفى.
تفسير الرازي لفخر الدين الرازي _رحمه الله (٦٠٦ هـ)
﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰتࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا۟ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ ٩٦ أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰۤ أَن یَأۡتِیَهُم بَأۡسُنَا بَیَـٰتࣰا وَهُمۡ نَاۤىِٕمُونَ ٩٧ أَوَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰۤ أَن یَأۡتِیَهُم بَأۡسُنَا ضُحࣰى وَهُمۡ یَلۡعَبُونَ ٩٨ أَفَأَمِنُوا۟ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا یَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ ٩٩﴾ [الأعراف ٩٦-٩٩]ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أعادَ التَّهْدِيدَ بِعَذابِ الِاسْتِئْصالِ فَقالَ: ﴿أفَأمِنَ أهْلُ القُرى﴾ وهو اسْتِفْهامٌ بِمَعْنى الإنْكارِ عَلَيْهِمْ، والمَقْصُودُ أنَّهُ تَعالى خَوَّفَهم بِنُزُولِ ذَلِكَ العَذابِ عَلَيْهِمْ في الوَقْتِ الَّذِي يَكُونُونَ فِيهِ في غايَةِ الغَفْلَةِ، وهو حالُ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ، وحالُ الضُّحى بِالنَّهارِ؛ لِأنَّهُ الوَقْتُ الَّذِي يَغْلِبُ عَلى المَرْءِ التَّشاغُلُ بِاللَّذّاتِ فِيهِ.
وقَوْلُهُ: ﴿ضُحًى﴾ الضُّحى: صَدْرُ النَّهارِ، وأصْلُهُ الظُّهُورُ، مِن قَوْلِهِمْ: ضَحا لِلشَّمْسِ إذا ظَهَرَ لَها.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿أفَأمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ﴾ وقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُ المَكْرِ في اللُّغَةِ، ومَعْنى المَكْرِ في حَقِّ اللَّهِ تَعالى في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿ومَكَرُوا ومَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤]
قال أبو السعود:
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى} أي القرى المهلكة المدلول عليها بقوله سبحانه: {فِى قَرْيَةٍ} [الأعراف: 94]
وأجاب عنه الخيالي بأنه ينبغي أن يارد بالبركات غير الحسنة أو يراد آمنوا من أول الأمر فنجوا من البأساء والضراء كما هو الظاهر، والمراد في سورة الأنعام بالفئج ما أريد بالحسنة هاهنا فلا يتوهم الأشكال انتهى.
وأنت خبير بأن أرادة آمنوا من أول الأمر إلى آخره غير ظاهرة بل الظاهر أنهم لو أنهم آمنوا بعد أن ابتلوا ليسرنا عليهم ما يسرنا مكان ما أصابهم من فنون العقوبات التي بعضها من السماء كأمطار الحجارة وبعضها من الأرض كالرجفة وبهذا ينحل الإشكال لأن آية الأنعام لا تدل على نه فتح لهم هذا الفتح كما هو ظاهر لتاليها، وما ذكر من أن المراد بالفتح هناك ما أريد بالحسنة هاهنا إن كان المراد به أن الفتح هناك واقع موقع إعطاء الحسنة بدل السيئة هنا حيث كان ذكر كل منهما بعد ذكر الأخذ بالبأساء والضراء وبعده الأخذ بغتة فربما يكون له وجه لكنه وحده لا يجدي نفعًا، وإن كان المراد به أن مدلول ذلك العام المراد به التكثير هومدلول الحسنة فلا يخفى ما فيه فتدبر، وقيل: المراد بالبركات السماوية والأرضية الأشياء التي تحمد عواقبها ويسعد في الدارين صاحبها وقد جاءت البركة بمعنى السعادة في كلامهم فتحمل هنا على الكامل من ذلك الجنس ولا يفتح ذلك إلا للمؤمن بخلاف نحو المطر والنبات والصحة والعافية فإنه يفتح له وللكافر أيضًا استدراجًا ومكرًا، ويتعين هذا الحمل على ما قيل إذا أريد من القرى ما يتناول قرى أرسل إليها نبي وأخذ أهلها بما أخذ وغيرها، وقيل: البركات السماوية إجابة الدعاء والأرضية قضاء الحوائج فليفهم.
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}.
عُطفت جملة {ولو أن أهل القرى} على جملة: {وما أرسلنا في قرية من نبيء إلاّ أخذنا أهلها بالبأساء والضراء} [الأعراف: 94]
وشرط لو الامتناعية يحصل في الزمن الماضي، ولما جاءت جملة شرطها مقترنة بحرف أن المفيد للتأكيد والمصدرية، وكان خبر أن فعلًا ماضيًا توفر معنى المضي في جملة الشرط.
والمعنى: لو حصل إيمانهم فيما مضى لفتحنا عليهم بركات.
والتقْوى: هي تقوى الله بالوقوف عند حدوده وذلك بعد الإيمان.
والفتح: إزالة حَجْز شيء حاجز عن الدخول إلى مكان، يقال: فتح الباب وفتح البيت، وتعديته إلى البيت على طريقة التوسع، وأصله فتح للبيت، وكذلك قوله هنا: {لفتحنا عليهم بركات} وقولُه: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} [فاطر: 2]،
وتعدية فعل الفتح إلى البركات هنا استعارة مكنية بتشبيه البركات بالبيوت في الانتفاع بما تحتويه، فهنا استعارتان مكنية وتبعية، وقرأ ابن عامر: {لفتّحنا} بتشديد التاءِ وهو يفيد المبالغة.
والبركات: جمع بركة، والمقصود من الجمع تعددها، باعتبار تعدد أصناف الأشياء المباركة.
وتقدم تفسير البركة عند قوله تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} في سورة الأنعام (92).
وتقدم أيضًا في قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للّذي بمكّة مباركًا}
وتقدم أيضًا في قوله تعالى: {تَبارك الله رب العالمين} في هذه السورة (54)
وقوله: {من السماء والأرض} مراد به حقيقته، لأن ما يناله الناس من الخيرات الدنيوية لا يعدو أن يكون ناشئًا من الأرض، وذلك معظم المنافع، أو من السماء مثل ماء المطر وشعاع الشمس وضوء القمر والنجوم والهواء والرياح الصالحة.
وجملة: {فأخذناهم} متسببة على جملة: {ولكن كذبوا} وهو مثل نتيجة القياس، لأنه مساوي نقيضضِ التالي، لأن أخذهم بما كسبوا فيه عدم فتح البركات عليهم.
وتقدم معنى الأخذ آنفًا في قوله تعالى: {فأخذناهم بغتة} [الأعراف: 95]، والمراد به أخذ الاستئصال.
والباء للسببية أي بسبب ما كسبوه من الكفر والعصيان. اهـ.
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}
إذن فلو أخذ الإِنسان قانون صيانته من خالقه لاستقامت له كل الأمور، لكن الإِنسان قد لا يفعل ذلك. ويقول الحق: {ولكن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}.
عطفت جملة ( ولو أن أهل القرى ) على جملة ( وما أرسلنا في قرية من نبيء إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء )
وشرط لو الامتناعية يحصل في الزمن الماضي ، ولما جاءت جملة شرطها مقترنة بحرف أن المفيد للتأكيد والمصدرية ، وكان خبر أن فعلا ماضيا توفر معنى المضي في جملة الشرط .
والتقوى : هي تقوى الله بالوقوف عند حدوده وذلك بعد الإيمان .
والتعريف في القرى تعريف العهد ، فإضافة ( أهل ) إليه تفيد عمومه بقدر ما أضيف هو إليه ، وهذا تصريح بما أفهمه الإيجاز في قوله ( وما أرسلنا في قرية من نبيء إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء ) الآية كما تقدم ، وتعريض بإنذار الذين كذبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة ، وتعريض ببشارة أهل القرى الذين يؤمنون كأهل المدينة ، وقد مضى في صدر تفسير هذه السورة ما يقرب أنها من آخر ما نزل بمكة ، وقيل إن آيات منها نزلت بالمدينة كما تقدم ، وبذلك يظهر موقع التعريض بالنذارة والبشارة للفريقين من أهل القرى . وقد أخذ الله أهل مكة بعد خروج المؤمنين منها فأصابهم بسبع سنين من القحط ، وبارك لأهل المدينة وأغناهم وصرف عنهم الحمى إلى الجحفة ، والجحفة يومئذ بلاد شرك .
والفتح : إزالة حجز شيء حاجز عن الدخول إلى مكان ، يقال : فتح الباب وفتح البيت ، وتعديته إلى البيت على طريقة التوسع ، وأصله فتح للبيت ، وكذلك قوله هنا لفتحنا عليهم بركات وقوله ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، ويقال فتح كوة ، أي : جعلها فتحة ، والفتح هنا استعارة للتمكين ، كما تقدم في قوله - تعالى - فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء في سورة الأنعام .
وتعدية فعل الفتح إلى البركات هنا استعارة مكنية بتشبيه البركات بالبيوت في الانتفاع بما تحتويه ، فهنا استعارتان مكنية وتبعية ، وقرأ ابن عامر : لفتحنا بتشديد التاء وهو يفيد المبالغة .
والبركات : جمع بركة ، والمقصود من الجمع تعددها ، باعتبار تعدد أصناف الأشياء المباركة . وتقدم تفسير البركة عند قوله - تعالى - وهذا كتاب أنزلناه مبارك في سورة الأنعام . وتقدم أيضا في قوله - تعالى - إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا في سورة آل عمران . وتقدم أيضا في قوله تعالى - تبارك الله رب العالمين في هذه السورة . وجماع معناها هو الخير الصالح الذي لا تبعة عليه في الآخرة . فهو أحسن أحوال النعمة .
وقوله من السماء والأرض مراد به حقيقته . لأن ما يناله الناس من الخيرات الدنيوية لا يعدو أن يكون ناشئا من الأرض ، وذلك معظم المنافع . أو من السماء ، مثل ماء المطر وشعاع الشمس وضوء القمر والنجوم والهواء والرياح الصالحة .
وقوله ولكن كذبوا استثناء لنقيض شرط لو ، فإن التكذيب هو عدم الإيمان فهو قياس استثنائي .
وجملة فأخذناهم متسببة على جملة ولكن كذبوا وهو مثل نتيجة القياس . لأنه مساوي نقيض التالي ؛ لأن أخذهم بما كسبوا فيه عدم فتح البركات عليهم .
وتقدم معنى الأخذ آنفا في قوله - تعالى - فأخذناهم بغتة . والمراد به أخذ الاستئصال .
والباء للسببية أي بسبب ما كسبوه من الكفر والعصيان .
والفاء في قوله أفأمن أهل القرى عاطفة أفادت الترتب الذكري . فإنه لما ذكر من أحوال جميعهم ما هو مثار التعجيب من حالهم أعقبه بما يدل عليه معطوفا بفاء الترتب . ومحل التعجيب هو تواطؤهم على هذا الغرور ، أي يترتب على حكاية تكذيبهم وأخذهم استفهام التعجيب من غرورهم وأمنهم غضب القادر العليم .
وقد تقدم الكلام على مثل هذا التركيب عند قوله - تعالى - أفكلما جاءكم رسول في سورة البقرة .
وجيء بقوله يأتيهم بصيغة المضارع لأن المراد حكاية أمنهم الذي مضى من إتيان بأس الله في مستقبل ذلك الوقت .
وقوله أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون قرأه نافع ، وابن كثير . وابن عامر ، وأبو جعفر بسكون الواو على أنه عطف بحرف " أو " الذي هو لأحد الشيئين عطفا على التعجيب ، أي : هو تعجيب من أحد الحالين . وقرأه الباقون بفتح الواو على أنه عطف بالواو مقدمة عليه همزة الاستفهام ، فهو عطف استفهام ثان بالواو المفيدة للجمع ، فيكون كلا الاستفهامين مدخولا لفاء التعقيب ، على قول جمهور النحاة . وأما على رأي الزمخشري فيتعين أن تكون الواو للتقسيم ، أي تقسيم الاستفهام إلى استفهامين . وتقدم ذكر الرأيين عند قوله - تعالى - أفكلما جاءكم رسول في سورة البقرة .
( وبياتا ) تقدم معناه ووجه نصبه عند قوله - تعالى - وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا في أول هذه السورة .
والضحى بالضم مع القصر هو في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرق وارتفع ، وفسره الفقهاء بأن ترتفع الشمس قيد رمح ، ويرادفه الضحوة والضحو .
والضحى يذكر ويؤنث ، وشاع التوقيت به عند العرب ومن قبلهم ، قال - تعالى - حكاية عن موسى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى .
وتقييد التعجيب من أمنهم مجيء البأس ، بوقتي البيات والضحى ، من بين سائر الأوقات ، وبحالي النوم واللعب ، من بين سائر الأحوال ؛ لأن الوقتين أجدر بأن يحذر حلول العذاب فيهما ، لأنهما وقتان للدعة ، فالبيات للنوم بعد الفراغ من الشغل . والضحى للعب قبل استقبال الشغل ، فكان شأن أولي النهى المعرضين عن دعوة رسل الله أن لا يأمنوا عذابه ، بخاصة في هذين الوقتين والحالين .
وفي هذا التعجيب تعريض بالمشركين المكذبين للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أن يحل بهم ما حل بالأمم الماضية ، فكان ذكر وقت البيات ، ووقت اللعب ، أشد مناسبة بالمعنى التعريضي ، تهديدا لهم بأن يصيبهم العذاب بأفظع أحواله ، إذ يكون حلوله بهم في ساعة دعتهم وساعة لهوهم نكاية بهم .
وقوله أفأمنوا مكر الله تكرير لقوله أفأمن أهل القرى قصد منه تقرير التعجيب من غفلتهم ، وتقرير معنى التعريض بالسامعين من المشركين . مع زيادة التذكير بأن ما حل بأولئك من عذاب الله يماثل هيئة مكر الماكر بالممكور فلا يحسبوا الإمهال إعراضا عنهم ، وليحذروا أن يكون ذلك كفعل الماكر بعدوه .
والمكر حقيقته : فعل يقصد به ضر أحد في هيئة تخفى أو هيئة يحسبها منفعة . وهو هنا استعارة للإمهال والإنعام في حال الإمهال ، فهي تمثيلية ، شبه حال الأنعام مع الإمهال ، وتعقيبه بالانتقام بحال المكر ، وتقدم في سورة آل عمران عند قوله ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
وقوله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون مترتب ومتفرع عن التعجيب في قوله أفأمنوا مكر الله لأن المقصود منه تفريع أن أهل القرى المذكورين خاسرون لثبوت أنهم أمنوا مكر الله ، والتقدير : أفأمنوا مكر الله فهم قوم خاسرون .
وإنما صيغ هذا التفريع بصيغة تعم المخبر عنهم وغيرهم ليجري مجرى المثل ويصير تذييلا للكلام ، ويدخل فيه المعرض بهم في هذه الموعظة وهم المشركون الحاضرون ، والتقدير : فهم قوم خاسرون ، إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .
والخسران - هنا - هو إضاعة ما فيه نفعهم بسوء اعتقادهم ، شبه ذلك بالخسران وهو إضاعة التاجر رأس ماله بسوء تصرفه ، لأنهم باطمئنانهم إلى السلامة الحاضرة ، وإعراضهم عن التفكر فيما يعقبها من الأخذ الشبيه بفعل الماكر قد خسروا الانتفاع بعقولهم وخسروا أنفسهم .
وتقدم قوله - تعالى - الذين خسروا أنفسهم في سورة الأنعام ، وقوله فأولئك الذين خسروا أنفسهم في أول هذه السورة .
وتقدم أن إطلاق المكر على أخذ الله مستحقي العقاب بعد إمهالهم : أن ذلك تمثيل عند قوله - تعالى - ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين في سورة آل عمران .
واعلم أن المراد بأمن مكر الله في هذه الآية هو الأمن الذي من نوع أمن أهل القرى المكذبين ، الذي ابتدئ الحديث عنه من قوله ( وما أرسلنا في قرية من نبيء إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ) ثم قوله أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا الآيات ، وهو الأمن الناشئ عن تكذيب خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ،
ومن الأمن من عذاب الله أصناف أخرى تغاير هذا الأمن ، وتتقارب منه ، وتتباعد ، بحسب اختلاف ضمائر الناس ومبالغ نياتهم ، فأما ما كان منها مستندا لدليل شرعي فلا تبعة على صاحبه ، وذلك مثل أمن المسلمين من أمثال عذاب الأمم الماضية المستند إلى قوله - تعالى - وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ، وإلى قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - لما نزل قوله - تعالى - قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم فقال النبيء - عليه الصلاة والسلام - :
ومثل إخبار النبيء - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن سلام أنه لا يزال آخذا بالعروة الوثقى ، ومثل الأنبياء فإنهم آمنون من مكر الله بإخبار الله إياهم بذلك ، وأولياء الله كذلك ،
والأمن مجمل ومكر الله تمثيل والخسران مشكك الحقيقة ، وقال الخفاجي : الأمن من مكر الله كبيرة عند الشافعية ، وهو الاسترسال على المعاصي اتكالا على عفو الله وذلك مما نسبه الزركشي في شرح جمع الجوامع إلى ولي الدين ،
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى) يعني بأهل القرى أهل المدن والحواضر، ويقصد بذلك الأمم والشعوب جميعا التي تبحث عن الخيرات والبركات، كيف تصل إليها..
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ) شرطان أساسيان وركنان رئيسيان لابد من تحققهما:
الإيمان والتقوى، الإيمان في صحة الاعتقاد بالله وتصديق رسله، والإقرار بالوحي الذي جاؤوا به من عند الله،
قبول أخبارهم، وتصديق الغيبيات التي حدثونا عنها، الإيمان باليوم الآخر وبالقدر، الإيمان بالرسل، والكتب والملائكة، هذا هو الإيمان الذي لابد من تحققه، الإيمان الذي يتضمن إفراد الله وتوحيده في ربوبيته وإلوهيته بأن يعبد وحده لا شريك له، لا يشرك معه أحدا من خلقه.
ولا يكفي هذا الإيمان، بل لابد من أن يقترن بالتقوى التي هي العمل الصالح، العمل على وفق الشريعة المنزلة التي أنزلها الله بتحليل حلالها، وتحريم حرامها، بالعمل بأوامرها، واجتناب نواهيها، بالأخذ بقواعدها وضوابطها وآدابها، هذه هي التقوى التي لابد أن تقرن بالإيمان، فإذا اجتمع الإيمان والتقوى، وتحقق الشرطان عندها يأتي موعود الله:
(لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ).
لا يتخلف هذا الموعود، ولا يتأخر أبداً، ولكن إذا تحقق هذان الشرطان، فعند ذلك أكل الناس من فوقهم ومن تحت أرجلهم؛ كما قال سبحانه وتعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ) [المائدة: 65 - 66].
يتحقق لهم ما يريدون من السعادة والراحة والرفاهية والأمن والأمان.
وهنا قد يقول قائل: أو ليس الواقع يخالف مدلول هذه الآية؟! ألا نرى الكفار يتمتعون بالخيرات والبركات، والمسلمين أهل الإيمان يعيشون في ضنك وشقاء ويتقلبون في المنح والعناء والابتلاء؟ فكيف تكون هذه الآية دالة على أن البركة والخير مقرون بالإيمان، وأهل الإيمان في الحال نراه اليوم؟!
فنقول : الآية مطابقة للواقع تمام المطابقة ليس فيها أي مخالفة للواقع فالواقع اليوم أن المسلمين الذين تسموا بالإسلام، وانتسبوا للإيمان صار عندهم هذا الإيمان مجرد مظاهر لا حقيقة لها، ضيعت حقيقة الإيمان، وضيعت حقيقة التقوى، وصارت في كثير من الأحوال مجرد أسماء وألقاب لا جوهر ولا حقيقة تحتها.
أين الإيمان ممن يرفض شريعة الله ويطلب شريعة الشرق والغرب ويبحث عنها؟
أين الإيمان ممن يرفض سلطان الله على البشرية ويرضى بسلطان الكفار والملاحدة عليها؟!
أين الإيمان ممن يقبل المساومة على دينه ويتنازل عن أصوله وثوابته لا يبالي بأن يسخط ربه في مقابل أن يرضي أعداءه؟
أين الإيمان ممن يتوكل على الخلق، ويعتمد عليهم، ويعلق قلبه بهم، ولا يتوكل على الله، ولا يعتمد عليه، ولا يعلق قلبه به أبداً؟
أين الإيمان ممن يسيء الظن بالله ، ويحسن الظن بالمخلوقين؟
أين الإيمان ممن يطعن في ذات الله وينتقصه ويشكك في كماله سبحانه وتعالى؟
أين الإيمان ممن يشكك في الغيبيات، ويطعن في النصوص الصريحات الواضحات، ويرد ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
أين الإيمان من هؤلاء؟
أين الإيمان ممن لا يلتفت إلى الآخرة، ولا يعمل لها حسابا ولا يستشعر موقفه بين يدي الله، قد صارت الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، وكأنها الحياة التي لا حياة بعدها!
أهذا هو الإيمان الحقيقي؟ أهذا هو الإيمان الذي يريده الله؟ أم أنه إيمان قد فرغ من مضمونه وقد صار اسما لا حقيقة تحته.
هذا الذي هو موجود اليوم في الأمة، بل وأكثر من ذلك.
ثم أين التقوى في الأمة ومظاهر الفساد تنخر جسدها وتأكله أكلا بكل صور الفساد وبكل أشكاله وأنواعه؟
أين التقوى والأمة اليوم كثير، بل معظم أبنائها يستحلون الحرمات، ويتجرؤون على الحدود والمحرمات؟
صار اليوم أبناء الأمة يستحل بعضهم حرمة بعض يستبيحون أموال بعضهم، ويستبحون دماء بعضهم، ويستبيحون أعراض بعضهم، قد صوب أحدهم سلاحه إلى صدور إخوانه، وصار المسلمون يقتل بعضهم بعضا، وعدوهم جالس يشاهد ما يفعلون.
كم من المسلمين يقتلون يوميا على يد اليهود؟ كم من المسلمين يقتلون يوميا على يدي النصارى؟ وكم من المسلمين يوميا يقتلون على يدي المسلمين أنفسهم؟! أضعاف مضاعفة ولا مقارنة بين هذا وذاك.
فأين التقوى من هذه الحال ؟ وهل يمكن أن توصف أمة هذا حالها بأنها أمة متقية لله ؟
أن الآية مطابقة للواقع تماما: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) [الأعراف: 96]،
فإن لم يوجد الإيمان ولم توجد التقوى، فلن توجد البركات، ولن تتنزل الخيرات.
الذي نعيشه اليوم، بسبب ضعف الإيمان، وبسبب قلة التقوى، فلهذا محقت البركات، وحرم الناس من الخيرات،
إلى هذا الحديث الذي رواه الإمام ابن ماجة -رحمه الله- في سننه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركهن" يقول صلى الله عليه وسلم:
"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها -أي حتى يظهروها وتصير واضحة للناس وتصير معروفة في العلن- لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يلعنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأمراض التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا" هذا الأمر الأول.
الامر الثاني: يقول: "ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين -أي بالقحط والجفاف وقلة الخيرات إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة- قلة الطعام وصعوبة الوصول إليه- وجور السلطان" هذا إذا أنقصوا المكيال والميزان فكيف إذا ضيع المكيال والميزان؟
والأمر الثالث: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء -أي المطر- ولولا البهائم لم يمطروا"!
حين يصل الناس إلى هذا المستوى تصير البهائم أعز إلى الله منهم، حين يصلون إلى تضييع حرمات الله تصير البهائم أعز على الله منهم، فيمطرون بفضل البهائم، ويرزقهم الله -سبحانه وتعالى- رفقا بالبهائم، وأما هم فإنهم قد ضاعت مكانتهم عند الله -سبحانه-.
الأمر الرابع: "ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدو من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم" ينقضوا عهد الله الميثاق الذي بينهم وبين الله بالعبودية والتسليم والميثاق الذي بينهم وبين رسول الله بالانقياد والاتباع والطاعة، إذا نقضوا هذا العهد بينهم وبين الله سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فيأخذ بعد ما في أيديهم.
"وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما فيه إلا جعل الله بأسهم بينهم".
يتساءل المسلمون اليوم: لماذا يقتتلون فيما بينهم ؟ لماذا يتصارعون ويتحاربون؟
لأن كتاب الله قد ضيع ولم يحكم به فيما بينهم: "وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما فيه إلا جعل الله بأسهم بينهم".
حديث عظيم يصف ويلخص لنا الحال الذي نعيشه اليوم، استعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- للمهاجرين أن يدركوا هذا الحال، فأدركناه نحن وعشناه ورأيناه عيانا، فهل سيقتنع المسلمون
هل سيقتنعون أن الحل في العودة إلى الله، وأن أصل البلاء هو بسبب البعد عن الله -عز وجل؟
سيظل المسلمون حائرين يتخبطون، تائهين يبحثون عن المخرج ويبحثون عن السبيل، فتارة يتبعون أعداءهم، وتارة يجتهدون بمحض عقولهم، وتارة يأخذون بآراء سفهائهم، وهكذا سيظلون في هذا الحال حتى يعودوا إلى هذا الوحي العظيم، يعودوا إلى النور والهداية حتى يعودوا إلى منبع الخير الذي أنزله الله..
يريد الخيرات، يريد البركات، يريد الدولة الحديثة، يريد التقدم، يريد الرقي، يريد المكانة، أو ليست هذه الآية واضحة صريحة؟! أو ليس النص ظاهرا لا خفاء فيه؟! (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) [الأعراف: 96].
أعداؤنا يعدون، ويريدون أن يجعلونا نعيش في الأحلام والأوهام، وأنه سيكون المستقبل كذا وكذا، وما أمانيهم إلا الغرور:(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) [النساء: 120].
وللأسف أن الأمة تنقاد ورائهم كالعميان، وتنفذ ما يطلبون وما يريدون، بينا ربنا -جل وعلا- وعدنا وعدا صادقا، وقال لنا قولا حقا لا يتخلف أبدا، وعدنا بالخير والبركات، واشترط علينا شرطا يسيرا سهلا، أسهل مما يشترط علينا الأعداء، وأيسر مما يطلبوه منا، ومع ذلك إعراض عجيب، وصدود غريب عن الاستجابة لهذا الوعد الرباني، وبُعد عن المعاهدة والمواثقة مع الله -تبارك وتعالى-، فلم يصلح حال الأمة، ولن يستقيم حالها، ولن يتبدل هذا الحال إلا إذا كانت هناك قناعة تامة، وكانت هناك عودة ورجعة صادقة إلى الله، فعند ذلك سيتغير هذا الحال.
وأما الكفار فما عندهم من الخيرات والأرزاق إنما هو استدراج من الله ليس إكراما لهم، ولا إنعاما عليهم، وإنما هو زيادة في عذابهم وإثمهم، يقول الله: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [آل عمران: 178].
ويقول الله: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) [الأنعام: 44].
فليست هذه بركات وإنما هو استدراج من الله:
ولاحظوا أن الله في هذه الآية قال: (لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ) ولم يقل: لفتحنا عليهم أموالا، أو فتحنا عليهم أرزاقا؛
لأن المال والرزق قد يكون فتنة للعبد، وقد يكون استدراج من الله ليوقعه في شر أعماله، ولكن البركة لا شر فيها أبداً، وليست باستدراج، وليس فيها ضرر على العبد، بل هي خير خالص،
فأهل الإيمان والتقوى موعودون بهذه البركات، والكفار في يوم من الأيام كانوا محرومين من هذه الخيرات، كانت هذه الخيرات عند المسلمين لما عملوا بأسبابها، فلما ضيعوا أسبابها انتقلت إلى غيرهم، فإذا عملوا بأسبابها مرة أخرى عادات إليهم، وأعظم أسبابها: الإيمان والتقوى .
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)
عربى - التفسير الميسر :
ولو ان اهل القرى صدقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه لفتح الله لهم ابواب الخير من كل وجه ولكنهم كذبوا فعاقبهم الله بالعذاب المهلك بسبب كفرهم ومعاصيهم
- English - Sahih International : And if only the people of the cities had believed and feared Allah We would have opened upon them blessings from the heaven and the earth; but they denied [the messengers] so We seized them for what they were earning"
- English - Tafheem -Maududi : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(7:96) Had the people of those towns believed and been God-fearing, We would certainly have opened up to them blessings from the heavens and the earth; but they gave the lie [to their Prophets] and so We seized them for their deeds. so.
- Français - Hamidullah : Si les habitants des cités avaient cru et avaient été pieux Nous leur aurions certainement accordé des bénédictions du ciel et de la terre Mais ils ont démenti et Nous les avons donc saisis pour ce qu'ils avaient acquis
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Hätten aber die Bewohner der Städte geglaubt und wären sie gottesfürchtig gewesen hätten Wir ihnen bestimmt Segnungen von dem Himmel und der Erde aufgetan Aber sie erklärten die Botschaft für Lüge und so ergriffen Wir sie für das was sie erworben hatten
- Spanish - Cortes : Si los habitantes de las ciudades hubieran creído y temido a Alá habríamos derramado sobre ellos bendiciones del cielo y de la tierra pero desmintieron y nos apoderamos de ellos por lo que habían cometido
- Português - El Hayek : Mas se os moradores das cidades tivessem acreditado em Deus e O tivessem temido têlosíamos agraciado com asbênçãos dos céus e da terra Porém como rejeitaram a verdade arrebatamolos pelo que lucravam
- Россию - Кулиев : Если бы жители селений уверовали и стали богобоязненны Мы раскрыли бы перед ними благодать с неба и земли Но они сочли это ложью и Мы схватили их за то что они приобретали
- Кулиев -ас-Саади : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَЕсли бы жители селений уверовали и стали богобоязненны, Мы раскрыли бы перед ними благодать с неба и земли. Но они сочли это ложью, и Мы схватили их за то, что они приобретали.
После упоминания о том, что невзгоды, которые постигали неверующих, отвергавших Божьих посланников, были увещеванием и предостережением, а радости, которые выпадали на их долю, были всего лишь обольщением и Божьей хитростью, Всевышний Аллах сообщил, что если бы жители этих поселений уверовали всем сердцем и подтвердили свою веру праведными делами, если бы они боялись Его в душе и в делах и перестали грешить, то Он раскрыл бы перед ними врата благодати на небесах и земле. Небеса одаряли бы их обильными дождями, а земля взрастила бы для них растения, которыми питались бы как люди, так и скотина. Они могли вести безбедную жизнь и получать щедрые дары, не изнуряя себя трудом и работой. Однако они отказались уверовать и устрашиться своего Господа, и тогда Он подверг их наказанию, наслал на них несчастья и лишил их земной благодати. Это было лишь частью того, что они заслужили своими делами, но если бы Аллах стал наказывать людей за все совершенные ими грехи, то на земле не осталось бы ни единого живого существа. Всевышний сказал: «Зло появляется на суше и на море по причине того, что совершают людские руки, чтобы они вкусили часть того, что они натворили, и чтобы они вернулись на прямой путь» (30:41).
- Turkish - Diyanet Isleri : Eğer kentlerin halkı inanmış ve Bize karşı gelmekten sakınmış olsalardı onlara göğün ve yerin bolluklarını verirdik Ama yalanladılar; bu yüzden onları yaptıklarına karşılık yakalayıverdik
- Italiano - Piccardo : Se gli abitanti di queste città avessero creduto e avessero avuto timor di Allah avremmo diffuso su di loro le benedizioni dal cielo e dalla terra Invece tacciarono di menzogna e li colpimmo per ciò che avevano fatto
- كوردى - برهان محمد أمين : خۆ ئهگهر خهڵکی شارهکان بهڕاستی باوهڕیان بهێنایهو خۆیان بپاڕاستایه ئهوا بێگومان ئێمه دهرگای فهڕو بهرهکهتی ئاسمان و زهوییان لهسهر دهکردنهوه بهڵام ئهوان که پهیام و پێغهمبهرانی ئێمهیان بهدرۆزانی جا ئێمهش بههۆی ئهو کاروکردهوانهی که دهیانکرد گرتمانن و لهناومان بردن
- اردو - جالندربرى : اگر ان بستیوں کے لوگ ایمان لے اتے اور پرہیزگار ہوجاتے۔ تو ہم ان پر اسمان اور زمین کی برکات کے دروازے کھول دیتے مگر انہوں نے تو تکذیب کی۔ سو ان کے اعمال کی سزا میں ہم نے ان کو پکڑ لیا
- Bosanski - Korkut : A da su stanovnici sélā i gradova vjerovali i grijeha se klonili Mi bismo im blagoslove i s neba i iz zemlje slali ali oni su poricali pa smo ih kažnjavali za ono što su zaradili
- Swedish - Bernström : Om folken [som Vi förintade] hade trott [på Gud] och fruktat Honom skulle Vi ha låtit himlens och jordens alla välsignelser komma dem till del men de avvisade [budskapen] som lögn och så straffade Vi dem med det som [följde av det onda som] de inte upphörde att begå
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Jikalau sekiranya penduduk negerinegeri beriman dan bertakwa pastilah Kami akan melimpahkan kepada mereka berkah dari langit dan bumi tetapi mereka mendustakan ayatayat Kami itu maka Kami siksa mereka disebabkan perbuatannya
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
(Dan jika sekiranya penduduk negeri-negeri) yang mendustakan (beriman) terhadap Allah dan rasul-rasul mereka (dan bertakwa) tidak kafir dan maksiat (pastilah Kami akan melimpahkan) dengan dibaca takhfif dan tasydid (kepada mereka berkah dari langit) dengan melalui hujan (dan bumi) dengan melalui tetumbuhan (tetapi mereka mendustakan) rasul-rasul (maka Kami siksa mereka) Kami hukum mereka (disebabkan perbuatan mereka sendiri).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর যদি সে জনপদের অধিবাসীরা ঈমান আনত এবং পরহেযগারী অবলম্বন করত তবে আমি তাদের প্রতি আসমানী ও পার্থিব নেয়ামত সমূহ উম্মুক্ত করে দিতাম। কিন্তু তারা মিথ্যা প্রতিপন্ন করেছে। সুতরাং আমি তাদেরকে পাকড়াও করেছি তাদের কৃতকর্মের বদলাতে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நிச்சயமாக அவ்வூர்வாசிகள் ஈமான் கொண்டு அல்லாஹ்வுக்கு அஞ்சி நடந்திருந்தால் நாம் அவர்களுக்கு வானத்திலிருந்தும் பூமியிலிருந்தும் பரகத்துகளை பாக்கியங்களைத் திறந்து விட்டிருப்போம்; ஆனால் அவர்கள் நபிமார்களை நம்பாது பொய்ப்பித்தனர் ஆகவே அவர்கள் செய்து கொண்டிருந்த பாவத்தின் காரணமாக நாம் அவர்களைப் பிடித்தோம்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “และหากว่าชาวเมืองนั้นได้ศรัทธากันและมีความยำเกรงแล้วไซร้ แน่นอนเราก็เปิดให้แก่พวกเขาแล้ว ซึ่งบรรดาความเพิ่มพูนจากฟากฟ้า และแผ่นดินแต่ทว่าพวกเขาปฏิเสธ ดังนั้นเราจึงได้ลงโทษพวกเขา เนื่องด้วยสิ่งที่พวกเขาขวนขวายไว้”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Агар қишлоқлар аҳллари иймон келтирганларида ва тақво қилганларида эди Биз албатта уларга осмону ердан баракотларни очиб қўяр эдик Лекин улар ёлғонга чиқардилар бас уларни қилган касблари туфайли тутдик Ушбу ояти каримада баён қилинаётган оддий ва содда ҳақиқатни инсоният тушуна олмаётгани ғоятда ажабланарли ҳол Инсон учун осмон ва заминдан баракот эшиклари очилиши учун биргина шарт кифоя яъни у иймонли ва тақволи бўлиши лозим экан Ана ўшанда инсонга осмону заминдан баракотлар эшиги ланг очиб қўйилади Чунки иймон инсонни баракотли ҳаёт йўлига бошлайди Чунки тақво инсонни фаровон ҳаёт йўлига солади Иймон билан тақво бирбирига чамбарчас боғлиқ бўлганидек баракот ҳам уларга боғлиқдир Бу ҳақиқатга каттаю кичик ҳар бир соҳада гувоҳ бўлиши мумкин
- 中国语文 - Ma Jian : 假若各城市的居民,信道而且敬畏,我必为他们而开辟天地的福利,但他们否认先知,故我因他们所作的罪恶而惩治他们了。
- Melayu - Basmeih : Dan Tuhan berfirman lagi Sekiranya penduduk negeri itu beriman serta bertaqwa tentulah Kami akan membuka kepada mereka pintu pengurniaan yang melimpahlimpah berkatnya dari langit dan bumi Tetapi mereka mendustakan Rasul Kami lalu Kami timpakan mereka dengan azab seksa disebabkan apa yang mereka telah usahakan
- Somali - Abduh : Hadday Dadka Magaalooyinku Rumeeyaan Xaqa oo Dhawrsadaan waxaan ku Furi lahayn korkooda Sii dayn lahayn Barakada Samada iyo Dhulka wayse Beeniyeen Xaqii Waana qabanay waxay kasbanayeen Dartiis
- Hausa - Gumi : Kuma dã lalle mutãnen alƙaryu sun yi ĩmãni kuma suka yi taƙawa dã haƙĩƙa Mun bũɗe albarkõki a kansu daga sama da ƙasa kuma amma sun ƙaryata don haka Muka kãma su da abin da suka kasance sunã tãrãwa
- Swahili - Al-Barwani : Na lau kuwa watu wa miji wangeli amini na wakamchamngu kwa yakini tungeli wafungulia baraka kutoka mbinguni na katika ardhi Lakini walikanusha basi tukawapatiliza kwa sababu ya yale waliyo kuwa wakiyachuma
- Shqiptar - Efendi Nahi : Sikur banorët e vendbanimeve të besonin dhe të ruheshin prej mëkateve Na do t’i vërshonim me dhunti nga qielli dhe toka por ata gënjyen prandaj i dënuam për atë që vepruan
- فارسى - آیتی : اگر مردم قريهها ايمان آورده و پرهيزگارى پيشه كرده بودند بركات آسمان و زمين را به رويشان مىگشوديم، ولى پيامبران را به دروغگويى نسبت دادند. ما نيز به كيفر كردارشان مؤاخذهشان كرديم.
- tajeki - Оятӣ : Агар мардуми деҳаҳо имон оварда ва парҳезгорӣ пеша карда будакд, баракоти осмону заминро ба рӯяшон мекушудем. Вале паёмбаронро ба дурӯғгӯӣ нисбат доданд. Мо низ ба ҷазои кирдорашон муохазашон (уқубат) кардем.
- Uyghur - محمد صالح : (پەيغەمبەرلىرىنى ئىنكار قىلغانلىقتىن ھالاك قىلىنغان) شەھەرلەرنىڭ ئاھالىسى ئىمان ئېيتقان ۋە (كۇفرىدىن، گۇناھلاردىن) ساقلانغان بولسا ئىدى، ئەلۋەتتە، ئۇلارنى ئاسمان - زېمىننىڭ پاراۋانلىقلىرىغا مۇيەسسەر قىلاتتۇق، لېكىن ئۇلار (پەيغەمبەرلەرنى) ئىنكار قىلدى، شۇ ئۇلارنى ئۆز قىلمىشلىرى تۈپەيلىدىن ھالاك قىلدۇق
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അന്നാട്ടുകാര് വിശ്വസിക്കുകയും ഭക്തരാവുകയും ചെയ്തിരുന്നെങ്കില് നാമവര്ക്ക് വിണ്ണില്നിന്നും മണ്ണില്നിന്നും അനുഗ്രഹങ്ങളുടെ കവാടങ്ങള് തുറന്നുകൊടുക്കുമായിരുന്നു. എന്നാല് അവര് നിഷേധിച്ചുതള്ളുകയാണുണ്ടായത്. അതിനാല് അവര് സമ്പാദിച്ചുവെച്ചതിന്റെ ഫലമായി നാം അവരെ പിടികൂടി