سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله :



سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله :

_أسم شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :

تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ النُّمَيْرِيُّ الْحَرَّانِيُّ(أحمد تقي الدين )


_مولد شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :

 ولد ابن تيمية بمدينة حران الواقعة بالجزيرة الفراتية، في يوم الاثنين 10 ربيع الأول سنة 661 هـ،

وقد جاء أيضاً أنه ولد في يوم 12 ربيع الأول.

_ كنية شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :

 اكتني بأبي العباس وهو يافع، ولكنه اشتهر بابن تيمية، وغلب هذا اللقب على اسمه، وعرف به بين الناسنشأ ابن تيمية نشأته الأولى في مدينة حران إلى أن بلغ السابعة من عمره


_معرفةمختصرة عن شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:

هو فقية ومحدث ومفسر وفيلسوف ومتكلم وعالم مسلم مجتهد من علماء أهل السنة والجماعة.

 وهو أحد أبرز العلماء المسلمين خلال النصف الثاني من القرن السابع  والثلث الأول من القرن الثامن الهجري. 


_نشأة شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله  :

 نشأ ابن تيميَّةحنبلي المذهب

فأخذ الفقة  الحنبلي وأصولة  عن أبيه وجدة ، كما كان من الأئمة المجتهدين في المذهب، فقد كان يفتي في العديد من المسائل على خلاف معتمد الحنابلة لما يراه موافقاً للدليل من الكتاب والسنة ثم على آراء الصحابة  وآثار السلف.


نبذة عن مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
 عندما أغار عليها التتار، هاجرت عائلته منها سنة 667 هـ إلى مدينة دمشق، وعند وصول آل تيمية واستقرارهم فيها، لم تمر إلا فترة قصيرة حتى بدأ والد ابن تيمية عبد الحليم ابن تيمية بالتدريس في الجامع الأموي وتولى مشيخة "دار الحديث السكرية"
. والدته هي ست النعم بنت عبد الرحمن بن علي بن عبدوس الحرانية، عمرت فوق السبعين سنة (أو التسعين سنة)
 يقول المؤرخون: «كان لها المكانة العظيمة في نفس شيخ الإسلام رحمه الله، يدل على هذه المكانة تلك الرسالة التي أرسلها إليها من سجنه في القاهرة، والتي امتلأت بالمشاعر الجياشة، والمحبة العظيمة التي كان يكنها لها رحمها الله تعالى.»
 وكانت أمه ست النعم على قيد الحياة عند عودته من مصر في سنة 712 هـ.
 وتوفيت في يوم الأربعاء 20 شوال سنة 716 هـ، ودفنت بالصوفية، ويقال أنه حضر جنازتها «خلق كثير، وجمع غفير»

_ نشأت وطلب العلم وشيوخ شيخ الإسلام ابن تيمية             _رحمه الله :
حفظ ابن تيمية القرآن في صغره، واتجه بعد حفظ القرآن بدراسة الفقه والأصول وعلوم اللغة العربية وتفسير القرآن، وأصول الفقه والفرائض والخط والحساب والجبر والمقابلة، والحديث،
 وكان أول كتاب حفظه في الحديث "الجمع بين الصحيحين" للحميدي؛ يقول الحافظ ابن رجب: «عُني بالحديث، وسمع "المسند" مرات، والكتب الستة، و"معجم الطبراني الكبير".» وتلقى الفقه الحنبلي على يد والده.

_مشايخ شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله الذين سمع منهم :
سمع ابن تيمية من أزيد من مئتي شيخ كما يذكر جل المؤرخين، ومنهم: 
_ابن عبد الدائم المقدسي _ وابن أبي اليسر
_ والكمال بن عبد _ وشمس الدين ابن أبي عمرالحنبلي
_وشمس الدين بن عطاء الحنفي
 _وجمال الدين يحيى ابن الصيرفي
_ ومجد الدين ابن عساكر _ والنجيب المقداد
_ وأحمد بن أبي الخير الحداد _ والمسلم بن علان
_ وأبو بكر الهروي _ والكمال عبد الرحيم
_ وفخر الدين بن البخاري _ وابن شيبان
_ والشرف بن القواس _ وزينب بنت مكي
_ وست العرب الكندية 
_ وأبو محمد بن عبد القوي في اللغة العربية
_وتاج الدين الفزاري _ وزين الدين بن المنجى
_ والقاضي الخويي _ وابن دقيق العيد _ وابن النحَّاس
_والقاسم الإربلي _ وعبد الحليم بن عبد السلام (والده) _وشرف الدين أبو العباس أحمد بن أحمد المقدسي _وجمال الدين البغدادي _ وإبراهيم بن الدرجي
 _ وعلي بن بلبان، ويوسف بن أبي نصر الشقاوي
_ وعبد الرحمن بن أحمد العاقوسي
_ ورشيد الدين محمد بن أبي بكر العامري
_ وبدر الدين بن عبد اللطيف خطيب حماة
_ وتقي الدين مُزيز _ وتاج الدين أحمد بن مزيز
_ وجمال الدين أحمد بن أبي بكر الحموي


_التدريس والفتوي لشيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:
شرع ابن تيمية في التدريس والفتوى وهو ابن سبع عشرة سنة، بالإضافة إلى أنه قد بدأ في هذا السن بالتأليف أيضاً. 
وكان العالم كمال الدين أحمد بن نعمة المقدسي ممن أذن لابن تيمية بالإفتاء؛ وذكر المؤرخون أنه كان يفتخر بذلك ويقول: أنا أذنت لابن تيمية بالإفتاء.

وما إن بلغ ابن تيمية من عمره 22 سنة حتى توفي والده عبد الحليم ابن تيمية في سنة 682 هـ، وحدث فراغ كبير في مشيخة التدريس بدار الحديث السكرية. فخلفه ابنه أحمد ابن تيمية فيها وكان ذلك في 2 محرم 683 هـ.

يذكر المؤرخون بأن علماء كثر قاموا بحضور الدرس الأول لابن تيمية وأنه نال إعجابهم، وكان من هؤلاء العلماء بهاء الدين بن الزكي الشافعي، وتاج الدين الفزاري، وزين الدين بن المرحل، وزين الدين بن المنجا الحنبلي، وبعض علماء الحنفية. وفي العاشر من صفر جلس ابن تيمية بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة للتفسير.


_ طريقة إلقاء دروس شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله:
وأما طريقته في إلقاء دروسه، فقد وصف بأنه كان يجلس بعد أن يصلي ركعتين، ويحمد الله ويصلي على النبي، فيبدأ بدرسه من حفظه، وكان يغمض عينيه عند الحديث. وكان يتكلم على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث، ويورد أيضاً في حديثه من القرآن والسنة واللغة والنظر.

بالإضافة إلى تدريسه في دار الحديث السكرية وتفسيره القرآن الكريم في الجامع الأموي، فقد تولى التدريس بالمدرسة الحنبلية خلفاً للعالم زين الدين بن المنجا الحنبلي، ثم تنازل عن التدريس فيها بعد فترة طويلة لعدم تفرغه وكثرة أسفاره بين الشام ومصر، وانشغاله بمحاربة التتار، وإعداد الناس لمجابهتهم، 
وكان أول يوم في تدريسه بالمدرسة الحنبلية في 17 شعبان سنة 695 هـ، وقد تركها بعد تنازله عنها لشمس الدين بن الفخر البعلبكي. وبعد قدومه إلى دمشق سنة 712 هـ بعد أن غاب عنها فوق سبع سنين، أكمل تدريسه بمدرسة السكرية والحنبلية.


_ سبب كتابة كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول" لشيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله :

حادثة عساف النصراني سنة 693 هـ/1294م عدل
بلغ ابن تيمية في سنة 693 هـ أن أحد النصارى ويُدعى "عساف النصراني" قد قام بسب الرسول محمد، فأوى عساف إلى أحد العلويين لحمايته، إلا أن ابن تيمية ذهب مع شيخ دار الحديث إلى نائب السلطنة في دمشق وخاطباه في الأمر، فقام باستدعاء عساف النصراني فخرجا من عنده مع جماعة من الناس. فعندما رأى الناس عسافاً ومعه رجل بدوي، 
قاموا بسبه وشتمه، فقال الرجل البدوي: هو خير منكم -يعني عساف- فرجمهما الناس بالحجارة، وأصابت عسافاً. فأرسل نائب دمشق بطلب ابن تيمية وشيخ دار الحديث، فضربهما بين يديه لأنهما اتهما بتحريض العامة، ثم أسلم عساف بعد أن أثبت براءته واعتذر نائب السلطنة لابن تيمية وشيخ دار الحديث.
 وقام ابن تيمية بعد ذلك بكتابة "الصارم المسلول على شاتم الرسول"


_ مسألة الفتوى الحموية سنة 698 هـ/1299م لشيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله  : 
بدأت مسألة الفتوى الحموية في سنة 698 هـ بعد أن أرسل أهل مدينة حماة لابن تيمية استفتاءً في الصفات التي وصف الله بها نفسه في القرآن،
 فأجابهم ابن تيمية بالرسالة الحموية، وقد خالف في الرسالة منهج الأشاعرة والمتكلمين.
يقول ابن كثير :«قام عليه جماعة من الفقهاء وأرادوا إحضاره إلى مجلس القاضي جلال الدين الحنفي فلم يحضر؛ فنودي في البلد في العقيدة التي كان قد سأله عنها أهل حماة المسماة "بالحموية"، فانتصر له الأمير سيف الدين جاغان،
 وأرسل يطلب الذين قاموا عليه، فاختفى كثير منهم، وضرب جماعة ممن نادى على العقيدة، فسكت الباقون، فلما كان يوم الجمعة عمل الشيخ تقي الدين الميعاد بالجامع على عادته، 
وفسر في قوله تعالى: " وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ"  ثم اجتمع بالقاضي إمام الدين القزويني صبيحة يوم السبت، واجتمع عنده جماعة من الفضلاء، وبحثوا في "الحموية" وناقشوه في أماكن منها، فأجاب عنها بما أسكتهم بعد كلام كثير، 
ثم قام الشيخ تقي الدين، وقد تمهدت الأمور وسكنت الأحوال، وكان القاضي إمام الدين معتقده حسن ومقصده صالح.»


_لقاء شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله مع غازان وحملة جبال كسروان سنة 699 هـ/1299م :
 
جاء التتار إلى الشام في سنة 699 هـ وهزموا الناصر بن قلاوون، فقصدوا دمشق بعد ذلك؛ 
فقام ابن تيمية بالاجتماع بأعيان البلد للمسير إلى غازان سلطان التتار، لأخذ الأمان منه لأهل دمشق. فاجتمعوا مع غازان بتاريخ 3 ربيع الآخر سنة 699 هـ في بلدة النبك فكلمه ابن تيمية حول مطلبهم، فاستجاب له غازان وأعطاهم وثيقة أمان، وقد أجلت هذه المقابلة دخول التتار إلى دمشق حتى حين.
 وقد قال ابن تيمية لغازان أثناء لقائه:
 «أنت تزعم أنك مسلم، ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا فغزوتنا، وأبوك وجدك كانا كافرين، وما عملا الذي عملت، عاهدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت، وجُزت.» وعلى الرغم من حصول أهل دمشق على وثيقة الأمان، إلا أن التتار كانوا مستمرين في نهب المدينة، وقد عين التتار "سيف الدين قبجق" حاكما على الشام، فحاول أن يحمل نائب قلعة دمشق على تسليمها إلا أنه رفض بتحريض من ابن تيمية.

 يقول ابن كثير: «فإن الشيخ تقي الدين بن تيمية أرسل إلى نائب القلعة يقول له ذلك: "لو لم يبق فيها إلا حجر واحد، فلا تسلمهم ذلك إن استطعت"،
 وكان في ذلك مصلحة عظيمة لأهل الشام، فإن الله حفظ لهم هذا الحصن والمعقل الذي جعله الله حرزا لأهل الشام التي لا تزال دار إيمان وسنة، حتى ينزل بها عيسى ابن مريم.»
وبعد ذلك استمر التتار بالقتل والسبي، فخرج ابن تيمية مرة أخرى لمقابلة غازان في يوم 20 ربيع الآخر 699 هـ إلا أنه لم يستطع الاجتماع به.

وخرج ابن تيمية لاحقاً للقاء أحد قادة التتار فاجتمع به، لفكاك من كان معه من أسرى المسلمين، فاستنفذ كثيراً منهم من أيديهم.
 وفي شهر رجب سنة 699 هـ، وصل خبر بخروج الجيوش المصرية والسلطان محمد بن قلاوون إلى الشام لإنقاذها من أيدي التتار، فقام ابن تيمية فوراً بالخروج مع أصحابه على الخمارات والحانات، وعملوا على تكسير أواني الخمور، وإراقة الخمور وعزروا جماعة من أهل الحانات.

وفي يوم 20 شوال سنة 699 هـ خرج جمال الدين آقوش الأفرم نائب دمشق بجيشه إلى جبال الجرد وكسروان، فخرج معه ابن تيمية ومعه جماعة من المتطوعة والحوارنة لقتال أهل تلك الناحية، 
وسبب ذلك أنهم آزروا الجيش التتاري وعملوا على إيذاء الجنود المسلمين ونهبهم وأخذ أسلحتهم وخيولهم، وقتلوا كثيراً منهم. 
فلما وصلوا إلى بلادهم جاء رؤساؤهم إلى ابن تيمية، فاستتابهم، والتزموا برد ما كانوا أخذوه من أموال الجيش، وقرر عليهم أموالاً كثيرة يحملونها إلى بيت المال.


_عودة التتار للشام سنة 700 هـ/1300م وموقف شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
في مطلع شهر صفر سنة 700 هـ وردت الأخبار بقصد التتار بلاد الشام، وعزمهم على دخول مصر، فخاف الناس وشرعوا في الهرب، وارتفعت الأسعار. فجلس ابن تيمية بمجلسه في الجامع وحرض الناس على القتال، ونهى عن الإسراع في الفرار. وتابع المجالس في ذلك. ونودي في البلاد: لا يسافر أحد إلا بمرسوم وورقة، فتوقف الناس عن السير وسكن جأشهم.

وفي شهر جمادى الأولى قوي الإرجاف بأمر التتار، وجاء الخبر بأنهم اقتربوا، وخرج ابن تيمية في هذا الشهر إلى نائب الشام وجنوده، فثبتهم، ووعدهم بالنصر على التتار. ثم عاد إلى دمشق، وقد سأله النائب والأمراء أن يذهب إلى مصر ليستحث السلطان على المجيء. فذهب إلى مصر، وقال له فيما قال: «لو قُدر إنكم لستم حكام الشام ولا ملوكه، واستنصركم أهله، وجب عليكم النصر، فكيف وأنتم حكامه وسلاطينه، وهم رعاياكم، وأنتم مسؤولون عنهم.»

 وقوّى ابن تيمية جأش السلطان، وظل يُحرض الناس على الجهاد، ومقاومة التتار. فخرج الجنود إلى الشام ففرح الناس بهم. وبعد تحقق عودة السلطان إلى مصر وقد قويت الأراجيف بوصول التتار، ونادى ابن النحاس متولي البلد في الناس: "من قدر على السفر فلا يقعد بدمشق"؛ ففر الناس، ولم يبق بدمشق إلا القليل، وخرج الناس للجهاد، ورجع ابن تيمية من مصر بعد أن أقام فيها ثمانية أيام، وبشر الناس باستعداد سلطان مصر للجهاد، ثم جاءت الأخبار بأن ملك التتار رجع في ذلك العام.

ويذكر عدد من المؤرخين أن ابن تيمية وخلال رحلته هذه إلى مصر قابل "أبا حيان النحوي"، ومدحه الأخير بأبيات، ثم دار بينهما كلام حول سيبويه، فقام ابن تيمية بانتقاده وقال إنه أخطأ في ثلاثين موضع في كتابه حسبما نقل جلال الدين السيوطي، وقد قال ابن حجر العسقلاني ثمانين موضع. فأغضب هذا أبا حيان النحوي، وقام بمقاطعته


_وقعة شقحب سنة 702 هـ/1303م وموقف شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :

 خارطة تبين مكان معركة شقحب التي وقعت في سنة 702 هـ.
وصلت الأخبار إلى الشام سنة 702 هـ بعزم التتار على دخولها ووصولهم إليها، ومسيرهم إلى دمشق. وفي 18 شعبان قدمت طائفة كبيرة من جيش المصريين ثم قدمت بعدهم طائفة أخرى. 
وجلس القضاة بالجامع وحلفوا جماعة من الفقهاء والعامة على القتال. وتوجه ابن تيمية إلى العسكر الواصل من حماة، فاجتمع بهم في القطيفة، فأعلمهم بتحالف الأمراء والناس على لقاء العدو، فأجابوه وحلفوا معهم، وكان ابن تيمية يحلف للأمراء والناس: إنكم في هذه الكرة منصورون، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.

وقد أشيعت في تلك الفترة الحكم في قتال التتار، يقول ابن كثير: «وقد تكلم الناس في كيفية قتال التتار من أي قبيل هو؟ فإنهم يظهرون الإسلام، وليسوا بغاة على الإمام، فإنهم لم يكونوا في طاعته في وقت ثم خالفوه.
 فقال الشيخ تقي الدين: "هؤلاء من جنس الخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية. ورأوا أنهم أحق بالأمر منهما. وهؤلاء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق من المسلمين، ويعيبون على المسلمين ما هم متلبسون به من المعاصي والظلم، وهم متلبسون بما هو أعظم منه بأضعاف مضاعفة، فتفطن العلماء والناس لذلك، وكان يقول للناس: إذا رأيتموني من ذلك الجانب وعلى رأسي مصحف فاقتلوني، فتشجع الناس في قتال التتار وقويت قلوبهم ونياتهم ولله الحمد."»

خرج ابن تيمية ليشهد القتال، وعند وصوله إلى العسكر الشامي، طلب منه أمراء الجيش أن يسير إلى السلطان ويستحثه على السير إلى دمشق، فسار إليه، فحثه على المجيء إلى دمشق بعد أن كاد يرجع إلى مصر، فاستجاب له السلطان وجاء معه.
 فسأله السلطان أن يقف معه في المعركة إلا أن ابن تيمية قال له: السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه، ونحن مع جيش الشام، لا نقف إلا معهم، وحرض السلطان على القتال، وبشره بالنصر. وبدأت المعركة في يوم 2 رمضان وانتهت في عصر يوم 4 رمضان، بانتصار المسلمين.


_ سنة 704 هـ/1305م وحملة جبال كسروان الثانية وموقف شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:
بعد أن فرغ ابن تيمية من قضية التتار، عكف على إلقاء الدروس والمواعظ، وقام بعدة أعمال،

 منها أنه قام في شهر رجب سنة 704 هـ بإحضار رجل يسمى "المجاهد إبراهيم القطان" يلبس دلقاً كبيراً؛ 

فأمر ابن تيمية بتقطيع ذلك الدلق، وأمر بحلق شعر رأسه وكان ذا شعر طويل، وقلم أظفاره وكانوا طوالاً جداً، وحف شاربه الذي كان مسبلاً، واستتابه من كلام الفحش وأكل المحرمات من الحشيشة.

 وأحضر أيضاً شخصاً آخر اسمه "محمد الخباز البلاسي"، واستتابه أيضاً من أكل المحرمات، وكتب عليه مكتوباً أن لا يتكلم في تعبير المنامات.
 وفي هذا الشهر أيضاً ذهب ابن تيمية مع أصحابه ومعهم حجارون إلى تقطيع صخرة كانت بنهر قلوط (أو نهر قليط) في ضواحي دمشق، وقد كانت هذه الصخرة تُزار وينذر لها النذور، فقطعها وهدمها.

وفي شهر ذي الحجة من سنة 704 هـ، وللمرة الثانية، خرج ابن تيمية ومعه جماعة من أصحابه إلى جبل الجرد والكسروانيين، ومعه نقيب الأشراف زين الدين بن عدنان، فقام فيهم بالتبليغ واستتاب خلقاً منهم، ورجع منتصراً. 
وكان السبب في هذه الحملة :
 أن سكان هذه المنطقة من الإسماعيلية والباطنية والحاكمية والنصيرية، تعاونوا مع الصليبيين والتتار على المسلمين،
 وكتب ابن تيمية بعد هذه الحملة رسالة إلى السلطان الناصر قال فيها: «لما قدم التتار إلى البلاد وفعلوا بعسكر المسلمين ما لا يحصى من الفساد وأرسلوا إلى أهل قبرص فملكوا بعض الساحل وحملوا راية الصليب وحملوا إلى قبرص من خيل المسلمين وسلاحهم وأسراهم ما لا يحصي عدده إلا الله وأقيم سوقهم بالساحل عشرين يوما يبيعون فيه المسلمين والخيل والسلاح على أهل قبرص وفرحوا بمجيء التتار... 

ولما خرجت العساكر الإسلامية من الديار المصرية ظهر فيهم من الخزي والنكال ما عرفه الناس منهم. 
ولما نصر الله الإسلام النصرة العظمى عند قدوم السلطان كان بينهم شبيه بالعزاء. 
كل هذا وأعظم منه عند هذه الطائفة التي كانت من أعظم الأسباب في خروج جنكيز خان إلى بلاد الإسلام وفي استيلاء هولاكو على بغداد وفي قدومه إلى حلب وفي نهب الصالحية وفي غير ذلك من أنواع العداوة للإسلام وأهله.»

 ويقول فيها أيضاً: «ولقد كان جيرانهم من أهل البقاع وغيرها معهم في أمر لا يضبط شره كل ليلة تنزل عليهم منهم طائفة ويفعلون من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد.
 كانوا في قطع الطرقات وإخافة سكان البيوتات على أقبح سيرة عرفت من أهل الجنايات يرد إليهم النصارى من أهل قبرص فيضيفونهم ويعطونهم سلاح المسلمين ويقعون بالرجل الصالح من المسلمين. فإما أن يقتلوه أو يسلبوه. وقليل منهم من يفلت منهم بالحيلة.»


_ حملة بلاد الجرد ومناظرته الأحمدية سنة 705 هـ/1305م  وموقف شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:
في يوم 2 محرم سنة 705 هـ توجه ابن تيمية في طائفة من الجيش وسار إلى بلاد الجرد والرفض والتيامنة، فخرج نائب السلطنة بنفسه بعد خروج ابن تيمية لغزوهم، فانتصروا عليهم، 
وقد أفتى ابن تيمية بجواز قطع أشجارهم ونخيلهم كبني النضير ؟!
 لأنهم يتخذونها كميناً ويجعلونها قواعد للحرب.

وفي يوم 9 جمادى الأولى من سنة 705 هـ حضر جماعة كثيرة من الأحمدية إلى نائب السلطنة، وحضر ابن تيمية، فسألوا نائب السلطنة بحضرة الأمراء أن يكفَّ ابن تيمية إنكاره عليهم وأن يسلم لهم حالهم، فقال لهم ابن تيمية:
 «هذا ما يمكن، ولا بد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب والسنة قولاً وفعلاً، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه على كل أحد.»

 يقول ابن كثير: «فأرادوا أن يفعلوا شيئا من أحوالهم الشيطانية التي يتعاطونها في سماعاتهم،
 فقال الشيخ: تلك أحوال شيطانية باطلة، وأكثر أحوالكم من باب الحيل والبهتان، ومن أراد منكم أن يدخل النار فليدخل أولا إلى الحمام، وليغسل جسده غسلا جيداً، ويدلكه بالخل والأشنان، ثم يدخل بعد ذلك إلى النار إن كان صادقا، ولو فرض أن أحدا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل، فإن ذلك لا يدل على صلاحه، ولا على كرامته، بل حاله من أحوال الدجاجلة المخالفة للشريعة المحمدية، إذا كان صاحبها على السنة، فما الظن بخلاف ذلك! 
فابتدر شيخ المنيبع الشيخ صالح، وقال: نحن أحوالنا إنما تنفق عند التتر، ليست تنفق عند الشرع.
 فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة، وكثر الإنكار عليهم من كل أحد، ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم، وأن من خرج على الكتاب والسنة ضربت عنقه. وصنف الشيخ جزءا في طريقة الأحمدية، وبين فيه فساد أحوالهم، ومسالكهم، وتخيلاتهم، وما في طريقتهم من مقبول ومردود بالكتاب والسنة، وأظهر الله السنة على يديه، وأخمد بدعتهم، ولله الحمد والمنة.

_ المجالس الثلاثة سنة 705 هـ/1306م :
1_أقيم في يوم 8 رجب من سنة 705 هـ أول المجالس الثلاثة (عند نائب السلطنة بالقصر) التي عُقدت للبحث في عقيدة ابن تيمية، وقرئت عقيدة ابن تيمية "العقيدة الواسطية"، وبحثوا فيها، 

2_وأخرت مواضع للمجلس الثاني، فاجتمعوا في يوم 12 رجب وحضر صفي الدين الهندي، وتكلم مع ابن تيمية، ثم اصطلحوا أن يكون كمال الدين ابن الزملكاني هو الذي يحاققه، فتناظرا في ذلك، ثم انفصل الحال على قبول العقيدة. 

3_ثم عُقد المجلس الثالث في 7 شعبان واجتمعوا على الرضى بالعقيدة الواسطية.

وقد كان الباعث على إقامة هذه المجالس هو أمر السلطان ركن الدين بيبرس بإشارة من شيخه "نصر المنجبي" و"ابن مخلوف المالكي" في مصر الذي أرسل رسالة لاحقاً قال فيها: «إنا كنا رسمنا بعقد مجلس للشيخ تقي الدين ابن تيمية، وقد بلغنا ما عقد له من المجالس، وأنه على مذهب السلف، وإنما أردنا بذلك براءة ساحته مما نسب إليه.»


_سجن ابن تيمية _رحمه الله:

_ في مصر سجنه من سنة 705 هـ/1306م إلى سنة 707 هـ/1307م :
في يوم 5 رمضان سنة 705 هـ طلب السلطان ركن الدين بيبرس ابن تيمية إلى مصر، فتوجه إليها فدخلها في يوم 22 رمضان، فعُقد له مجلس بالقلعة، وقد اجتمع فيها القضاة وأكابر الدولة. 
وأراد ابن تيمية الكلام إلا أنه لم يُسمح له، وادعى عليه ابن مخلوف المالكي أنه يقول "إن الله فوق العرش حقيقة، وأن الله يتكلم بحرف وصوت". 
فسأله القاضي عن ذلك، فأخذ ابن تيمية يبدأ حديثه في حمد الله والثناء عليه، فقيل له: أجب، ما جئنا بك لتخطب، فقال: ومن الحاكم في، قيل له: القاضي المالكي، قال: كيف يحكم في وهو خصمي، وغضب غضباً شديداً وانزعج.
 فأصدر حكمه عليه، وحُبس ابن تيمية في برج أياماً، ثم نُقل مع أخويه شرف الدين عبد الله وزين الدين عبد الرحمن، إلى الحبس المعروف باسم "الجُبّ" في ليلة عيد الفطر.

وفي ليلة عيد الفطر سنة 706 هـ أحضر الأمير "سيف الدين سلار" نائب مصر القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنفي وجماعة من الفقهاء، وتكلموا في إخراج ابن تيمية من الحبس، 
فاشترط بعض الحاضرين شروطاً في ذلك، منها أنه يلتزم بالرجوع عن بعض العقيدة، 
فامتنع ابن تيمية عن الحضور، وتكررت الرسل إليه ست مرات إلا أنه صمم على عدم الحضور، فطال عليهم المجلس، فانصرفوا من غير شيء.

وفي يوم 14 صفر سنة 707 هـ اجتمع قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة بابن تيمية، وطال بينهما الكلام، وابن تيمية مصمم على عدم الخروج. وفي يوم 23 ربيع الأول من سنة 707 هـ ذهب الأمير حسام الدين مهنا بن عيسى ملك العرب إلى ابن تيمية في الحبس، فأقسم عليه بالخروج والذهاب إلى دار "سيف الدين سلار"، فخرج ابن تيمية من السجن بعد أن مكث فيه نحو ثمانية عشر شهراً، واستقر المقام بابن تيمية في مصر.


_ مسألة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله  مع الصوفية سنة 707 هـ/1308م: 
بقي ابن تيمية بعد خروجه من السجن في مصر، وكان يتنقل بين المساجد والمجالس العامة، بهدف نشر العلم. 
وفي شهر شوال سنة 707 هـ اشتكى الصوفية بالقاهرة على ابن تيمية عند السلطان ؟! 
وسبب ذلك أن ابن تيمية تكلم في الاتحادية القائلين بوحدة الوجود وهم ابن عربي وابن سبعين والقونوي والحلاج، 
فأمر السلطان بعقد مجلس في دار العدل. فعُقد له مجلس في 10 شوال سنة 707 هـ، فظهر ابن تيمية عليهم.

فادعى ابن عطاء الله السكندري بأشياء فلم يثبت منها شيء، وكان ابن تيمية قد قال إنه لا يستغاث إلا بالله وحتى لا تصح الاستغاثة بالنبي محمد، فقال الحاضرون ليس في هذا شيء، ورأى قاضي القضاة أن هذا فيه قلة أدب.

تضجرت الحكومة من هذه الإثارات والشكاوي، فخيروا ابن تيمية بين ثلاثة أمور:
1_ إما أن يسير إلى دمشق التي هي موطنه، 
2_أو يقيم في الإسكندرية بشروط، 
3_أو يختار الحبس،

 فاختار ابن تيمية الحبس، إلا أن تلاميذه ألحوا عليه بالمسير إلى دمشق، فقبل ذلك، وتوجَّه إليها في ليلة 18 شوال سنة 707 هـ، ثم ردَّ من الغد إلى مصر، 
وقيل له: إنّ الدولة ما ترضى إلا بالحبس، ولم يكن القضاة على اتفاق في حبسه فاختلفت الآراء بينهم،
 إلا أن ابن تيمية قال: أنا أمضي إلى الحبس وأتبع ما تقتضيه المصلحة، فأُرسل إلى حبس القضاة وجعلوا عنده من يخدمه. ثم عُقد له مجلس بالصالحية بعد ذلك، ونزل ابن تيمية بالقاهرة وأكب الناس على الاجتماع به ليلاً ونهاراً.

_ إقامة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله في الإسكندرية سنة 709 هـ/1309م :
في سنة 708 هـ اعتزل السُلطان الناصر محمد بن قلاوون السلطنة، وقد كان السلطان الناصر معجباً بابن تيمية الذي سبق أن حمله على مقاومة التتار. وتخلى عن العرش لصالح بيبرس الجاشنكير،
 وقد كان "نصر المنبجي" شيخ الجاشنكير يكن العداوة لابن تيمية، وفور حدوث هذا التغيير صدر مرسوم ملكي بسعي من نصر المنبجي لنفي ابن تيمية إلى الإسكندرية، وحبسه هناك.

 فأُرسل ابن تيمية إلى الإسكندرية في آخر أيام شهر صفر من سنة 709 هـ، ويقول المؤرخون أن الغرض من إرساله إلى هذه المدينة التي كانت تعتبر مركز التصوف والصوفية القديم، هو أن يتصدى له بعض من يغتاله. 

وقد كان واحدا من أسباب هذه العداوة ضد ابن تيمية أنه كان ينال من الجاشنكير وشيخه نصر المنبجي، ويقول: زالت أيامه وانتهت رياسته، وقرب انقضاء أجله، ويتكلم فيهما وفي ابن عربي وأتباعه.

أقام ابن تيمية في الإسكندرية مدة ثمانية أشهر، وأخذ يلقي فيها الدروس، ويعظ الناس، وجاء تفصيل أعمال ابن تيمية في الإسكندرية في كتاب كتبه أخوه المقيم معه شرف الدين إلى الشام: «إن الأخ الكريم قد نزل بالثغر المحروس على نية الرباط، فإن أعداء الله قصدوا بذلك أموراً يكيدونه بها ويكيدون الإسلام وأهله، وكانت تلك كرامة في حقنا، وظنوا أن ذلك يؤدي إلى هلاك الشيخ فانقلبت عليهم مقاصدهم الخبيثة وانعكست من كل الوجوه، وأصبحوا وأمسوا وما زالوا عند الله وعند الناس العارفين سود الوجوه يتقطعون حسرات وندما على ما فعلوا، 

وانقلب أهل الثغر أجمعين إلى الأخ مقبلين عليه مكرمين له وفي كل وقت ينشر من كتاب الله وسنة رسوله ما تقر به أعين المؤمنين، وذلك شجي في حلوق الأعداء واتفق أنه وجد بالاسكندرية إبليس قد باض فيها وفرخ وأضل بها فرق السبعينية والعربية فمزق الله بقدومه عليهم شملهم، وشتت جموعهم شذر مذر، وهتك أستارهم وفضحهم، واستتاب جماعة كثيرة منهم، وتوب رئيساً من رؤسائهم واستقر عند عامة المؤمنين وخواصهم من أمير وقاض وفقيه، ومفتٍ وشيخ وجماعة المجتهدين، إلا من شذ من الأغمار الجهال، مع الذلة والصغار - محبة الشيخ وتعظيمه وقبول كلامه والرجوع إلى أمره ونهيه، فعلت كلمة الله بها على أعداء الله ورسوله،
 ولعنوا سراً وجهراً وباطناً وظاهراً، في مجامع الناس بأسمائهم الخاصة بهم، وصار ذلك عند نصر المنبجي المقيم المقعد، ونزل به من الخوف والذل ما لا يعبر عنه.»

وعند رجوع السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى السلطنة (ومقتل بيبرس الجاشنكير) وجه إليه فوراً في 2 شوال سنة 709 هـ يطلبه إلى مصر، فقدم ابن تيمية إليها في 8 شوال واستقبله السلطان. ثم أقام في القاهرة إلى سنة 712 هـ يفتي ويدرس فيها.


_ إقامة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمن الله في القاهرة من سنة 709 هـ/1310م إلى سنة 712 هـ/1313م :

بعد عودة ابن تيمية من مدينة الإسكندرية إلى القاهرة استقر بها مدة ثلاث سنوات، وقد بقي خلال هذه الفترة منصرفاً إلى العلم والفتيا والدراسة. 
وفي يوم 14 رجب سنة 711 هـ انفردت به جماعة بتحريض من خصومه وامتدت إليه أيديهم بالضرب، فتجمع أهالي الحسينية ليثأروا له إلا أنه ردهم وقال بعد أن ألحوا: «إما أن يكون الحق لي أو لكم، فإن كان الحق لي فهم في حل منه؛ وإن كان لكم، فإن لم تسمعوا مني ولم تستفتوني فافعلوا ما شئتم، وإن كان الحق لله، فالله يأخذ حقه إن شاء.»
 وفي نفس الشهر اعتدى عليه أحد الفقهاء بالقول إلا أن ابن تيمية سامحه.

_ كان لابن تيمية أيضاً خلال تواجده في مصر اتصال بالسلطان الناصر محمد بن قلاوون، فكان يشير عليه في بعض الأمور. وقد سأله السلطان أيضاً بعد عودته من الإسكندرية قتل بعض القضاة الذي آذوا ابن تيمية وسبق أن خلعوه من السلطنة، إلا أن ابن تيمية رفض ذلك وقال: من آذاني فهو في حِلّ، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا انتصر لنفسي. فكان ابن مخلوف المالكي يقول: ما رأينا مثل ابن تيمية حرَّضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا.


_ عودة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله 
إلى دمشق :
في شهر شوال سنة 712 هـ أعد السلطان الناصر محمد بن قلاوون جيشاً لملاقاة التتار، فخرج ابن تيمية مع الجيش بنية الجهاد، إلا أن الأخبار وصلت برجوع التتار، فترك الجيش وتوجه لمدينة دمشق فدخلها في شهر ذي القعدة بعد أن غاب عنها مدة سبع سنين.


_ سجن شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله  بسبب مسألة الحلف بالطلاق سنة 720 هـ/1320م :

عاد ابن تيمية إلى دمشق واستمر في وظيفته القديمة، فرجع للتدريس والإفتاء والتأليف، وكان استقراره عاملاً له على الانصراف للبحث والتنقيب في مسائل العقيدة ودراسة الأحكام الفقهية وفروعها بشكل خاص، وكان من نتيجة ذلك ترجيحه في بعض مسائل الأحكام ما يخالف الفقهاء.

وكانت إحدى المسائل التي خالف فيها الأئمة الأربعة والمذهب المشهور، هي "مسألة الحلف بالطلاق"، 
وقد استنكر الفقهاء ذلك، وجاهروا باستنكارهم. 

وفي منتصف شهر ربيع الأول سنة 718 هـ اجتمع به قاضي القضاة "شمس الدين بن مسلم الحنبلي"

 وأشار عليه في ترك الإفتاء بالمسألة فقبل ابن تيمية نصيحته.

وفي شهر جمادى الأولى من سنة 718 هـ وصل كتاب من السُلطان فيه منع ابن تيمية من الإفتاء في المسألة، ونودي بذلك في البلد. 

ثم عاد ابن تيمية إلى الإفتاء بذلك من جديد وقال: لا يسعني كتمان العلم. 

ولما علم السلطان أن ابن تيمية عاد للإفتاء في المسألة، أرسل كتاباً آخر، قٌرئ في يوم 29 رمضان سنة 719 هـ وفيه فصل خاص بابن تيمية يؤكد المنع، وقد أحضر ابن تيمية وعوتب في ذلك، وكان ذلك في مجلس جمع الكثير من القضاة والفقهاء.

واستمر ابن تيمية في الإفتاء في مسائل الطلاق، فانعقد مجلس في يوم 22 رجب سنة 720 هـ بدار الحكم بحضرة نائب السلطنة، واجتمع فيه القضاة والمفتون من المذاهب، وحضر ابن تيمية، وعاتبوه على العود إلى الإفتاء بالمسألة، ثم حُبس في القلعة. 
واستمر محبوساً خمسة أشهر وثمانية عشر يوماً، وأُفرج عنه بأمر من السلطان في يوم 10 محرم سنة 721 هـ.


_ مسألة شد الرحال لزيارة القبور سنة 726 هـ/1326م وموقف شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله منها :

عكف ابن تيمية من عام 721 هـ إلى عام 726 هـ، خمس سنين بالتدريس والإفتاء والتأليف والوعظ، في "مدرسة الحنبلية" أو في "المدرسة السكرية"،

 وقام في هذه الفترة بإعادة النظر في مؤلفاته ورسائلة القديمة.
 وفي سنة 726 هـ وقع الكلام في مسألة "شد الرحال وإعمال المطي إلى قبور الأنبياء والصالحين" بسبب العُثور على جواب لابن تيمية قد كتبه قبل سبع عشرة عاما، يتضمن الجواب القولين الواردين في المسألة وترجيحه لأحدهما.

 فكثر الانتقاد عليه، حتى اعتُقل في يوم 6 شعبان سنة 726 هـ بقلعة دمشق بمرسوم من السُلطان، فأظهر ابن تيمية الفرح والسرور بذلك، وقال: أنا كنتُ منتظراً لذلك، وهذا فيه خيرٌ كثير ومصلحة كبيرة. وفي 10 شعبان قرئ بجامع دمشق الكتاب السلطاني الوارد باعتقاله ومنعه من الفتيا. 

وفي منتصف شهر شعبان أمر قاضي القضاة الشافعي بحبس جماعة من أصحاب ابن تيمية في سجن الحكم، وعزر جماعة منهم على دواب، ونودي عليهم ثم أطلقوا، سوى ابن قيم الجوزية فإنه حُبس بالقلعة.

يقول ابن كثير «ثم في يوم الخميس [11 ذي القعدة 726 هـ] دخل إليه القاضي جمال الدين بن جُملة وناصر الدين مشد الأوقاف، وسألاه عن مضمون قوله في مسألة الزيارة، فَكَتَب ذلك في دَرَج وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق: "قابلتُ الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية فصح... إلى أن قال: وإنما المُحرف جعله زيارة قبر النبي ، وقبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالإجماع مقطوعاً."
 فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الإسلام، فإنَّ جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع من زيارة قبور الأنبياء والصالحين، 
وإنما فيه ذكر قولين في شدّ الرحال والسفر إلى مجرد زيارة القبور، وزيارة القبور من غير شد رحل إليها مسألة، وشد الرحل لمجرد الزيارة مسألةٌ أخرى، 

والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شدِّ رحل، بل يستحبها ويندب إليها، وكتبه ومناسكه تشهد بذلك، ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذه الوجه في الفتيا، ولا قال: إنّها معصية، ولا حكى الإجماع على المنع منها، ولا هو جاهل قول الرسول : «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» والله سبحانه لا يخفى عليه شيء ولا تخفى عليه خافية، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.»

 
_رسم لقلعة دمشق حيث سُجن شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله حتى وفاته :
وقد نقل ابن عبد الهادي في كتابه "العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" عدداً من الرسائل التي أرسلها مجموعة من العلماء من بغداد ومن الشام إلى السُلطان الناصر محمد بن قلاوون، فيها تصويب ما أجاب به ابن تيمية، 
وتبيين تحريف الرسالة التي سُجن بسببها، وقد جاء في أحد الكُتب المُرسلة من بغداد: «لما قرع أسماع أهل البلاد المشرقية والنواحي العراقية التضييق على شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية سلمه الله، عظم ذلك على المسلمين، وشق على ذوي الدين، وارتفعت رؤوس الملحدين، وجابت نفوس أهل الأهواء والمبتدعين، ولما رأى علماء أهل هذه الناحية، عظم هذه النازلة من شماتة أهل البدع وأهل الأهواء، بأكابر الفضلاء وأئمة العلماء، أنهوا حال هذا الأمر الفظيع والأمر الشنيع إلى الحضرة الشريفة السلطانية زادها الله شرفا، وكتبوا أجوبتهم في تصويب ما أجاب به الشيخ سلمه الله في فتاواه، وذكروا من علمه وفضائله بعض ما هو فيه، وحملوا ذلك إلى بين يدي مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره وضاعف اقتداءه غيرة منهم على هذا الدين ونصيحة للإسلام وأمراء المؤمنين.»


_حياة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله في السجن :

بعدما اعتُقل ابن تيمية في يوم 6 شعبان سنة 726 هـ، أظهر السرور بانتقاله إلى للقلعة. 
ولما انتقل إليها عكف على العبادة وكثرة قراءة القرآن، وعمل المطالعة وتنقيح كتبه؛ 
وقد كتب خلال هذه الفترة كثيراً من تفسير القرآن، وعمل أيضاً على التأليف، والرد على بعض المسائل، وكانت تصل إليه من الخارج الأسئلة العلمية والفقهية. ومن بين ما كتبه في الحبس رسالة اسمها "الأخنائية" في الرد على أحد القضاة المالكيين في مصر القاضي "عبد الله بن الأخنائي". 

فاشتكى القاضي للسُلطان، فأصدر السلطان مرسوماً بمصادرة جميع ما عند ابن تيمية من أدوات الكتابة والكُتب، حتى لا يستعين بها في التأليف والكتابة، وفي 9 جمادى الأولى سنة 728 هـ صودرت جميع أدوات الكتابة منه، ومنع منعاً باتاً من المطالعة، وفي مستهل شهر رجب 728 هـ حُملت مسوداته وأوراقه من المحبس إلى المكتبة العادلية الكبرى، وكانت نحو ستين مجلداً من الكتب، وأربع عشرة ربطة كراريس. ويُذكر أن ابن تيمية بعد مصادرة أدوات الكتابة منه، بدأ يكتب بالفحم على أوراق متناثرة، وقد حفظ التاريخ بعض هذه الكتابات.


_ وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
توفي ابن تيمية في 20 ذو القعدة/22 ذو القعدة سنة 728 هـ في حبسه في قلعة دمشق وقد بلغ من العمر 67 سنة بعدما استمر به مرضه قرابة الثلاثة أسابيع. 
وما أن وصل الخبر إلى أهالي دمشق، حتى اجتمع حشد كبير منهم حول القلعة، وفُتح باب القلعة لمن يدخل من الخاصة والعامة. 
وصلى عليه صلاة الجنازة بالقلعة "الشيخ محمد بن تمام" وأخرجت الجنازة بعد الصلاة، وامتلأت الطرقات بين القلعة والمسجد بالناس، وحضرت الجنازة قبل الظهر للجامع، وصُلي عليه عقب صلاة الظهر في الجامع الأموي، وقد صلى عليه "الشيخ علاء الدين الخراط". 

ووضعت الجنازة وهي في طريقها إلى المقبرة بسوق الخيل بسبب كثرة الناس فصُلي عليه هُناك، وتقدم للصلاة عليه أخوه "زين الدين عبد الرحمن"، ثم حُملت الجنازة إلى "مقبرة الصوفية" ودُفن بجانب أخيه "شرف الدين عبد الله"، وكان دفنه قبل العصر بقليل بسبب كثرة من يأتي ويصلي عليه.

و يُقدر عدد من حضر إلى جنازة ابن تيمية (حسب علم الدين البرزالي) من الرجال من بين ستين ألفاً إلى مائة ألف وإلى أكثر من ذلك إلى مائتي ألف، وقُدرت أعداد النساء بخمسة عشر ألف امرأة عدا من كن على الأسطح.
ويذكر أبو الحسن الندوي أنه قد زار القبر في سنة 1370 هـ/1956م وأن آثار مقبرة الصوفية قد زالت وقامت عليها الجامعة السورية، إلا أن قبر ابن تيمية لا يزال باقياً أمام قاعة الجامعة السورية وعمارة مستشفى الولادة.


_منهج شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
1_ منهجه العام :

الاعتماد على القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة ثم على آراء الصحابة وآثار السلف.
 وفهم النصوص على مراد الله وعلى مراد الرسول مستيعناً بفهم السلف لذلك، 

فقد كان يرى أن الشريعة أصلها القرآن وقد فسره النبي، والذين تلقوا ذلك التفسير من النبي هم الصحابة ثم ألقوها إلى التابعين. 

وقد اتصف منهجه بالاهتمام بأقوال ومفهومات السلف وعلى الأخص القرون الثلاثة الأولى.
عدم التعصب لمذهب معين، والدعوة إلى فقه في الدين ونبذ الجمود، حيث كان لا يتبع غيره في رأي له بغير دليل من القرآن والسنة النبوية وما صح عن الصحابة من الآثار وآثار السلف. وسعى ابن تيمية إلى ترك التعصب المذهبي، بسبب أن عصره كان يموج بالتعصب لدى بعض متبعي المذاهب، وما أدى إليه هذا من ركود فكري في تلك الفترة.

موافقة المعقول للمنقول وشمولية النصوص للأحكام، فلم يكن يهمل العقل والفكر في دراساته، ولم يكن يجاوز به مجاله، ولا يجعله حاكماً على نص قرآني أو حديث صحيح.

تحقيق مقاصد الشارع بجلب المصالح ودرء المفاسد، وقد أولى ابن تيمية هذا الجانب اهتماماً كبيراً حيث يتتبع ويبرز مقاصد الشارع من النصوص الشرعية، ويبين الأسباب التي رتبت عليها الأحكام، واهتم أيضاً بدرء المفاسد المتمثل بأصل سد الذرائع.

مراعاة الأصول والقواعد العامة بربط منهجه بالأصول والقواعد العامة،
 وسبب ذلك ملاحظته تفكك الأفكار واختلاف المفهومات والخطأ في المسائل الشرعية، بسبب النظرة الجزئية في الأدلة الشرعية لدى بعض الفقهاء.

التسهيل والتيسير ما لم يكن مانع شرعي بحدود ما يدركه على ضوء الأدلة الشرعية، ولا يتجه إلى هذا الجانب عند وجود دليل منع في المسألة.


_ منهج شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله 
في التفسير :

بين ابن تيمية أصوله في التفسير في كتابه "مقدمة في أصول التفسير". 

فينطلق منهجه فيه من أن النبي فسر القرآن الكريم كله، ولم يترك فيه جزءاً يحتاج إلى بيان أو تفصيل أو تقييد إلا بينه أو فصله أو قيده.

وأن الذين تلقوا ذلك البيان هم الصحابة، بسبب أن النبي كان يعلمهم إياه وأنهم هم أكثر الناس عناية بمعاني القرآن، 
وكانت طريقتهم في تعلمه هي السبب في بلوغهم درجة معرفة معانيه، مستدلاً بقول أبو عبد الرحمن السلمي: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي عشر آيات لم يتجاوزوها، حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً.» وأن من التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة.

وتتلخص أصح الطرق عند ابن تيمية في التفسير،:
 أن يفسر القرآن بالقرآن، فإن لم يجد فمن السنة النبوية، وإن لم يجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجع إلى أقوال الصحابة، 
ثم إذا لم يجد التفسير في القرآن والسنة أو في أقوال الصحابة، رجع إلى أقوال التابعين 
وإذا اختفلوا أخذ من أقوالهم من كان أقرب إلى لغة القرآن والسنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة.

ولا يأخذ ابن تيمية في التفسير إلا بالتفسير بالمأثور، فإن وجد الأثر لم يلتفت إلى سواه، 
ويأخذ في التفسير بالأخذ من الصحابة ثم التابعين ثم تابعيهم، فهو يقبل في التفسير إلى القرن الثالث الهجري،
 ويرفض الأخذ بالرأي المجرد في التفسير، ويقول في ذلك: «أما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام.»

 ويسوق لهذا الرأي الأحاديث والمرويات عن الصحابة التي تدل على توقفهم، إذا لم يجدوا حديثاً مفسراً.
 وكان حريصاً على أن يجمع الأقوال المختلفة في المسألة الواحدة، وأن يرجح بينها إذا لزم الأمر، وقد سار على هذا المنهج في غالب الأحيان، لأنه في بعض الحالات كان يترك الأمر من غير ترجيح أحدها.


_موقف شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله من الإسرائيليات :

لم يقبل ابن تيمية الإسرائيليات إلا ما قام الدليل على نقلها نقلاً صحيحاً، وكان منهجه في رواية الإسرائيليات هو الجواز المقيد بدائرة الشرع؛ فقسم الروايات الإسرائيلية إلى ثلاثة أقسام:

1_ما علمنا صحته، وذلك بتصديق شرعنا له، فهذا مقبول.
2_ما علمنا كذبه، لأن ما عندنا لا يصدقه بل يكذبه وهذا مرفوض مردود.
3_ما هو مسكوت عنه، فلا نصدقه ولا نكذبه لما ثبت عن النبي: «إذا حدثكم أهل الكتاب، فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما يحدثوكم بباطل فتصدقوه.»


_منهج شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله في الفقه :

نشأ ابن تيمية حنبلي المذهب، واستقى عن أبيه وجده الفقه وأصوله، واستفاد كثيراً من أصول أحمد بن حنبل وفقهه، ولكنه لم يلتزم في آرائه وفتاويه بما جاء عند أحمد إلا عن اقتناع وموافقة الدليل، 
فيعتبره البعض مجتهداً، ويعتبره آخرون أنه مجتهد منتسب إلى مذهب الحنابلة، لا يفتي إلا بما قام عليه الدليل، وإن خالف مذهب الحنابلة أو بقية فقهاء المذاهب الأخرى. 

ويذكر ابن رجب الحنبلي أنه تتبع فتاوى الصحابة والتابعين فصار عليماً بها، وعُني بدراسة فقه المذاهب الأخرى ووقف على آراء فقهائها واختلافهم. 

ومن أجل هذا كان يذهب في أحكامه إلى ما يقوم به الدليل دون الالتفات إلى أي مذهب، ويقول الذهبي في ذلك: «وفاق الناس في معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل بما يقول دليله عنده.» 

وكان يعتبر أن مذهب أحمد بن حنبل أمثل المذاهب الإسلامية وأقربها إلى السنة فيقول: «أحمد كان أعلم من غيره بالكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولهذا لا يكاد يوجد له قول يخالف نصاً كما يوجد لغيره، ولا يوجد في مذهبه قول ضعيف إلا وفي مذهبه قول يوافق القول الأقوى، وأكثر مفاريده التي لم يختلف فيها يكون قوله فيها راجحاً.»

كان لابن تيمية آراء خالف فيها كل المذاهب الفقهية، أو المشهور من أقوال فقهائها، فقد كان يوافق بعض أئمة المذاهب الأربعة في بعض الأحيان، وأحياناً يخالف المعروف من آرائهم ومذاهبهم، ويسمي كثير من مؤرخيه هذا بمفرداته وغرائبه في الفقه.

 ولقد لقي ابن تيمية كثيراً من المتاعب بسبب آرائه الفقهية التي انفرد بها ؟!
لأنها كانت غير مألوفة في عصره من الفقهاء وأئمة الحديث الذين أبوا عليه أن يتوغل في مسائل لم ترد في أقوال كبار الفقهاء، أو لم يجمع عليها الصحابة والتابعون حسب ظنهم. ولقد لقي بسب أحد فتاويه "المسألة الحموية" كثيراً من السخط عليه، وجادل وناظر وسجن ومُنع من الإفتاء. 

ويذكر ابن رجب الحنبلي أن العلماء في عصره كرهوا له التفرد ببعض المسائل، فيقول: «فكثير من العلماء، من الفقهاء والمحدثين والصالحين، كرهوا له التفرد ببعض شذوذ المسائل التي أنكرها السلف على من شذ بها، حتى أن بعض القضاة من أصحابنا -الحنابلة- منعه من الإفتاء ببعض ذلك.»

 ويذكر ابن قيم الجوزية أن ابن تيمية لم ينفرد عن غيره بمسائله ولم يخالف الإجماع، فهو يقول أنه لا يعرف مسألة خرق ابن تيمية فيها الإجماع، 

ويقول أن ما نسب إلى ابن تيمية أنه خالف فيه الإجماع ينقسم إلى أربعة أقسام، فيقول:

الأول: 
ما يستغرب جداً، فينسب إليه أنه خالف الإجماع لندور القائل به وخفائه على الناس، لحكاية بعضهم الإجماع على خلافه.

الثاني:
 ما هو خارج من مذاهب الأئمة الأربعة، وقال به بعض الصحابة، أو التابعين، أو السلف، والخلاف فيه محكي.

الثالث:
 ما اشتهرت نسبته إليه، مما هو خارج عن مذهب الإمام أحمد، لكن قد قال به غيره من الأئمة وأتباعهم.

الرابع:
 ما أفتى به واختاره، مما هو خلاف المشهور في مذهب أحمد، وأن محكياً عنه وعن بعض أصحابه، وأهم الأقوال التي اشتد فيه النزاع، وادعى خصومه أنه خرق بها الإجماع هي المسائل التالية: الطلاق، والوسيلة، وشد الرجال إلى غير المساجد الثلاثة، حرم مكة، والمدينة والمسجد الأقصى.
   
وكان ابن تيمية لا يرى أن الحق في مذهب معين ولا يخرج عنه، ويعتقد أن كل الأئمة بحثوا عن الحق وكل منهم اجتهد في طلبه، ويذكر محمد أبو زهرة في ذلك أن ابن تيمية قرر ثلاثة أمور في هذا الموضوع:

أولها:
 أنه يقدر الأئمة الأربعة من ناحية منازلهم الفقهية، وأن ذلك بدا في دراساته المختلفة لآراء الفقهاء والموازنة بينها، واختياره أمثلها للعمل، وكان يبدي تقديره لآرائهم التي يعتقد أنها خطأ أو صواب، وألف في ذلك رسالة سماها "رفع الملام عن الأئمة الأعلام".

والثاني: 
أنه يوصي الفقيه المحقق ألا يلتزم مذهباً معيناً إذا وجد الحق في غيره، وأن لا يتعصب لأحد المذاهب. ويقسم ابن تيمية الناس ثلاثة أقسام في مسألة أن يترك الشخص مذهباً قلده لما يظنه الحق في غيره، 

فالقسم الأول: من يتبين له رجحان قول آخر على قول إمامه الذي التزم مذهبه، وهو يعرف الأدلة التفصيلية، ويدرك الراجح والمرجوح، وعنده أدوات الموازنة، ومعرفة الأحكام من النصوص والأقيسة، فهذا يكون الواجب عليه أن يتبع الحق حسب قوله. والقسم 

الثاني: هو الشخص الذي ليس قدرة على الاستنباط، وهذا لا يتبع الدليل بل يتبع رجلاً مجتهداً، ولا ينتقل من رأي إلى رأي إلا تبعاً لغيره، ويقول: «بأن يرى أحد الرجلين أعلم بتلك من الآخر، أو اتقى الله فيما يقول، فيرجع عن قول لمثل هذا، فهذا يجوز، بل يجب، وقد نص على ذلك الإمام أحمد.» والقسم الثالث: من ينتقل من مذهب إلى مذهب من غير دليل إن كان من أهل الاستدلال أو من غير مقصد ديني إن كان من العامة، بل ينتقل لهوى ومصلحة، ومن غير عذر شرعي، وطلباً لليسر، فابن تيمية يذكر أن أحمد بن حنبل وغيره قد نهوا عنه، لأنه عبث بالمذاهب والشريعة.

والثالث: أن يترك المذاهب كلها إذا وجد حديثاً يخالفها، فقد كان ابن تيمية يترك المذهب إذا وجد حديثاً نبوياً يخالف قول أحد الأئمة، ويأخذ بالحديث.


_ أصول الشيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:
لم يكن ابن تيمية صاحب مذهب فقهي معروف باسمه، 

وإنما كان يرجع في أصوله إلى مذهب أحمد بن حنبل ليستنبط منه أحكامه،

 لذلك كانت أصوله في مجملها هي أصول أحمد بن حنبل. 

وأصول أحمد هي: الكتاب والسنة النبوية والإجماع والقياس والاستصحاب والمصالح المرسلة.
 وعند عدم الوقوع على النص كان يلجأ إلى فتوى الصحابة، وإذا تعددت آراء الصحابة في المسألة الواحدة كان يلجأ إلى اختيار أقربها إلى الكتاب والسنة



_الآراء الفقهية والعقدية لشيخ الإسلام ابن تيمية                    _رحمه الله :

التوحيد في الإسلام
يعرف ابن تيمية التوحيد :
بأنه إفراد الله بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات، أي الإقرار بأن الله هو المدبر لجميع الأمور، وأن تُصرف جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له، وإثبات ما أثبته الله لنفسه من صفات الكمال، ونفي عنه ما نفاه عن نفسه من صفات النقص. 

وبين ابن تيمية أن أعلى أصول الإيمان وأفضلها هو التوحيد وهو شهادة أن لا إله إلا الله حيث أمر الله بها جميع خلقه وأرسل به رسله. 

فيقول ابن تيمية: «فإنَّ التوحيد الواجب أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، فلا نجعل له نداً في ألوهيته، ولا شريكاً، ولا شفيعاً.»
 ويقول: «فلا بد للعبد أن يثبت لله، ما يجب إثباته له، من صفات الكمال، وينفي عنه ما يجب نفيه مما يضاد هذه الحال، ولا بد له في أحكامه من أن يثبت خلقه وأمره، فيؤمن بخلقه المتضمن كمال قدرته، وعموم مشيئته ويثبت أمره، المتضمن بيان ما يحبه ويرضاه من القول والعمل، ويؤمن بشرعه وقدره، إيماناً خالياً من الزلل، وهذا يتضمن توحيده في عبادته وحده.

ويبين أن ذكر الله لصفاته في القرآن ليس مقصوراً على وجوب إفراده بصفات الكمال فحسب بل دلت أيضاً على وجوب إفراده بالعبادة ويقول في ذلك:
 «والله سبحانه لم يذكر هذه النصوص لمجرد تقرير صفات الكمال له؛ بل ذكرها لبيان أنه المستحق للعبادة دون ما سواه، 
فأفاد الأصلين اللذين بهما يتم التوحيد: وهما إثبات صفات الكمال رداً على أهل التعطيل وبيان أنه المستحق للعبادة لا إله إلا هو رداً على المشركين. 
والشرك في العالم أكثر من التعطيل; 

ولا يلزم من إثبات "التوحيد" المنافي للإشراك إبطال قول أهل التعطيل، ولا يلزم من مجرد الإثبات المبطل لقول المعطلة الرد على المشركين إلا ببيان آخر.» 

ويدخل في التوحيد جميع أعمال العبادة المطلوبة شرعاً، سواء كانت أعمال قلوب أو جوارح، 
مثل:
 عبادة الله ومحبته، والتوكل عليه، وخشيته، ودعائه، 

فيعرف ابن تيمية العبادة: 
«العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة.»


_أقسام التوحيد عند شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله   :
لابن تيمية في تقسيم التوحيد طريقتان:
_  طريقة إجمالية  _وطريقة تفصيلية:

1_ الطريقة الإجمالية: 
ينقسم التوحيد إجمالاً إلى قسمين:

_التوحيد القولي العلمي:
 ويسميه تلميذه ابن القيم "توحيد المعرفة والإثبات"، وهذا التوحيد يشمل توحيد الله بربوبيته وتوحيده بإثبات أسمائه وصفاته.

 وقد سمي بالقولي لأنه مقابل لتوحيد الألوهية الذي يشكل الجانب العملي من التوحيد.

_التوحيد القصدي العملي: أو "الإرادي العملي" أو "توحيد القصد والعمل" أو "توحيد القصد والطلب"، :

وهو ما يقابل توحيد الألوهية. 
وسمي بالعملي لأنه يشمل كلاً من عمل القلب وعمل اللسان وعمل الجوارح التي تشكل جانب العمل من التوحيد.

2_ الطريقة التفصيلية: 
ويقسم ابن تيمية التوحيد تفصيلياً إلى ثلاثة أقسام:

_ توحيد الألوهية: ومعناه إفراد الله وحده بالعبادة، ويقول ابن تيمية: «فهذا التوحيد الذي في كتاب الله: هو توحيد الألوهية، وهو أن لا تجعل معه ولا تدعو إلهاً غيره.»

_ توحيد الربوبية: عرف ابن تيمية توحيد الربوبية بقوله :" فهو سبحانه خالق كل شيء، وربه، ومليكه، لا خالق غيره، ولا رب سواه، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فكل ما في الوجود، من حركة وسكون فبقضائه وقدره ومشيئته وقدرته وخلقه."

_توحيد الأسماء والصفات: 
ومعناه: إفراد الله والإيمان بأسمائه وصفاته كما ورد في الكتاب والسنة، والنقول الصحيحة عن السلف. وإثباتها دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.

ويعترض البعض على ابن تيمية بأنه ابتدع بتقسيم التوحيد، وأنه تقسيمه هذا يقضي على الوحدة الموضوعية المفهومة من كلمة توحيد، وأنه لم يرد في الكتاب والسنة ولا في عصر السلف. 

وأن الهدف من هذا التقسيم ؟!
هو تشبيه المسلمين بالكفار الذين لا يمشون على منهج السلف، وتكفيرهم بدعوى أنهم وحدوا توحيد الربوبية ولم يوحدوا توحيد الألوهية. إلا أنه في المقابل يذكر آخرون أن هذا التقسيم قديم،
 وقد عمل عليه بعض علماء السلف، إلا أن عباراتهم تختلف من شخص إلى آخر، 

مثل أبو يوسف صاحب أبي حنيفة وكما صرح بهذا التقسيم أبو جعفر الطحاوي وابن بطة وابن جرير الطبري وقرره ابن القيم وغيرهم من العلماء.


_ الأسماء والصفات عند شيخ الإسلام
 ابن تيمية _رحمه الله :
يذهب ابن تيمية مذهب أهل الحديث في أسماء الله وصفاته، حيث يُثبت لله ما جاء في القرآن والسنة النبوية من أسماء وصفات من غير تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل،

فيقول: «فما وصف الله من نفسه وسماه على لسان رسوله سميناه كما سماه، ولم نتكلف منه صفة ما سواه - لا هذا ولا هذا - لا نجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يصف.»،

ويقول: «وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.»،

وقد عارض ابن تيمية في كتبه ورسائله أقوال الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة والجهمية والمعطلة في هذه المسألة، 

حيث يثبت صفات المعاني والأفعال 
مثل: المحبة والغضب والرضا والضحك، كما يثبت الصفات السمعية مثل اليد والوجه والعين والنزول والاستواء وأن الله فوق العرش والعلو والفوقية وغيرها،

ويقول فيها بإثبات الصفة ونفى علم الكيفية، وقد ألف في ذلك بيان تلبيس الجهمية ودرء تعارض العقل والنقل وغير ذلك، وقرر الصفات بعدة ردود منها:

أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فلا فرق بين صفات المعاني والصفات الأخرى، فكلها ثبُتَت بالقرآن والسنة، 
فيقول: «والراسخون في العلم - الواقفون حيث انتهى علمهم الواصفون لربهم بما وصف من نفسه التاركون لما ترك من ذكرها - لا ينكرون صفة ما سمي منها جحدًا ولا يتكلفون وصفه بما لم يسم تعمقا؛ 
لأن الحق ترك ما ترك وتسمية ما سمى ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا وهب الله لنا ولكم حكما وألحقنا بالصالحين.».

أن عدم دلالة العقل على إحدى الصفات لا يدل على نفيها، إذ أنها تثبت بدليل آخر وهو السمع والنص الشرعي، فيجب إثبات ما ثبت بدليل ما دام 
لا معارض له.

أن صفات الأفعال من الكمال، ولو لم يتصف بها لكان ذلك من النقص.

وأن إثبات الصفات لا تمثيل فيه أصلًا، فإن من صفاته أنه ليس له شبيه ولا مثيل وذلك يسري على جميع الصفات، وأن نافي الصفات يهرب من التشبيه بالموجودات إلى التشبيه بالمعدومات.

كما رد ابن تيمية على المشبِّهة، وحكى اتفاق السلف على ذمهم، فقال: «فلا ريب أن أهل السنة والجماعة والحديث وغيرهم متفقون على تنزيه الله تعالى عن مماثلة الخلق، وعلى ذم المشبهة الذين يشبهون صفاته بصفات خلقه، ومتفقون على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.»،

ولكنه يرى أن نفاة الصفات غالبًا ما يطلقون لفظ المشبهة على مثبتي الصفات.


_ قواعد الاستدلال عند شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله  في هذا الباب :
وجوب معرفة الله بأسمائه وصفاته بالسمع لا بالعقل، فيقول:
 «ومن الوجوه الصحيحة أن معرفة الله بأسمائه وصفاته على وجه التفصيل لا تعلم إلا من جهة الرسول عليه الصلاة والسلام إما بخبره واما بخبره وتنبيهه ودلالته على الأدلة العقلية.» 
ثم ردَّ على كلام الرازي في قوله بدلالة العقل.
لا يُتجاوز القرآن والحديث في باب الأسماء والصفات، فيقول: «ثم القول الشامل في جميع هذا الباب:
 أن يوصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث؛ 

قال الإمام أحمد رضي الله عنه: «لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوز القرآن والحديث.» 

ومذهب السلف: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ويعلم أن ما وُصِفَ الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجي،
 بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم به، لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول، وأفصح الخلق في بيان العلم وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد، 
وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله».


_ أسماء الله وصفاته تثبت بخبر الآحاد قول شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله  :
فيقول: «الظواهر إذا تعاضدت على مدلول واحد صار قطعيًا كأخبار الآحاد إذا تواردت على معنى واحد صار تواترًا، فإن الظنون إذا كثرت وتعاضدت صارت بحيث تفيد العلم اليقيني، وهذه النصوص كذلك -
أي نصوص الفوقية -»، 

وعارض قول الأشاعرة والمعتزلة والمتكلمين بعدم الاحتجاج بخبر الآحاد في مسائل الاعتقاد بشبهة عدم اليقين.

وجوب إثبات نصوص الصفات وإجرائها على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشبيه عنها،

واستشهد بكلام أبو سليمان الخطابي والخطيب البغدادي في ذلك

 وقال: «مذهب السلف في آيات الصفات وأحاديث الصفات إجراؤها على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشبيه عنها، وقالا في ذلك: إن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات يحتذى فيه حذوه ويتبع فيه مثاله؛ فإذا كان إثبات ذاته إثبات وجود لا إثبات كيفية؛ 
فكذلك إثبات صفاته إثبات وجود لا إثبات كيفية؛ فلا نقول: إن معنى اليد القدرة ولا إن معنى السمع العلم، هذا كلامهما».

ظاهر نصوص الصفات ما يتبادر إلى العقل السليم من المعاني، وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام،فيقول: «ومما دل عليه السياق هو ظاهر الخطاب».

_ الإجماع حجة في باب الأسماء والصفات،
 قال: «أما الاعتقاد: فلا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني؛ بل يؤخذ عن الله ورسوله وما أجمع عليه سلف الأمة؛ فما كان في القرآن وجب اعتقاده وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم».

الفطر السليمة موافقة لما جاءت به الشريعة من إثبات أسماء الله وصفاته، فيقول: «والله قَدْ فطر العباد – عربهم وعجمهم - عَلَى أنّهم إِذَا دعوا الله توجّهت قلوبهم إِلَى العلوّ، وَلاَ يقصدونه تحت أرجلهم.».

كل ما اتصف به المخلوق من صفات كمال لا نقص فيها فالخالق أولى بها، وكل ما ينزه عنه المخلوق من صفات نقص لا كمال فيها فالخالق أولى بالتنزه عنها،

ويوضح ذلك قائلًا: «والرب تعالى أحق بتنزيهه عن كل عيب ونقص منكم، فإن له المثل الأعلى، فكل كمال ثبت للمخلوق، فالخالق أحق بثبوته منه إذا كان مجردًا عن النقص، وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص وعيب، فالخالق أولى بتنزيهه عنه.»

دلالة الأثر على المؤثر حجة في باب الأسماء والصفات،
 قال: «وأما الطريق الأخرى في إثبات الصفات وهي: الاستدلال بالأثر على المؤثر، وأن من فعل الكامل فهو أحق بالكمال.»،
 ويُسمى ذلك بقياس الغائب على الشاهد.
المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط،

فيقول: «ما علم بصريح العقل لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة، بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط. 

وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه، فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها، بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموفق للشرع. 

وهذا تأملته في مسائل الأصول الكبار كمسائل التوحيد والصفات، ومسائل القدر والنبوات والمعاد وغير ذلك، ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط، بل السمع الذي يقال إنه يخالفه:

 إما حديث موضوع، أو دلالة ضعيفة، فلا يصلح أن يكون دليلاً لو تجرد عن معارضة العقل الصريح، فكيف إذا خالفه صريح المعقول؟».


_ القضاء والقدر عند شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :

عقيدة ابن تيمية في القضاء والقدر كعقيدة أهل السنة والجماعة، فيقول بخلق أفعال العباد وأنهم مع ذلك لهم مشيئة وقدرة أعطاهم إياها الله؛ 

فهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله، فيقول: «ذهب أهل السنة والجماعة في هذا الباب ما دلَّ عليه الكتاب والسنة، وكان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان:

 وهو أنَّ الله خالق كلّ شيء ومليكه، وقد دخل في ذلك جميع الأعيان القائمة بنفسها وصفاتها القائمة بها من أفعال العباد وغير أفعال العباد. 
وأنه سبحانه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون شيء إلا بمشيئته وقدرته، لا يمتنع عليه شيء شاءَه، بل هو القادر على كل شيء ولا يشاء شيئاً إلا وهو قادر عليه. وأنه سبحانه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وقد دخل في ذلك أفعال العباد وغيرها، وقد قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم: قدر آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم وكتب ذلك، وكتب ما يصيرون إليه من سعادة وشقاوة.

 فهم يؤمنون بخلقه لكل شيء، وقدرته على كل شيء، ومشيئته لكل ما كان، وعلمه بالأشياء قبل أن تكون، وتقديره لها، وكتابته إياها قبل أن تكون .. 

ومما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها مع إيمانهم بالقضاء والقدر وأن الله خالق كل شيء، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأن العباد لهم مشيئة وقدرة، يفعلون بقدرتهم ومشيئتهم ما أقدرهم الله عليه مع قولهم: إن العباد لا يشاؤون إلا أن يشاء الله.»

كما ردّ على الجبرية والقدرية وهاجم عقيدتهم في القدر، فقال عن الجبرية: «وإن هؤلاء القدرية الجبرية الجهمية أهل الفناء في توحيد الربوبية، حقيقة قولهم من جنس قول المشركين الذين قالوا: ﴿لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾»،
 
وقسَّم ابن تيمية القدرية إلى ثلاثة أصناف أسماهم: 1_قدرية مشركية 
2_وقدرية مجوسية
3_ وقدرية إبليسية.


_الإيمان  عند شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
يقرر ابن تيمية أن الإيمان :
قول وعمل يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وأنه قول القلب وعمل القلب، ثم قول اللسان وعمل الجوارح. 

قال:ابن تيمية أجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، 
ومعنى ذلك: أنه قول القلب وعمل القلب، ثم قول اللسان وعمل الجوارح. 
فأما قول القلب: فهو التصديق الجازم بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ويدخل فيه الإيمان بكل ما جاء به الرسول .

 ثم الناس في هذا على أقسام:
_منهم من صدق به جملةً ولم يعرف التفصيل.
_ومنهم من صدق جملةً وتفصيلاً.
_ثم منهم من يدوم استحضاره وذكره لهذا التصديق -مجملاً أو مفصلاً-
_ ومنهم من يغفل عنه ويذهل، 
_ومنهم من استبصر فيه بما قذف الله في قلبه من النور والإيمان، 
_ومنهم من جزم به لدليل قد تعترض فيه شبهة، أو تقليد جازم. 

وهذا التصديق يتبعه عمل القلب، وهو حب الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعظيم الله ورسوله وتعزير الله ورسوله وتوقيره، وخشية الله والإنابة إليه والإخلاص له والتوكل عليه، إلى غير ذلك من الأحوال.

 فهذه الأعمال القلبية كلها من الإيمان، وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد إيجاب العلة المعلول. ويتبع الاعتقاد قول اللسان، ويتبع عمل القلب عمل الجوارح من الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك.

   
_ الإمامة عند شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله  :
يرى ابن تيمية أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، ولا بد لحراسة الدين من رأس.

 وأن اختيار الحاكم يحصل بالطرق الفقهية التي ذكرها الفقهاء مثل البيعة والاستخلاف، أو بالقهر والغلبة كما هو عند البعض،

 كما يرى أن أساس الاختيار يحصل لمن له القدرة والسلطان ومن وافقه أهل الشوكة، ولا يرى اشتراط عدد من أهل الحل والعقد لصحة البيعة،

فيقول: «ليس هذا قولَ أئمَّة أهل السُّنة، وإنْ كان بعض أهل الكلام يقولون: إنَّ الإمامة تنعقِد ببيعةِ أربعة، كما قال بعضُهم: تنعقد ببيعة اثنين،

 وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليستْ هذه أقوالَ أئمَّة السُّنة، بل الإمامة عندهم تثبُت بموافقة أهل الشَّوكة عليها، ولا يَصير الرجلُ إمامًا حتى يوافقَه أهلُ الشوكة عليها، الذين يحصُل بطاعتهم له مقصودُ الإمامة؛
 فإنَّ المقصودَ من الإمامة إنَّما يحصُل بالقُدرة والسُّلطان، فإذا بُويع بيعةً حصلَتْ بها القدرةُ والسُّلطان، صار إمامًا.»

ويرى ابن تيمية أن صفات الإمام وشروط الولاية ترتكز على ركنين هما : القوة والأمانة، 
وأن الغرض من الإمامة والخلافة هو إصلاح دين الخلق، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلاّ به من أمر دنياهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

_ الأولياء عند شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
يرى ابن تيمية أن كرامات الأولياء حق باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة لكن كثيرًا ممن يدعيها أو تدعى له يكون كذابًا أو ملبوسًا عليه،

أنه ليس من شرط الولي أن يكون معصومًا لا يخطئ، بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة،
 ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين،

 ويرى ابن تيمية أن كثيرًا مما يظن الناس أنها كرامات تكون من تلبيسات الشيطان،

فيُروى عنه أن بعض الناس قال له: «لقد كنا في طريق بعيد فوقع علينا كرب، فاستغثنا بك فجئت إلينا وأنقذتنا، فقال لهم: أنا لم آت، وهذه من تلبيسات الشيطان. فقال بعضهم: ربما يكون هذا ملك من الملائكة تصور بصورتك؛ لينفعنا وينقذنا، فقال لهم: هذا شيطان وليس بملك؛
 لأن الملائكة لا يكذبون، وإنما الذي يدعي أنه فلان وليس هو؛ هو الشيطان.»،
 وقد ألف في ذلك كتابًا وهو الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.


_ التوسل عند شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :
يقول ابن تيمية بعدم جواز التوسل والاستغاثة بذوات الأنبياء والصالحين،

 فيقول: «والسائل لله بغير الله إما أن يكون مقسما عليه، وإما أن يكون طالبا بذلك السبب، كما توسل الثلاثة في الغار بأعمالهم، وكما يتوسل بدعاء الأنبياء والصالحين.

 فإن كان إقساما على الله بغيره:
 فهذا لا يجوز، 
وإن كان سؤالًا بسبب يقتضى المطلوب، كالسؤال بالأعمال التي فيها طاعة الله ورسوله،
 مثل السؤال بالإيمان بالرسول ومحبته وموالاته ونحو ذلك: فهذا جائز،
 وإن كان سؤالا بمجرد ذات الأنبياء والصالحين:
 فهذا غير مشروع، 
وقد نهى عنه غير واحد من العلماء، وقالوا: إنه لا يجوز. ورخص فيه بعضهم، والأول أرجح كما تقدم.»،

ويستدل على ذلك بقول أبي حنيفة النعمان وأصحابه فيقول: «التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته، فهذا هو الذي لم يكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا غير قبره ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة، أو عمن ليس قوله حجة ـ كما سنذكر ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ وهذا هو الذي قال أبو حنيفة وأصحابه إنه لا يجوز ونهوا عنه، حيث قالوا لا يسأل بمخلوق ولا يقول أحد أسألك بحق أنبيائك.»،

وقد ألف ابن تيمية في ذلك عدة كتب منها: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة،

والرد على البكري والرد على الأخنائي، وأثارت هذه المسألة حفيظة عدد من الشيوخ خاصةً علماء الصوفية، حيث كفَّر البكري ابن تيمية على إثرها، وألف يوسف النبهاني شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق، وألف السبكي كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام.


_ زيارة القبور وشد الرحال لها عند شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله :

كان ابن تيمية ينهى عن شد الرحال لغير المساجد الثلاث سواء كان لمساجد أو مشاهد أو قبور أو أي بقعة بغرض العبادة والتعظيم،

 فيقول: «وأما السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة فغير مشروع اتفاقاً، وحرمه الجمهور، مع أن المساجد أحب البقاع إلى الله»،

ويقول: «هذا النهي يعم السفر إلى المساجد والمشاهد، وكل مكان يقصد السفر إلى عينه للتقرب،
 بدليل أن بصرة بن أبي بصرة الغفاري لما رأى أبا هريرة راجعًا من الطور الذي كلم الله عليه موسى قال: «لو رأيتك قبل أن تأتيه لم تأته؛ 

لأن النبي قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»، فقد فهم الصحابي الذي روى الحديث: أن الطور وأمثاله من مقامات الأنبياء مندرجة في العموم، وأنه لا يجوز السفر إليها، كما لا يجوز السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة.».

كما كان يرى عدم جواز شد الرحال لمجرد زيارة قبر النبي من غير إرادة إتيان المسجد للصلاة فيه،
 واستدل بقول مالك بن أنس ونهيه عن ذلك فيقول في مجموع فتاويه: «وسئل مالك عن رجل نذر أن يأتي قبر النبي، فقال مالك: إن كان أراد القبر فلا يأته وإن أراد المسجد فليأته ثم ذكر الحديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، ذكره القاضي إسماعيل في مبسوطه»،

وقد شاع أن ابن تيمية يمنع زيارة القبور مطلقًا،
 فألف ابن تيمية في ذلك رسائل منها الرد على الأخنائي والرد على البكري.

ويقسِّم ابن تيمية زيارة القبور عمومًا سؤاء بشد رحال أو بدونه إلى زيارة شرعية وزيارة بدعية، 
فقال:
«فالزيارة الشرعية: أن يكون مقصود الزائر الدعاء للميت، كما يقصد بالصلاة على جنازته الدعاء له؛ فالقيام على قبره: 
من جنس الصلاة عليه...

 وأما الزيارة البدعية: فهي التي يُقصد بها أن يُطلب من الميت الحوائج، أو يطلب منه الدعاء، والشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره؛ لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء، فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي ولا فعلها الصحابة».


_مسألة بقاء النار وفنائها عند شيخ الإسلام ابن تيمية              _رحمه الله:
يصرّح ابن تيمية في كتبه بأن النار لا تفنى، وأنها ليس لها آخر، فذكر ذلك في كتابه درء تعارض العقل والنقل فقال: 
«وقال أهل الإسلام جميعاً: ليس للجنة والنار آخر، وإنهما لا تزالان باقيتين، وكذلك أهل الجنة لا يزالون في الجنة يتنعمون، وأهل النار في النار يعذبون، ليس لذلك آخر.»،

وقال في بيان تلبيس الجهمية: «وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا ينفى بالكلية، كالجنة والنار والعرش.»،

وذكر مثل ذلك في مجموع الفتاوى، وطُبع حديثًا رسالة لابن تيمية أصلها مخطوطة عُثر عليها ضمن مخطوطات دار الكتب المصرية بعنوان "الرد على من قال بفناء الجنة والنار".

وبالرغم من ذلك إلا أنه قد اشتُهِرَ أن ابن تيمية يقول بفناء النار، وكان من أسباب اشتهار ذلك ما ألفه تقي الدين السبكي بعنوان "الاعتبار ببقاء الجنة والنار في الرد على ابن تيمية وابن القيم القائلين بفناء النار"، حيث نسب إلى ابن تيمية القول بذلك،

 كما من أسباب اشتهار أن ابن تيمية يقول بفناء النار ما ذكره ابن القيم في حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، حيث جمع أقوال المؤيدين والمعارضين لهذه المسألة، وأشار إلى أن ابن تيمية قد حكى بعض هذه الأقوال.

لذلك ذكر بعض الباحثين أن ابن تيمية كان يقول بفناء النار في أول حياته ثم تبين له خلافه ورجع عنه، وذهب آخرون أنه لم يقل ذلك مطلقًا، وذهب آخرون، خاصةً معارضوه، أنه يقول بفناء النار.


_ الطائفة الممتنعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله  :
يرى ابن تيمية أن أيما طائفة ذات شوكة انتسبت إلى الإسلام وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة 

مثل: الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق، أو الربا أو الميسر، أو عن الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام؛

فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين حتى يكون الدين كله لله كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة مانعي الزكاة في حروب الردة، حتى وإن نطقوا بالشهادتين وادعوا الإسلام، أمَّا إذا بدأوا المسلمين بالقتال فيتأكد قتالهم،

وأنَّ أعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها مشتركون في الثواب والعقاب؛
 لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد.

وقد أفتى بناءً على ذلك بقتال التتار الذين حكموا بلاد المسلمين لأنهم ادعوا الإسلام ولا يصلون ولا يزكون، فقال: «التتار وأشباههم أعظم خروجًا عن شريعة الإسلام من مانعي الزكاة والخوارج، فمن شك في قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام».

 وعندما وقعت مدينة ماردين تحت حكم التتار، أفتى بعدم جواز معاونة التتار بأي شكل، وأن البلدة لا تعتبر في هذه الحالة دار إسلام ولا دار كفر بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه.


_الآراء والمواقف حول شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله للمؤيدون له من علماء المسلمين :

كان لابن تيمية مؤيدون وتلاميذ كثر أثنوا عليه، كما أثنى عليه عدد من علماء عصره، وأُلِّفت الكتب في الثناء عليه ومناقبه منها: 
الرد الوافر لابن ناصر الدمشقي، والأعلام العلية في مناقب ابن تيمية لأبي حفص البزار، والعقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي، والرسالة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية لمرعي الكرمي، وغاية الأماني في الرد على النبهاني لمحمود شكري الآلوسي، وغيرها، ومن ثناء العلماء عليه:

قال ابن دقيق العيد: «لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلا العلوم كلها بين عينيه يأخذ منها ما يريد ويدع ما يريد.»

قال ابن سيد الناس: «وهو الذي حداني - يقصد جمال الدين المزي - على رؤية الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، فألفيته ممن أدرك من العلوم حظا وكاد أن يستوعب السنن والآثار حفظا، إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته أو ذاكر في الحديث فهو صاحب علمه وذو روايته أو حاضر بالملل والنحل لم ير أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من درايته.»

قال ابن الوردي: «تركت التعصب والحمية وحضرت مجالس ابن تيمية فإذا هو بيت القصيدة وأول الخريدة علماء زمانه، فلك هو قطبه، وجسم هو قلبه يزيد عليهم زيادة الشمس على البدر والبحر على القطر.»

قال بدر الدين العيني: «من قال إنه كافر فهو كافر حقيق ومن نسبه إلى الزندقة فهو زنديق.»

قال جمال الدين المزي: «ما رأيت مثله ولا أرى هو مثل نفسه وما رأيت أحدًا أعلم بكتاب اللَّه وسنة رسوله ولا أتبع لهما منه.»

قال أبو عبد الله بن الحريري: «إن لم يكن ابن تيمية شيخ الإسلام فمن هو؟»

قال الذهبي: «هو شيخنا وشيخ الإسلام، وفريد العصر علمًا ومعرفةً وشجاعة وذكاءً وتنويرًا إلهيًّا وكرمًا ونصحًا للأمَّة وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر .. وحصَّل ما لم يحصله غيره.»

قال ابن حجر العسقلاني: «لو لم يكن للشيخ تقي الدين إلا تلميذه الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته.»

قال أبو البقاء السبكي: «والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به.»

قال ابن قيم الجوزية: «شيخ الاسلام والمسلمين القائم ببيان الحق ونصرة الدين الداعي إلى الله ورسوله المجاهد في سبيله الذي أضحك الله به من الدين ما كان عابسا وأحيا من السنة ما كان دارسا والنور الذي أطلعه الله في ليل الشبهات فكشف به غياهب الظلمات وفتح به من القلوب مقفلها وأزاح به عن النفوس عللها فقمع به زيغ الزائغين وشك الشاكين وانتحال المبطلين وصدقت به بشارة رسول رب العالمين يقول إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، وبقوله: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين.»

وقال أيضًا في نونيته:
ولأي شيء كان أيضًا خصمكم شيخ الوجود العالم الحراني
أعني أبا العباس ناصر سنة المختـ ـار قامع سنة الشيطان
والله لم يك ذنبه شيئًا سوى تجريده لحقيقة الإيمان
إذ جرد التوحيد عن شرك كذا تجريده للوحي عن بهتان
فتجرد المقصود عن قصد له فلذاك لم ينصف إلى إنسان
ما منهم أحد دعا لمقالة غير الحديث ومقتضى الفرقان
فالقوم لم يدعو إلى غير الهدى ودعوتم أنتم لرأي فلان
شتان بين الدعوتين فحسبكم يا قوم ما بكم من الخذلان

قال ابن الزملكاني عنه:
ماذا يقول الواصفون له وصفاته جلت عن الحصر
هو حجة الله قاهرة هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية في الخلق ظاهرة أنوارها أربت على الفجر

وقال الصفدي:
سُبحان من سخَّر قَلبَ الورى لقوله طوعاً وقد قيَّضا
قد أجمعَ النّاسُ على حُبِّه ولا اعتبارَ بالذي أبغضا
كما مدحه ابن رجب الحنبلي وابن مفلح المقدسي وابن كثير الدمشقي وشهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري وعلم الدين البرزالي وكثير من أعلام الحنابلة وغيرهم.

وقد اشتُهر تلقيبه بـ شيخ الإسلام، واشتهر هذا اللقب له عند معاصريه ومن جاؤوا بعده من العلماء والعوام، وجاء في معنى هذا اللقب من قاله ابن ناصر الدين الدمشقي: 

«منها: أنه شيخ في الإسلام قد شاب، وانفرد بذلك عمن مضى من الأتراب، وحصل على الوعد المبشر بالسلامة: "أنه من شاب شيبة في الإسلام فهي له نور يوم القيامة". 

ومنها: ما هو في عرف العوام أنه: العُدَّة، ومفزعهم إليه في كل شدة.

 ومنها: أنه شيخ الإسلام بسلوكه طريقة أهله، قد سلم من شر الشباب، وجهله؛ فهو على السنة في فرضه، ونفله. 

ومنها: شيخ الإسلام بالنسبة إلى درجة الولاية، وتبرك الناس بحياته، فوجوده فيهم الغاية.

 ومنها: أن معناه المعروف عند الجهابذة النقاد، المعلوم عند أئمة الإسناد: أن مشايخ الإسلام، والأئمة الأعلام، هم المتبعون لكتاب الله عز وجل، المقتفون لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين تقدموا بمعرفة أحكام القرآن، ووجوه قراآته، وأسباب نزوله، وناسخه ومنسوخه، والأخذ بالآيات المحكمات، والإيمان بالمتشابهات، قد أحكموا من لغة العرب ما أعانهم على علم ما تقدم، وعلموا السنة نقلاً، وإسناداً، وعملاً بما يجب العمل به، وإيماناً بما يلزم من ذلك، اعتقاداً، واستنباطاً للأصول، والفروع من الكتاب والسنة، قائمين بما فرض الله عليهم، متمسكين بما ساقه الله من ذلك إليهم، متواضعين لله العظيم الشان، خائفين من عثرة اللسان، لا يدعون العصمة، ولا يفرحون بالتبجيل، عالمين أن الذي أوتوا من العلم قليل، فمن كان بهذه المنزلة: حُكِمَ بأنه: إمام، واستحق أن يقال له: شيخ الإسلام.»

وقد اورد ابن ناصر الدين الدمشقي أيضاً في كتابه الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر سبعة وثمانين ترجمة لأكابر العلماء في عصر ابن تيمية وبعد عصره ممن أطلقوا هذا اللقب عليه.

وسبب تأليفه لهذا الكتاب بسبب أن هناك من قال: «من سمّى ابن تيمية شيخ الإسلام كان كافراً، لا تصح الصلاة وراءه».

وذكر ابن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب في أخبار من ذهب، قصيدة أبي حيان النحوي التي أنشدها لابن تيمية لما دخل مصر واجتمع به وأشار فيها أنه أحد المجددين:

لمَّا رأيْنَا تَقِيَّ الدينِ لاحَ لنَا داعٍ إلى اللهِ فردٌ ما له وَزَرُ
على مُحَيَّاهُ مِنْ سِيْمَا الأُولَى صَحِبُوا خيرَ البَرِيَّةِ نُوْرٌ دُوْنَهُ القَمَرُ
حَبْرٌ تَسَرْبَلَ مِنْهُ دَهْرُهُ حِبرًا بَحرٌ تَقَاذَفُ مِنْ أمواجه الدُّرَرُ
قامَ ابنُ تَيميَّةٍ في نَصْرِ شِرعَتِنَا مَقَامَ سَيِّدِ تَيْمٍ إذْ عَصَتْ مُضَرُ
فأَظْهَرَ الدِّينَ إذْ آثارُهُ دَرَسَتْ وأَخْمدَ الشِّرْكَ إذ طارَتْ لَهُ شَرَرُ
يامَنْ تَحَدَّثُ عن عِلْمِ الكتابِ أصِخْ هذا الإِمامُ الذي قَدْ كان يُنتظر
وقال أيضاً أنه ممن صرح بذلك عماد الدين الواسطي الذي قد توفي قبل ابن تيمية.


_ المعارضون لشيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله 
        من علماء المسلمين :

كما كان لابن تيمية مُحبين ومُناصرين، ففي الطرف المُقابل كان لبعض العلماء والمُفكرين المُسلمين سواءً من العصر الحديث أو القديم موقف مُضاد لابن تيمية، وذلك على خلفيّة اصطدامه مع المذاهب العقدية والفكرية الأخرى مثل :
الفلاسفة والصوفية والأشاعرة والمعتزلة والشيعة، وكذلك بسبب عدد من الفتاوى والآراء الفقهية. 
وكانت انتقادات المعارضين على أقسام؛ 

فمنهم من رد عليه في بعض المسائل وأثنى عليه في البعض الآخر كابن حجر العسقلاني حيث انتقد مسألة شد الرحال لزيارة قبر النبي، 
وقال عنها: «وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية» بينما أثنى عليه في مواضع أخرى.

 ومنهم من انتقد ابن تيمية جملةً وتفصيلًا مثل البكري وتاج الدين السبكي وتقي الدين السبكي والعز بن جماعة وابن حجر الهيتمي وعلاء الدين البخاري الذان كفَّرا ابن تيمية وكفَّرا كل من يسميه شيخ الإسلام. وكذلك انتقده السخاوي، وابن جهبل والأخنائي، وبدر الدين بن جماعة، ويوسف النبهاني، وشهاب الدين الخفاجي، وغيرهم.

_ ومن أبرز المعارضين لابن تيمية _رحمه الله:
تقي الدين السبكي، حيث ألف عدة كتب للرد على ابن تيمية منها: الدرة المضية في الرد على ابن تيمية، شفاء السقام في زيارة خير الأنام، النظر المحقق في الحلف بالطلاق المعلق، نقد الاجتماع والافتراق في مسائل الأيمان والطلاق، التحقيق في مسألة التعليق، رفع الشقاق عن مسألة الطلاق،

 وقال عنه: «وهذا الرجل - يعني ابن تيمية - كنت رددت عليه في حياته في إنكاره السفر لزيارة المصطفى، وفي إنكاره وقوع الطلاق إذا حلف به، ثم ظهر لي من حاله ما يقتضي أنه ليس ممن يعتمد عليه في نقل ينفرد به لمسارعته إلى النقل لفهمه كما في هذه المسألة - أي مسألة في الميراث - ولا في بحث ينشئه لخلطه المقصود بغيره وخروجه عن الحد جدًا، وهو كان مكثرًا من الحفظ ولم يتهذب بشيخ ولم يرتضِ في العلوم بل يأخذها بذهنه مع جسارته واتساع خيال وشغب كثير، ثم بلغني من حاله ما يقتضي الإعراض عن النظر في كلامه جملة، وكان الناس في حياته ابتلوا بالكلام معه للرد عليه، وحبس بإجماع العلماء وولاة الأمور على ذلك ثم مات.»

ابن حجر الهيتمي، حيث كان من أشد معارضي ابن تيمية شدةً، قال عنه في الفتاوى الحديثية: «وإياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ، وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله.»

 وقد ألف نعمان الآلوسي كتاب جلاء العينين في محاكمة الأحمدين للرد على ما قاله الهيتمي عن ابن تيمية.

قاضي المالكية بمصر علي بن مخلوف، حيث اتهمه بالتجسيم وأنه يقول أن الله جسم، وكفَّره بسبب ذلك وأهدر دمه ودم مؤيديه، 
وقال: «ابن تيمية يقول بالتجسيم وعندنا من اعتقد هذا الاعتقاد كفر ووجب قتله.» حتى وصل الحال أنه نودي بدمشق: «من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله خصوصا الحنابلة.» 
يحكي ابن حجر العسقلاني: «فنودي بذلك وقرئ المرسوم وقرأها ابن الشهاب محمود في الجامع، ثم جمعوا الحنابلة من الصالحية وغيرها واشهدوا على أنفسهم وأنهم على معتقد الشافعي».

محمد زاهد الكوثري حيث سبه مدافعًا عن العقيدة الأشعرية وقال: «بل هو وارث علوم صابئة حران حقًا، والمتسلف من السلف ما يكسوها كسوة الخيانة والتلبيس.»


_  أبرز الانتقادات التي وجهت لشيخ الإسلام ابن تيمية               _رحمه الله :
اتهامه من قبل الأشاعرة والمتكلمين بالتجسيم والتشبيه وأن يقول أن الله جسم؛ 
بسبب إثباته للصفات السمعية وأن الله في السماء مستوٍ على عرشه، قال الحصني: «والحاصل أنه وأتباعه من الغلاة في التشبيه والتجسيم»

 كما وصفوا أتباعه بالحشوية.
وقد ردّ ابن تيمية على ذلك فقال: «وأما الشرع فالرسل وأتباعهم الذين من أمة موسى وعيسى ومحمد صلّى الله عليه وسلّم لم يقولوا: إن الله جسم، ولا إنه ليس بجسم، ولا إنه جوهر ولا إنه ليس بجوهر.»

اتهامه بأنه يقول بقول الفلاسفة بقدم العالم؛ بناء على قوله بإمكان حوادث لا أول لها، فيقول الحبشي: «ابن تيمية قد أخذ هذه المسألة - أعني قوله بقدم نوع العالم - عن متأخري الفلاسفة؛ لأنه اشتغل بالفلسفة» : 
وقد ردّ ابن تيمية على ذلك وألف كتاب "إبِْطَال قَول الفلاسفة بقدم الْعَالم".

اتهامه بالقول بعدم جواز زيارة القبور مطلقًا، والإنكار عليه من قبل جمهور الصوفية في فتوى عدم شد الرحال لزيارة القبور، وعدم جواز التوسل والاستغاثة بغير الله حتى وإن كان بالنبي.

الإنكار عليه في بعض المسائل الفقهية مثل مسألة الطلاق وغيرها.
 وقالوا أنه خالف الإجماع في مسألة طلاق الثلاث. 
وقد رَدَّ ابن القيم دعوى الإجماع في المسألة، وسرد أقوال القائلين بما يخالف هذه الدعوى من الصحابة والتابعين ومن بعدها .


_ مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله :
لابن تيمية موروث كبير من المؤلفات كما قال الذهبي: «لعل فتاويه في الفنون تبلغ ثلاث مائة مجلد، لا بل أكثر»،
 وكان يكتب من حفظه وليس عنده ما يحتاج إليه ويراجعه من الكتب، وكان سريع الاستحضار للآيات كما قال تلميذه ابن عبد الهادي: «أملى شيخنا المسألة المعروفة بالحموية بين الظهر والعصر».

 وكان يكتب بخط سريع في غاية التعليق والإغلاق. ذكر ابن قيم الجوزية في نونيته طائفة من أسماء مؤلفات ابن تيمية ومدحها.
وبلغت عدد المؤلفات المذكورة في كتاب "أسماء مؤلفات ابن تيمية: حوالي 330 مؤلفًا.

وجمعت كثير منها في مجموع الفتاوى وطبعت في 37 مجلدًا، 
ومن أشهر مؤلفاته:

_كتاب الْإِيمَان الأوسط فِي مُجَلد
_كتاب الاستقامة فِي مجلدين
_كتاب تلبيس الْجَهْمِية فِي تأسيس بدعهم الكلامية فِي سِتّ مجلدات
_كتاب دَرْء تعَارض الْعقل وَالنَّقْل، أَربع مجلدات
_كتاب العُبُودِيَّة، مجلد واحد
_كتاب الْجَواب عَمَّا أوردهُ كَمَال الدّين الشريشي على _كِتَابه تعَارض الْعقل وَالنَّقْل
_منهاج السّنة النَّبَوِيَّة فِي نقض كَلَام الشِّيعَة والقدرية، أَربع مجلدات
_الرسالة التدمرية، بحث فِيهَا فِي حَقِيقَة الْجمع بَين الْقدر وَالشَّرْع
_الفتوى الحموية، سِتُّونَ ورقة كتبهَا بَين الظّهْر وَالْعصر
_كتاب جَوَاب الاعتراضات المصرية على الْفتيا الحموية فِي أَربع مجلدات
_كتاب الْجَواب الصَّحِيح لمن بدل دين الْمَسِيح فِي مجلدين
_الْفرْقَان بَيَان أَوْلِيَاء الرَّحْمَن وأولياء الشَّيْطَان نَحْو سِتِّينَ ورقة
_الصارم المسلول على شاتم الرَّسُول
_اقْتِضَاء الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فِي الرَّد على أَصْحَاب الْجَحِيم
_دفع الملام عَن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام، مُجَلد
_السياسة الشَّرْعِيَّة في إصْلَاح الرَّاعِي والرعية
_كتاب فِي الْوَسِيلَة فِي مُجَلد
_التحفة العراقية في الأعمال القلبية، نَحْو سِتِّينَ ورقة
_العقيدة الواسطية، وَهِي فتيا فِي عقيدة الْفرْقَة النَّاجِية نَحْو ثَلَاثِينَ ورقة
_كتاب شرح أول المحصل فِي مُجَلد
_كتاب الرَّد على أهل كسروان الرافضة فِي مجلدين
الهولاكونية وَهُوَ جَوَاب سُؤال ورد على لِسَان هولاكو ملك التتار فِي مُجَلد
_كتاب فِي الرَّد على الْبكْرِيّ فِي الاستغاثة فِي مُجَلد
_شرح على أول كتاب الغزنوي فِي أصُول الدّين فِي مُجَلد
_كتاب فِي الرَّد على الْمنطق فِي مُجَلد كَبِير
_شرح عقيدة الْأَصْفَهَانِي
_شرح مسَائِل من الْأَرْبَعين للرازي فِي مجلدين
_الْمسَائِل الإسكندرانية رد فِيهِ على ابْن سبعين وَغَيره فِي مُجَلد
_كتاب فِي محنته فِي مصر فِي مجلدين وَتكلم فِيهِ على الْكَلَام النَّفْسِيّ وأبطله من نَحْو ثَمَانِينَ وَجها
_كتاب الْكَلَام على إِرَادَة الرب وَقدرته نَحْو مائَة ورقة
الكيلانية وَهُوَ جَوَاب فِي مَسْأَلَة الْقُرْآن فِي مُجَلد لطيف
قَوَاعِد فِي إِثْبَات الْمعَاد وَالرَّدّ على ابْن سينا فِي رسَالَته الأضحوية نَحْو مُجَلد
_تَحْقِيق الْإِثْبَات فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات
_المراكشية وَهِي فتيا فِي الصِّفَات خَمْسُونَ ورقة
_فتيا فِي مَسْأَلَة الْعُلُوّ نَحْو خمسين ورقة
_فتيا تَتَضَمَّن صِفَات الْكَمَال مِمَّا يسْتَحقّهُ الرب سُبْحَانَهُ نَحْو سِتِّينَ ورقة
_جَوَاب فِي تَعْلِيل مَسْأَلَة الْأَفْعَال نَحْو سِتِّينَ ورقة
_جَوَاب فِي مَسْأَلَة الْقُرْآن وَردت من مصر نَحْو سبعين ورقة
_البعلبكية تكلم فِيهَا على اخْتِلَاف النَّاس فِي الْكَلَام نَحْو عشْرين ورقة
_القادرية وَهِي مَسْأَلَة فِي الْقُرْآن نَحْو عشر وَرَقَات
جَوَاب مَسْأَلَة فِي الْقُرْآن هَل هُوَ حرف وَصَوت أم لَا نَحْو ثَلَاثِينَ ورقة
_الأزهرية بضع وَعِشْرُونَ ورقة
_البغدادية وَهِي مَسْأَلَة فِي الْقُرْآن
_مسَائِل فِي الشكل والنقط
_كتاب إبِْطَال قَول الفلافسة بِإِثْبَات الْجَوَاهِر الْعَقْلِيَّة
_كتاب إبِْطَال قَول الفلاسفة بقدم الْعَالم فِي مُجَلد كَبِير
الصعيدية
_الحوفية وَهِي عقيدة أَيْضا
_شرح رِسَالَة ابْن عَبدُوس فِي أصُول الدّين
_كتاب فِي تَوْحِيد الفلاسفة على نظم ابْن سينا مُجَلد لطيف
_شرح الْعُمْدَة فِي أَربع مجلدات
_شرح الْمُحَرر
التَّحْرِير فِي مَسْأَلَة الْخضر مُجَلد
_تَحْرِيم السماع فِي مُجَلد
_تعليقة على فتوح الْغَيْب لسيدي عبد القادر الجيلاني
_شرح دُعَاء أبي بكر رَضِي الله عَنهُ
_الدّرّ المنثور فِي زِيَارَة الْقُبُور
_الْفرْقَان بَين الْحق وَالْبَاطِل نَحْو سِتِّينَ ورقة
_الواسطة بين الحق والخلق
_الرد على من قال بفناء الجنة والنار
_شرح حديث النزول
_شرح العقيدة الأصفهانية
_نقد مراتب الإجماع
_الصفدية
_الكلم الطيب
_بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والباطنية والقرامطة
_سجود التلاوة معانيه وأحكامه
_القواعد النورانية
_الرسالة العرشية
_مقدمة في أصول التفسير
_الاحتجاج بالقدر
........   ......

الخلاصة لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله:

مولدة:
10 ربيع الأول 661 هـ/21 يناير 1263م

مكان مولدة :
حران، الجزيرة الفراتية

وفاة:
20 ذو القعدة 728 هـ/25 سبتمبر 1321م

مكان الدفن :
مقبرة الصوفية، دمشق

إقامتهُ :
حران، دمشق، القاهرة، الإسكندرية

الكنية:
أبو العبّاس

اللقب:
شيخ الإسلام

العرق:
عربي

الأب :
عبد الحليم ابن تيمية

الأم:
ست النعم بنت عبد الرحمن الحرانية

الحياة العملية:
العصرالمملوكي

تعلم لدى :
شمس الدين بن الصائغ

التلامذة المشهورون:
ابن قيم الجوزية - شمس الدين الذهبي - محمد بن عبد الهادي المقدسي - ابن كثير - ابن رجب الحنبلي - محمد بن مفلح المقدسي - ابن فضل الله العمري (انظر لأشهر تلاميذه)

المهنة :
فقيه 

مجال العمل  :
اللغة العربية، الفقه، أصول الفقه، الحديث، التفسير

أعمال بارزة :
مجموع الفتاوى، ومنهاج السنة النبوية، والعقيدة الواسطية 

تأثر بـ :
أحمد بن حنبل، العز بن عبد السلام، والده عبد الحليم ابن تيمية

أثر في :
ابن قيم الجوزية، الذهبي، ابن مفلح، المزي، ابن عبد الهادي، ابن كثير، ابن أبي العز، ابن مفلح، علم الدين البرزالي، ابن الوردي، شاه ولي الله الدهلوي، محمد بن عبد الوهاب
تعليقات