حديث دعاء القنوت في الوتر شرح وتحقيق الألباني ,الشيخ ابن تيمية ،والشيخ ابن عثيمين




 حديث دعاء القنوت في الوتر "اللهم اهدني فيمن هديت ..", شرح وتحقيق الشيخ الألباني ,الشيخ ابن تيمية ،والشيخ ابن عثيمين ،من كتاب الموسوعة الفقهية  .. خواطر 



شرح حديث دعاء القنوت في الوتر "اللهم اهدني فيمن هديت .." للشيخ الألباني :

عن الحسنِ بنِ عليٍّ رضيَ الله عنْهما ، قال : علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ ، - قالَ ابنُ جوَّاسٍ : [في قنوتِ الوترِ] :

(اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت ، وعافِني فيمن عافيتَ ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ ، وبارِك لي فيما أعطيتَ ، وقني شرَّ ما قضيتَ ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ ، ولا يعزُّ من عاديتَ ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).

الراوي : الحسن بن علي بن أبي طالب

المحدث : الألباني
المصدر : صحيح أبي داود

خلاصة حكم المحدث : صحيح

شـرح الـحـديـث 
 
_ الدُّعاءُ مِن أفضلِ العِباداتِ والطَّاعاتِ التي يَفعَلُها العبدُ.

_ وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لأحَدِ الأدعيةِ الَّتي علَّمَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحسَنِ رضي اللهُ عنه ؛ حيث يَقولُ الحسَنُ بنُ عليٍّ رضي اللهُ عنهما :

_ "علَّمَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ" ، والمقصودُ بهِنَّ أدعِيَةٌ مخصوصةٌ.

_ "أَقولُهنَّ في الوِتْرِ" ، وهو آخِرُ ركعةٍ مِنَ الرَّكعاتِ التي تُختَمُ بها صلاةُ اللَّيلِ ، قال ابنُ جَوَّاسٍ- أحدُ رُواةِ الحديثِ-: "في قُنوتِ الوِتْرِ" ، والقُنوتُ هو الدُّعاءُ ، والمَعْنى : علَّمَني دُعاءً أدْعو به في صلاةِ الوِتْرِ مِن صلاةِ اللَّيلِ ، وهذا الدُّعاءُ هو :

 "اللَّهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيتَ" ، يَعني : 

يا ربِّ أسألُك أن تَرزُقَني الهدايةَ ، وأنْ تُثبِّتَني عليها ، وأن تَجعَلني مِن الَّذين هدَيتَهم.


 "وعافِني فيمَن عافَيتَ" ، أيِ :

 ارزُقْني العافيةَ والمُعافاةَ ، وقِنِي السُّوءَ ، وأدخِلْني فيمَن عافَيتَهم.


 "وتَولَّني فيمَن تولَّيتَ" ، أي : 

تَولَّ أمري كلَّه ، ولا تَجعَلْني أركَنُ إلى نفْسي ، وأدخِلْني في جملةِ مَن تفَضَّلتَ عليهم بذلك.


 "وبارِكْ لي فيما أعطيتَ" ، أي :

 وأسألُكَ البَركةَ فيما أعطيتَه لي ورزقتَني به من كلِّ شيءٍ.


 "وقِني شرَّ ما قضَيتَ" ،

 ممَّا قدَّرتَه ، وليس في ذلك نِسبةُ الشَّرِّ إلى اللهِ سُبحانَه ؛ بل هذا من بابِ نِسبةِ الشَّرِّ إلى مُقتضَياتِه مِن فقرٍ ومرَضٍ وإقامةِ حَدٍّ ، وغيرِ ذلك ، وهذه المقتَضَياتُ عند التَّأمُّلِ ليسَتْ شرًّا خالصًا ؛

 فقَطعُ يدِ السَّارقِ مثلًا بالنِّسبةِ للسَّارقِ يرَى أنَّ هذا شرٌّ ، ولكن بالنَّظرِ إلى أنَها كَفَّارةٌ له كفردٍ ، وأنَّها زجرٌ له ولباقي المجمتَعِ ، وحِفظٌ له ؛ فهي خيرٌ ؛ 

فإنَّ اللهَ سُبحانَه -لأنَّه خالقُ كلِّ شَيءٍ وخالِقُ الخَيرِ والشَّرِّ- فقضاؤُه كلُّه خيرٌ ، وجميعُ الأمورِ مِن حيثُ نِسبتُها إلى اللهِ تعالى خيرٌ ، فلا يُنسَبُ إليه شَرٌّ ؛ لكمالِ حِكمتِه وعَظيمِ رَحمتِه.


 "إنَّك تَقْضي ولا يُقضَى عليك" ، يَعني :

 تَحكُمُ بما تَشاءُ وتُقدِّرُه ولا مُعقِّبَ لحُكمِك وقَضائِك.


 "وإنَّه لا يَذِلُّ مَن والَيْتَ" ، يَعني :

 لا يَكونُ ذَليلًا مَن واليتَه وقرَّبتَه ؛ بل يَكونُ عزيزًا.


"ولا يَعِزُّ مَن عادَيْتَ" ، يَعني : 

مَن كان عدوًّا للهِ لا يَعِزُّ.


 "تَباركتَ ربَّنا" ، أي :

 كَثُرَ خيرُك ووَسِعَت رحمتُك الخَلقَ.


 "وتَعالَيتَ" ، يَعني :

 ارتفَعْتَ وتنَزَّهتَ عمَّا لا يَليقُ بكَمالِك وجَلالِك.

_وفي الحديث :

1- أنَّ خَيرَ ما يَدْعو به الإنسانُ هو ما جاء عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

2- وفيه : بيانُ حِرْصِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على الدُّعاءِ بجَوامِعِ الكَلِمِ الَّتي فيها الدُّعاءُ الخالصُ.

.....   .....    .......

تحقيق الشيخ الالباني :دعاء القنوت في الوتر "اللهم اهدني فيمن هديت .."؟!

ومن (الوتر) قوله تحت عنوان القنوت في الوتر: " يشرع القنوت في الوتر في جميع السنة.

 لما رواه أحمد وأهل السنن وغيرهم من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله (ص) كلمات أقولهن في الوتر: " اللهم اهدني فيمن هديت... تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد ".

قلت: عليه مؤاخذتان:

_ الأولى: عزوه بهذا التمام لهؤلاء المذكورين خطأ، إذ إن قوله في آخره:

" وصلى الله على النبي محمد ".. تفرد به النسائي وحده دونهم!

_ الثانية: أن هذه الزيادة في آخره ضعيفة لا تثبت كما قال الحافظ ابن حجر والقسطلاني والزرقاني، وفي سندها جهالة وانقطاع. فراجع بيان ذلك إن شئت في " التلخيص " و " شرح المواهب ". لكننا لا نرى مانعا منها لجريان عمل السلف بها كما ذكرت في " تلخيص صفة الصلاة ".

قوله: " القنوت في صلاة الصبح غير مشروع إلا في النوازل، ففيها يقنت وفي سائر الصلوات... ومذهب الشافعية أن القنوت في صلاة الصبح ... سنة ".

قلت: ثم ساق لهم حديثين، أحدهما صحيح، لكنه حمله على قنوت النوازل، وهو الحق، والآخر صريح في استمراره عليه السلام في القنوت في الفجر حتى فارق الدنيا. ولكنه ضعفه، وقد أصاب في هذا كله، ولكنه كأنه تراجع عن ذلك حيث ختم هذا البحث بقوله:

" ومهما يكن من شئ، فإن هذا من الاختلاف المباح الذي يستوي فيه الفعل والترك (!) وإن كان خير الهدي هدي محمد صلي الله وعليه وسلم  ".

قلت: إن لم يكن هذا تراجعا - وهذا ما نرجوه - فهو اضطراب شديد جدا، إذ يقرر في أول البحث عدم مشروعية القنوت في الفجر دائما، ويؤكده أخيرا بأن هديه صلي الله وعليه وسلم ترك هذا القنوت، فكيف يقول مع هذا وهو حق بلا ريب:

 " يستوي فيه الفعل والترك "، فليت شعري كيف يستوي الفعل وهو غير مشروع، مع الترك، وهو المشروع؟!
وسيأتي للمؤلف نحوها في " الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف والإسرار بها "، فانظر (ص 263).
وهذا مما يجعلني أقطع بأن المؤلف لا يعيد النظر فيما يكتب، وهو من أسباب وقوع الأخطاء الكثيرة في كتابه هذا، وإلا فأقل الناس علمأ وفهما يتبين له هذا التناقض الواضح.

ومن (قيام الليل) قوله فيما جاء في فضله من السنة:

" وقال سلمان الفارسي: قال رسول الله صلي الله وعليه وسلم : عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد ".
قلت: يؤخذ عليه أمران:
عدم تخريجه إياه، وسكوته عن بيان ضعفه، وهو من رواية الطبراني عن عبد الرحمن بن سليمان برت أبي الجوف عن الأعمش عن أبي العلاء النوري عن سلمان.
وعبد الرحمن هذا، قال أبو حاتم:

" لا يحتج به ". وقال ابن عدي:

" عامة أحاديثه مستقيمة، وفي بعضها إنكار ".

ثم ساق له هذا الحديث مشيرا إلى أن فيه نكارة. قال الذهبي:" وأبو العلاء لا أعرفه "

.والحديث أخرجه الترمذي من طريق أخرى من حديث بلال وقال:" ولا يصح من قبل إسناده ".

قلت: وعلته أنه من رواية محمد بن سعيد، وهو المصلوب، وهو كذاب، قال أحمد بن صالح:

" وضع أربعة آلاف حديث ".

نعم، الحديث دون الجملة الأخيرة منه: " ومطردة للداء عن الجسد "، حسن أو صحيح، فقد أخرجه الترمذي والحاكم وغيرهما من حديث أبي أمامة، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه البغوي والحافظ العراقي، فلو أن المؤلف آثره لكان أصاب، وهو مخرج في " الإرواء " (452)، و " المشكاة " (1227).

قال: وقال سهل بن سعد: جاء جبريل إلى النبي صلي الله وعليه وسلم، فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت... واعلم أن شرف المرة من قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس ".

قلت: القول في هذا كالذي قبله، وقد رواه الطبراني، وفي سنده زافر بن سليمان، وهو صدوق كثير الأوهام كما في " التقريب "،

 وقد قال العقيلي في هذا الحديث:" ليس له أصل مسند ".

لكن روي من حديث جابر أيضا، وعلي بن أبي طالب، فهو بهما حسن، كما بينته في " الصحيحة " (831).

قوله في آدابه : " ثم يدعو (يعني عند الاستيقاظ) بما جاء عن رسول الله صلي الله وعليه وسلم فيقول: لا إله إلا أنت سبحانك... وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ".

قلت: فيه ما في الحديثين قبله، وكأن المؤلف اغتر بقول النووي في " الأذكار ":

" رويناه في " سنن أبي داود " بإسناد لم يضعفه عن عائشة ".

قلت: وقد بينا في المقدمة أنه لا يجوز أن يغتر بسكوت أبي داود على الحديث، فراجعها، وهذا الحديث من الشواهد على ذلك، فإن فيه عبد الله بن الوليد، وهو لين الحديث كما قال الحافظ في " التقريب "، وعمدته في ذلك الدارقطني. فإنه قال: " لا يعتبر بحديثه "، وضعفه، وأما ابن حبان فوثقه، فتوسط الحافظ بينهما فلينه، فالعجب منه كيف حسنه في " النتائج " (ق 24 / 1)!

وقوله: " ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض... ".

قلت: هذا من أدعية الاستفتاح في صلاة الليل، وقد صرحت بذلك رواية أبي عوانة في " صحيحه " وأبي داود لهذا الدعاء، وهو من حديث ابن عباس. وقد جاء مطلقا في " الصحيحين "، فأخذ به المصنف ههنا، وأخذ برواية أبي داود المقيدة في " التوجه " (1 / 270)، وهو الصواب، لأن المقيد يقضي على المطلق كما تقرر

في علم الأصول، فالأخذ به ههنا غير صواب، فلعله ظن أنه حديث آخر!

قوله في عدد ركعاته: " فعن سمرة بن جندب قال: أمرنا رسول الله صلي الله وعليه وسلم أن نصلي من الليل ما قل أو كثر. ونجعل آخر ذلك وترا. رواه الطبراني والبزار ".

قلت: نقله المؤلف عن " مجمع الزوائد " (2 / 252)، وإن لم يشر إلى ذلك، ولا أدري لم لم ينقل تمام كلامه عليه، المبين لحاله، وهو قوله: " وإسناده ضعيف "؟! أو نقله من " الترغيب " (1 / 217)، وقد صدره بقوله: " روي "، مشعرا بضعفه كما نص عليه في المقدمة، وفي إسناد البزار والطبراني متهم بالوضع، وضعفه البزار نفسه عقب الحديث.

لكني وجدت له متابعا وطريقا أخرى، لا يتقوى الحديث بها لوهائها، وقد بينت ذلك في " الضعيفة " (5284).

قوله: " وروي عن أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلي الله وعليه وسلم، قال:

صلاة في مسجدي تعدل بعشرة آلات صلاة... وأكثر من ذلك كله الركعتان يصليهما العبد في جوف الليل. رواه أبو الشيخ ابن حيان في " كتاب الثواب "، وسكت عليه المنذري في (الترغيب والترهيب) ".

قلت: كلا، بل ضعفه بتصديره إياه بقوله: " روي "، كما قد نص عليه في المقدمة، ونقلت كلامه في ذلك في " المقدمة "، فراجعه.

وفي الحديث نفسه ما يدل على ضعفه، فإن فيه أن الصلاة في مسجده صلي الله وعليه وسلم بعشرة آلاف، والثابت في الأحاديث الصحيحة أنها بألف صلاة. ولذلك فالحديث منكر

قوله: " وعن إياس بن معاوية المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله وعليه وسلم قال:

" لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة، وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل ". رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا محمد بن إسحاق ".

قلت: نقله المؤلف من " الترغيب "، وفي كلامه إشارة إلى إعلال الحديث، لأن ابن إسحاق مدلس، فالظاهر أنه قد عنعنه، فإن كان صرح بالتحديث فليس، بعلة.

لكن في الحديث علة أخرى، وهي الإرسال، فإن إياس بن معاوية ليس صحابيا، بل هو من صغار التابعين، توفي سنة (122 س)، فالحديث ضعيف بهذا اللفظ، وهو بظاهره يفيد وجوب ما قل من صلاة الليل!

ويغني عنه في الحض عليها حديث ابن عباس الذي يتلوه في الكتاب، فقد قواه المنذري والهيثمي.

ثم تأكدت مما استظهرته حين رأيت الحديث في " معجم الطبراني الكبير " (1 / 271 / 787) من طريق محمد بن إسحاق معنعنا. والله ولي التوفيق.

وقد طبع هذا المجلد بهمة وتحقيق الأخ الشيخ حمدي السلفي، جزاه الله سبحانه وتعالى خيرا.

وأما حديثه الآخر فقد ضعفاه.

وقد رواه أحمد أيضا في " الزهد " (ص 16)، بسند ضعيف، كما بينته في " الضعيفة " (3912)، وخرجت لحسه حديث ابن عباس القوي من رواية أبي يعلى.

قوله : " والأفضل المواظبة على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهو مخير بين أن يصلها، وبين أن يقطعها، قالت عائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله  صلي الله وعليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن... رواه البخاري ومسلم. ورويا أيضا عن القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كانت صلاة رسول الله صلي الله وعليه وسلم من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة ".

قلت: وتمام حديث القاسم عنها عندهما:

" ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة ركعة ". فيؤخذ على المؤلف أمور:

_ الأول: أنه خير بين الوصل والفصل، وهو يفيد أن لا تفاضل بين الأمرين، مع أنه فضل فيما سبق الفصل على الوصل في الصلاة النهارية بدليل:

" صلاة الليل والنهار مثنى مثنى "، فهذا يلزمه نفس التفضيل، فتأمل. مع أن ذكر النهار في الحديث شاذ، لولا الطرق والشواهد التي سبق بيانها.

_ الثاني: أنه لم يذكر الدليل على الثلاث عشرة ركعة، وهو من حديث عائشة أيضا قالت:

" كان رسول الله صلي الله وعليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين ". رواه البخاري (3 / 35 بشرح الفتح)، من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عنها.

وكذلك أخرجه أحمد (6 / 178). وفي رواية له (6 / 230):

" ويوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شئ منها إلا في آخرها ".

وإسنادها على شرط الشيخين.

لكني أرى أن قوله: " ثلاث عشرة " خطأ من هشام، لأنه قد خالفه الزهري عند مالك (1 / 141)، ومن طريقه مسلم (2 / 165)، وأبو عوانة (2 / 326)، فقال: عن عروة.. " إحدى عشرة ".

وكذلك أخرجه البخاري (3 / 6)، ومسلم، وأبو عوانة من طرق أخرى عن الزهري به. وقد تابعه عمران بن ما لك، ويأتي لفظه، ومحمد بن جعفر بن الزبير عن عروة به. بل هو رواية عن هشام نفسه، فقال محمد بن إسحاق: حدثني هشام ابن عروة بن الزبير ومحمد بن جعفر بن الزبير، كلاهما حدثني عن عروة بن الزبير عن عاثشة زوج النبي صلي الله وعليه وسلم قالت:

" كان رسول الله صلي الله وعليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، بركعتين بعد الفجر، قبل الصبح إحدى عشرة ركعة، من الليل ست مثنى مثنى، ويوتر بخمس لا يقعد فيهن ". أخرجه أحمد (6 / 276)، وسنده جيد.

فهذه الرواية تدل على أن هشاما كان يضطرب في رواية س الحديث، فتارة يجعل ركعتي سنة الفجر زيادة على " الثلاث عشرة "، وتارة يجعلهما منها، وهذا هو الصواب، لأمرين:

الأول: أنه موافق لرواية الثقات الآخرين عن عروة.

الثاني: أنه موافق للطرق الأخرى عن عائشة، مثل رواية القاسم عنها، فإنها صريحة بأنها ثلاث عشرة بركعتي الفجر. وقد تقدمت. ومثلها رواية أبي سلمة عنها بلفظ:

" كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر ".

أخرجه مسلم (2 / 167). ونحوه رواية عمران عن عروة بلفظ:

" كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر ".

أخرجه مسلم (2 / 166)، وأحمد (6 / 222).

نعم، قد يعارض هذا ما روى عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة بكم كان رسول الله صلي الله وعليه وسلم يوتر؟ قالت: بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة ركعة، ولا أنقص من سبع ".

أخرجه أحمد (6 / 149)، وأبو داود (1 / 214)، وسنده صحيح كما قال العراقي في " تخريج الإحياء ".

وجمع بين هذه الرواية والروايات المتقدمة عنها بأنها أخبرت فيها عن حالته صلي الله وعليه وسلم المعتادة الغالبة، وفي هذه الرواية أخبرت عن زيادة وقعت في بعض الأوقات، أو ضمت فيها، ما كان يفتتح به صلاته من ركعتين خفيفتين قبل الإحدى عشرة.

قلت: ويؤيد هذا حديث زيد بن خالد الجهني قال: لأرمقن صلاة رسول الله صلي الله وعليه وسلم الليلة، فتوسدت عتبته أو فسطاطه، فصلى رسول الله صلي الله وعليه وسلم ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما (ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما)، ثم أوتر، فذلك ثلاث عشرة ركعة.

أخرجه مسلم وأبو عوانة في " صحيحيهما "، وابن نصر في " قيام الليل " (ص 48)، وما بين القوسين ساقط من أبي عوانة، والسياق له.

قلت: ويحتمل أن تكون الضميمة ركعتي سنة العشاء البعدية أحيانا، فإني لا أذكر حديثا صريحا ذكر فيه صلاته عليه السلام للعشاء، ثم سنتها، ثم الوتر بإحدى عثرة ركعة بله ثلاث عشرة ركعة، بل وقفت على ما يؤيد هذا الاحتمال، وهو ما روى شرحبيل بن سعد أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث قال: أقبلنا مع رسول الله صلي الله وعليه وسلم من الحديبية، حتى إذا كنا بالسقيا قام رسول الله صلي الله وعليه وسلم وجابر إلى جنبه،

فصلى العتمة، ثم صلى ثلاث عشرة سجدة. رواه ابن نصر ورجاله ثقات إلا أن شرحبيل بن سعد كان اختلط بآخره. والله أعلم.

ومن (قيام رمضان) قوله في عدد ركعاته: " وصح أن الناس كانوا يصلون على عهد عمر وعثمان وعلي عشرين ركعة ".

قلت: أما عن عثمان فلا أعلم أحدا روى ذلك عنه، ولو بسند ضعيف. وأما عمر وعلي، فقد روي ذلك عنهما بأسانيد كلها معلولة، كما فصلت القول في ذلك تفصيلا لا أعلم أني سبقت إليه في كتابي " صلاة التراويح "، وبينت فيه أن الروايات الواردة في ذلك ير من النوع الذي لا يقوي بعضه بعضا، وأنه لو صح شئ منها فإنما كان ذلك لعلة وقد زالت، لأنه لم يبق في الأئمة من يطيل في القراءة تلك التي كان عليها السلف حتى يعدلوا عنها إلى تقصير القراءة وتكثير الركعات بدل التطويل، وأنه لا إجماع على العشرين، وأن الذي صح عن عمر رضي الله عنه بأصح إسناد مطابق لسنته صلي الله وعليه وسلم التي روتها عائشة في حديثها المذكور في الكتاب، فقد روى مالك في " الموطأ " عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال:

" أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر ".

وأثبت فيه أن التزامه صلي الله وعليه وسلم بإحدى عشرة ركعة طيلة حياته المباركة دليل قاطع على أن الصلاة في الليل ليس نفلا مطلقا كما يدعي الكثيرون، وأنه لا فرق بين صلاة الليل من حيث اثبات كونها صلاة مقيدة وبين السنن الرواتب وصلاة الكسوف

ونحوها، فإن هذه إنما ثبت كونها صلاة مقيدة بملازمته صلي الله وعليه وسلم لها، وليس بنهيه عن الزيادة عليها، وأن التمسك بالأحاديث المطلقة أو العامة في الحض على الإكثار من الصلاة لا يجوز الزيادة على العدد الذي لم يجر عليه عمله صلي الله وعليه وسلم، كما حققته في " صلاة التراويح "، في بحث هام، دعمته ببعض النقول عن بعض الأئمة الفحول، مؤداها أنه لا يجوز التمسك بالمطلقات التي جاءت مقيدة بعمله صلي الله وعليه وسلم ، وقلت هناك:

" وما مثل من يفعل ذلك إلا كمن يصلي صلاة يخالف بها صلاة النبي صلي الله وعليه وسلم ... كما وكيفا، محتجا بتلك المطلقات، كمن يصلي مثلا سنة الظهر خمسا ، وسنة الفجر أربعا، وكمن يصلى بركوعين وسجدات!! وفساد هذا لا يخفى على عاقل ".

ونقلت قبل هذا الكلام عن الفقيه الهيتمي أنه لا يجوز الزيادة والنقص في الوتر وسنة الظهر، فراجع هذا وما لخصته لك في الكتاب المذكور، فإنه مهم جدا.

.....    ........     .......

قول للشيخ ابن عثيمين _علي حديث القنوت في الوتر  ؟! 

القنوت نوعان؛ 

1-قنوت في الفرائض، 

2-وقنوت في وتر النافلة،

_ أما الفرائض : فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقنت في الفرائض في كل الصلوات الخمس، لكن عند النوازل الشديدة في المسلمين، 

مثل حروب قاسية يكون فيها هزيمة المسلمين، أو قتل قراء، أو علماء أو ما أشبه ذلك، 

وهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويكون الدعاء فيه بالحمد والثناء على الله عز وجل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم بالدعاء المناسب لرفع النازلة حسب هذه النازلة، ولا يقنت في الفرائض إلا في هذه الحالة، أي إذا نزلت بالمسلمين نازلة، وإلا فلا يقنت في الفجر، ولا في الظهر، ولا في العصر، ولا في المغرب، ولا في العشاء، 

وقد ذهب بعض الأئمة رحمهم الله إلى القنوت في صلاة الفجر، ولكن الصواب عدم ذلك، إلا أنه لما كانت هذه المسألة من المسائل الاجتهادية؛ 

فإننا نقول: من صلى خلف إمام يقنت فليتابعه في القنوت، وليؤمن على دعائه، 

قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا ائتم بمن يقنت في الفجر فإنه يتابعه، ويؤمّن على دعائه، وهذا من فقه الإمام أحمد رحمه الله أن المسائل الاجتهادية لا ينبغي أن تكون سبباً لتفرق المسلمين واختلاف قلوبهم، فإن هذا مما وسعته رحمة الله عز وجل. 

قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد».

_ أما القنوت في الوتر:  فإنه قد جاء في السنن أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما دعاء يدعو به في قنوت الوتر:

 « اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت». 

ولا بأس أن يزيد الإنسان دعاء مناسباً تحضر به القلوب، وتدمع به العيون، لكن لا على ما وصفه السائل من الأدعية المسجوعة المتكفلة المملة، حتى حكى بعض الناس أن بعض الأئمة يبقى نصف ساعة أو أكثر وهو يدعو، وهذا لا شك أنه خلاف السنة، وإذا قدر أنه يناسب الإمام و اثنين أو ثلاثة من الجماعة، فإنه لا يناسب الآخرين، 

ومما يأتي في هذا الدعاء ما يقوله بعض الناس: يا من لا يصفه الواصفون، ولا تراه العيون، وهذا غلط عظيم. وهذا لو أخذ بظاهره لكان تقريراً لمذهب أهل التعطيل، الذين ينكرون صفات الله عز وجل، ولا يصفون الله بشيء، 

وهي عبارة باطلة؛ وذلك لأن الله تعالى موصوف بصفات الكمال، فنحن نصفه بأنه السميع العليم البصير الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، نصفه بأنه ذو الجلال والإكرام، نصفه بأن له وجهاً، وله يدين، وله عينين، نصفه بكل ما وصف به نفسه،

 فكيف يصح أن نقول: لا يصفه الواصفون، هذه عبارة باطلة. ولو علم الأئمة الذين يدعون بها بمضمونها ما قالوها أبداً، صحيح أننا لا ندرك صفات الله، أي لا ندرك كيفيتها وهيئتها ؟!

لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط الناس علماً بكيفية صفاته؛

ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله، وكان جالساً يعلم أصحابه، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، كيف استوى؟ فأطرق مالك رحمه الله برأسه، وجعل يتصبب عرقاً؛ 

لأن هذا سؤال عظيم، ورد على قلب مؤمن معظم لله عز وجل، فتأثر هذا التأثر، ثم رفع رأسه وقال: (يا هذا الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة،) رحمه الله. قوله: الاستواء غير مجهول يعني أنه معلوم، فهو العلو على الشيء علواً خاصاً به، الكيف غير معقول؛

 لأن الكيف لا يمكن يدركه العقل، فالله أعظم من أن تحيط به العقول، الإيمان به واجب، يعني الإيمان بالاستواء بمعناه، وجهل حقيقته التي هو عليها واجب؛ لأن الله أخبر به عن نفسه، وكل ما أخبر الله به عن نفسه فهو حق، والسؤال عنه، أي عن كيفية الاستواء بدعة؛ 

_ أولاً: لأنه لم يسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من هم أحرص منا على معرفة الله جل وعلا، وأشد منا في تعلم العلم، وأمامهم من هو أعلم منا بالله، فالسؤال عنه بدعة. 

_ثانياً: السؤال عنه بدعة؛ لأنه لا يسأل عن ذلك إلا أهل البدع؛ ولهذا قال له مالك: وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به فأخرج من المسجد، نفاه من المسجد النبوي؛ لأن هذا ساعي في الأرض بالفساد، ومن جملة جزاء المفسدين في الأرض أن ينفوا من الأرض؛ 

ولهذا نقول لإخواننا المثبتة للصفات: إياكم أن تسألوا عن الكيفية، إياكم أن تتعمقوا في السؤال عما لم تدركوه علماً من كتاب الله أو سنة رسوله، فإن هذا من التعمق والتنطع وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« هلك المتنطعون»

والخلاصة: أن قول الداعين في دعائهم: لا يصفه الواصفون قول منكر، لا يجوز أن يوصف الله به، بل يصفه الواصفون كما وصف نفسه عز وجل، أما وصف كيفية الصفات، فنعم. لا أحد يدركه. نعم.

.....    ........     ...

شرح حديث دعاء القنوت "اللهم اهدني فيمن هديت.." لابن تيمية :

شـرح دعـاء الـقـنـوت:

« اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لايذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لا منجى منك إلا إليك » (أبو داود).

وفي هذا الحديث « 5 » دعوات ...؟!

 _الدعوة الأولى : « اللهم إهدني فيمن هديت » أي : ثبتني على الهداية ، وزدني من أسبابها في جملة من هديتهم »

_ الدعوة الثانية : « وعافني فيمن عافيت» أي :

 1ـ العافية : من أمراض الأبدان  .

 2ـ العافية : من أمراض القلوب التي هي الشبهات  والشهوات « وهي كل مايريده الإنسان مما يخالف الحق » .

 _ الدعوة الثالثة : « وتولني فيمن توليت » أي كن لي وليا ولاية خاصة وهي تقتضي «التوفيق والنصرة والعناية الفائقة لمن تولاه الله » ، ولا تكلني إلى نفسي وذلك في جملة من تفضلت عليهم ، وكن حافظا لي مع من حفظته .

 _الدعوة الرابعة : « وبارك لي فيما أعطيت » البركة : النماء والزيادة حسية كانت أو معنوية » وهي الخير الكثير الثابت والمعنى : 

أي أنزل لي البركة فيما أعطيتنا يارب في كل شيء في المال ، وفي العلم ، وفي  العمر ، وفي الولد ، وفي كل شيء أعطاك الله إياه تطلب منه أن يبارك فيه ويبعد عنه المحق ... لأنه إذا لم يبارك لك فيما أعطاك فإنك تحرم الخير الكثير .

 _ الدعوة الخامسة : « وقني شر ما قضيت » أي : المعنى : قني شر الذي قضيته .

 قوله « إنك تقضي ولا يقضى عليك » أي إنك تقدر وتحكم بكل ما أردت سبحانك لا راد لأمرك ولا معقب لحكمك ، تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد » .

قوله « إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت » أي : المعنى : لاتقوم عزة لمن عاديته وأبعدته عن رحمتك ، وغضبت عليه ، بل حاله الخسران والذل، ولا يمكن أن يذل أحد والله تعالى وليه .

قوله : « تباركت ربنا وتعاليت » المعنى : تباركت ربنا أي كثر خيرك « وتعاليت » فيه : إثبات صفة العلو لله غز وجل على نوعين : 

1ـ علو الذات : فالله سبحانه وتعالى عليٌّ في ذاته 

2ـ علو الصفات : عليٌّ في صفاته جل وعلا .

قوله : « لا منجى منك إلا إليك » معناه: أي لا مفر للعبد من ربه إلا إلى ربه جل وعلا.

_أحــكــام الــقــنــوت :

1_هل يداوم على القنوت في الوتر ؟ 

ذهب شيخ الإسلام ـرحمه الله ـ: إلى أنه من شاء فعله ومن شاء تركه ، واختار الشيخان ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما اللّه ـ : أنه لا يداوم على القنوت في الوتر .

2_هل تجوز الزيادة على ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن ؟

اختار ابن باز والألباني وابن عثيمين ـ رحمهم الله ـ : جواز الزيادة على دعاء القنوت الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن ، لأن المقام مقام دعاء ولثبوت ذلك في عهد عمر بن الخطاب أنه كان يلعن الكفرة ويدعو للمسلمين.

3_ هل يسبق دعاء القنوت بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟

ذهب جمهور  العلماء : إلى أنه يستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت وبه قال الأحناف والشافعية  الحنابلة.

4_ الفرق بين قنوت الوتر ، وقنوت الفرائض « النوازل » ؟

 «النوازل: أي المصائب التي تنزل بالمسلمين».

1ـ أن قنوت الوتر يصلح أن يداوم عليه: وإن كان الأفضل الترك أحيانا أما قنوت النوازل، فلا يصار إليه إلا عند حدوث نازلة.

2ـ أن قنوت الوتر له دعاء مأثور : أما قنوت النوازل فيختار من الدعاء ما يناسب النازلة . قاله شيخ الإسلام 

3ـ أن قنوت الوتر محصور في صلاة الوتر: أما قنوت النوازل فيصلح أن يكون في أي صلاة مكتوبة ، وأفضلها الجهرية كما قال إبن عثيمين .


5_حكم القنوت في الفرائض من غير نازلة ؟ « الفجر ».

ذهب شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: أن المدوامة على القنوت في الفرائض بدون نازلة بدعة محدثة . واختاره ابن باز .

فائدة : ـ قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: إذا صلى خلف إمام يقنت في صلاة الفجر دائما وبدون سبب يرفع يديه ويتابعه ويؤمن على دعائه ، وإن صلى مع من لا يقنت فهو أفضل . واختاره ابن عثيمين.

......     .....    .......

حديث القنوت في الوتر " اللهم اهدني فيمن هديت.." من كتاب الموسوعة الفقهية الدرر السنية : 

_تعريفُ القنوتِ ؟!

القُنوت لُغةً: يُطلَقُ على الدُّعاءِ، والقِيامِ، والخضوعِ، والسُّكونِ، والسُّكوتِ، والطَّاعةِ، والصَّلاةِ، والخُشوعِ، والعِبادةِ، وطُولِ القيامِ، وأصْل (قنَت) يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دِينٍ .

القُنوتُ اصطلاحًا: هو الدُّعاءُ في الصَّلاةِ في مَحلٍّ مخصوصٍ من القيامِ  .

المسألةُ الأولى: حُكمُ القنوتِ في صَلاةِ الوِترِ
يُشرَعُ القنوتُ في الوترِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ  : الحَنَفيَّة  ، والشافعيَّة  ، والحَنابِلَة  ، وروايةٌ عن مالك .
الأدلَّة:

أولًا: من السُّنَّة :

عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: (عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت  ).

ثانيًا: مِن الآثار : 
1- عن إبراهيمَ، عن عَلقمةَ، قال: (إنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الرُّكوعِ)   .
2- عن عبدِ الرحمنِ بنِ الأسودِ، عن أبيه، قال: (كان ابنُ مسعودٍ لا يَقنُتُ في شيءٍ من الصَّلواتِ إلَّا في الوتر قبلَ الركوعِ) .

المَسألةُ الثانية: وقتُ قنوتِ الوترِ
يُشرَعُ القُنوتُ في الوترِ   في جميعِ السَّنةِ  ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة   ، والحَنابِلَة  ، ووجهٌ عندَ الشافعيَّة   قوَّاه النوويُّ  ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ  ، واختارَه ابنُ حزمٍ  ،واختارَه ابنُ باز  ، وابنُ عُثَيمين  ، والألبانيُّ   .
الأَدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة :


عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: (عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت  ) .

وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الحديثَ لم يخصَّ القنوتَ بوقتٍ دونَ آخرَ.

ثانيَّا: مِن الآثار
عن عَلقمةَ: (أنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الرُّكوعِ)  .
ثالثًا: أنَّه وترٌ، فيُشرع فيه القنوتُ، كالنِّصفِ الآخِرِ من رَمضانَ   .

رابعًا: أنَّه ذِكرٌ يُشرَعُ في الوترِ؛ فيُشرَعُ في جميعِ السَّنَةِ، كسائرِ الأذكارِ  .

المَسألةُ الثالثة: التأمينُ خلفَ الإمامِ في قُنوتِ الوترِ
يُشرَعُ التأمينُ خلفَ الإمامِ في قُنوتِ الوترِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة   ، والحَنابِلَة   ، وهو قولٌ للحنفيَّة  ، واختاره ابنُ عُثَيمين  ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة  ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك   .
الأدلَّة:

أولًا: من السُّنَّة :


عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (قنَتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شهرًا متتابعًا في الظهرِ والعصرِ والمغربِ والعِشاءِ وصلاةِ الصُّبحِ، في دُبرِ كلِّ صلاةٍ، إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه من الركعةِ الآخِرة، يدعو على أحياءٍ مِن بني سُليمٍ؛ على رِعْلٍ وذَكوانَ وعُصيَّةَ، ويُؤمِّنُ مَن خَلْفَه  )

وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه لا فَرقَ بين قُنوتِ النازلةِ وبين قُنوتِ الوترِ؛ لأنَّ الكلَّ دُعاءُ قنوتٍ من الإمامِ في الصلاة جهرًا؛ فيُستحبُّ التأمينُ عليه  .

ثانيًا: أنَّ الإمامَ إنَّما يَجهرُ بالدعاءِ؛ ليسمعَ المأموم حتَّى يُؤمِّنَ، وإلَّا لم يكُن ثَمَّ فائدةٌ مِن جهْرِه  .

المَسألةُ الرابعة: محلُّ القُنوتِ في الوترِ 
محلُّ القنوتِ في الركعةِ الأخيرةِ مِن الوترِ، بعدَ الركوعِ، ويجوزُ قَبْلَه، وهذا مذهبُ الحَنابِلَةِ  ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلف  ، وهو قولُ فُقهاءِ أهلِ الحديثِ ، واختارَه ابنُ حجرٍ  ، وابنُ باز  , وابنُ عُثَيمين .
الأدلَّة:

أدلَّةُ أفضليَّة القُنوتِ بعدَ الرُّكوعِ:

أولًا: من الآثار
1- عن عبدِ الرحمنِ بن عبدٍ القاريِّ؛ أنَّه قال: (خرجتُ مع عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه ليلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرِّقون؛ يُصلِّي الرجل لنَفْسِه، ويُصلِّي الرجُلُ فيُصلِّي بصلاتِه الرهطُ، فقال عمر: إنِّي أرى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئٍ واحد، لكان أمثلَ، ثم عزَمَ، فجمَعَهم على أُبيِّ بن كعبٍ، ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يُصلُّونَ بصلاةِ قارئِهم، قال عُمرُ: نِعمَ البدعةُ هذه، والتي يَنامون عنها أفضلُ مِن التي يقومون- يريد: آخِرَ الليل- وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا) .

وَجْهُ الدَّلالَةِ:
في قوله: ((ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا)) أنَّ دعاء القنوت في الوترِ كان بعدَ الركوع؛ فلوَ كان الدعاءُ بعدَ القراءةِ لكبَّر للركوعِ لا للسُّجودِ.

2- عن أبي رافعٍ مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فقَنَتَ بعدَ الرُّكوعِ، ورفعَ يديهِ وجَهَرَ بالدُّعاءِ)  .

3- عن أبي عُثمانَ النَّهديِّ عن عُمرَ: (أنَّهُ كانَ يَقنتُ بعدَ الرُّكوعِ)  .

4- عن العَوَّامِ بنِ حمزةَ، قال: سألتُ أبا عثمانَ عن القُنوتِ، فقال: بعدَ الركوعِ، فقلتُ: عمَّن؟ فقال: عن أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ  .

ثانيًا: القياسُ على ما ثبَتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من القنوتِ بعدَ الرَّفعِ من الركوعِ في الفجرِ في قُنوتِ النَّوازلِ  .

ثالثًا: أنَّ سماعَ الدُّعاء مناسبٌ لقول العبد: سمِع الله لِمَن حمِدَه؛ فإنَّه يُشرَعُ الثَّناءُ على اللهِ قبلَ دُعائِه، كما بُنِيتْ فاتحةُ الكتابِ على ذلِك؛ أوَّلها ثناءٌ، وآخِرُها دعاء  .

أدلَّة جوازِ القنوتِ قبلَ الرُّكوعِ:
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (سُئلَ عن القنوتِ في صلاةِ الصُّبحِ، فقال: كنَّا نَقنُتُ قبلَ الركوعِ وبَعدَه  )  .

2- عن عَلقمةَ: (أنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الركوع)  .

المسألةُ الخامسة: الأدعية الواردةُ في دُعاءِ القُنوتِ :
1- عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ( عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت  ) .

2- عن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يقولُ في آخِر وترِه: (اللهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاك من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذ بكَ مِنك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفْسِك  ) .

3- عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ: (...وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا) 

4- عن عطاءٍ: (أنَّه سمِعَ عُبيدَ بنَ عُمَيرٍ يأثُرُ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ في القنوتِ (في الوتر) أنَّه كان يقولُ: اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق)  .

المسألةُ السادسة: رفْعُ اليدينِ في دُعاء القُنوتِ
يُستحبُّ رفْعُ اليدينِ في دُعاءِ القنوتِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيح  ، والحَنابِلَة ، وروايةٌ عن أبي يُوسفَ ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ  ، واختارَه ابنُ باز  ، وابنُ عُثَيمين ، والألبانيُّ  .
الأدلَّة:

أولًا: من السُّنَّة
1- عن عبدِ الرحمنِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (كنتُ أَرْتمي بأَسهُمٍ لي بالمدينةِ في حياةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ كسفَتِ الشمسُ فنبذتُها، فقلتُ: والله، لأنظرنَّ إلى ما حدَثَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كسوفِ الشَّمسِ، قال: فأتيتُه وهو قائمٌ في الصَّلاةِ، رافعًا يديه، فجَعَل يُسبِّحُ ويُهلِّلُ ويُكبِّر، ويدعو حتى حُسِرَ عنها، فلمَّا حُسِرَ عنها قرأَ سورتين، وصلَّى رَكعتينِ  ) .

وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ رفْعَ اليدينِ في الدُّعاءِ في الصَّلاةِ يدلُّ على مشروعيَّة رفْعِ اليدينِ في القنوتِ  .

2- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه في قِصَّة القُرَّاء وقتْلهم، قال: (لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلَّما صلَّى الغداةَ رفَعَ يَديهِ يَدْعو عليهم، يَعني: على الذين قَتلوهم) .

وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ رفْع اليدينِ في الحديثِ وإنْ كانَ في قنوتِ النوازلِ إلَّا أنَّ قنوتَ الوترِ مِن جنسِ قنوتِ النوازلِ   .

3- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ( إنَّ الله تعالى طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طيِّبًا, وإنَّ اللهَ أمرَ المؤمنين بما أمَرَ به المرسلين، فقال سبحانه:  يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51]، 

وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]، ثم ذَكَر الرجلَ يُطيلُ السَّفر أشعثَ أغبرَ، يمدُّ يديه إلى السَّماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، ومَلبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرامِ؛ فأنَّى يُستجابُ لذلك  ؟!) .

4- عن سلمانَ الفارسيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:  (إنَّ اللهَ حييٌّ كريم؛ يَستحيي إذا رفَعَ الرجُلُ إليه يَديهِ أن يَردَّهما صفرًا خائِبتَينِ  ).

وجه الدَّلالةِ من الحديثينِ:
أنَّ قُنوتَ الوترِ دعاءٌ؛ فيَدخُلُ في عمومِ النصوصِ التي فيها استحبابُ رفْعِ اليدينِ عندَ الدُّعاءِ ما دام أنَّه لم يرِدْ فيه ما يدلُّ على منْعِ رفْعِ اليدينِ .
ثانيًا: أنَّ عددًا من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم رفَعوا أيديَهم في القنوتِ  
فعن أبي رافعٍ مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فقَنَتَ بعدَ الرُّكوعِ، ورفعَ يَديهِ وجَهَرَ بالدُّعاءِ)   .
المَسألةُ السابعة: مَسْحُ الوجهِ باليدينِ بعدَ الفراغِ من القنوتِ
لا يُشرَعُ مَسْحُ الوجهِ باليدينِ بعدَ الفراغِ مِنَ الدُّعاءِ في القنوتِ   ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيحِ  ، ونصَّ عليه مالكٌ  ، وهو قولٌ للحنفيَّة  ، وروايةٌ عن أحمدَ  ، واختارَه الآجُريُّ   ، وابنُ تَيميَّة  ، وابنُ باز   ، وابنُ عُثَيمين  .

وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه عملٌ لم يثبتْ فيه خبرٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم   .

ثانيًا: أنَّ النُّصوصَ الثابتةَ في رفْعِ الأيدي للدُّعاءِ كثيرةٌ جدًّا، ولم ترِدْ واقعةُ المسحِ في شيءٍ منها .

ثالثًا: أنَّه لم يثبُتْ عن أحدٍ من الصحابةِ مسْحُ الوجهِ باليدينِ بعدَ الدُّعاءِ، ويَبعُدُ انتشارُ سُنَّة بينهم ثُمَّ لا تُنقَلُ إلينا، لا سيَّما وهي من السُّننِ الظاهرة، وهذا يُقوِّي عدمَ المشروعيَّة   .

رابعُا: أنَّه دعاءٌ في صلاةٍ؛ فلم يستحبَّ مَسْحُ وجهِه فيه كسائرِ الأدعيةِ في الصَّلاةِ  .

المسألةُ الثامنة: الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ القُنوتِ
تُسنُّ الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ الفراغِ من دُعاءِ القُنوت، وهو الصَّحيحُ من مذهبِ الشافعيَّةِ  ، ومذهبِ الحَنابِلَةِ ، وقولٌ عندَ الحَنَفيَّة  .

الأَدِلَّة مِن الآثار:
1- أثَرُ أُبيِّ بن كَعبٍ كما في حديثِ عبد الرحمنِ بن عَبدٍ القاريِّ، قال: (...وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ....)  .

2- أَثَرُ مُعاذٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه  (أنَّه كان يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في القُنوتِ) .

المَسألةُ التاسعة: ما يُجتنبُ في دعاءِ القُنوتِ
يَنبغي للإمامِ أن يجتنبَ في دُعاءِ القنوتِ عِدَّة أمورٍ؛ منها:
- المُبالَغة في رفْعِ الصَّوتِ بالدُّعاء  .
- رفْع الصَّوتِ بالبُكاء   .
- تَكلُّف السَّجع  .
- الإطالَة على الناسِ في دُعاءِ القُنوت  .

.......       .........        .......

خواطر علي  علي دعاء القنوت في الوتر " اللهم اهدني فيمن هديت.." ؟!

القنوت له معاني، منها: 

دوام الطاعة ومنها الخشوع ومنها السكوت، 

لكن ورد القنوت في الوتر أن يأتي بدعوات بعد الوتر علمها النبي ﷺ الحسن بن علي، إذا رفع الركوع في الركعة الأخيرة التي يوتر بها يقول بعد الركوع وبعد الذكر المشروع: ربنا ولك الحمد.. إلى آخره يقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت؛ تباركت ربنا وتعاليت، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.


هذا المشروع في قنوت الوتر سواء كان أوتر في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخره، وهذا علمه النبي ﷺ الحسن بن علي قال: 


علمني الرسول ﷺ كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، هذا نهاية خبر الحسن، 


وزاد في رواية أخرى أن النبي ﷺ كان يقول في وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وإن زاد دعوات أخرى غير طويلة 


تعليقات