إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ؛شرح كتاب التوحيد للشيخ محمدبن عبدالوهاب
شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله
باب قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ، [القصص: 56] ..
أراد الشيخ محمدبن عبد الوهاب_رحمه الله الرد على عباد القبور الذين يعتقدون في الأنبياء والصالحين أنهم ينفعون ويضرون، فيسألونهم مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، وهداية القلوب، وغير ذلك من أنواع المطالب الدنيوية والأخروية،
ويعتقدون أن لهم التصرف بعد الموت على سبيل الكرامة. وقد وقفت على رسالة لرجل منهم في ذلك، ويحتجون على ذلك بقوله:
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يقول قائلهم [البوصيري] في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم الروح والقلم.
فإذا عرف الإنسان معنى هذه الآية ومن نزلت فيه;
تبين له بطلان قولهم وفساد شركهم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق
وأقربهم من الله، وأعظمهم جاها عنده، ومع ذلك حرص واجتهد على هداية عمه أبي طالب في حياة أبي طالب وعند موته، فلم يتيسر ذلك ولم يقدر عليه، ثم استغفر له بعد موته، فلم يغفر له حتى نهاه الله عن ذلك.
ففي هذا أعظم البيان، وأوضح البرهان على أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك ضرًا ولا نفعًا، ولا عطاء ولا منعًا، وأن الأمر كله بيد الله،
فهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، ويكشف الضر عمن يشاء، ويصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم وهو الذي من جوده الدنيا والآخرة، وهو بكل شيء عليم. ولو كان عنده صلى الله عليه وسلم من هداية القلوب ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب شيء ;
لكان أحق الناس به، وأولاهم من قام معه أتم القيام ونصره، وأحاطه من بلوغه ثمان سنين إلى ما بعد النبوة بثمان سنين أو أكثر، بل قال تعالى:
{قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
وقال تعالى: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى}
فهل يجتمع في قلب عبد الإيمان بهذه الآيات وما أشبهها، والإيمان بذلك البيت وما أشبهه، ولكن قاتل الله أعداءه الذين جاوزوا الحد في إطرائه والغلو فيه.
وأما معنى الآية فقال ابن كثير:
يقول تعالى لرسوله: إنك يا محمد لا تهدي من أحببت، أي: ليس إليك ذلك، إنما عليك البلاغ، والله يهدي من يشاء، وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة كما قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وقال: {وَمَا أَكْثَرُالنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} .
وهذه الآية أخص من هذا كله فإنه قال:
{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}
أي: أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية. وقد ثبت في "الصحيحين" أنها نزلت في أبي طالب، وقد كان يحوطه وينصره، ويقوم في حقه، ويحبه حبًا طبعيًا لا حبًا شرعيًا، فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والدخول في الإسلام فسبق القدر فيه، واختطف من يده، واستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحجة البالغة.
فإن قلت: قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
فالجمع بينها وبين الآية. المترجم لها، قيل: الهداية التي تصح نسبتها لغير الله بوجه ما هي هداية الإرشاد والدلالة،
كما قال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
أي: ترشد وتبين، والهداية المنفية عن غير الله هي هداية التوفيق وخلق القدرة على الطاعة، ذكره بعضهم بمعناه.
قال: في " الصحيح " عن ابن المسيب عن أبيه قال. "لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل فقال: يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أُحَاجُّ لك بها عند الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟
فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة] " وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}
ش: قوله في "الصحيح". أي "الصحيحين".
قوله: (عن ابن المسيب) ، هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي
وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء الكبار، الحفاظ العباد، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل.
وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين، وأبوه المسيب صحابي، بقي إلى خلافة عثمان رضي الله عنه وكذلك جده حزن صحابي، استشهد باليمامة.
قوله: (لما حضرت أبا طالب الوفاة) ، أي: حضرت علامات الوفاة وإلا فلو كان انتهى إلى المعاينة لم ينفعه الإيمان لو آمن.
ويدل على ذلك ما وقع من المراجعة بينه وبينهم، ويحتمل أن يكون انتهى إلى تلك الحالة، لكن رجا النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أقر بالتوحيد ولو في تلك الحالة أن ذلك ينفعه بخصوصه، ويسوغ فيه شفاعته صلى الله عليه وسلم ولهذا قال: أجادل لك بها، وأشهد لك بها، وأحاج لك بها.
ويدل على الخصوصية أنه بعد أن امتنع من الإقرار بالتوحيد، ومات على الامتناع منه لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة له، بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة إلى غيره. وكان ذلك من الخصائص في حقه.
قوله: (جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، يحتمل أن يكون المسيب حضر هذه القصة، فإن المذكورين من بني مخزوم وهو أيضًا مخزومي، وكانوا يومئذ كفارًا فمات أبو جهل على كفره، وأسلم الآخران.
وقول بعض الشراح: إن هذا الحديث من مراسيل الصحابة مردود، وفي هذا جواز عيادة المشرك إذا رجي إسلامه. وجواز حمل العلم إذا كان فيه مصلحة راجحة على عدمه.
قوله: (يا عم) . منادى مضاف يجوز فيه إثبات الياء وحذفها.
قوله: (قل لا إله إلا الله) : أي: قل هذه الكلمة، عارفًا لمعناها، معتقدًا له في هذه الحال وإن لم تعمل به، إذ لا يمكن عند الموت إلا ذلك، ولا بد مع ذلك من شهادة أن محمدًا رسول الله.
قوله: (كلمة) . قال القرطبي: أحسن ما تقيد "كلمة" بالنصب على أنه بدل من لا إله إلا الله، ويجوز رفعها على احتمال المبتدأ.
قوله: (أحاج لك بها عند الله) . هو بتشديد الجيم من "المحاجة" وهي مفاعلة من الحجة، والجيم مفتوحة، على الجزم جواب الأمر،
أي: أشهد لك بها عند الله كما في الرواية الأخرى وفيه دليل على أن الأعمال بالخواتيم،
لأنه لو قالها لنفعته، وإن مات على التوحيد نفعته الشفاعة وإن لم يعمل شيئًا غير ذلك، وأن من كان كافرًا يجحدها إذا قالها عند الموت أجريت عليه أحكام الإسلام، فإن كان صادقًا من قلبه نفعته عند الله، وإلا فليس لنا إلا الظاهر، بخلاف من كان يتكلم بها في حال كفره.
قوله: (فقالا له) : أترغب عن ملة عبد المطلب. ذَكَّرَاهُ الحجة الملعونة التي يتعلق بها المشركون من الأولين والآخرين، ويردون بها على الرسل، وهي تقليد الآباء والكبراء، وأخرجا الكلام مخرج الاستفهام مبالغة في الإنكار لعظمة هذه الحجة في قلوب الضالين، وكذلك اكتفيا بها في المجادلة، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصرا عليها.
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب _رحمه الله: وفيه تفسير لا إله إلا الله بخلاف ما عليه أكثر من يدعي العلم. وفيه أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال الرجل: قل لا إله إلا الله. فقبح الله مَن أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
قوله: (فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأعادا) ، أي: أعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، وأعادا عليه مقالتهما مبالغة منه صلى الله عليه وسلم وحرصًا على إسلام عمه،
ومع ذلك لم يقدر النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولا على تخليصه من عذاب الله، بل سبق فيه القضاء المحتوم، واستمر على كفره ليعلم الناس أن لا إله إلا الله فلو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من هداية القلوب، وتفريج الكروب شيء، لكان أحق الناس بذلك وأولاهم عمه الذي فعل معه ما فعل. وفيه الحرص في الدعوة إلى الله والصبر على
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن رد ذلك على صاحبه، وتكريره وعدم الاكتفاء بمرة واحدة.
قوله: (فكان آخر ما قال - هو بنصب آخر على الظرفية-) :
أي: آخر زمن تكليمه إياهم، ويجوز رفعه.
قوله: (هو على ملة عبد المطلب) :الظاهر أن أبا طالب قال: أنا، فغيره الراوي أنفة أن يحكي كلام أبي طالب استقباحًا للفظ المذكور؛
وهي من التصرفات الحسنة، قاله الحافظ وقد رواه الإمام أحمد بلفظ أنا. فدل على ما ذكرناه.
قوله: (وأبى أن يقول لا إله إلا الله) .
قال الحافظ: هذا تأكيد من الراوي في نفي وقوع ذلك من أبي طالب، وكأنه استند في ذلك إلى عدم سماعه منه في تلك الحال. كذا قال. وفيه نظر، بل نفيه مستند إلى إباء أبي طالب عن قولها بقوله: وهو على ملة عبد المطلب.
قال الشيخ محمدبن عبدالوهاب _رحمه الله:
وفيه الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه، ومضرة أصحاب السوء على الإنسان، ومضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
أي: زيادة على المشروع بحيث يجعل أقوالهم حجة يرجع إليها عند التنازع.
قوله: فقال النبي: "لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك"
أقسم صلى الله عليه وسلم ليستغفرن له إلا أن ينهى عن ذلك،
كما في رواية مسلم: "أما والله لأستغفرن لك"
قال النووي: وفيه جواز الحلف من غير استحلاف، وكأن الحلف هنا لتأكيد العزم على الاستغفار، وتطبيبًا لنفس أبي طالب وكانت وفاة أبي طالب بمكة قبل الهجرة بقليل.
قال ابن فارس: مات أبو طالب ولرسول الله صلى الله عليه وسلم تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يومًا. وتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها بعد موت أبي طالب بثمانية أيام.
قوله: فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}
أي: ما ينبغي لهم ذلك، وهو خبر بمعنى النهي. وقد روى الطبري عن عمرو بن دينار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى نهاني عنه ربي فقال أصحابه: نستغفر لآبائنا كما استغفر نبينا لعمه فنزلت:
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} "
. وهذا فيه إشكال لأن وفاة أبي طالب بمكة قبل الهجرة اتفاقًا.
وقد ثبت "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية"
وفيه دلالة على تأخر نزول الآية عن وفاة أبي طالب، ولكن يحتمل أن يكون نزول الآية تأخر وإن كان سببها تقدم، ويكون لنُزولها سببان:
متقدم: وهو أمر أبي طالب،
ومتأخر: وهو أمر أمه ويؤيد تأخر النّزول استغفاره صلى الله عليه وسلم للمنافقين حتى نزل النهي عن ذلك، فإن ذلك يقتضي تأخر النزول وإن تقدم السبب ويشير إلى ذلك أيضًا قوله في حديث الباب، وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} .
لأنه يشعر بأن الأولى نزلت في أبي طالب وفي غيره، والثانية فيه وحده. ويؤيد تعدد السبب ما أخرج أحمد عن علي قال: "سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ ... } الآية". قاله الحافظ، وفيه تحريم الاستغفار للمشركين، وتحريم موالاتهم ومحبتهم، لأنه إذا حرم الاستغفار لهم، فموالاتهم ومحبتهم أولى.
..... ......... ....... ...
كتاب القول المفيد في شرح كتاب التوحيد للشيخ محمدبن عبدالوهاب_رحمه
باب قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية
مناسبة هذا الباب لما قبله:
مناسبته أنه نوع من الباب الذي قبله، فإذا كان لا أحد يستطيع أن ينفع أحدًا بالشفاعة والخلاص من العذاب، كذلك لا يستطيع أحد أن يهدي أحدًا، فيقوم بما أمر الله به.
قوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56]، الخطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان يحب هداية عمه أبي طالب أو من هو أعم.
فأنت يا محمد المخاطب بكاف الخطاب، وله المنزلة الرفيعة عند الله لا تستطيع أن تهدي من أحببت هدايته، ومعلوم أنه إذا أحب هدايته، فسوق يحرص عليه، ومع ذلك لا يتمكن من هذا الأمر، لأن الأمر كله بيد الله، قال تعالى:
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ} [آل عمران: 128]،
وقال تعالى: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ} [هود: 123]،
فأتى بـ "أل" الدالة على الاستغراق، لأن "أل" في قوله: "الأمر" للاستغراق، فهي نائبة مناب كل،
أي: وإليه يرجع كل الأمر، ثم جاءت مؤكدة بكل، وذلك توكيدان.
والهداية التي نفاها الله عن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هداية التوفيق، والتي أثبتها له هداية الدلالة والإرشاد، ولهذا أتت مطلقة لبيان أن الذي بيده هو هداية الدلالة فقط، لا أن يجعله مهتديًا،
قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، فلم يخصص سبحانه فلانًا وفلانًا ليبين أن المراد: أنك تهدي هداية دلالة، فأنت تفتح الطريق أمام الناس فقط وتبين لهم وترشدهم، وأما إدخال الناس في الهداية، فهذا أمر ليس إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما هو مما تفرد الله به سبحانه، فنحن علينا أن نبين وندعو، وأما هداية التوفيق (أي أن الإنسان يهتدي)، فهذا إلى الله - سبحانه وتعالى ـ، وهذا هو الجمع بين الآيتين.
وقوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} ظاهره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب أبا طالب، فكيف يؤول ذلك؟
والجواب: إما أن يقال: إنه على تقدير أن المفعول محذوف، والتقدير: من أحببت هدايته لا من أحببته هو.
أو يقال: إنه أحب عمه محبة طبيعية كمحبة الابن أباه ولو كان كافرًا.
أو يقال: إن ذلك قبل النهي عن محبة المشركين.
والأول أقرب، أي: من أحببت هدايته لا عينه، وهذا عام لأبي طالب وغيره.
ويجوز أن يحبه محبة قرابة، لا ينافي هذه المحبة الشرعية، وقد أحب أن يهتدي هذا الإنسان، وإن كنت أبغضه شخصيًا لكفره، ولكن لأني أحب أن الناس يسلكون دين الله.
وفي "الصحيح" عن ابن المسيب، عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعنده عبدالله بن أبي أمية وأبو جهلٍ، فقال له: "يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله".
قوله: "في الصحيح"، سبق الكلام على مثل هذه العبارة في باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.
قوله: "أبا"، بالألف: مفعول به منصوب بالألف، لأنه من الأسماء الخمسة، و"الوفاة" يعني: الموت، فاعل حضرت.
قوله: "فقال: يا عم! قل لا إله إلا الله"، أتى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الكنية الدالة على العطف، لأن العم صنو الأب، أي: كالغصن معه.
والصنو: الغصن الذي أصله واحد، فكأنه معه كالغصن.
قوله: "يا عم" فيها وجهان:
يا عم، بكسر الميم: على تقدير أنها مضافة إلى الياء.
ويا عم، بضم الميم: على تقدير قطعها عن الإضافة.
قوله: "قل: لا إله إلا الله" يجوز أنه قال على سبيل الأمر والإلزام، لأنه يجب أن يأمر كل أحد أن يقول: لا إله إلا الله.
ويجوز أنه قاله على سبيل الترجي والتلطف معه، وأبو طالب والذين عنده يعرفون هذه الكلمة ويعرفون معناها، ولهذا بادر بالإنكار.
قوله: "كلمة"، منصوبة، لأنها بدل لا إله إلا الله، ويجوز إذا لم تكن الرواية بالنصب أن تكون بالرفع، أي: هي كلمة، ولكن النصب أوضح.
قوله: "أحاج"، بضم الجيم وفتحها، فعلى ضم الجيم فهي صفة لكلمة، وإذا كانت بالفتح فهي مجزومة جوابًا للأمر: "قل"، أي: قل أحاج.
وقال بعض المعربين: إنها جواب لشرط مقدر، أي: إن تقل أحاج، وبعضهم يرى أنها جواب للأمر مباشرة، وهذا والأول أسهل، لأن الأصل عدم التقدير.
والمعنى: أذكرها حجة لك عند الله، وليس أخاصم وأجادل لك بها عند الله، وإن كان بعض أهل العلم قال: إن معناها أجادل الله بها، ولكن الذي يظهر لي أن المعنى: أحاج لك بها عند الله، أي: أذكرها حجة لك كما جاء في بعض الروايات: (أشهد لك بها عند الله) .
قوله: "فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟"، القائلان هما: عبدالله بن أبي أمية، وأبو جهل، والاستفهام للإنكار عليه،
لأنهما عرفا أنه إذا قالها - أي كلمة الإخلاص - وحد، وملة عبد المطلب الشرك، وذكرا له ما تهيج به نعرته، وهي ملة عبد المطلب حتى لا يخرج عن ملة آبائه.
وقد مات أبو جهل على ملة عبد المطلب، أما عبدالله بن أبي أمية والمسيب الذي روى الحديث، فأسلما، فأسلم من هؤلاء الثلاثة رجلان، رضي الله عنهما.
قوله: "ملة عبد المطلب"، أي: دين عبد المطلب.
قوله: "فأعاد عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "، أي: قوله قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله.
قوله: "فأعادا عليه"، أي قولهما: أترغب عن ملة عبد المطلب.
قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك).
فأنزل الله عز وجل: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113].
قوله: "فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لأستغفرن لك.... إلخ" جملة "لأستغفرن لك" مؤكدة بثلاث مؤكدات: القسم، والسلام، ونون التوكيد الثقيلة.
والاستغفار: طلب المغفرة، وكأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نفسه شيء من القلق، حيث قال: "ما لم أنه عنك"، فوقع الأمر كما توقع ونهى عنه.
قوله: "ما لم أنه عنك"، فعل مضارع مبني للمجهول، والناهي عنه هو الله.
قوله: "ما كان"، ما: نافية، وكان: فعل ماض وناقص.
قوله: {أن يستغفروا}، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر اسم كان مؤخر.
قوله: {للنبي}، خبر مقدم، أي: ما كان استغفاره.
واعلم أن ما كان أو ما ينبغي أو لا ينبغي ونحوها إذا جاءت في القرآن والحديث، فالمراد أن ذلك ممتنع غاية الامتناع،
كقوله تعالى: {ما كان لله أن يتخذ من ولد} [مريم: 35]،
وقوله: {وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: 92]،
وقوله: {لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ} [يس: 40]،
وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام) .
وقوله: {أن يستغفروا}، أي: يطلبوا المغفرة للمشركين.
قوله: {وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}،
أي: حتى ولو كانوا أقارب لهم، ولهذا لما اعتمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومر بقبر أمه استأذن الله أن يستغفر لها فما أذن الله له، فاستأذنه أن يزور قبرها فأذن له، فزاره للاعتبار وبكى وأبكى من حوله من الصحابة .
فالله منعه من طلب المغفرة للمشركين، لأن هؤلاء المشركين ليسوا أهلًا للمغفرة لأنك إذا دعوت الله أن يفعل ما لا يليق، فهو اعتداء في الدعاء.
وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}
قوله: "وأنزل الله في أبي طالب"، أي: في شأنه.
قوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}، الخطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي لا توفق من أحببت للهداية.
قوله: {وَيَهْدِي مَن يَشَاء}:
أي يهدي هداية التوفيق من يشاء. واعلم أن كل فعل يضاف إلى مشيئة الله تعالى، فهو مقرون بالحكمة،
أي: من اقتضت حكمته أن يهديه فإنه يهتدي، ومن اقتضت حكمته أن يضله أضله.
وهذا الحديث يقطع وسائل الشرك بالرسول وغيره، فالذين يلجئون إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويستنجدون به مشركون، فلا ينفعهم ذلك لأنه لم يؤذن له أن يستغفر لعمه، مع أنه قد قام معه قيامًا عظيمًا، ناصره وآزره في دعوته، فكيف بغيره ممن يشركون بالله؟!
الإشكالات الواردة في الحديث:
_الإشكال الأول:
الإثبات والنفي في الهداية، وقد سبق بيان ذلك.
_الإشكال الثاني:
قوله لما حضرت أبا طالب الوفاة يشكل مع قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18]، وظاهر الحديث قبول توبته.
والجواب عن ذلك من أحد وجهين:
_الأول:
أن يقال لما حضرت أبا طالب الوفاة، أي ظهر عليه علامات الموت ولم ينزل به، ولكن عرف موته لا محالة، وعلى هذا، فالوصف لا ينافي الآية.
_الثاني:
أن هذا خاص بأبي طالب مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويستدل لذلك بوجهين:
أ_ أنه قال: (كلمة أحاج لك بها عند الله)، ولم يجزم بنفعها له، ولم يقل: كلمة تخرجك من النار.
ب_أنه سبحانه أذن للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشفاعة لعمه مع كفره، وهذا لا يستقيم إلا له، والشفاعة له ليخفف عنه العذاب.
ويضعف الوجه الأول أن المعنى ظهرت عليه علامات الموت: بأن قوله: (لما حضرت أبا طالب الوفاة) مطابقًا تمامًا لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، وعلى هذا يكون الأوضح في الجواب أن هذا خاص بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أبي طالب نفسه.
_الإشكال الثالث:
أن قوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113] في سورة التوبة، وهي متأخرة مدنية، وقصة أبي طالب مكية، وهذا يدل على تأخر النهي عن الاستغفار للمشركين، ولهذا استأذن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للاستغفار لأمه وهو ذاهب للعمرة.
ولا يمكن أن يستأذن بعد نزول النهي، فدل على تأخر الآية، وأن المراد بيان دخولها في قوله تعالى:
{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}، وليس المعنى أنها نزلت في ذلك الوقت.
وقيل: إن سبب نزول الآية هو استئذانه ربه في الاستغفار لأمه، ولا مانع من أن يكون للآية سببان.
_الإشكال الرابع:
أن أهل العلم قالوا: يسن تلقين المحتضر لا إله إلا الله، لكن بدون قول قل، لأنه ربما مع الضجر يقول: لا، لضيق صدره مع نزول الموت، أو يكره هذه الكلمة أو معناها، وفي هذا الحديث قال: "قل".
والجواب: إن أبا طالب كان كافرًا، فإذا قيل له: قل وأبي، فهو باق على كفره، لم يضره التلقين بهذا،
فإما أن يبقى على كفره ولا ضرر عليه بهذا التلقين،
وإما أن يهديه الله، بخلاف المسلم، فهو على خطر؛
لأنه ربما يضره التلقين على هذا الوجه.
فيه مسائل:
_الأولى: تفسير قوله: {إنك لا تهدي من أحببت} الآية. الثانية: تفسير قوله: {ما كان للنبي...} الآية. الثالثة: وهي المسألة الكبيرة، تفسير قوله: "قل لا إله إلا الله"، بخلاف ما عليه من يدعي العلم.
فيه مسائل:
_الأولى:
تفسير قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت}:
أي: من أحببت هدايته، وسبق تفسيرها، وبينا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان لا يستطيع أن يهدي أحدًا وهو حي، فكيف يستطيع أن يهدي أحدًا وهو ميت؟!
وأنه كما قال الله تعالى في حقه: {قل إني لا أملك لكم ضرًا ولا رشدًا} [الجن: 21].
_الثانية:
تفسير قوله: {ما كان للنبي .....} الآية، وقد سبق تفسيرها وبيان تحريم استغفار المسلمين للمشركين ولو كانوا أولي قربى.
والخطر من قول بعض الناس لبعض زعماء الكفر إذا مات: المرحوم، فإنه حرام
لأن هذا مضادة لله - سبحانه وتعالى ـ، وكذلك يحرم إظهار الجزع والحزن على موتهم بالإحداد أو غيره،
لأن المؤمنين يفرحون بموتهم، بل لو كان عندهم القدرة والقوة لقاتلوهم حتى يكون الدين كله لله.
_الثالثة:
وهي المسألة الكبيرة،
أي: الكبير من هذا الباب، وقوله (أي قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ) لعمه: (قل: لا إله إلا الله)، وعمه عرف المعنى أنه التبرؤ من كل إله سوى الله، ولهذا أبى أن يقولها لأنه يعرف معناها ومقتضاها وملزوماتها.
وقوله: "بخلاف ما عليه من يدعي العلم" كأنه يشير إلى تفسير المتكلمين لمعنى لا إله إلا الله، حيث يقولون: إن الإله هو القادر على الاختراع، وإنه لا قادر على الاختراع والإيجاد والإبداع إلا الله، وهذا تفسير باطل.
نعم، هو حق لا قادر على الاختراع إلا الله، لكن ليس هذا معنى لا إله إلا الله،
ولكن المعنى: لا معبود حق إلا الله،
لأننا لو قلنا: إن معنى لا إله إلا الله: لا قادر على الاختراع إلا الله، صار المشركون الذين قاتلهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستباح نساءهم وذريتهم وأموالهم مسلمين، فالظاهر من كلامه رحمه الله أنه أراد أهل الكلام الذين يفسرون لا إله إلا الله بتوحيد الربوبية، وكذلك الذين يعبدون الرسول والأولياء ويقولون: نحن نقول لا إله إلا الله.
_الرابعة:
أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دخل قال للرجل: قل: (لا إله إلا الله)، فقبح الله أبا جهل! من أعلم منه بأصل الإسلام.
أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو جهل ومن معه يعرفون مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقول: لا إله إلا الله، ولذا ثاروا وقالوا له: "أترغب عن ملة عبد المطلب؟"،
وهو أيضًا أبى أن يقولها لأنه يعرف مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الكلمة،
قال تعالى: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} [الصافات: 36].
فالحاصل أن الذين يدعون أن معنى لا إله إلا الله،
أي: لا قادر على الاختراع إلا هو، أو يقولونها وهم يعبدون غيره كالأولياء هم أجهل من أبي جهل.
واحترز المؤلف في عدم ذكر من مع أبي جهل لأنهم أسلموا، وبذلك صاروا أعلم ممن بعدهم، خاصة من هم في العصور المتأخرة في زمن المؤلف رحمه الله.
_الخامسة:
جده ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومبالغته في إسلام عمه. السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
جده ومبالغته في إسلام عمه، حرصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكونه يتحمل أن يحاج بالكلمة عند الله واضح من نص الحديث، لسببين هما:
1- القرابة.
2- لما أسدى للرسول والإسلام من المعروف، فهو على هذا مشكور، وإن كان على كفره مأزورًا وفي النار، ومن مناصرة أبي طالب أنه هجر قومه من أجل معاضدة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومناصرته، وكان يعلن على الملأ صدقه ويقول قصائد في ذلك ويمدحه، ويصبر على الأذى من أجله، وهذا جدير بأن يحرص على هدايته، لكن الأمر بيد مقلب القلوب كما في الحديث:
(إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء)، ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نفس الحديث:
(اللهم! مصرف القلوب! صرف قلوبنا على طاعتك) .
_ السادسة:
الرد على من زعم إسلام عبد المطلب، بدليل قولهما: "أترغب عن ملة عبد المطلب؟" حين أمره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقول لا إله إلا الله، فدل على أن ملة عبد المطلب الكفر والشرك.
وفي الحديث رد على من قال بإسلام أبي طالب أو نبوته كما تزعمه الرافضة، قبحهم الله،
لأن آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله.
_السابعة:
كونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ استغفر له فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
كونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ استغفر له فلم يغفر له، الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقرب الناس أن يجيب الله دعاءه، ومع ذلك اقتضت حكمة الله أن لا يجيب دعاءه لعمه أبي طالب، لأن الأمر بيد الله لا بيد الرسول ولا غيره،
قال تعالى: {قل إن الأمر كله لله} [آل عمران: 154]،
وقال تعالى: {وإليه يرجع الأمر كله} [هود: 123] ليس لأحد تصرف في هذا الكون إلا رب الكون.
وكذا أمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يؤذن له في الاستغفار لها، فدل على أن أهل الكفر ليسوا أهلًا للمغفرة بأي حال، ولا يجاب لنا فيهم، ولا يحل الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، وإنما يدعى لهم بالهداية وهم أحياء.
_الثامنة:
مضرة أصحاب السوء على الإنسان، المعنى أنه لولا هذان الرجلان، لربما وفق أبو طالب القبول ما عرضه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكن هؤلاء - والعياذ بالله - ذكراه نعرة الجاهلية ومضرة رفقاء السوء، ليس خاصًا بالشرك، ولكن في جميع سلوك الإنسان، وقد شبه الني ـ صلى الله عليه وسلم ـ جليس السوء بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه رائحة كريهة ،
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (فأبواه يهوادنه أو ينصرانه أو يمجسانه) ، وذلك لما بينهما من الصحبة والاختلاط، وكذلك روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسند لا بأس به: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ، فالمهم أنه يجب على الإنسان أن يفكر في أصحابه: هل هم أصحاب سوء؟ فليبعد عنهم لأنهم أشد عداء من الجرب، أو هم أصحاب خير: يأمرونه بالمعروف، وينهونه عن المنكر، ويفتحون له أبواب الخير، فعليه بهم.
_التاسعة:
مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر، لأن أبا طالب اختار أن يكون على ملة عبد المطلب حين ذكروه بأسلافه مع مخالفته لشريعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
وهذا ليس على إطلاقه، فتعظيمهم إن كانوا أهلًا لذلك فلا يضر، بل هو خير، فأسلافنا من صدر هذه الأمة لا شك أن تعظيمهم وإنزالهم منازلهم خير لا ضرر فيه.
وإن كان تعظيم الأكابر لما هم عليه من العلم والسن، فليس فيه مضرة، وإن كان تعظيمهم لما هم عليه من الباطل، فهو ضرر عظيم على دين المرء، فمثلًا: من يعظم أبا جهل لأنه سيد أهل الوادي، وكذلك عبد المطلب وغيره فهو ضرر عليه،
ولا يجوز أن يرى الإنسان في نفسه لهؤلاء أي قدر، لأنهم أعداء الله - عز وجل ـ، وكذلك لا يظم الرؤساء من الكفار في زمانه، فإن فيه مضره لأنه قد يورث ما يضاد الإسلام، فيجب أن يكون التعظيم حسب ما تقتضيه الأدلة من الكتاب والسنة.
_العاشرة: الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الشبهة للمبطلين في ذلك لاستدلال أبي جهل بذلك، شبه المبطلين في تعظيم الأسلاف هي استدلال أبي جهل بذلك في قوله: "أترغب عن ملة عبد المطلب؟"، وهذه الشبهة ذكرها الله في القرآن في قوله تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} [الزخرف: 23].
فالمبطلون يقولون في شبهتهم: إن أسلافهم على الحق وسيقتدون بهم، ويقولون: كيف نسفه أحلامهم، ونضلل ما هم عليه؟
وهذا يوجد في المتعصبين لمشايخهم وكبرائهم ومذاهبهم، حيث لا يقبلون قرآنًا ولا سنة في معارضة الشيخ أو الإمام، حتى إن بعضهم يجعلن معصومين، كالرافضة، والتيجانية، والقاديانية، وغيرهم، فهم يرون أن إماماهم لا يخطئ، والكتاب والسنة يمكن أن يخطئا.
فالواجب على المرء أن يكون تابعًا لما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما من خالفه من الكبراء والأئمة، فإنهم لا يحتج بهم على الكتاب والسنة، لكن يعتذر لهم عن مخالفة الكتاب والسنة إن كانوا أهلًا للاعتذار، بحيث لم يعرف عنهم معارضة للنصوص، فيعتذر لهم بما ذكره أهل العلم، ومن أحسن ما ألف كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية: "رفع الملام عن الأثمة الأعلام"، أما من يعرف بمعارضة الكتاب والسنة، فلا يعتذر له.
_الحادية عشرة:
الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
_الثانية عشرة:
التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصروا عليها.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، وهذا مبني على القول بأن معنى حضرته الوفاة، أي: ظهرت عليه علاماتها ولم ينزل به كما سبق.
الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين.... إلخ، وهذه الشبهة هي تعظيم الأسلاف والأكابر.
....... .......
شرح الشيخ ابن باز لكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله
باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56]
وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال:
"لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ﷺ وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟
فأعاد عليه النبي ﷺ، فأعادا، فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال النبي ﷺ: لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك فأنزل الله : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [التوبة:113].
وأنزل الله في أبي طالب: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
قال الشيخ محمدبن عبد الوهاب_رحمه الله هذا الباب تأكيدًا لما تقدم لبيان أن التوحيد والإخلاص لله لا بدّ منه وأن أقرب قريب للأنبياء كالأب والعم ونحو ذلك لا تنفعه قرابته إذا لم يسلم ولهذا قال جل وعلا:
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]،
وقال سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272]
فيبين من هذا الباب ما ذكر من الآية والحديث أن الأنبياء ليس في أيديهم هداية أحد وإنقاذهم من النار، وإن هذا بيد الله ، وإنما الذي في يد الأنبياء والعلماء والدعاة هو التبليغ هو البيان هو الدعوة هو الإرشاد هو النصيحة أما هداية القلوب وتوفيق القلوب وردها إلى الصواب فهذا بيد الله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي من يشاء،
ولهذا قال: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56] يعني يا محمد لا تهدي من أحببت هدايته كأبيه وأمه وعمه ونحو ذلك وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56] في صحيح البخاري رحمه الله عن سعيد بن المسيب، المسيب هو ابن حزن، يقال له: المسيب بفتح السين، ويقال: المسيب، والمشهور بالفتح المسيب بن حزن المخزومي عن أبيه المسيب صحابي قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، أبو طالب عم النبي ﷺ، وكان ينصر النبي ويحوطه ويحميه وهو على دين قومه، أبو طالب على دين قومه ومع هذا سخره الله ليحمي نبيه ﷺ وينصره ويحميه من أعدائه طيلة حياته، وهو ينصر النبي ﷺ ويحميه ويقول:
فوالله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
وقد حصر هو وعمه في شعب أبي طالب ثلاث سنين حصرهم المشركون ولم يزل يناضل عنه وينافح عنه ويدافع عنه حتى مات وهو على دين قومه، فالمقصود أن كونه نصره وحماه ما يجعله مسلمًا، حتى يؤمن بما جاء به حتى ينقاد للحق، حتى يشهد ألا إله إلا الله وفي شعره يقول:
ولقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطيل
ويقول في شعره:
فلقد صدقت فكنت ثم أمينًا
فهو مقر بصدقه ولكنه لم ينقاد لما جاء به؛ فلما حضرته الوفاة جاءه النبي ﷺ يرجو أن الله يهديه على يديه فقال: يا عم، قل لا إله إلا الله وكان عنده أبو جهل ابن هشام من رؤوس الكفرة قتل يوم بدر خبيثًا قتل كافرًا، وعنده عبد الله بن أبي أمية أيضًا المخزومي كافرًا ذاك الوقت، وقد أسلم عبد الله وهداه الله ومات على الإسلام، فقال: يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، فقال له جلساء السوء:
أترغب عن ملة عبد المطلب، ملة عبد المطلب الكفر بالله واتخاذ الأوثان والآلهة فأعاد عليه النبي ﷺ
وقال: يا عم، قل لا إله إلا الله، فأعاد عليه أبو جهل وابن أبي أمية يقولان له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال أبو طالب عند موته: هو على ملة عبد المطلب، أنا على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله ختمت له بالشقاوة، نسأل الله العافية، فقال النبي ﷺ: لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك من شدة حرصه على سلامته لأنه قد أحاطه ونصره وحماه وبذل جهودًا كبيرة، فقال لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله في ذلك: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] فعند هذا ترك الاستغفار له وأنزل أيضًا في تعزية النبي وتسليته إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [القصص:56]
وفي هذا عبرة كل إنسان إذا خالفه أقاربه وعصوه قالوا: النبي ما هدى عمه، يعني لنا أسوة، بذلنا وسعنا واجتهدنا في أن الله يهدي هذا الرجل ما هداه الله فلنا أسوة في محمد حيث دعا أبا طالب وهو عمه فلم يهتد ولم يقبل منه ولم يهده الله على يديه إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]
تسلية وتعزية فهذا يدلنا على أن الأنبياء والرسل والملائكة والعلماء والأخيار لا يملكون شيئًا من هداية الناس الهداية بيد الله لا يملكها نبي ولا ملك ولا عالم ولا عابد ولا غيرهم؛ فالهداية بيد الله هو الذي يهدي من يشاء يعني هداية التوفيق والرضا بالحق وقبوله هذه بيد الله جل وعلا وهي المرادة في قوله: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]
وهي المرادة في قوله سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272]
يعني هداية التوفيق هداية قذف النور في القلب، هداية الرضا بالحق هذه بيد الله لا يملكها أحد، أما هداية البلاغ والبيان فقد جعلها الله بيد الرسل، هو يهدي والرسل يهدون بالبلاغ والبيان
قال تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ [فصلت:17]
يعني بلغناهم ودللناهم ولكن استمروا على كفرهم وضلالهم، وقال في حق نبيه ﷺ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم [الشورى:52]
يعني هداية البلاغ والبيان بيد الرسول وبيد أتباعه وبيد الرسل جميعًا الهداية التي بمعنى البلاغ والبيان، وهي المرادة في قوله: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم [الشورى:52]، يعني تبلغ وترشد.
ففي هذه القصة عظة وذكرى ودلالة على أن النبي ﷺ لا يصلح أن يُعبد من دون الله، وأنه لم يستطع أن يهدي عمه فكيف يهدي غيره! وليس بيده ضر ولا نفع كله بيد الله جل وعلا، كله بيد الله ضش ما أحدًا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا كله بيد الله عز وجل، ولا أحد يملك لنفسه ولا أقاربه الهداية التي هي الرضا بالحق وقبوله هذه بيد الله، فالواجب على المكلف أن يضرع إلى الله وأن يسأله الهداية وأن ينطرح بين يديه وينكسر يرجو رحمته ويخشى عقابه.
وفي هذه القصة من الفوائد:
الحذر من جلساء السوء؛ فإن شرهم عظيم فعبد الله وأبو جهل شجعاه على الباطل، شجعاه على البقاء على دين قومه فهما من جلساء السوء، لكن الله هدى عبد الله وأسلم بعد ذلك.
ففي هذا أنه ينبغي للمؤمن أن يحذر جلساء السوء وأن يبتعد عنهم؛ لأنهم يضرونه ويهدونه إلى الباطل فالواجب الحذر منهم،
ولهذا قال ﷺ: مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يُحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ومثل الجليس السوء، كنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة
ويقول ﷺ: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل فالحزم والخير والواجب هو صحبة الأخيار، والبعد عن صحبة الأشرار في هذه الدار لعلك تسلم من شرهم.
سؤال وجواب ؟!
س/ هذا رجل يشتكي من زوجته وأبنائه، يقول: زوجتي عقد في جسدها، وكذلك تجعل تلك العقائد في أبنائي، وإن قطعت العقدة التي في جسدها ضربتني، وإن طلقتها جعلت جماعته يضربونني، وحتى الأبناء كذلك؟
ج/ لا يطلق ولا يعجل يدعوها بالحكمة، يدعوها بالرفق والكلام الطيب، ويخلي من يدعوها من الطيبين من جيرانه وأقاربه يبينون لها أن هذا ما يصلح، وأن الواجب الثقة بالله والتوكل على الله، والدعاء كونها تدعوا لهم، وتقول: أعيذكم بكلمات الله التامات، تدعو لأولادها عند النوم، وأن يكون بكلمات الله التامات من شر ما خلق، تقول: اللهم احفظهم، اللهم سلمهم، يبين لها الشرع، ولا يعجل في الطلاق.
س/ إذًا لا يقطعها منها ولا من؟
ج/ لا يعجل في الطلاق، ولا يعجل في القطع؛ ما دام تسبب شرا عليه، ولكن يستعين بالله ثم بأقاربها والتي تعظمهم.
س/ أقاربها شر كلهم؟
ج/إذا صدق يسر الله أمره إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [محمد:7].
س/أبو جهل ابن عم الرسول؟
ج/ ابن عم من بعيد يجتمعا في الجد الرابع أو الخامس.
س/ قوله في المسائل: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم لأنه لو قالها لنفعته؟
ج/ نعم شاهد لو أسلم عند موته قال لا إله إلا الله نفعته فالأعمال بالخواتيم، وقد يكون مسلما ثم يكفر عند الموت، نسأل الله العافية.
س/ جلساء السوء إذا كانوا من الإخوة ومعك في منزل واحد ماذا يكون في مثل هذه الحالة؟
ج/تدعوهم إلى الله إن كان عندهم شيء من المعاصي أو الشرك تدعوهم إلى الله ترشدهم فإن استقاموا وإلا ابتعد عنهم لا يجروك إلى الباطل.
س/ترحل من المنزل الذي هم فيه؟
ج/إن كنت تخشى على نفسك أن يجروك إلى باطلهم.
س/ حتى الوالد كذلك؟
ج/حتى الوالد.
س/معنى أنها تقبل التوبة ما لم يغرغر؟
ج/يعني ما لم تبلغ الروح الغرغرة عند خروجها إذا عاين ملك الموت.
س/ قول فرعون آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل؟
ج/هذا ما نفعه إيمانه لأنه نزل البلاء، قال تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ [غافر:84] فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [غافر:85] إذا نزلت العقوبة ماعاد ينفع، لما حلت العقوبة في ثمود ما نفعتهم التوبة أو في عاد ما نفعتهم التوبة، إنما التوبة قبل ذلك .
س/ مثل فرعون؟
ج/ اللي بس أخرج لهم جسده لينظروا أنه مات حتى لا يسول لهم الشيطان أنه حي في المحل الفلاني حتى يشاهدوا جسده لأن في نفوسهم عظيم هو إلههم.
س/ ما رأيكم بتحرير تقريب التهذيب؟
ج/ ما قرأته ولا راجعته.
س/ من كان في سكرات الموت ولقنه لا إله إلا الله ولم ينطق بها هل يكررها عليه؟
ج/ يكررها أحسن لعله إن شاء الله ينطق بها.