حكم قناة المدح الفضائية؟

 قناة "المدح" الفضائية 
تتجلى خطورة هذه القناة في أنها تمثلُ اختراقًا صوفيًّا جديدًا لبيوت المسلمين وبتسجيل حفلات السيد البدوي وإبراهيم الدسوقي والمنشد الصوفي ياسين التهامي هو أهم المنشدين بها لترويجً الأفكار الصوفية وأشعارهم بين كثير من المسلمين "الطيبين" ممن ينخدعون بهذا النوع من الإنشاد ويحسبون أنه "مباح" شرعًا باعتبار أنه يتصل بنسبة إلى الدين؛ 

  وهو مايسمونة بالأنشاد الديني وما هو من دين الله في شيءٍ، كما سيأتي تفصيلاً إن شاء الله..

ولعل أبرز أدوات هذه القناة:
 هي تلك الأسماء المعروفة من متصوفة المنشدين، حيث يحظى بعضهم بصيت ذائع لدى كثيرٍ من عوام المسلمين، خاصةً في مصر. ومن أبرز هذه الأسماء: ياسين التهامي، والذي يلقبون بـ"عميد الإنشاد الديني.. ونجلاه محمود ومحمد، ويلقب الأول منهما بـ"فارس الإنشاد الديني"
 وأحمد التوني الملقب بـ"سلطان المنشدين"، بالإضافة إلى أمين الدشناوي، عبد الحكيم الزيات، جمال سالم، وأيمن هريدي، وآخرين.


والذي يظهر أن القناة تركز على إبراز المنشدين المصريين إذ جميع هذه الأسماء التي مر ذكرُها من مصر، ويتفقون في أن جميعهم يقدم النوع نفسه من "الإنشاد الشعبي" الذي يروجون له بين الناس بـ "الإنشاد الديني" كنوع من التدليس؛
رغم ما يصاحبه من معازف وآلات موسيقية محرمة، بالإضافة إلى ما تغص به القصائد التي يتغنَّوْن بها من معانٍ تخالف الشريعة.

والمتأمل في هذه الأسماء يجد أنها تختلف فيما بينها شهرةً وخمولاً؛ فبعضها ذائع الصيت تعرفُه موالدُ مصر في شماليها وجنوبيها، وكذا حفلات الإنشاد الصوفي، والتي قد تمتد في بعض الأحيان إلى بعض الدول الأوروبية، ومن هؤلاء "ياسين التهامي" الذي تعتمد عليه القناة بشكل رئيس في الترويج لنفسها؛ إذ يُعدُّ واحدًا من أبرز مقدمي هذا اللون من الإنشاد في مصر والعالم، بل ومُجدِّديه أيضًا؛ ولهذا ستكون لنا معه هذه الوقفة.

 
_ياسين التهامي

هو كما يلقبونه "بُلبلُ الصعيد؛ 
إذ ينحدر من محافظة أسيوط في جنوب مصر، وهو من أسرة صوفية، ولوالده (تهامي حسانين محمد) ضريحٌ معروفٌ بقريته "الحواتكة" التابعة لمركز منفلوط بالمحافظة المذكورة.
 وبدأ ياسين مشوار الإنشاد الصوفي منذ العام 1973 من خلال "الموالد" المنتشرة في مصر، 
ويعترف هو نفسه بتأثُّرِه بِبَلَدِيِّهِ "أحمد التوني".


وقد أدخل "ياسين" الموسيقى إلى "الإنشاد الصوفي"، فيما يعتبره هو "نوعًا من أنواع المجازفة" أقدم عليها خلافًا لما كان عليه هذا النوع من الإنشاد قبله..

 ويقول ياسين التهامي في شأن مزج الإنشاد بالموسيقى: 
"أنا أعيش هذه الحالة جدًّا جدًّا طالما أنها تسمو برُوحي وتروضُ لي نفسي وتُشبعُ وجداني.. فأنا عشقتها".

والرجل صوفيٌّ كما يعترف هو بلسانه حين يقول: "كلمة (تصوُّف) ترمز معي إلى: (التاء) تقوى، و(الصاد) صفاء، و(الواو) ولاء، و(الفاء) فناء، فمن تجتمع فيه هذه الصفات فهو صوفي.. أسأل الله أن أكون صوفيًّا، أتمنى من الله (ذلك)".

ولا نعجبُ بعد ذلك إذا رأينا الرجلَ ينتقي الكثيرَ من قصائدِ إنشاده من شعر "عمر بن الفارض"، الذي يوقِّرُه ويعظِّمُه كثيرًا..
فيسميه (سيدي عمر بن الفارض، سلطان العاشقين، رضي الله عنه وأرضاه)
وكذلك يُثني على ابن عربي، ويصفه بـ (سيدي محي الدين ابن عربي)..
 وكلاهما شيخان في الإلحاد والزندقة،
 بل قطع كثيرٌ من أهل العلم بكفرهما، ومع ذلك يُثني عليهما الرجل مثلَ هذا الثناء، 
في حين أنه عندما جرى على لسانه ذِكْرُ آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم
 ما وجدناه لا صلَّى على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم  ولا ترضَّى على الآل الأطهار، رضوان الله عليهم!!.

فهل مَن كان حالُه كحال "ابن الفارض" أو "ابن عربي" يُتغنَّى بشعره أو يُفرح بالإتيان حتى على ذِكْره أو نشرِ كلامه وسمومه بين الناس.

 وما أصدق ما قال أحد أصدقاء ياسين التهامي حين أراد مدحه فذمَّه من حيث لا يدري: "ياسين أخلص فيما يؤدِّي فكان حاملاً أمينًا أو مرسالاً أمينًا لما أراده السادةُ الصوفية من كلامهم لكي يصل إلى القلوب أو إلى أماكن تفهم غير العقل الواعي".

وهنا يكمن الخطر الذي يحيق ببيوتِ الكثير من المسلمين عبر قناة "المدح"  !!
 وما تروجه بين الناس من أشعار هؤلاء الصوفية
 وما فيها من ضلالات وصلت ببعض أصحابها إلى حد الإلحاد والزندقة. ولو كان الأمر يقف عند مجرد سرد هذه الأشعار ..
لكفى ما تحويه من طوام لاجتنابها والبُعد عنها..
فكيف وقد اجتمع إلى ذلك تلك المعازفُ وآلات الموسيقى المحرمة؟

 

 "السماع" عند الصوفية:
وقبل أن نخوض في حكم ما تقدمه قناة المدح الفضائية من إنشاد..
نقول ابتداءً إن ما تقدمه القناة داخلٌ فيما يسمى بـ "السَّماع"  !!
 وهو في اللغة: "الغناء،
 وكل ما يلتذُّ به السامع من الأصوات. 

أما في اصطلاح الصوفية فله تعريفات كثيرة وصلتْ 
إلى العشرين تعريفًا، ولا يمكن الركون إلى أحدها؛ 
إذ جميعها لا تكاد تخلو من إشارات وغوامض درج عليها المتصوفة في مصطلحاتهم،
 وذلك من قبيل تعريف ابن عجيبة:
 "هو راح، تشربه الأرواح بكؤوس الآذان على مغاني الألحان، ولكل امرئ ما نوى …"

 أو تعريف عبد القاهر السهروردي: 
"هو مقدحة سلطانية لا يقع نيرانها إلا في قلب محترق بالمحبة وفي نفس محترقة بالمجاهدة".. إلى غير ذلك.


وأفضل من ذلك ما عرَّفه به أحد أئمة أهل السنة:
 وهو الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية، 
حيث يقول: 

"حَقِيقَةُ السَّمَاعِ تَنْبِيهُ الْقَلْبِ عَلَى مَعَانِي الْمَسْمُوعِ، وَتَحْرِيكُهُ عَنْهَا طَلَبًا وَهَرَبًا وَحُبًّا وَبُغْضًا، فَهُوَ حَادٍ يَحْدُو بِكُلِّ أَحَدٍ إِلَى وَطَنِهِ وَمَأْلَفِهِ

 ويقول أيضًا ابن القيم _رحمه الله: 

السَّمَاعُ أَصْلُ الْعَقْلِ، وَأَسَاسُ الْإِيمَانِ الَّذِي انْبَنَى عَلَيْهِ، وَهُوَ رَائِدُهُ وَجَلِيسُهُ وَوَزِيرُهُ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ كُلَّ الشَّأْنِ فِي الْمَسْمُوعِ، وَفِيهِ وَقَعَ خَبْطُ النَّاسِ وَاخْتِلَافُهُمْ، وَغَلِطَ مِنْهُمْ مَنْ غَلِطَ .

فمدار الأمر في مسألةِ "السماع" وتمييزِ النافعِ منه والضار، والحق والباطل، والممدوح والمذموم يرجع إلى مَعْرِفَةِ صُورَةِ الْمَسْمُوعِ، وَحَقِيقَتِهِ وَسَبَبِهِ، وَالْبَاعِثِ عَلَيْهِ، وَثَمَرَتِهِ وَغَايَتِهِ... 
(وهو) عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

_أَحَدُهَا:
 مَسْمُوعٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ، وَأَمَرَ بِهِ عِبَادَهُ، وَأَثْنَى عَلَى أَهْلِهِ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ بِهِ.

_الثَّانِي: 
مَسْمُوعٌ يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ، وَنَهَى عَنْهُ، وَمَدَحَ الْمُعْرِضِينَ عَنْهُ.

_الثَّالِثُ: 
مَسْمُوعٌ مُبَاحٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، لَا يُحِبُّهُ وَلَا يُبْغِضُهُ، وَلَا مَدَحَ صَاحِبَهُ وَلَا ذَمَّهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الْمَنَاظِرِ، وَالْمَشَامِّ، وَالْمَطْعُومَاتِ، وَالْمَلْبُوسَاتِ الْمُبَاحَةِ..


ولنا بعد ذلك أن نَعرِضَ ما تقدمه قناة "المدح" الفضائية على هذه الأنواع الثلاثة التي عدها ابنُ القيم من صور المسموع؛
 لنعلم بعد ذلك إلى أي هذه الأقسام ينتمي وبأيِّها أولى أن يُلحق.

 
ولقد تأملنا في كثيرٍ من النماذج الإنشادية -أو بالأحرى الغنائية- المعروضة على قناة "المدح"، وأرغمْنا النَّفْس إرغامًا على المتابعة، رغم ما هنالك من مخالفات، فوقفْنا على عدة أمور، 
نوجزها فيما يلي:

_أولاً:
 تغص غالب الأشعار التي يتغنى بها منشدو "المدح" بالكثير من المخالفات الشرعية من قبيل الشرك والتوسل والاستغاثة بغير الله تعالى.
 
ويكفي أن بعض هذه الأشعار لغلاة المتصوفة من قبيل ابن الفارض.. وابن عربي..وعبد الكريم الجيلي...وغيرهم.

 وقد يكون الشعر لأحدهم من قصيدة مطوّلة فيختار المنشد بعض أبيات القصيدة فربما تسلم له هذه الأبيات من وجود مخالفات شرعية، ولكن هذا لا يكبح جماح بعض المستمعين ممن يأخذهم الفضول لتتبع سائر أبيات القصيدة، والتي في معظم الأحايين لن تخلو من تلك المخالفات.


_ثانيًا:
 استخدام الآلات الموسيقية والمعازف بشكل طاغٍ، الأمر الذي خرجت به الأمور عن طبيعة الإنشاد والمديح إلى الغناء الصريح، خاصةً مع تعمُّدِ كثيرٍ من هؤلاء المنشدين اختيارَ القصائدِ التي تتحدث عن الحب والعشق سواء كان بمعناه الحقيقي لدى الفساق والماجنين، أو بمعناه الصوفي الذي لا يفهمه كثيرٌ من الناس؛ فيبقى على ظاهره وما فيه من فتنة لسائر المستمعين.


ومن مظاهر الطغيان الفاحش لاستخدام الآلات الموسيقية أن يخصص بعضُهم فاصلاً موسيقيًّا محضًا في مطلع حفلاته، يمتد إلى أكثر من خمس دقائق،
 كما نلحظ ذلك في حفلة فرنسا لياسين التهامي.


_ثالثًا:
 وجود اختلاط مشين بين الرجال والنساء في الحفلات التي تنقلها القناة، كما وقع في حفلة فرنسا سالفة الذكر للتهامي الأب، و في إحدى حفلات نجله محمود بأحد الموالد. 
وقد يُفضي هذا الاختلاط إلى أمور محرمة بين الجنسين، بل إن ذلك يحصل غالباً في هذه الموالد المبتدعة، عياذًا بالله من ذلك.


_رابعًا: 
الرقص الجماعي أو التمايل والقفز الذي يصاحب حفلات الإنشاد الصوفية، وهو ما يخرج بصاحبه عن الوقار ويقدح في مروءته. 

وأقبح من ذلك أنهم يدَّعُون أن هذا التمايل أو القفز والرقص هو من شدة وَجْدِهم أو تأثُّرِهم بالسماع، وما هو إلا تلاعُب الشيطان بهم في تلك المجالس والحفلات التي تغص بصنوف من الذنوب والمعاصي، والتي يجِدُ الشيطانُ فيها مرتعًا خصبًا لإغواء الغافلين والغافلات والتلاعُبِ بهم.

 

وأغربُ من ذلك أن بعضَ المنشدين وهو أحمد التوني:
يأتي بحركات غريبة جدًّا حال إنشاده، لم نستطع أن نتبين سببها أو الباعث عليها أو جدواها.

 كما أن أحوال غالب المنشدين لا تخلو من تمايل وتطريب أثناء غنائهم.


كل هذا وغيره مما رصدناه فيما تقدمه قناة المدح، يجعلنا نجزمُ بأن نتاج هذه القناة 
هو مما لا يمكن أن نضعه إلا ضمن المسموع الذي يُبْغِضُهُ اللَّهُ عز وجل وَيَكْرَهُهُ من السماع، وَيَمْدَحُ الْمُعْرِضَ عَنْهُ..
 بل إن أهون ما يقال فيما تقدمه تلك القناة إنه من قبيل "اللَّغْوِ الَّذِي مَدَحَ (اللهُ تبارَكَ وتَعَالى) التَّارِكِينَ لِسَمَاعِهِ، وَالْمُعْرِضِينَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: 
"وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ"[القصص: 55]
 وَقَوْلِهِ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] 

قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: هُوَ الْغِنَاءُ

وَقَالَ الْحَسَنُ أَوْ غَيْرُهُ: أَكْرَمُوا نُفُوسَهُمْ عَنْ سَمَاعِهِ

وقد يظنُّ بعضُ الغافلين في هذا السماع الذي تقدمه قناةُ "المدح" خيرًا يُرتجى بالنظر إلى ما يَغْشى مُستمعيه من أحوالٍ يتمايلون فيها ويقفزون أو يرقصون..
 وقد تبلغ بهم الفغلة مع استفحال الجهل إلى اعتقاد أنها من جنس الكرامات، وما هي من ذلك في شيء، 

وإنما الأمر :
 "أَن تَأْثِير الْأَصْوَات فِي النُّفُوس من أعظم التَّأْثِير يغنيها ويغذيها حَتَّى قيل إِنَّه لذَلِك سمى غناء
 لِأَنَّهُ يُغني النَّفس. 

وَهُوَ يفعل فِي النُّفُوس أعظم من حُمَيَّا الكؤوس حَتَّى يُوجب للنفوس أحوالاً عَجِيبَة يظنّ أَصْحَابهَا أَن ذَلِك من جنس كرامات الْأَوْلِيَاء وَإِنَّمَا هُوَ من الْأُمُور الطبيعية الْبَاطِلَة المُبعدة عَن الله إِذْ الشَّيَاطِين تمدهم فِي هَذَا السماع بأنواع الْإِمْدَاد 

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [الأعراف:202]
 
وَقَالَ للشَّيْطَان: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء:64]

فحريٌّ بهؤلاء الذين تتلاعب بهم الشياطينُ أن ينْفُضُوا أيديَهم من ذلك السماع المنهيِّ عنه، وأن يصرفوا جوارحَهم تلقاء السماع الشرعي ,:
الَّذِي مَدَحَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَأَمَرَ بِهِ وَأَثْنَى عَلَى أَصْحَابِهِ، وَذَمَّ الْمُعْرِضِينَ عَنْهُ وَلَعَنَهُمْ، وَجَعَلَهُمْ أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ سَبِيلاً... وَهُوَ سَمَاعُ آيَاتِهِ الْمَتْلُوَّةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى رَسُولِهِ، فَهَذَا السَّمَاعُ أَسَاسُ الْإِيمَانِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ بِنَاؤُهُ


وأخيراً
 نضم صوتنا إلى صوت ابن القيم -رحمةُ الله عليه- حين ناشد :
أَهْل الذَّوْقِ فِي سَمَاعِ الْأَبْيَاتِ وَالْقَصَائِدِ... بِالَّذِي أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هُدًى وَشِفَاءً وَنُورًا وَحَيَاةً هَلْ وَجَدُوا ذَلِكَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فِي الدُّفِّ وَالْمِزْمَارِ؟
 وَنَغَمَةِ الشَّادِنِ وَمُطْرِبَاتِ الْأَلْحَانِ؟
 وَالْغِنَاءُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَهْيِيجِ الْحُبِّ الْمُطْلَقِ... وَيَا لَلَّهِ أَبْيَاتٍالْعَجَبُ!
 أَيُّ إِيمَانٍ وَنُورٍ وَبَصِيرَةٍ وَهُدًى وَمَعْرِفَةٍ تَحْصُلُ بِاسْتِمَاعِ  بِأَلْحَانٍ وَتَوْقِيعَاتٍ، لَعَلَّ أَكْثَرَهَا قِيلَتْ فِيمَا هُوَ مُحَرَّمٌ يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُعَاقِبُ عَلَيْهِ مِنْ غَزَلٍ وَتَشْبِيبٍ بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ مَنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى؟... فَكَيْفَ يَقَعُ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةٍ وَحَيَاةِ قَلْبٍ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ، وَيَزْدَادَ إِيمَانًا وَقُرْبًا مِنْهُ وَكَرَامَةً عَلَيْهِ، بِالْتِذَاذِهِ بِمَا هُوَ بَغِيضٌ إِلَيْهِ، مَقِيتٌ عِنْدَهُ، يَمْقُتُ قَائِلَهُ وَالرَّاضِيَ بِهِ؟
وَتَتَرَقَّى بِهِ الْحَالُ حَتَّى يَزْعُمَ أَنَّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لِقَلْبِهِ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!


الخلاصة::

لا يجوز الاستماع إلى المعازف لا في المدائح النبوية ولا غيرها؛

 لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله من قوله صلى الله عليه وسلم: 

ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.


اتفق الأئمة الأربعة وجماهير أهل العلم على ذم آلات المعازف واللهو وتحريمها، وقد كان السماع الذي أنكره الشافعي والأئمة مشتملا على أشعار مرققة في الزهد ونحوه، وهي أشعار قد تكون حسنة في نفسها، ولكن لما اختلطت بها هذه المعازف ذموها وأنكروها.


 يقول شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله:

 وأما الاستماع إلى القصائد الملحنة والاجتماع عليها . فأكابر الشيوخ لم يحضروا هذا السماع كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي والسري السقطي وأمثالهم من المتأخرين :

 كالشيخ عبد القادر والشيخ عدي بن مسافر والشيخ أبي مدين والشيخ أبي البيان 

وأمثال هؤلاء المشايخ : 

فإنهم لم يكونوا يحضرون هذا السماع... والذين حضروا السماع المحدث الذي جعله الشافعي من إحداث الزنادقة لم يكونوا يجتمعون مع مردان ونسوان ولا مع مصلصلات وشبابات وكانت أشعارهم مزهدات مرققات . 


فأما " السماع" المشتمل على منكرات الدين فمن عده من القربات استتيب فإن تاب وإلا قتل . وإن كان متأولا جاهلا بين له خطأ تأويله وبين له العلم الذي يزيل الجهل. انتهى.

 وبه تعلم أنه لا يجوز الاستماع إلى تلك القصائد التي تبث على تلك القناة لاشتمالها على هذا المحرم المنكر وهو المعازف، فضلا عن عد ذلك قربة يتقرب بها إلى الله تعالى، كما يجب التحذير من الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه، فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وحذر منه؛

 سدا لذريعة الغلو في شخصه الشريف صلى الله عليه وسلم وإنزاله فوق منزلته التي أنزله الله إياها، وكثير من القصائد المنظومة في مدحه صلى الله عليه وسلم لا تخلو من هذا الغلو الذي يكرهه صلى الله عليه وسلم، وقد حذر أمته منه ونهاهم عنه سدا لذرائع الشرك وصيانة لجناب التوحيد

تعليقات