مقدمة :
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سُلَيْمَانَ التَّمِيْمِيُّ (1115 - 1206هـ) (1703م - 1791م) عالم دين سني حنبلي، يعتبره البعض من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية حيث شرع في دعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات ونبذ الشرك التي انتشرت في أطراف الدولة العثمانية حول ولاية الحجاز وولاية اليمن والربع الخالي
ولد في العيينة وسط نجد سنة 1115 هجرياً الموافق من عام 1703 ملادياً
لأسرة ينسب إليها عدد من علماء الدين، كان جدُّه سليمان بن علي بن مشرف من أشهر العلماء في الجزيرة العربية في عصره، وكذلك كان والده عالمًا فقيهًا على مذهب الإمتم أحمدبن حنبل وأحد القضاة المعروفين،
فقد تولَّى القضاء في عدَّة جهات؛ مثل: العيينة وحريملاء ، وكان عمُّه الشيخ إبراهيم بن سليمان من مشاهير العلماء في تلك البلاد.
تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب وعمره عشر سنين وقرأ على أبيه في الفقه، وكان مشهوراً حينئذ بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام.
سافر إلى مكة والمدينة لتحصيل المزيد من العلم والتقى في سفره بالعديد من العلماء، ودرس على يد الشيخ عبدالله بن سيف والشيخ محمد حياة السندي، والشيخ علي أفندي الداغستاني الدمشقي فأخذ عنهم بقية علومه ، ثم توجه إلى الأحساء فأخذ عن شيوخها كالشيخ عبد اللطيف العفالقي الأحسائي ، وزار البصرة ودرس على الشيخ محمد المجموعي البصري ، وأنكر على بعض العلماء ما سمعه من الآراء التي لا تتفق مع الإسلام ، وشرع في الدعوة إلى العودة إلى ما كان عليه النبي صلي الله وعليه وسلم وأصحابه.
توفي في الدرعية وكان ابتداء المرض به في شوال، ثم كانت وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر في عام 1206هجرياً
_نسب وأسرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب _رحمه الله :
هو محمد بن عبد الوهّاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبه بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي.
من المشارفة آل مشرف من المعاضيد من فخذ آل زاخر من قبيلة الوهبة من بني حنظلة من قبيلة بني تميم
فيقال له (المشرفي) نسبة إلى جده مشرف وأسرته آل مشرف،
ويقال: (الوهيبي) نسبة إلى جده وهيب.
أما والدته؛ فهي ابنة محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي.
...... ..... .......
_زوجة الشيخ محمد بن عبد الوهاب_رحمه الله :
بعد أن خرج محمد بن عبد الوهاب من بلدة حريملاء، توجّه تلقاء بلدة العيينة، فتلقاه أميرها عثمان بن حمد بن معمر وزوّجه عمّته الجوهرة بنت عبد الله بن معمّر.
_أولاد الشيخ محمدبن عبد الوهاب _رحمه الله :
لمحمد بن عبد الوهّاب سبعة أبناء
أسماء أبنائه:
1_علي بن محمد بن عبد الوهاب، وبه يكنى، ويغلب على الظن أنه توفي صغيراً، وسمي عليه أخوه علي الثاني.
2_حسن بن محمد بن عبد الوهاب،وقد توفي في حياة أبيه.
3_حسين بن محمد بن عبد الوهاب (000 ـ 1224هـ)
كان كفيف البصر، نيِّر البصيرة. وتولى إمامة مسجد البجيري، في منازل الدرعية الشرقية،
وكان خطيب الجمعة في مسجد الطريف الكبير، الواقع تحت قصر آل سعود في المنازل الغربية من الدرعية، كما كان أحد قضاة هذه البلدة.
درس على يديه طلاب كثيرون. وكان يقوم بالإفتاء، وله معرفة بالأصول والفروع والتوحيد. وقد توفي عام 1224هـ.
ومن أحفاده عبد الله بن حسن بن حسين، الذي ولي رئاسة القضاء بالمملكة ورئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
4_إبراهيم بن محمد بن عبدالوهاب
ولد في الدرعية، ونشأ بها، وقرأ على والده.
له معرفة بالعلم، وكانت له حلقة في التدريس في الدرعية. لم يل القضاء، ولم يذكر له ذرية.
نقله إبراهيم باشا مع من نقل من آل الشيخ إلى مصر، سنة 1233، وتوفي بها.
5_عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (1156هـ ـ 1244هـ)
ولد في الدرعية، وبها نشأ، وترعرع في كنف والده، كان عالماً جليلاً، أخذ العلم عن والده، حافظاً برز في التفسير والحديث وأصولهما، وكان محصلاً في علم النحو واللغة العربية، وكان موصوفاً، مع ذلك كله، برجاحة العقل وبعد النظر. خلَف أباه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الفتوى، وإدارة الشؤون الدينية. وقد ألَّف عدة كتب، تدل على سعة علمه، خاصة في مجال العقيدة. وكان مع سعود بن عبدالعزيز، عندما دخل مكة، عام 1218هـ.
وقد دافع دفاع الأبطال عن الدرعية، خلال حصار إبراهيم باشا لها، في عهد الإمام عبدالله بن سعود. ثم أُخِذ مع من أُخِذ من أسرته، إلى مصر، بعد نهاية الدولة السعودية الأولى سنة 1233هـ.
ومكث هناك حتى توفي، عام 1242هـ، عن عمر يناهز السابعة والسبعين. وكان له ثلاثة أبناء، أحدهم سليمان، الذي كان فقيهاً عالماً، قتل في حصار الدرعية عام 1233.
6_علي بن محمد بن عبدالوهاب (.... ـ 1245م)
ولد في مدينة الدرعية، وطلب العلم بها، وهو أكبر أبناء الشيخ سناً. كان مضرب المثل في الدرعية في الورع والديانة. رفض تولي القضاء من شدة ورعه.
كان يحضر المغازي مع أئمة آل سعود. ويذكر المؤرخون أنه كان مع من فاوض إبراهيم باشا على الصلح، عند حصاره الدرعية.
نقل بعد ذلك مسناً إلى مصر، وتوفي فيها سنة 1245 هـ، رحمه الله.
7_عبد العزيز بن محمد بن عبد الوهاب توفي ولم يعقب سوى ابنتين هما طرفة ونَورَة.
_ بنات الشيخ محمدبن عبد الوهاب_رحمه الله :
فاطمة بنت محمد بن عبدالوهاب:
ولدت، على كبر لوالدها الشيخ محمد بن عبدالوهاب، في مدينة الدرعية، وطلبت العلم فيها، وإخوانها عبدالله وحسين وعلي وإبراهيم علماء أجلاء.
وكانت تدرس العلوم الشرعية في منزلهاوكانت من عالمات الدين.
ويقال إنها لما ضيق الحصار على الدرعية، هربت هي وابن أخيها علي بن حسين إلى عُمان وقطر، ثم عادت إلى الرياض هي وابن أخيها، بعد استقرار الأمر للإمام تركي بالرياض، وبها توفيت، رحمها الله.
_باقي بنات الشيخ محمد بن عبد الوهاب_رحمه الله:
يذكر الشيخ عبدالله البسام؛
أن للشيخ محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، من البنات أربعاً، أورد منهن فاطمة وسارة، ولم يعرف اسمي الأخريين. إلا أنه ذكر، عن إحداهما،
أنها والدة الشيخ القاضي، عبدالعزيز بن حمد بن إبراهيم بن حسن بن عبدالله بن عبدالوهاب، وعن الأخرى، أنها والدة آل سالم، من أهل الدرعية، ومنهم معالي الأستاذ عبدالعزيز السالم، أمين عام مجلس الوزراء.
ويذكر العلامة الشيخ حمد الجاسر نقلاً عن السيد لطف الله ابن أحمد جحّاف، أن للشيخ ابنتين هما شائعة وهيا، وأورد أن إحداهما تزوجت حمد بن إبراهيم بن حمد بن عبدالله، وتزوجت محمد بن غريب.
والأخرى تزوجت الإمام عبدالعزيز ابن محمد بن سعود، ويرجِّح أن ناصر بن معمر تزوج بها، قبل ذلك، فأنجبت منه حمد. واستدل في ذلك بنص لابن عبدالشكور، في كتابه "تاريخ أشراف مكة".
ولكن لو جمعنا بين هذه الروايات، فقد يكون ناصر بن معمر، تزوج بإحدى بنات الشيخ، غير تلك، التي تزوج بها الإمام عبدالعزيز بن سعود،
إذاً هنَّ: شايعة، وهيا، وموضي، وقويت، وسارة، ومن ذكر غير هؤلاء فقد وهم.
_ذرية /أحفاد الشيخ محمدبن عبدالوهاب _رحمه الله :
ذرية محمد بن عبد الوهاب في الرياض ومكة وبيشة وأبها والحريق، وحُملَ بعضهم أسرى إلى مصر وحصل بذلك بعض الانتشار لدعوة محمد بن عبد الوهاب في مصر.
ورثَ أولاد محمد بن عبد الوهاب عن أبيهم الاشتغال بالدعوة والتعليم الديني، وعُرفَ منهم عدة علماء دين، وأصبح بعض ذريته يقال لهم آل الشيخ، ولا تزال لهم مناصب حكومية دينية وإدارية.
آل محمد: هم ذرية محمد بن علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أُجبرَ عليٌّ أبو محمد على الإقامة في مصر، وبقي ابنه محمد في نجد، ورزقَ محمد ذرية كثيرة ينتسبون إليه.
ولنذكر بعض من ذريةالشيخ محمدبن عبدالوهاب_رحمه الله:
1_سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (1200 ـ 1233هـ / 1786 ـ 1818م)
فقيه، من أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
ولد في الدرعية. وتفقه في الدين أصولاً وفروعاً. وتولَّى القضاء، في مكة، فترة قصيرة.
وُشِيَ به عند إبراهيم باشا، بعد استسلام الدرعية، فأحضره وأهانه، ثم أمر جنده أن يطلقوا عليه رصاصهم دفعة واحدة، ففعلوا، وتمزَّق جسده إرباً.
ألَّف كتباً جيدة، له منها: "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد"، وأصل هذا الكتاب من تأليف جده وكتاب "أوثق عرى الإيمان".
2_علي بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (....ـ 1233هـ)
ولد بالدرعية وبها نشأ؛ وتربى بوجود جده وأبيه. توسع في طلب العلم حتى صار من كبار العلماء.
ولي قضاء العيينة ثم تولى القضاء في الأحساء.
توفي، رحمه الله، شهيداً على يد جند إبراهيم باشا عند الدرعية عام 1233هـ.
3_علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب (.... ـ 1257هـ)
ولد في مدينة الدرعية، ونشأ بها، وقرأ على علمائها، وعلى رأسهم والده، وعمه عبدالله، وعمه علي، وقرأ على الشيخ حمد بن ناصر بن معمر.
وكان يقضي بين الناس بالدرعية، ويخلف أعمامه فيها إذا غابوا، عالماً بالتفسير والحديث والفقه.
عينه الإمام سعود بن عبدالعزيز ومِنْ بعده عبدالله بن سعود على قضاء الدرعية. فلما حاصر إبراهيم باشا الدرعية هرب وعمته فاطمة بنت محمد بن عبدالوهاب إلى عُمان وقطر.
عاد إلى الرياض لما ولي الإمام تركي فعينه قاضياً في حوطة بني تميم. ثم قاضياً بالرياض حتى توفي رحمه الله 1257هـ.
4_عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، (1193 ـ 1285هـ/ 1779ـ 1869م)
من كبار علماء نجد في زمانه، ولد في الدرعية سنة 1193هـ، وتتلمذ على علمائها، وتولَّى القضاء فيها، كما تولاه فترة قصيرة في مكة.
وكان مع الإمام عبدالله بن سعود في معركة وادي الصفراء، سنة 1226هـ.
وقد دافع عن الدرعية مع المدافعين عنها. ثم أُخذ إلى مصر، وجالس علماءها، وناقشهم.
ثم عاد إلى نجد عام 1241هـ، وأصبح يتولى الشؤون الدينية في دولة الإمام تركي بن عبدالله.
ثم كان مع الإمام فيصل بن تركي، إلى أن خرج من الرياض عام 1252هـ. فانصرف عبد الرحمن إلى الحوطة والحريق في نجد، ثم عاد إلى الرياض بعد عودة فيصل الأخيرة، فلازمه في السفر، والإقامة، والحرب والسلم، وظل في منصبه حتى وفاته في عهد الإمام عبدالله بن فيصل سنة 1285هـ، في الرياض.
له مؤلفات منها: "الإيمان والرد على أهل البدع" و "مجموعة رسائل وفتاوي".
5_عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (1225 ـ 1293هـ)
ولد في الدرعية سنة 1225 هـ، وأخذ مع أبيه إلى مصر، وسنه ثماني سنوات.
وتعلم في الأزهر مختلف العلوم الشرعية والعربية. ثم عاد إلى نجد سنة 1264هـ، فأصبح الساعد الأيمن لأبيه عبدالرحمن في إدارة الشؤون الدينية.
ولما حدث النزاع بين أبناء الإمام فيصل بعد وفاته، بذل جهداً كبيراً لتخفيف وطأة ذلك النزاع.
وقد توفي عام 1293هـ. كان له عدد من الأبناء منهم: عبدالله وعبدالرحمن ومحمد.
6_إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ (1280 ـ 1329 هـ)
هو إبراهيم بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب. ولد في مدينة الرياض سنة 1280هـ.
درس على والده الشيخ عبداللطيف، وحفظ القرآن، ودرس التوحيد، والتفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والأصول.
نظراً لما بلغه من العلم والفضل، عينه الملك عبدالعزيز في قضاء الرياض، وكان إلى جانب ذلك له حلقات علمية عامرة بالطلاب؛ إذ كانت الرياض وقتذاك محط رحال طلبة العلم من أرجاء البلاد.
فتخرج على يديه خلق كثير. وقد ذكر الشيخ عبدالله البسام له قصيدة في الرد على المدعو أمين بن حنش العراقي تقع في أكثر من مائة بيت منها:
فضل الإله وأرجو منه رضوانا
الحمدلله حمداً أستزيد به
من العراق، أتت بغياً وعدوانا
وأستعين به في رد خاطئة
هذى به سفهاً، تيهاً، وطغيانا
من جاهل عارضَ الحق المبين بها
إلى أن يقول:
لسـت الأمينَ ولكن كنت خوانا
قد فهتَ بالزور فيما قلت مجتريا
وكان يندب للأمــوات أحيانا
من كان يصرف للمخلوق دعوتَه
يفرجـون عن المكروب أحزانا
يدعــــوهمُ باعتقاد منه أنهمُ
وسـوف تصبح يوم الدين ندمانا
هذا هو الشرك قد أعليت ذروته
وفاته:
توفي رحمه الله في الرياض، في آخر شهر ذي الحجة من سنة 1329هـ.
وله من الأبناء أربعة هم: عبدالله، ومحمد (مفتي البلاد السعودية)، وعبداللطيف، وعبدالملك رحمهم الله.
7_حسن بن حسين بن علي آل الشيخ (1266 ـ 1338هـ)
هو حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب. كانت ولادته في الرياض سنة 1266هـ وبها نشأ وتعلم.
من مشائخه الذين طلب بين أيديهم العلم: الشيخ عبدالرحمن بن حسن، والشيخ عبداللطيف، والشيخ عبدالله أبا بطين، والشيخ عبدالرحمن بن عدوان.
كانت له حلقات تدريسية، إلى جانب عمله بالقضاء. تلقى العلم بين يديه، ابناه عبدالله وعمر، ومحمد بن عبداللطيف، والشيخ عبدالله العنقري، والشيخ عبدالرحمن بن سالم، والشيخ عبدالله بن بليهد، والشيخ عمر بن سليم، والشيخ عبدالعزيز بن عتيق، والشيخ محمد بن حميد، وغيرهم كثير.
لعلمه وفضله دعاه الملك عبدالعزيز سنة 1337هـ لمؤتمر العلماء الذي عقده بالرياض لحل الخلاف بين الإخوان والحضر. توفي رحمه الله سنة 1308 هـ.
8_عبدالله بن عبداللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (1265 ـ 1339هـ/1849 ـ 1921م)
وهو عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، فقيه خطيب.
ولد في الهفوف خلال إقامة والده المؤقتة للعمل في الأحساء عام 1265هـ. ورجع مع والده إلى الرياض، وتربى عند جده لأمه الشيخ عبدالله بن أحمد الوهيبي، وهو من العلماء الأجلاء.
وتعلم على يد مشايخ الرياض، وأخذ عنهم العلم. وكان في مقتبل العمر عندما نشب الخلاف بين ابني فيصل بن تركي، سافر إلى الأفلاج، وهناك تعلم الفروسية. ثم عاد إلى الرياض ليشغل مكان أبيه بناء على رغبة العلماء في ذلك الوقت.
واتصل بالإمام عبدالله بن فيصل؛ ليكون بجانبه في الأحداث الجارية بينه وبين أخيه سعود بن فيصل. ولما كان يتمتع به من علم، ورجاحة عقل، وبعد نظر، وتبصر بعواقب الأمور، تولى المسؤولية الجسيمة من الفتوى، والتدريس، والوعظ، والإرشاد.
وكان له أوقات يلتقي فيها الإمام عبدالله بن فيصل، والإمام عبدالرحمن بن فيصل لتدبير شؤون الدولة واتخاذ التدابير إزاء تمرد أبناء سعود بن فيصل، واتقاء غارات أمير جبل شمر محمد بن عبدالله بن رشيد المتطلع إلى حكم نجد. ولهذا كان للشيخ عبدالله بن عبداللطيف أثر كبير في أحداث تلك الفترة العصيبة. وفي عام 1308هـ، هاجم ابن رشيد عاصمة آل سعود، وكان الإمام فيها عبدالرحمن الفيصل والد الملك عبدالعزيز، فخرج إليه الشيخ عبدالله بن عبداللطيف ومعه الأمير الشاب عبدالعزيز بن عبدالرحمن لمفاوضته على الصلح، فتفاوضا وعاد ابن رشيد إلى حائل. وفي عام 1309هـ استولى محمد بن رشيد على الرياض، وقضى على ملك آل سعود، وطلب من الشيخ عبدالله بن عبداللطيف أن يتوجه إلى حائل ففعل، واستقر بها، فغمر الناس بعلمه وفضله.
وخشي منه ابن رشيد، فأعاده إلى الرياض، وشغل وقته بالتدريس، وبذل وقته للناس. ولما استعاد الملك عبدالعزيز حكم الرياض عام 1319هـ، وجد من الشيخ عبدالله العون والمساعدة في مهام الأمور. وتزوج الملك من ابنته طرفة وهي والدة الملك فيصل بن عبدالعزيز، وفي كنفه تعلم الفيصل وتربى في سنواته الأولى.
واستمر الشيخ يحمل لواء الدعوة والنصح والإرشاد، وصار مرجع أهل نجد في أمور دينهم. وكان يصدع بالحق ولا يخاف في الله لومة لائم، كريم النفس. كان الملك عبدالعزيز يقدره، ويقول: إنه كان يتصبب عرقاً إذا قابله، وذلك من إجلاله للشيخ. توفي في 20ربيع الأول عام 1339هـ.
9_محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ (1311 ـ 1386هـ)
هو سماحة العلامة، مفتي البلاد السعودية، محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب. ولد في مدينة الرياض لسبع عشرة خلون من شهر الله المحرم سنة 1311هـ.
تعلم القراءة وتلاوة القرآن، في كُتَّاب للمقرئ عبدالرحمن بن مفيريج ثم حفظ القرآن.
قرأ على والده، الذي كان عالماً متضلعاً، التوحيد، وأصول العقيدة، ورسائل الأئمة: ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وجده محمد بن عبدالوهاب.
كما درس الحديث، وأصول الفقه، والنحو. ورغم أنه فقد بصره في سن الرابعة عشرة؛ إلا أنه واصل طلب العلم وثابر عليه حتى وصل إلى منزلة عالية في الحفظ والفهم والاستنباط.
نشأ شاباً في أسرة ميسورة الحال، وكانت الدعوة السلفية قد وطدت أركانها، واتجه الناس لطلب العلم الصحيح، وامتلأت الرياض بطلبة العلم من أرجاء شبه الجزيرة العربية، واستتب الأمن فساعده ذلك على الانقطاع لطلب العلم. وحتى بعد وفاة عمه عبدالله وتوليه بعض المهام في رئاسة القضاء؛
فإنه ظل في حلق العلم والدروس والتوجيه، وكان جزء كبير من وقته للعلم والتعليم.
عاصر، رحمه الله، عصر انبثاق النفط، وانفتاح البلاد على العالم الخارجي وإرهاصات النهضة العلمية والفكرية؛ إذ أصبحت الدولة محط أنظار المسلمين في أصقاع المعمورة، وكان لزاماً تعاون القيادة السياسية والفكرية للمحافظة على شخصية البلاد ومبادئها داخلياً؛ ولتحقيق الريادة الفكرية والسياسية، وإبراز المنهج السلفي للبلاد، حفاظاً على وحدة المسلمين، وعقائدهم في البلاد الإسلامية، في مرحلة الانبهار بالأفكار الوافدة.
وقد شهدت هذه المرحلة عدداً من القرارات المهمة التي كان لسماحته فضل كبير فيها، نذكر منها:
1. كان له رحمه الله الفضل في افتتاح المعاهد العلمية حفاظاً على علوم الشريعة واللغة العربية من انصراف الناس وافتتانهم بعلوم الدنيا؛ فكانت هذه المعاهد ولا زالت صدقة جارية لقادة هذه البلاد نفع الله بها، وخرجت من الكوادر المؤهلة، في مجالها، أجيالاً وعلماء أفذاذ.
2. لما نشطت الدعوة إلى النصرانية في بلاد المسلمين، وعلى أطرافها، بينما لم يكن هناك نشاط منظم للدعوة إلى الله، لعدم وجود الدعاة المؤهلين، أُنشئت الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، لتأهيل الدعاة والعلماء من أبناء البلاد الإسلامية بمشورته وتنفيذه ورئاسته. وأناب عنه فيها الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمهما الله.
3. شهد العالم في تلك المرحلة نشوء عدد من التكتلات الفكرية والسياسية؛ وكانت كلمة المسلمين متفرقة ولم يكن لهم تنظيم يجمعهم ويقوي كلمتهم في المحافل الدولية. ومن واقع ريادة هذه البلاد للبلدان الإسلامية أنشئت رابطة العالم الإسلامي، في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، ومقرها مكة، ورأس سماحة الشيخ مجلسها التأسيسي.
4. نظم رحمه الله القضاء في نجد، ففتحت محاكم رسمية، يتم فيها ضبط القضايا، وتسجيل الصكوك وإصدارها. ثم أنشئ مجلس القضاء الأعلى برئاسة سماحته، رحمه الله.
5. أنشئت دار الإفتاء برئاسته، وصار هو مفتي الديار السعودية. ثم أنشئ مكتب للدعوة لبعث الدعاة إلى الله في ربوع المعمورة تحت إشراف سماحته.
6. لما كانت المرأة هي الأم المربية، وهي الزوجة المدبرة في منزلها، فإنها تحتاج إلى معرفة أمور دينها ومن أمور دنياها ما ينفعها في أداء مهامها، رؤي أن تعليم البنات من الأمور اللازمة حفاظاً عليهن من الأفكار الوافدة، وأسند أمر تعليم البنات إليه رحمه الله فأناب عنه في ذلك الشيخ ناصر الراشد.
وقد تخرج على يديه طلاب كثيرون تقلدوا مناصب عليا في الدولة لا يتسع المجال لذكرهم.
وفاته:
توفي، رحمه الله رحمة واسعة، عن عمر يناهز الخامسة والسبعين، في العشر الأواخر من شهر رمضان سنة 1386هـ، وشيعه خلق كثير، على رأسهم ملك البلاد في ذلك الوقت، الملك فيصل بن عبدالعزيز. وترك، رحمه الله، فراغاً كبيراً عند رحيله.
أبناؤه:
1. عبدالعزيز: تقلد عدة مناصب في الدولة كان آخرها مستشاراً في الديوان الملكي.
2. إبراهيم: تقلب في عدة مناصب منها: وزير العدل قبل إحالته إلى التقاعد.
3. أحمد: عمل في رئاسة القضاء.
4. عبدالله: حصل على درجة الدكتوراة في العلوم الشرعية، وهو وزير العدل في المملكة العربية السعودية.
10_عمر بن حسن بن حسين آل الشيخ (1319 ـ 1395هـ)
هو عمر بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب. ولد بالرياض سنة 1319هـ وتعلم بها. تعلم في الكتاتيب، وقرأ القرآن على الشيخ البطيحي، المقرئ المشهور، في ذلك الزمان، فحفظ القرآن مجوداً.
وطلب العلم على والده، الشيخ حسن وعلى الشيخ سعد بن عتيق.
كان، رحمه الله، حازماً قوياً، ومأوى لأهل الخير والصلاح، وكان لا تأخذه في الحق لومة لائم. ولاه الملك عبدالعزيز رئاسة هيئة الأمر بالمعروف بنجد، والمنطقة الشرقية، سنة 1345هـ، وظل بها حتى وفاته، في رمضان سنة 1395هـ.
11_عبدالملك بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ (1324 ـ 1404هـ)
هو عبدالملك بن إبراهيم بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب. ولد في الرياض سنة 1324هـ، طلب العلم بها على أخيه محمد، وعلى عميه عبدالله ومحمد ابن عبداللطيف بن عبدالرحمن. كما طلب العلم على بعض مشائخ عصره المعروفين ومنهم حمد بن فارس، وسعد بن عتيق.
وُلي رئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة الغربية، فأجاد فيها وحُمدت سيرته. عُرف رحمه الله، بالعلم والجرأة في الحق. كان يُلقي دروساً في السيرة النبوية في الإذاعة السعودية.
توفي، رحمه الله، وهو يصلى ركعتي الطواف في المسجد الحرام بمكة في 20/1/1404هـ.
12_عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ (1336 ـ 1404هـ)
هو عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب. ولد في مدينة الرياض سنة 1336هـ.
كان والده خلال طفولته ملازماً للملك عبدالعزيز في رحلاته الحربية لتوحيد البلاد. تلقى تعليماً نظامياً، وتقلب في عدد من المناصب العيا.
التحق بكتَّاب عبدالرحمن بن مفيريج في الرياض، فحفظ القرآن الكريم، وأجاد القراءة والكتابة. انتقل مع أسرته إلى مكة لما عين الملك عبدالعزيز، والده في مكة، إماما وخطيباً للمسجد الحرام سنة 1345هـ، وكان لم يتجاوز عشر سنوات.
تعلم على يدي والده، والتحق بالمعهد العلمي بمكة، وتخرج فيه. وكان منزل والده مقصداً لطلبة العلم، وللعلماء، الذين يفدون للبيت الحرام، فأتيحت له فرصة الاحتكاك والاطلاع والاستفادة من علومهم. ثم انتقل بتشجيع من والده إلى الرياض لطلب العلم، على يدي ابن عمه العلامة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم.
ثم سافر إلى مصر لطلب العلم بجامعة الأزهر، والتحق بكلية الشريعة هناك، وحصل شهادتها، وعاد إلى مكة.
عُيّن إثر عودته عضوًا في رئاسة القضاء، وإماماً بالمسجد الحرام، ثم معاوناً لوالده في إدارة شؤون القضاء. اختاره الملك فهد بن عبدالعزيز (وزير المعارف حينئذٍ) ليكون وكيلاً له في وزارة المعارف، بعد إنشائها، في عهد الملك سعود، فعمل بها إلى جانب المهام السابقة. ثم عين وزيراً للمعارف، وتفرغ لها من بقية المهام، إلا أنه ظل يخطب بالمسجد الحرام وبمسجد نمرة. وتسلم رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعد وفاة عمه الشيخ عمر بن حسن، فكان خير خلف لخير سلف.
كانت له جهود علمية كبيرة. سافر إلى كثير من البلدان، وزار الكثير من الجمعيات الإسلامية، وألقى العديد من المحاضرات. له مؤلفات كثيرة منها:
1. جهود الملك عبدالعزيز في خدمة العقيدة الإسلامية.
2. لمحات عن التعليم وبداياته في المملكة العربية السعودية.
3. خطب المسجد الحرام.
4. من أحاديث المنبر وغيرها.
توفي، رحمه الله تعالى، في مدينة الرياض، في شهر جمادى الآخرة سنة 1404هـ.
له من الأبناء:
1. عبدالرحمن: أستاذ جامعي في الزراعة، عين وزيراً للزراعة لمدة من الزمن.
2. محمد: أستاذ جامعي في الهندسة، شغل منصب عميدٍ لكلية الهندسة بجامعة الملك سعود بالرياض، ثم عين وزيراً للشؤون البلدية والقروية، ثم وزير دولة.
13_حسن بن عبدالله بن حسن آل الشيخ (1352ـ1407هـ)
هو حسن بن عبدالله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب. ولد سنة 1352هـ في المدينة النبوية، حين كان والده يرأس قضاء المنطقة الغربية.
ونشأ بمكة في كنف والده الذي كان منبعاً للعلم والفضل.
التحق بالمدرسة الرحمانية بمكة، ثم بالمعهد العلمي، ثم بكلية الشريعة، وتخرج فيها سنة 1374هـ. عمل نائباً لرئيس القضاة بمكة، ثم وزيراً للمعارف، ثم وزيراً للتعليم العالي بعد إحداث وزارة التعليم العالي. فشهدت إدارته للوزارتين بحنكته، وبعد نظره. وشهد التعليم العالي تحت وزارته تشييد لبناته، وأسسه المتينة الأولى.
وكان إلى جانب ذلك نائب الرئيس الأعلى للجامعات، ونائب رئيس المجلس الأعلى الموحد للجامعات، والمشرف على دارة الملك عبدالعزيز وعلى الندوة العالمية للشباب الإسلامي. له عدد من المؤلفات والمقالات.
توفي، رحمه الله، في الخامس عشر من جمادى الأولى سنة 1407هـ.
.... ...... .........
_طلب العلم للشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله :
انحدر محمد بن عبد الوهّاب من أسرة علمية شهيرة فأبوه عبد الوهّاب بن سليمان كان من الفقهاء وقاضياً في العارض
وجده سليمان بن علي كان عالماً وقاضياً وموثقاً شرعياً تولى القضاء أيضاً،
وعمه الشيخ إبراهيم وهو ممن تخرج بأبيه وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق وتولى القضاء في بلدة أشيقر،
حفظ محمد بن عبد الوهّاب القرآن الكريم ولم يتجاوز سنه عشرة أعوام وشرع في طلب العلم فقرأ على والده وعمه وتخرج بهما في الفقه وغيره وكان سريع الحفظ والكتابة قوي الإدراك كثير المطالعة شغوفا بها ولاسيما في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام.
ثم رحل إلى عدد من الأمصار لطلب العلم والحديث والتفقه في الدين.
وخرج يريد الشام فعرض له بعض السراق وسلبوه فلم يتمكن من الرحلة إليها، ولم يثبت أن محمد بن عبد الوهّاب قد تجاوز الحجاز وتهامة والعراق والأحساء في طلب العلم.
تفقه على المذهب الحنبلي وتلقاه على يد والده بإسناد متصل ينتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل.
كما تلقى علم الحديث النبوي ومروياته الحديثية لجميع كتب السنة كالصحاح والسنن والمسانيد وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم عن شيخيه:
العلامة عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي الفرضي الحنبلي والمحدث محمد حياة السندي وأسانيدهما مشهورة معلومة.
ولقد كان لعدد من العلماء السلفيين دور في تشكيل وبناء فكر محمد بن عبد الوهّاب ومنهم :
الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف المدني والشيخ محمد حياة السندي المدني والشيخ محمد المجموعي البصري والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف الأحسائي وكما تدارس الشيخ كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم مما كان له الأثر في انطلاق فكره وحرية آرائه واجتهاده.
أما ما قيل من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام وإلى فارس وإيران وقم وأصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم فهذه الأشياء غير صحيحة!
لأن حفيده عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ وابنه عبد اللطيف وابن بشر نصوا على أن محمد بن عبد الوهّاب لم يتمكن من السفر إلى الشام.
أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس وغيرها من البلاد فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول. قال حمد الجاسر:«ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن محمد انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب...إلى أن قال:وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.»
وبالإجمال؛
فقد حرص مترجمون محمد بن عبد الوهّاب على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم. وبذكر البلاد التي زارها ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب.
ومن ذلك ما زعم أنه درس اللغتين الفارسية والتركية والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان فليس بثابت بل إنه أمر مستبعد إذ ليس في مؤلفاته وآثاره ما يدل على شيء من هذا ثم إن من ذكر ذلك عنه كان ممن انخدع بمثل كتاب لمع الشهاب.
وبعد مضي سنوات على رحلته عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين على العيينة أمير جديد يلقب عثمان بن حمد بن معمر والذي لم يرق له بقاء عبد الوهّاب في القضاء فعزله عنه فغادرها عبد الوهّاب إلى حريملاء وأقام بها وتولى قضاءها. فأقام محمد في حريملاء مع أبيه يدرس علمه.
...... ...... ..........
_شيوخ الشيخ محمد بن عبدالوهاب _رحمه الله :
والده الشيخ عبد الوهاب بن سليمان، وعمه الشيخ إبراهيم بن سليمان، وتلقى عنهما الفقه الحنبلي.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن: «ظهر شيخنا بين أبيه وعمه ... فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الإمام أحمد والوجوه عن الأصحاب، فتخرج عليهما في الفقه، وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير والمغني والإنصاف؛ لما فيها من مخالفة ما في متن المنتهى والإقناع».
بالإضافة إلى من تلقى عنهم العلم من مشايخه في الحجاز والبصرة والأحساء، ومنهم:
الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف الشمري النجدي الفرضي: من فقهاء المدينة المنورة (ت1140 هـ)، وقد أجاز الشيخ محمد بن عبد الوهاب بكل ما حواه ثبت الشيخ عبد الباقي أبي المواهب الحنبلي قراءة وتعلماً وتعليماً.
الشيخ محمد بن حياة بن إبراهيم السندي، من كبار المحدثين في عصره (ت 1163 هـ) :
وهو من أخص تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الهادي السندي، صاحب الحواشي الشهيرة على المسند والكتب الستة، وقد أجاز الشيخ محمد بن عبد الوهاب بمروياته وأسانيده عن شيخه عبد الله بن سالم البصري المكي الشافعي.
الشيخ محمد المجموعي البصري، أخذ عنه بالبصرة، وأقام عنده، وكان موافقاً له في دعوته وآرائه.
الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الشامي، صاحب المصنف الشهير «كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس» (ت1162 هـ).
الشيخ عبد الله بن فيروز الوهيبي التميمي الأحسائي (ت 1175 هـ).
...... ...... ...........
_تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله:
أخذ عن محمد بن عبد الوهّاب كثير من أهل الدرعية والواردين عليها، في وقت كانت فيه حاضرة من حواضر العلم في بلاد المسلمين، وممن تتلمذ عليه أبناؤه:
الشيخ حسين بن محمد بن عبد الوهّاب (ت1224 هـ)
الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهّاب (ت1242 هـ)
الشيخ علي بن محمد بن عبد الوهّاب
الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد الوهّاب
الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد الوهاب (ت1205هـ)
حفيده الشيخ المحدث سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
حفيده المجدد الثاني للدعوة الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهّاب (1285 هـ)
الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود.
الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود.
الشيخ سعيد بن حجي (ت 1229 هـ)[46]
الشيخ حسين بن غنام الأحسائي (ت1225هـ).
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الحصين (ت1237 هـ).
الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر (ت1225 هـ)، وغيرهم.
يقول ابن بشر: «أخذ عنه من القضاة من لا يحضرني الآن عده عدد كثير، وأخذ عنه ممن لم يل القضاء من الرؤساء والأعيان ومن دونهم الغفير».
... ........ ......... .....
_عقيدة الشيخ محمد بن محمد عبد الوهاب _رحمه الله:
كان محمد بن عبد الوهّاب يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد ولذلك سمى أتباعه هذه الدعوة بالدعوة السلفية نسبة إلى السلف الصالح.
وكانت جل دعوته إعادة الناس إلى تحقيق التوحيد ونبذ مظاهر الشرك والبدع التي كانت موجودة آنذاك؛ دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم والتبرك بالأشخاص والأشجار والأحجار والبناء على القبور والتعامل بالسحر وغيرها من مظاهر الشرك والبدع والتي تنافي عقيدة التوحيد في دين الإسلام والتي ختمها آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وتبعه بها الخلفاء الأربعة والصحابة والتابعين ومن بعدهم،
ودعوة الناس لنبذ ما يخالفها من الأفكار التي كانت قد تفشت في ذلك العصر من عبادة القبور وغيرها، ويزعم أعداؤه ومنتقدوه أنه أنشأ طائفة أو فكرة متشددة لتفسير الإسلام، ما أدى إلى عدم التهاون مع مخالفيهم في الدين أو في المذهب، أو ضخموا المسائل الفرعية المختلفة فيها إلى درجة التكفير والتفسيق.
وقد أبان عن معتقده فألف عدداً من الكتب والرسائل وضح فيها دعوته وبين معتقده –ولا شك أن أولى ما يمكن الاعتماد عليه كلامه هو لا كلام غيره عنه-، ومن ذلك ما ذكره في رسالته إلى أهل القصيم لما سألوه عن معتقده. حيث قال: «أُشْهِدُ الله ومن حضرني من الملائكة، وأُشهِدُكُم: أني أعتقد ما اعتَقَدَته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، من الإِيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإِيمان بالقدر خيره وشره.
ومن الإِيمان بالله، الإِيمان بما وصف به نفسه في كتابه، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليسَ كمثله شيءٌ وهو السميع البصير. فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أُحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا أُلحد في أسمائه وآياته، ولا أُكَيِّف ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خَلْقه، فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا، وأحسن حديثًا، فنَزَّه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل،
فقال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ}
{وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182].
وأعتقد أن القرآن كلام الله، مُنزل غير مخلوق، منه بدأ وإِليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأومن بأن الله فعّال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإِرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيءٌ في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إِلا عن تدبيره، ولا مَحيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خطَّ له في اللوح المسطور.
وأعتقد الإِيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فأومن بفتنة القبر ونَعيمه، وبإِعادة الأرواحِ إِلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين حفاةً عَراةً غُرلاَ، تَدنو منهم الشمس، وتنُصب الموازين، وتوزن بها أعمال العباد: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 102، 103]، وتنشر الدواوين، فآخِذٌ كِتابه بيمينه، وآخِذٌ كتابه بشماله. وأومن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعَرصَة القيامة، ماؤه أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء مَنْ شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا. وأومن بأن الصراط منصوب على شَفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم.
وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أول شافع، وأول مُشفَّع، ولا يُنكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إِلا أهل البدع والضلال. لكنها لا تكون إِلا من بعد الإذن والرضى، كما قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26]، وهو لا يرضى إِلا التوحيد، ولا يأذن إِلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب، كما قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } [المدثر: 48].
وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان. وأن المؤمنين يَرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يُضامون في رؤيته.
وأومن بأن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتَم النبيين والمرسلين، لا يصح إِيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته.
وأن أفضل أمته، أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة .
وأتولَّى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، وأسكت عما شجر بينهم، وأعتقد فضلهم، عملًا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [ الحشر: 10 ].
وأترضَّى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأُقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات، إِلا أنهم لا يَستحقون من حق الله تعالى شيئًا، ولا يُطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله.
ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء.
ولا أكفر أحدا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام.
وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأئمة الدجال، لا يبطلة جور جائر ولا عدل عادل.
وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله.
ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعتهم، وحرم الخروج عليهم. وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر وآكل سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة.
وأعتقد أن الإِيمان قولٌ باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو بضع وسبعون شُعبة، أعلاها: شهادة لا إِله إِلا الله، وأدناها إِماطة الأذى عن الطريق.
وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة. فهذه عقيدة وجيزة حرَّرتها وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي، والله على ما نقول وكيل».
وإذاً ملخص عقيدة الشيخ محمدبن عبدالوهاب_رحمه الله:
كان - رحمه الله - على عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وعقيدة أئمة السنة والهدى لم يخالفهم في شيء لا في باب أسماء الله وصفاته ولا في الإيمان والكفر، ولا في الوعد والوعيد والشفاعة، ولا في أمر من الأمور الغيبية، ولا في غيرها، ولا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وكفره السلف الصالح واقتضى ذلك أصول أهل السنة ومنهجهم.
{وأما توحيد العبادة والألوهية فلا خلاف بين أهل الإسلام فيما قاله الشيخ، وثبت عنه من المعتقد الذي دعا إليه يوضح ذلك أن أصل الإسلام وقاعدته شهادة أن لا إله إلا الله، وهي أصل الإيمان بالله وحده، وهي أفضل شُعب الإيمان، وهذا الأصل لابد فيه من العلم والعمل والإقرار بإجماع المسلمين، ومدلوله وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، والبراءة من عبادة ما سواه كائناً من كان،
وهذا هو الحكمة التي خُلقت لها الأنس والجن وأرسلت لها الرسل وأنزلت بها الكتب، وهي تتضمن كمال الذل وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم، وهذا هو دين الإسلام وهو يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركاً، ومن لم يستسلم كان مستكبراً عن عبادته<.
{وأما مسائل القدر والجبر والإمامة والتشيع ونحو ذلك من المقالات والنحل فهو أيضاً فيها على ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الهدى والدين يبرأ مما قالته النفاة القدرية المجبرة، وماقالته المرجئة والرافضة، وما عليه غلاة الشيعة والناصبة، يوالي جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ويكف عما شجر بينهم، ويرى أنهم أحق الناس بالعفو عما يصدر عنهم، وأقرب الخلق إلى مغفرة الله وإحسانه لفضائلهم وسوابقهم وجهادهم، وما جرى على أيديهم من فتح القلوب بالعلم النافع والعمل الصالح، وفتح البلاد ومحو آثار الشرك وعبادة الأوثان والنيران والأصنام والكواكب،
ونحو ذلك مما عبده جهال الأنام، ويرى البراءة مما عليه الرافضة وأنهم سفهاء لئام، ويرى أن أفضل الأئمة بعد نبيها، أبو بكر فعمر فعثمان فعلي - رضي الله عنهم - أجمعين،
ويعتقد أن القرآن الذي نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين وخاتم النبيين كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ويبرأ من رأي الجهمية القائلين بخلق القرآن،
ويحكى تكفيرهم عن جمهور السلف أهل العلم والإيمان، ويبرأ من رأي الكلابية أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب القائلين بأن كلام الله هو المعنى القائم بنفس الباري وإنما نزل به جبريل حكاية وعبارة عن المعنى النفسي، ويقول هذا من قول الجهمية، وأول من قسم هذا التقسيم هو ابن كلاب وأخذ عنه الأشعري وغيره، ويخالف الجهمية.
{ولا يرى ما ابتدعه الصوفية من البدع والطرائق المختلفة المخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته في العبادات والخلوات والأذكار المخالفة للمشروع.
{ولا يرى ترك السنن والأخبار النبوية لرأي فقيه ومذهب عالم خالف ذلك باجتهاده، بل السنة أجل في صدره وأعظم عنده من أن تترك لقول أحد كائناً من كان.
{ويوالي الأئمة الأربعة ويرى فضلهم وأمانتهم وأنهم من الفضل والفضائل في غاية ورتبة يقصر عنها المتطاول، ويوالي كافة أهل الإسلام وعلمائه من أهل الحديث والفقه والتفسير وأهل الزهد والعبادة، ويرى المنع من الانفراد عن أئمة الدين من السلف الماضين برأي مبتدع، وقول مخترع، فلا يحدث في الدين ما ليس له أصل يتبع، وما ليس من أقوال أهل العلم والأثر، ويؤمن بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار، وجاء الوعيد عليه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولا يبيح من ذلك إلا ما أباحه الشرع وأهدره الرسول، ومن نسب إليه خلاف هذا فقد كذب وافترى وقال ما ليس له به علم، وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله من المفترين.
_ضوابط التكفير عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله:وقد سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، - رحمه الله تعالى -، عما يقاتل عليه؟ وعما يكفر الرجل به؟
فأجاب:
أركان الإسلام الخمسة، أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة، فالأربعة إذا أقر بها، وتركها تهاوناً، فنحن وإن قاتلناه على فعلها، فلا نكفره بتركها، والعلماء: اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود، ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو: الشهادتان.
وأيضاً: نكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، فنقول: أعداؤنا معنا على أنواع ثم ذهب يبين هذه الأنواع. الدرر السنية -1/102-.
ومن ذلك قوله: وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان، الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله.
وإذا كنا: لا نكفر من عبد الصنم، الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم، وعدم وجود من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله؟ ! إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر ويقاتل -سبحانك هذا بهتان عظيم-.
{وقال - رحمه الله -: ونكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان، بعد ماعرف أنها دين للمشركين وزينه للناس، فهذا الذي نكفره، ونكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى من فعله.
وكذا الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفاً من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد، فهذا أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها، ولم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله على خوف أم مداراة، أو مشحة بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لايكره إلا على الكلام والفعل، وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد.
الجهاد مع أئمة الجور
{وقال - رحمه الله - في الجهاد والصلاة مع أئمة الجور:
وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام براً كان أم فاجراً، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل.
وأيضاً يتضح بما سبق أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يبتدع شيئا جديدا في أصول الاعتقاد، بل مشى على خطى الأئمة الأربعة، واستقى عقيدته ومنهجه منهم، وهو في ذلك لم يفعل سوى تجديد الدعوة إلى عقيدة هؤلاء الأئمة العظام التي آمنوا بها وجهروا بها.
ولهذا يقول الشيخ : «عقيدتي وديني الذي أدين الله به، هو مذهب أهل السنة والجماعة، الذي أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة، وأتباعهم إلى يوم القيامة»
ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن : «قد عرف واشتهر واستفاض من تقارير الشيخ ومراسلاته ومصنفاته المسموعة المقروءة عليه وما ثبت بخطه وعرف واشتهر من أمره ودعوته وما عليه الفضلاء والنبلاء من أصحابه وتلاميذه: أنه كان على ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الدين أهل الفقه والفتوى».
.... . ...... ....... .....
_أعمال الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله:
دعوة التوحيد:
قام الشيخ محمد بن عبد الوهّاب بدعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله عز وجل؛
معتمداً في ذلك على كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح من علماء هذه الأمة.
وقد بدأ الشيخ دعوته في بلدة حريملاء وقَبِلَ دعوته فيها كثير من الناس، ووفد عليه آخرون من غيرها للإفادة منه وحضور دروسه ومجالسه، حتى كَثُر محبوه وتابعوه، وانضم لدعوته جمع غفير، مما أثار بعض المفسدين وحملهم على محاولة قتله فانتقل الشيخ إلى العيينة.
وفي العيينة استقبل الأمير عثمان بن حمد بن عبد الله بن معمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وعرض الشيخ على الأمير دعوته، وقبل الأمير منه ذلك، وتعاونا على نشر الدعوة والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإزالة الشرك والبدع، مما أثار حفيظة بعض العلماء الذين فقدوا مكانتهم والحكام الذين تأثرت مصالحهم، ولما عجزوا عن الرد عليه ومناظرته لجأوا إلى الافتراء والكذب والمكر والحيل والاستعانة بتخويف الملوك والحكام وتأليبهم عليه، فاضطر الشيخ إلى الخروج من العيينة.
خروجه من العيينة :
كان سبب إخراجه من العيينة هو أن ابن معمر أمير العيينة خاف من حاكم الأحساء أن يقطع عنه المعونة فأخرج محمد بن عبد الوهاب من العيينة.
خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية مقر آل سعود. وهناك التقى بأمير الدرعية الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن، الذي استقبل محمد بن عبد الوهّاب فعرض محمد بن عبد الوهّاب دعوته على الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن؛ فقبلها، وتعاهد الشيخان على حمل الدعوة على عاتقهم، والدفاع عنها، والدعوة للدين الصحيح، ومحاربة البدع، ونشر كل ذلك في جميع أرجاء جزيرة العرب.
تحالفه مع محمد بن سعود:
فلما وصل الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني، فلما دخل عليه ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود بن محمد آل مقرن فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال:«سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً»
وهناك بدأ التزاور بين خصائص أهل العلم من الدرعية ولما اطلعوا على دعوة الشيخ أرادوا أن يشيروا على ابن سعود بنصرته فهابوه فأتوا إلى زوجته الأميرة موضي بنت سلطان أبو وهطان الكثيري، من بني لام، وأخيه ثنيان فأخبروها بمكان محمد بن عبد الوهّاب ووصف ما يأمر به وينهى عنه فاتبعا دعوة الشيخ وقررا نصرته.
وحينما دخل محمد بن سعود بن محمد آل مقرن على زوجته أخبرته بمكان الشيخ وقالت له: «هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به» فقبل قولها ثم دخل على أخيه ثنيان وأخيه مشاري فأشارا عليه بمساعدته ونصرته.
أراد أن يرسل إليه فقالوا: «سر إليه برجلك في مكانه وأظهر تعظيمه والاحتفال به، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه»، فذهب محمد بن سعود إلى مكان الشيخ ورحب به وأبدى غاية الإكرام والتبجيل وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده.
وقال له: «أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة»، فقال الشيخ: «وأنا أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد».
شروط التحالف :
لما تحقق الأمير محمد بن سعود من صحة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبدا له أن فيها مصالح دينية ودنيوية اشترط الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن على الشيخ محمد بن عبد الوهّاب شرطين:
أن لا يرجع عنه إن نصرهم الله ومكنهم.
أن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار.
فقال محمد بن عبد الوهّاب: «أما الأول الدم بالدم والهدم بالهدم. وأما الثاني فلعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج.»
وهكذا تم اللقاء التاريخي، وحصلت البيعة على ذلك، وهو ما يعرف بمبايعة الدرعية، وهو بداية قيام الدولة السعودية الأولى.
التطبيق :
لم يهتم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهّاب بالأموال التي كان يحصلها هؤلاء من غير وجه حق باسم القيام على هذه القبور والمزارات أو استغلال تمكنهم لتحقيق مصالحهم الشخصية، بل اهتموا بإصلاح عقائد العامة وإزالة البدع والرجوع إلى القرآن والسنة.
كما اهتموا أيضاً بأخلاق الناس والشروع في تقويتها وترسيخها وإزالة الرواسب منها.
وفي وقت سيادة الدعوة بقيادة السلفيين من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب قلت المشاكل في مجتمع الجزيرة فانعدمت السرقات وحروب الفجور.
وأصبحت الطرق أكثر أمناً وأماناً بعد أن كانت مصدر متاعب للناس وحركتهم حيث السطو والسرقات قبل انتشار السلفيين ودعوتهم وأصبحت منطقة الجزيرة بمثابة منطقة جهاد بالنسبة للسلفيين مما أثار انتباه العالم الخارجي لهذه الدعوة الإسلامية.
_وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله :
في عام 1206 هـ الموافق 1791 توفي محمد بن عبد الوهّاب في الدرعية، قال ابن غنام: «كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر» وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم،
أما ابن بشر فيقول: «كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة» وقول ابن غنام أرجح[وفقاً لِمَن؟] لتقدمه في الزمن على ابن بشر ولمعاصرته له وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه، وكان بلغ من العمر نحو إحدى وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف مالاً يقسم بين ورثته
.... ....... .......
_أما عن مؤلفات الشيخ محمدبن عبد الوهاب _رحمه الله فهي كثيرة جداً، فقد قام بتأليف عدد من الكتب والرسائل، منها:
_كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير
_كتاب مختصر زاد المعاد
_كتاب ثلاثة الأصول
_ كتاب الأصول الثلاثة: وهي معرفة الرب، ومعرفة دين الإسلام، ومعرفة الرسول. اقرأه على ويكي مصدر.
_ كتاب التوحيد: وهو من أشهر مؤلفاته ذكر فيه معتقده حول حقيقة التوحيد والشرك ومفاسده. اقرأه على ويكي مصدر. وجعل ذلك من خلال النصوص الشرعية من الكتاب والسنة.
_ كتاب كشف الشبهات: وهو في الجواب على اعتراضات المخالفين لدعوته. اقرأه على ويكي مصدر.
_ كتاب القواعد الأربع: حيث ذكر في هذه الرسالة اعتقاده في بعض مسائل التوحيد. اقرأه على ويكي مصدر.
_ كتاب أصول الإيمان :وهو في تقرير أصول الأيمان وأركانه وذكر أدلتها من القرآن والسنة. اقرأه على ويكي مصدر.
_ كتاب فضل الإسلام: وقد وضح فيه دين الإسلام وفضائل هذه الأمة على غيرها ثم حقيقة الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. اقرأه على ويكي مصدر. اقرأه على ويكي مصدر. اقرأه على ويكي مصدر. اقرأه على ويكي مصدر. اقرأه على ويكي مصدر.
_ كتاب مسائل الجاهلية: وذكر فيه مئة وإحدى وثلاثين مسألة خالف الرسول صلى الله عليه وسلم فيها معتقدات أهل الجاهلية. اقرأه على ويكي مصدر.
_ كتاب السيرة: وهو ملخص من كتاب السيرة لابن هشام. اقرأه على ويكي مصدر.
_كتاب الهدي النبوي: وهو ملخص لكتاب زاد المعاد لابن القيم. اقرأه على ويكي مصدر.
_كتاب شروط الصلاة وأركانها: وقد شرحت هذه الرسالة شروط الصلاة، وذكرت أركانها وواجباتها.
_كتاب الكبائر: ذكر فيه جميع الكبائر، واحدة واحدة، مفصلة في أبواب، وقد استشهد في كل باب بنصوص الكتاب والسنة.
_كتاب نصيحة المسلمين: جمع فيه أحاديث تتعلق بجميع نواحي التعليمات الإسلامية.
_كتاب تفسير الفاتحة: وهو تفسير موجز جداً لسورة الفاتحة.
_كتاب تفسير الشهادة: وهو تفسير لكلمة "لا إله إلا الله"، مع ذكر أهمية التوحيد.
_كتاب تفسير لبعض سور القرآن: وهي مجموعة لبعض تعليقاته على آيات وسور مختلفة من القرآن.
_كتاب ستة مواضع من السيرة: وهي رسالة مختصرة توضح ستة أحداث من السيرة النبوية، وله عدة رسائل صغيرة أخرى يوجد بعضها في كتاب روضة الأفكار المجلد الأول الفصل الثالث والرابع.
وله عدة رسائل صغيرة أخرى يوجد بعضها في كتاب روضة الأفكار المجلد الأول الفصل الثالث والرابع.
_قبر الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله :
دُفنَ في الدرعية، وقبره قبر عادي كغيره من القبور هناك، قرب وادي حنيفة في مقبرة قريوي.
... ...... ...... .......
_الخلاصة لسيرة الذاتية للشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله :
الشيخ محمد رحمه الله إمام كبير وعلامة شهير، من الله عليه بالفقه في الدين، والبصيرة في علوم الشريعة ولا سيما العقيدة الصحيحة "عقيدة أهل السنة والجماعة ",
وكان ذلك في وسط القرن الثاني عشر، تعلم على علماء بلده وسافر إلى مكة والمدينة وأخذ عن بعض علمائهما، ثم رجع إلى بلده الدرعية ورأى أن الناس ...
التعلق بالأموات والقبور والشجر والحجر، ففتح الله عليه ومن عليه بالقوة والصبر فدعا إلى الله وأرشد الناس إلى توحيد الله، وعلمهم أن التعلق بالقبور والأشجار والأحجار والاستغاثة بها شرك أكبر وصبر على ذلك،
وعاداه كثير من أهل زمانه ولكن الله نصره عليهم، وتابعه جم غفير من أهل العلم والبصيرة من أقاربه وغيرهم، فصارت دعوته فتحاً عظيماً على المسلمين، ورحمة من الله لعباده في هذه الجزيرة العربية، وكانت دعوته أولاً في الحريملاء ثم انتقل إلى العيينة كلها قرى .... متقاربة، ومكث في .... مدة أيضاً عند أميرها عثمان بن معمر يدعو إلى الله ويعلم الناس شريعة الله، ويحذرهم من الشرك بالله وعبادة غيره، وكانت قبة زيد بن الخطاب في الجبيلة معظمة تدعى من دون الله، كان يدعى من دون الله ويعبد؛
لأنه قتل في يوم اليمامة في قتال مسيلمة ، وصار الناس يعظمون قبره ويدعونه من دون الله وعليه بنية، فأعان الله الشيخ وذهب بجماعة من العيينة وهدموا تلك القبة، وبين للناس أن هذا لا يجوز،
وأن البناء على القبور لا يجوز، وأن دعاء الميت والاستغاثة به لا يجوز، ولم يزل في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى توحيد الله وإلى ما شرعه الله من الأوامر وإلى ترك ما حرم الله من المعاصي، من الزنا والسرقة والربا وشرب المسكرات إلى غير ذلك، وتابعه على ذلك جم غفير من العلماء من أبنائه وأقربائه وغيرهم، فهو بحمد الله نعمة من الله فتح الله به القلوب، وفتح الله به البلاد حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً بعدما اتضحت لهم الدعوة، وقام آل سعود وناصروه وعلى رأسهم الإمام محمد بن سعود الأمير في زمانه، فإنه كان بالعيينة أولاً، ثم صار بينه وبين عثمان بن معمر بعض الشيء فخرج من العيينة إلى الدرعية، وتلقاه الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية وبايعه على النصرة والجهاد فوفى له بذلك، الأمير محمد وفى بما قال وتساعدا في الدعوة وقام سوق الجهاد في سبيل الله حتى أظهر الله الحق ونصر الحق، ودخل الناس في دين الله أفواجاً،
وانتشرت الدعوة في هذه الجزيرة، ثم فتح الله على آل سعود مكة والمدينة وأظهرا فيها العقيدة الصحيحة، وهدما ما على القبور من البنيات، من القباب وغير ذلك في مكة والمدينة، وأوضحوا للناس حقيقة التوحيد، وكان فتح مكة والمدينة على آل سعود بعد موت الشيخ رحمه الله في السنة الثامنة عشرة من الهجرة بعد القرن الثاني عشر، ... عام ثماني عشرة ومائتين وألف، وكان الشيخ توفي رحمه الله سنة ست ومائتين.
والمقصود أن دعوة الشيخ محمد دعوة سلفية دعوة صحيحة، وهو إمام محقق، فتح الله عليه في هذا الباب ودعا إلى الله وأرشد إلى الله وصبر على الأذى وعلى معاداة من عاداه من أقاربه وغيرهم حتى نصره الله عليهم، وحتى أظهر الله الحق على يديه، ثم على يدي أبنائه بعده، وعلى يدي الأمراء من آل سعود، فجزاهم الله جميعاً خيراً ورحمهم رحمة واسعة وضاعف لهم المثوبة.
ولم تزل هذه الدعوة بحمد الله قائمة على يدي آل الشيخ وآل سعود، وعلى يدي العلماء، علماء الشريعة علماء العقيدة، من علماء الجزيرة يدعون إلى الله، ويعلمون الناس دين الله.
وهكذا انتشرت في خارج الجزيرة في الشام والعراق ومصر وفي الهند وغيرها، نقلها العلماء إلى هذه البلدان ونفع الله بها من شاء من العباد، وذلك بتوفيق من الله ورحمة من الله لمن نقلها ولمن نقلت إليه.
وهو رحمه الله صبور على الأذى، وهكذا أتباعه صبروا كثيراً وأوذوا كثيراً، وقتل من قتل من أتباعه ولكنهم لم يتأخروا عن جهاد أعداء الله، ولم يتأخروا عن الدعوة فصبروا وجاهدوا حتى فتح الله عليهم بلاد الجزيرة ..... النجدية كلها،
وهكذا فتح الله عليهم الحجاز الحرمين وبقية بلاد الحجاز كل ذلك من فضل الله عليهم، من فضل الله عليهم لما نصروا دينه، وأرشدوا العباد إلى ما يجب عليهم وصبروا على الأذى فتح الله عليهم ونفع الله بدعوتهم، وانتشرت أيضاً في اليمن هذه الدعوة وانتفع بها الكثير من اليمن.
وله من المؤلفات رسائل كثيرة جمعت في مجموع الرسائل والفتاوى مجتمع المسمى السنية المطبوع الموزع بين الناس، وله كتاب التوحيد كتاب عظيم ألفه في أول الدعوة وانتشر، وله ثلاثة الأصول والقواعد الأربع كتاب صغير مفيد جداً، وله أيضاً كشف الشبهات أوضح فيها بطلان الشبهات التي تشبث بها أعداء الله من عباد الأوثان، وله كتاب في الصلاة والزكاة والصيام، المسمى آداب المشي إلى الصلاة، وله رسائل كثيرة رحمه الله طبعت في المجموع الذي سمعت.
ذكر المفتريات التي ألصقت بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، مع دحض لتلك المفتريات .. ثم نتبعه إن شاء الله إن كان في العمر بقية بالشبهات التي أثيرت حول الدعوة إلى غيرها من الأمور ... و سأعتمد في طرح هذا الموضوع على كتاب قيم في هذا الباب وهو : ( دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) .. مع تصرف بسيط لا يخل في الطرح ..
الافتراء الأول : ادعاء الشيخ النبوة وانتقاص الرسول صلى الله عليه وسلم ..
الذي يظهر من العنوان أن هذه الفرية تتكون من شقين ، لذا فإننا سنتحدث عن كل شق على حدة ..
إن معتقد الشيخ رحمه الله في مسألة ختم النبوة واضحة و منتشرة في مواضع كثيرة من مؤلفاته ، ففي رسالته لأهل القصيم لما سألوه عن عقيدته
قال : ( وأومن بأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين و المرسلين ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ) انظر : مجموعة مؤلفات الشيخ (5/10 ) ، وانظر كلاماً مشابهاً في نفس المصدر (1/155 ، 195 ) و (3/8 ) ، و الدرر السنية (1/262 ) . و يعتقد جلياً مما سبق ذكره اعتقاد الشيخ في مسألة ختم النبوة .
ومع هذا فإننا نرى بعض خصوم الشيخ و خصوم هذه الدعوة يسطرون فرية ادعاء النبوة للشيخ ويسودون الصحائف بهذا البهتان ،
ومن أوائل الذين ألصقوا بالشيخ هذه الفرية ابن عفالق حيث يقول في رسالته التي ألفها رداً على عثمان بن معمر أمير العيينة آنذاك :
( كما ادعا نزيله مسيلمة أي النبوة بلسان مقاله وابن عبد الوهاب حاله ) ،
وفي موضع آخر : ( والله لقد ادعا النبوة بلسان حاله لا بلسان مقاله ، بل زاد على دعوى النبوة وأقمتموه مقام الرسول وأخذتم بأوامره ونواهيه ) . إلى غيرها من المفتريات .
انظر كتاب : دعاوى المناوئين (ص 81 82 ) .
ثم تبعه عدد من المفترين من أمثال : علوي الحداد في كتابه مصباح الأنام ( ص 4 ) ،
و حسن بن عمر الشطي في تعليقه على رسالة في إثبات الصفات للحازمي ،
و أحمد بن زيني دحلان الذي أشاع هذه الفرية وسطرها في كتبه ، انظر : خلاصة الكلام ( ص 239 ) و الدرر السنية في الرد على الوهابية (ص 47 ) ، وتلقفها من بعده خصوم آخرون من أمثال : العاملي في كتابه :كشف الارتياب عن أتباع ابن عبد الوهاب ( ص 3 ) و جميل صدقي الزهاوي في كتابه : الفجر الصادق ( ص 17 ) ،
و مختار أحمد باشا المؤيد في كتابه : جلاء الأوهام ( ص 5 ) ،
و عبد القادر الاسكندراني ، انظر الرد عليه في كتابه : النفخة على النفحة لناصر الدين الحجازي ( ص 6 ) .
ثم أتى من بعدهم آخرون حاولوا نشر تلك الفرية بوسائل أخرى ، من أمثال : السمنودي في كتابه : سعادة الدارين ( 1/36 ) ،
و محمد توفيق سوقية في كتابه : تبيين الحق والصواب ( ص 6 ) .
مما سبق نقله و ما ذكرته من اعتقاد الشيخ في مسألة ختم النبوة هو بحد ذاته أعظم وابلغ الحجج في دحض ورد تلك الفرية الكاذبة الخاطئة ..
ومع ذلك فسأورد رداً واحداً في قمع هذه الفرية من باب الزيادة في إسقاطها ..
يقول الشيخ سليمان بن سحمان في كتابه : الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد :
والجواب أن يقال لهذا الملحد المفتري : هذا من أبطل الباطل وأمحل المحال وبطلانه من وجوه :
أنه زعم أنه يضمر دعوى النبوة ، وهذا أمر قلبي لا يطلع عليه إلى الله ، فكيف ساغ له أن يدعي علم ما في القلوب مما لا يطلع عليه إلا علام الغيوب ، أيدعي علم الغيب أو أنه يوحى إليه ، ومن ادعى ذلك فهو كافر ، ثم ما هذه القرائن التي يزعم هذا الدجال المفتري أنها تظهر عليه بسان الحال ،
فهلا ذكر قرينة واحدة من ذلك فإنا لا نعلم إلا دعوة الحق إلى إخلاص العبادة لله وحده .. الخ ( ص 12 ) . انظر الردود على هذه الفرية : دعاوى المناوئين ( ص 84 90 ) .
و ننتقل إلى الشق الآخر من هذه الفرية وهو اتهام الشيخ وأتباعه بانتقاص الرسول صلى الله عليه وسلم .
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الشأن : ولما أراد الله سبحانه إظهار توحيده وإكمال دينه وأن تكون كلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى بعث محمداً خاتم النبيين و حبيب رب العالمين ، .. إلى أن قال : إلى أن أخرج تلك الدرة من بني كنانة وبني زهرة ، فأرسله على حين فترة من الرسل وهداه إلى أقوم السبل ، فكان له صلى الله عليه وسلم من الآيات الدالة على نبوته قبل بعثته ما يعجز أهل عصره .. انظر : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (4/28 ) ، وانظر كلاماً آخر في : مجموعة مؤلفات الشيخ (1/190 ) و (5/113 ) و (4/339 ) إلى غيرها من المؤلفات ..
وانظر معتقد أتباع الشيخ رحمه الله في هذه المسألة كتاب : دعاوى المناوئين ( ص 91 - 95 ) .
فهذه النقول السباقة ما هي إلا إشارات سريعة تعطي بياناً مجملاً لمعتقد الشيخ رحمه الله في حقوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. أما افتراء الخصوم على الشيخ وأتباعه بأنهم يتنقصون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انظرها في نفس الكتاب السابق ( ص 95 99 ) .
يقول الشيخ رحمه الله في تكذيب هذا الافتراء : وما ذكره المشركون عليّ أني أنهى عن الصلاة على النبي أو أني أقول لو أن لي أمراً هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم .. فكل هذا كذب وبهتان ،
افتراه عليّ الشياطين الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل .. انظر : مجموعة مؤلفات الشيخ (5/52 ) . وانظر ردوداً أخرى من الشيخ ومن أتباعه من بعده في كتاب : دعوى المناوئين ( ص 99 112 ) .
للمزيد عن حياة الشيخ و سيرته انظر الكتب التالية :
محمد بن عبد الوهاب لأحمد بن عبد الغفور عطار ، و داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب لعبد العزيز سيد الأهل ، و سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب لأمين سعيد ، و الشيخ محمد بن عبد الوهاب للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي ، و الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره للدكتور عبد الله الصالح العثيمين ، والإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في التاريخ لعبد الله بن سعد الرويشد ، والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته للدكتور عبد الله يوسف الشبل ، و محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه لمسعود عالم الندوي و دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية لأحمد بن عبد العزيز الحصين .. هذا عدا المصادر الأصلية مثل : تاريخ ابن غنام ، وتاريخ ابن بشر و تاريخ ابن عيسى ..
أما الرسائل الجامعية فقد كتب فيه على سبيل المثال : دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي ، رسالة دكتوراه للدكتور أحمد بن عطية الزهراني من قسم العقيدة في جامعة أم القرى ، و عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي ، رسالة دكتوراه للدكتور صالح بن عبد الله العبود ، من قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ..
و رسالة دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقد للأستاذ عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف ، رسالة ماجستير .. و رسالة الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة للأستاذ علي بن بخيت الزهراني ، رسالة ماجستير تحدث في الباب الرابع من رسالته عن الصحوة الإسلامية وكان موضوع الفصل الأول لهذا الباب هو أثر حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي و هو فصل مهم وقيم
..... ...........
_الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
عالم و فقيه ومصلح ديني و مؤلف إسلامي وأحد زعماء الدعوة والإصلاح في العصر الحديث
_الميلاد:سنة 1703
_الوفاة:22 يونيو 1791 (87–88 سنة)
_الكنية:أبو عَليّ
_الديانة:الإسلام
_العقيدة :أهل السنة والجماعة
:الزوجة:الجوهرةبنت عبد الله بن معمّر
_أبناء :حسين، وحسن، وعبد الله، وعلي الأول وهو أكبرهم وبه يكنى، وقد توفي صغيراً وسمي عليه أخوه علي الثاني، وإبراهيم، وعبد العزيز.
_الأب:عبدالوهاب بن سليمان بن علي
_التلامذة المشهورون:
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وعلي بن محمد بن عبد الوهاب، وحسن بن محمد بن عبد الوهاب
_مؤلفاته البارزة :
كتاب التوحيد، وثلاثة الأصول و أدلتها، وكشف الشبهات
_تأثر بـ :أحمدبن حنبل · ابن تيمية · ابن القيم
_أثر في:فيصل الدويش · عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب · عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ · حافظ الحكمي · عبد الله القرعاوي · محمد رشيد رضا · حسن البنا · ابن عثيمين · ابن باز · أحمد بن يحيى النجمي · الألباني · صالح اللحيدان · ابن جبرين · محمد بن إبراهيم آل الشيخ · أبو إسحاق الحويني
الخلاصة:
أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد ابن عبد الوهاب - رحمة الله عليه - إنما قام لإظهار دين الله، وإرشاد الناس إلى توحيد الله، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق، وزجرهم عن الباطل، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر.. هذه خلاصة دعوته - رحمة الله - تعالى - عليه- وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح.