الحضرةعندالصوفية

الحضرة عند الصوفية



حكم الحضرة الصوفية؟


الحضرة : 

هي اسم يطلق على نوع من الذكر الجماعي تقوم به طوائف من الصوفية ؛ حيث يجتمعون في حلقة يرددون فيها طائفة من أورادهم .. وأذكارهم .. وأناشيدهم .

ويطلق (الدراويش) على الحفلات الدينية التي يحيونها بانتظام ، كل يوم من أيام الجمعة : اسم الحضرات


وعادة ما يصاحب ذلك تمايل ، أو حركات رقص، 

وقد يصاحبها دف أو بعض آلات المعازف، ولكل طائفة من طوائف الصوفية مناسبات معينة يقيمون فيها هذه الحضرة ،

 ويتعلق كثير منها بقبور من يرونهم أولياء وصالحين.


وهذه الحضرة مما يقطع بعدم جوازها في شرع الله تعالى؛ لأنها حوت جملة من البدع ..والمخالفات .. وبعضها أشد من بعض؛ 

منها:


_الأولى:

أنها تعبّد لله تعالى بما لم يشرعه ؛

 والقاعدة التي تضافرت نصوص الشرع على تأكيدها؛ أن الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى.

عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ  رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718).

وقد أنكر الصحابة رضوان الله عليهم على مجرد الذكر الجماعي فكيف إذا صاحبه رقص وغناء؟!


عن عمرو بن سلمة قَالَ:

 " كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَإِذَا خَرَجَ، مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قُلْنَا: لَا، بَعْدُ ، فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا خَيْرًا.

قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ.

قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً.

قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ 

قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ.

قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ 

قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ.

قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ.

قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ.

قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ "

 رواه الدارمي (210)، وصححه الألباني في "سلسة الأحاديث الصحيحة" (5 / 11).


_الثانية:

منافاة أدب الذكر من التضرع والخشوع والسكينة .

قال الله تعالى:

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ  "الأعراف /55.


وقال الله تعالى:

"  وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ  "

 الأعراف/205 .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله تعالى:
وقد قال تعالى: ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ) فأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكره في نفسه قال مجاهد وابن جريج: 

أمروا أن يذكروه في الصدور بالتضرع والاستكانة دون رفع الصوت والصياح، وتأمل كيف قال في آية الذكر:

 ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ ) الآية. 

وفي آية الدعاء: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) .

فذكر التضرع فيهما معا ، وهو التذلل، والتمسكن، والانكسار وهو روح الذكر والدعاء " انتهى من"مجموع الفتاوى" (15 / 19).


وما يفعله هؤلاء في الحضرة هو مخالف للخشوع والتضرع؛ إذ عادة ما تقرأ الأوراد في هذه الحضرات بالتمايل والتطريب ، والصياح ، وأحيانا بالرقص والدف والمعازف ؛ وهذا كله يخرج هذه الحضرة عن باب التعبد ، حتى تكون باللهو واللعب أشبه منها بالعبادة والخشوع .


قال القرطبي_ رحمه الله تعالى:

" فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة؛ 

فمن قبيل ما لا يُختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية ، والأغراض الشيطانية : 

قد غلبت على كثير ممن نُسِب إلى الخير، وشُهر بذكره ، حتى عموا عن تحريم ذلك ، وعن فحشه؛ حتى قد ظهرت من كثير منهم عوارات الْمُجَّان ، والمخانيث والصبيان، فيرقصون ويزفنون بحركات متطابقة، وتقطيعات متلاحقة؛ كما يفعل أهل السَّفَه والمجون... " انتهى من "المفهم" (2 / 534).


وقال الطحطاوي _رحمه الله تعالى في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص 319):

" وأما الرقص والتصفيق والصريخ وضرب الأوتار والصنج والبوق الذي يفعله بعض من يدعي التصوف : فإنه حرام بالإجماع " انتهى.


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله تعالى:

" وأما "الرقص" فلم يأمر الله به ولا رسوله، ولا أحد من الأئمة بل قد قال الله في كتابه: 

( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ )،

 وقال في كتابه: 

( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا )

 أي: بسكينة ووقار.

وإنما عبادة المسلمين الركوع والسجود؛ بل الدف والرقص في الطابق ، لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا أحد من سلف الأمة؛ بل أمروا بالقرآن في الصلاة، والسكينة " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11 / 599).


_الثالثة:

مما اشتهرت به هذه الحضرات ما يسمى الذكر بالاسم المفرد؛ وهو الاقتصار في الذكر على لفظ "الله" أو الضمير "هو".

وهو ذكر غير مشروع؛ فمجرد ترديد لفظ "الله" أو "هو" لا يفيد معنى؛ 

حتى يذكر الله تعالى به، فهو من التلاعب بالذكر.


_الرابعة:

اتخاذ أعياد مبتدعة تقام فيها هذه الحضرات؛ والشرع لم يشرع من الأعياد التي يحتفل بها إلا عيدين عيد الفطر وعيد الأضحى.


_الخامسة :

لا تكاد تخلو هذه الحضرات من الأمور الشركية؛ كالاستغاثة ودعاء من مات من الشيوخ والصالحين.


فالحاصل؛ أن هذه الحضرة : عمل مبتدع ، مبتدع من حيث الهيئة ، ومن حيث المضمون .


ولنؤكد أيضاً:

إن الذكر جماعة ورد فيه أقوال للفقهاء، منها قول عطاء بن أبي رباح رحمه الله: 

مجالس ‏الذكر هي مجالس الحلال والحرام، أي مجالس العلم..

فذكر عطاء أخص أنواع الذكر، ‏وهي من جملة مجالس الذكر، وليس الذكر محصوراً بها.‏

ونقل عن مالك أنه كره الاجتماع للذكر.

 ونقل ابن منصور عن أحمد قوله: 

ما أكرهه إذا ‏اجتمعوا على غير وَعْدٍ إلا أن يُكثروا ,

 قال ابن منصور: يعني: يتخذوه عادة، 

ولذلك ‏قال ابن عقيل: 

أبرأ إلى الله من جموع أهل وقتنا في المساجد والمشاهد في ليال يسمونها ‏إحياءً. ‏


وقال ابن تيمية_رحمه الله: 

الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن إذا لم يتخذ سنة راتبة، ‏ولا اقترن به منكر من بدعة.


‏ والاجتماع على القراءة والذكر بصوت واحد عده الشاطبي مثالاً على الابتداع في هيئات العبادات ‏وكيفياتها،


 قال ابن تيمية_ رحمه الله: 

ومنها- أي البدعة الإضافية - التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر ‏بهيئة الاجتماع على صوت واحد… 

ومنها التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة .


وقال النووي _رحمه الله: 

يستحب الجلوس في حلق الذكر، ‏وأورد الحديث الذي رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث معاوية بن أبي سفيان ‏رضي الله عنه، أنه قال:

 إنه صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: " ‏ما أجلسكم"؟ 

قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنَّ به ‏علينا….إلى أن قال: 

" أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة".‏


وروى الإمام أحمد رحمه الله من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما ‏أنهما قالا:


 قال صلى الله عليه وسلم: 

"ما اجتمع قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، ‏وتغشتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده…" 


ففي هذا الحديث ‏ترغيب من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الاجتماع على الذكر.‏

والمأثورات كتاب يحوي ذكراً وأدعية مأثورة عنه صلى الله عليه وسلم، وفيه بعض ‏الأحاديث الضعيفة، فالاجتماع لا بأس به إذا لم يتخذ الاجتماع لقراءة ما صح منها عادة ولم يحدد لها ‏وقت ثابت لا يتغير، وإذا لم يقترن بذلك منكر أوبدعة .. كالذكر الجماعي بصوت ‏واحد، فإنه لم ينقل عن أحد من سلف الأمة، 

ولعل من أطلق كراهة الاجتماع للذكر أراد ‏به سد ذريعة الذكر الجماعي الذي اشتهر به الصوفية فيما بعد


وللتاكيد أيضا علي ان الحضرة لاتجوز:

فهذه الفتاوى هي لكبار علماء المذاهب ومن أشهر كتبهم وعليها العمل ... 

وهم يستعملون عدّة مسمّيات لمسمّىً واحد وهو ما يَفْعلُه الصوفيّة من الغناء في المساجد أو المجامع تحت اسم مجلس ذكر أو احتفال بالمولد !

 فقد يسمّونه السماع أو التَّغْبِِير أوالغناء وكلّه غير جائز عندهم . 

وطبعاً كلام العلماء هنا إنما هو على مسألة تلحين الشعر والغناء به والرقص والتّواجد ، وسترى شدّة فتاويهم في منعه وإنكاره ، 

فما بالك إذا كان هذا الشعر فيه إشكال لما يتضمَّنه من ألفاظ غير شرعية ؟! 


_أولاً:

 المذهب الحنفي

1ـ قال البزازي الحنفي في الفتاوى البزازية 4/ 349 الطبعة الثالثة التركيّة

(( ....و غرضُه استماع الدف والمزمار واللعب بالرقص الذي أحدثه أولاً السامري حين أخرج لهم عجلاً جسداً له خوار ، وقد نقلَ صاحبُ الهداية (المرغيناني) فيها : أنّ المغنّي للناس ، إنما لا يَقْبَل شهادَتَه لأنّه يجمَعُهم على كبيرة .


والقرطبي : على أنّ هذا الغناء وضرب القضيب والرقص حرام بالإجماع عند مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. في مواضعَ من كتابه .

وسيّد الطائفة الشيخ أحمد اليَسوي صرّحَ بحرمته . ورأيتُ فتوى شيخ الإسلام جلال الملّة والدين الكرماني أنّ مُستَحلّ هذا الرقص كافرٌ . ولما عُلِمَ أنّ حرمَتَهُ بالإجماع لزم أن يكفِّر مُسْتَحِلَّه . 


وللشيخ الزمخشري في " كشافه " كلماتٌ فيهم ، تقوم بها عليهم الطّامة ، ولصاحب " النهاية " و الإمام المحبوبي أيضاً كلام أشدّ من ذلك . انتهى



2ـ وقال في " شرح الكنز للنسفي " بعد ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : 

(( كلُّ لَعِبِ ابن آدم حرامٌ إلا ثلاثة : ملاعبة الرجل أهله ، وتأديبه لفَرَسه ، ومُناضَلَته لقوسه ))

: وهذا نصٌّ صريحٌ في تحريم الرقص الذي يسمّيه المتصوفة الوقت وسماع الطيب ، وإنّما هو سماعٌ فيه أنواعُ الفسق وأنواعُ العذاب في الآخرة . انتهى



3ـ وفي حاشية الطحاوي على المراقي 2/311 : 

(( وأما الرقص والتصفيق والصريخ وضرب الأوتار والصنج والبوق الذي يفعله بعض من يدعي التصوف فإنه حرام بالإجماع لأنها زيُّ الكفار )) . انتهى



4ـ وفي الفتاوى البزازية 4/338 :

 " قرَأَ القرآن على ضرب الدفّ والقضيب يكفر لاستخفافه . وأدبُ القرآن أن لا يُقرَأ في مثل هذه المجالس . والمجلس الذي اجتمعوا فيه للغناء والرقص لا يُقرأُ فيه القرآن كما لا يُقرأ في البِيَع والكنائس لأنّه مجمَعُ الشيطان ". انتهى



5ـ وقال في "اليتيمة " : 

سُئل الحلواني عمَّن سَمّوا أنفسهم الصوفيّة ، واختصّوا بنوع لِبْسةٍ ، واشتغلوا باللهو والرقص ، وادّعوا لأنفسهم المنزلَةَ ، فقال : أَفْتَرَوا على الله كذباً أم بهم جِنَّةٌ ؟! .



6ـ وجاء في " التتارخانيّة " عن الخصاف :

 هل يجوز الرقص والسماع ؟

الجواب : لا يجوز ،

 وذَكَرَ في " الذخيرة " أنّه كبيرة ، ومَنْ أباحه منَ المشايخ فذلك للذي حركاته كحركات المرتعش . انتهى



7ـ وفي " تحفة الملوك " 1/284 تحت عنوان ( تصرفات الصوفية )

ويجبُ منعُ الصوفية الذين يدَّعون الوَجْدَ والمحبَّة عن رفع الصوت وتمزيق الثياب عند سماع الغناء لأن ذلك حرامٌ عند سماع القرآن فكيف عند سماع الغناء الذي هو حرام خصوصا في هذا الزمان . انتهى



ثانياً:

 المذهب الشافعي


1ـ روى البيهقي في مناقب الشافعي 2 /208 :

 عن يونس بن عبد الله الأعلى يقول : سمعت الشافعي يقول :

( لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمقَ ).


2ـ قال الإمام الشافعي _رحمه الله:

((تركت بالعراق شيئاً يقال له (التغبير),

 أحدثه الزنادقة ليصدُّوا الناس عن القرآن))

روى ذلك أبو نعيم في الحلية 9/146 والزبيدي في شرح إحياء علوم الدين 6/458 والخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صـ36، وابن الجوزي 244-249


4ـ وقد سُئلَ الإمام أبو إبراهيم المُزَني_ رحمه الله ، وكان من كبار أصحاب الإمام الشافعي_ رحمه الله ، فقيل له : 

ما تقول في الرقص على الطار والشبّابة ؟

 فقال : هذا لا يجوز في الدين .

 فقالوا أَمَا جوّزه الإمام الشافعي ؟

 فأنشد رحمه الله تعالى :

حاشا الإمامَ الشافعي النّبيه أن يرتقي غير مـعاني نبيه

أو يتركَ السنّةَ في نُسـكه أو يبتَدِعَ في الدِّين ما ليس فيه

أو يبتدع طـاراً وشـبابة لناسـك فـي الدِّين يقتديه

الضربُ بالطارات في ليلة والرقصُ والتصفيقُ فِعْلُ السّفيه

هذا ابتداعٌ وضلالٌ في الورى وليس في التنزيل مـا يقتضيه

ولا حديث عن نبيّ الهدى ولا صـحابي ولا تـابعـيه

بل جاهلٌ يلعبُ في ديـنه قـد ضيّعَ العـمرَ بلهوٍ وتيه

إيّـاك تغـتر بأفعال مـن لا يَعـرفُ العـلمَ ولا يبتغيه

جهلٌ وطيشٌ فعلُـهم كله وكلُّ مَـنْ دانَ بـه تزدريه

أنكر عليهم إن تكن قادراً فهـم رجال ابليس لاشكّ فيه

ولا تخف في الله من لائمٍ وفّقـك الله لمـا يرتَـضيه . انتهى

انظر المدخل لابن الحاج 3/97


5ـ وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام في كتابه :

 " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " 2 / 186 :

 " وأما الرقص و التصفيق فَخِفَّةٌ ورعونة ، مُشْبِهَةٌ لرعونة الإناث لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذّاب ، كيف يتأتى الرقص المتَّزن بأوزان الغناء ، ممن طاش لُبُّه وذهب قلبه ،

 وقد قال عليه الصلاة والسلام : 

((خير الناس قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثم الذين

يلونهم )) ـ متفق عليه  

ولم يكن واحد من هؤلاء الذين يقلّدونهم يفعل شيئاً من ذلك". انتهى

ـ وقال أيضاً في كتابه قواعد الأحكام ص 679 بتحقيق الشيخ عبد الغني الدقر : 

" الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل ، ولا يصلُح إلا للنساء " . انتهى


6ـ و من شعر الإمام العز بن عبد السلام في وصف المتصوِّفة:

ذهبَ الرجالُ وحالَ دون مَجَالهم زُمَرٌ مـن الأوبـاش والأنذالِ

زَعموا بأنهم علـى آثارهـم سـاروا ولـكنْ سِيرة البَطَّالِ

لَبسوا الدَّلوق مرقعاً وتقشَّفوا كتقشّف الأٌقطـاب والأبـدالِ

قطعوا طريق السالكين وأظلموا سُبُلَ الهدى بجَهـالةٍ وضَـلالِ

عَمروا ظَواهرهم بأثواب التقى وحشوا بواطنهم مـن الأدغالِ

إنْ قلتَ : قال اللهُ قـال رسولهُ همزوكَ همزَ المنـكرِ المتغالـي

ويقول قال قلبي لي عن خاطري عـن سرِّ سري عن صفا أفعالي

عن حضرتي عن فكرتي عن خلوَتي عن جَلْوَتي عن شاهدي عن حالي

عن صفْوِ وقتي عن حقيقة حكمتي عن ذات ذاتي عـن صفا أفعالي

دعوى إذا حققتهـا أَلْفَيْتَهـا ألقـاب زور لُفِّقَت بمحـالِ

تركوا الشرائع والحقائق واقتدوا بطرائق الجهَّـال والضـلالِ

جعلوا المِرَا فتحاً ، وألفاظ الخَنَا شطحاً وصالوا صَوْلَةَ الإدلالِ

انظر الفكر السامي للشيخ محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي 3/69


7ـ وقال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج

 4/426 :

قال السبكي ( وهو من كبار الأئمّة الشافعية )

 السماعُ على الصورة المعهودة منكرٌ وضلالة وهو من أفعال الجهلة والشياطين ومَنْ زعم أن ذلك قُربة فقد كذب وافترى على الله ومن قال إنه يزيد في الذوق فهو جاهل أو شيطان ومن نسبَ السماع إلى رسول الله يُؤدَّب أدباً شديداً ويدخل في زمرة الكاذبين عليه صلى الله عليه وسلم ومن كذب عليه متعمداً فليتبوأ مقعده من النار وليس هذا طريقة أولياء الله تعالى وحزبه وأتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم بل طريقة أهل اللهو واللعب والباطل وينكر على هذا باللسان واليد والقلب . انتهى

وذَكَرَه أيضاً الدَّمِيري الشافعي في " شرح المنهاج " .


8ـ وجاء في مغني المحتاج 4/426:

(( ويُكره الغناء وهو بالمد وقد يقصر وبكسر المعجمة رفعُ الصوت بالشعر 

لقوله تعالى:

 {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}

 قال ابن مسعود هو واللهِ الغناء . رواه الحاكم ورواه البيهقي عن ابن عباس وجماعة من التابعين . 

هذا إذا كان "بلا آلة" من الملاهي المحرَّمة ، ويكره " سماعه " كذلك ، والمراد استماعه ولو عبّر به كان أولى ، أما مع الآلة فحرامان )).


9 ـ وقال الإمام شرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني الشافعي صاحب " روض الطالب " و " إرشاد الحاوي " في الفقه الشافعي ، في قصيدته في ذمّ الرقص :


قالوا : رَقصْنا كما الأُحْبوشُ قد رقصوا بمسجد المصطفى ، قُلنا : بلا كَذِبِ

الحُبْشُ مـا رقصوا ، لكنهم لَعِبـوا مِنْ آلـة الحَرْبِ بالآلات واليَلـَبِ

وذلك اللـعبُ منـدوبٌ تَعلُّمُــه في الشرع للحرب تدريباً لكلّ غبي


10ـ يقول الإمام أبو الطيب طاهر الطبري شيخ الشافعية ( 348-450هـ ) :

في آخر كتابه في ذمِّ السماع :

 ((فمن حظّه من التصوف الإلحاح في الطلب ، وكثرة الأكل ، وسهر الليل ، وسماع الغناء ، والفرقعة بالأصابع ، ودق الرجل والطقطقة بالقضيب ، فإنّما هو راكب ظلماء ، وخابط عشواء قد أسرته شهوته ، و أهلكه هواه ، وغلبته نفسه ، وقطعته الغفلة عن الاهتمام بالدين وسياسة النفس ، وكان من الهالكين إلا أن يتوب الله عليه)). انتهى


11ـ وقال الشيخ تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه " كفاية الأخيار " 1/ 159 :

وهو من الكتب المعتمدة في المذهب ، في كتاب الزكاة ؛ عند بيان الأصناف التي تُدفع إليهم الزكاة :

" ... الأراذل من المتصوّفة الذين قد اشتهر عنهم أنهم من أهل الصلاح المنقطعين لعبادة ربّهم ، قد اتخذ كل منهم زاوية أو مكاناً يُظهر فيه نوعاً من الذكر ، وقد لفَّ عليهم من له زي القوم وربّما انتمى أحدهم إلى أحد رجال القوم كالأحمدية والقادرية ، وقد كذبوا في الانتماء ، فهؤلاء لا يستحقّون شيئاً من الزكوات ، و لا يحلُّ دفع الزكاة إليهم ، ومَنْ دفعها إليهم لم يقع الموقع وهي باقية في ذمّته ، ..... ويجب على كل من يقدر على الإنكار أن يُنكر عليهم ، وإثمهم متعلّق بالحكام الذين جعلهم الله تعالى في مناصبهم لإظهار الحق ، وقمع الباطل وإماتة ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإماتته والله أعلم " .انتهى


9ـ وقال الشيخ الحصني أيضاً في كفاية الأخيار 2/225 كتاب الأقضية عند ذكر من لا تُقبَل شهادتهم :

" ... فلا تُقبل شهادة القمّام ، وهو الذي يجمع القمامة أي الكناسة ويحملها ، وكذا القيّم في الحمّام ،

 ومَنْ يلْعب بالحمام يعني يُطيّرها لينظر تقلّبها في الجو ، وكذا المغنّي سواء أتى الناس أو أتوه ، وكذا الرّقاص كهذه الصوفيّة الذين يسعون إلى ولائم الظلمة والمكسة ، ويُظهرون التواجد عند رقصهم ، وتحريك رؤوسهم ، وتلويح لحاهم الخسيسة كصنع المجانين ، 

وإذا قُرئ القرآن لا يستمعون له ، ولا يُنصتون ، 

وإذا نعق مزمار الشيطان صاح بعضهم على بعض بالوسواس قاتلهم الله ما أفسقهم وأزهدهم في كتاب الله ، وأرغبَهم في مزمار الشيطان وقرن الشيطان ، عافانا الله من ذلك " . انتهى 


ثالثاً:

 المذهب المالكي


1ـ جاء في كتاب " ترتيب المدارك " للقاضي عياض 2/54 : 

" قال التِّنيسيُّ : كنا عند مالك وأصحابه حوله ، 

فقال رجلٌ مِنْ أهلِ نَصيبين : عندنا قوم يُقال لهم الصوفيّة ، يأكلون كثيراً ، ثمّ يأخذون في القصائد ، ثمّ يقومون فيرقصون ؟

 فقال مالك : أَصبيانٌ هم ؟

 قال : لا ، قال : أمجانينُ هم ؟

 قال : لا ، هم قومٌ مشايخ ، وغيرُ ذلك عقلاء ، 

فقال مالك : ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا !!

فقال له الرجل :

 بل يأكلون ، ثمّ يقومون ويرقصون دَوَائبَ ، ويلطم بعضُهم رأسه ، وبعضهم وجهه ، فضحك مالك ثم قام فدخل منزله ،

 فقال أصحابُ مالك للرجل : لقد كنتَ يا هذا مشؤوماً على صاحبنا ، لقد جالسناه نيِّفاً وثلاثين سنة ، ما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم ! " انتهى


2ـ وقال أبو العبّاس القرطبي المحدّث صاحب " المفهم في شرح صحيح مسلم " عند كلامه على الغناء عند الصوفيّة : 

" .. وأمّا ما ابتدعته الصوفيّة في ذلك ، فمِن قَبيل ما لا يُخْتَلفُ في تحريمه ، لكنّ النفوس الشهوانيّة غلَبَت على كثيرٍ ممن يُنسَبُ إلى الخير ، حتى لقد ظهَرَتْ من كثير منهم فَعَلاتُ المجانين والصبيان ، حتى رَقَصوا بحركاتٍ متطابقة ، وتقطيعاتٍ متلاحقة ، وانتهى التَّواقُحُ بقومٍ منهم إلى أن جعلوها مِنْ بابِ القُرَب وصالحِ الأعمال ، وأنَّ ذلك يُثمِرُ سَنِيَّ الأحوال ،

 وهذا على التحقيق : مِنْ آثار الزندقة ، وقول أهل المَخْرَقَة ، والله المُستعان " انتهى

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي عقِبَه : " وينبغي أن يُعْكَسَ مُرادهم ، 

ويُقرأ : ( يُثمرُ سَيِّءَ الأحوال عوض سنيَّ الأحوال ) . انتهى انظر فتح الباري 2/368


3ـ وجاء في المدخل لابن الحاج المالكي الصوفي 3/98 :

وأشدُّ من فعلهم السّماع كونُ بعضهم يتعاطونه في المساجد ؛ وقد تقدّم توقير السلف رضي الله عنهم للمساجد ؛ كيف لا يكون ذلك وقد كانوا يكرهون رفع الصوت فيه ذكراً كان أوغيره .

 وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت بالقراءة فيه ، ........ وبعضُ هؤلاء يفعلون السماع على ما هو عليه اليوم في المساجد ويرقصون فيها وعلى حُصُرِ الوقف ! انتهى


4ـ وقال القاضي أبو بكر الطرطوشي في كتابه المسمى بكتاب " النهي عن الأغاني " :

.. وبلغنا أنّ طائفة من إخواننا المسلمين ؛ وفّقنا الله وإيّاهم ؛ قد استزلّهم الشيطان واستهوى عقولهم في حبِّ الأغاني وسماع الطقطقة واعتَقَدَتْه مِنَ الدِّين الذي يُقرّبهم من الله تعالى وجاهرَت به جماعة المسلمين وشاقّت به سبيل المؤمنين وخالفت العلماء والفقهاء وحمَلَةَ الدين :

{ومن يُشاقق الرسول من بعد ما تبيّنَ له الهُدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين ، نولّه ما تولّى ونُصْله جهنّم وساءت مصيراً} 

وقد سُئلَ مالك رحمه الله عمّا رخّص فيه أهلُ المدينة منَ الغناء . فقال : 

إنّما يفعله عندنا الفسّاق ، ونهى عن الغناء واستماعه . وأمّا أبو حنيفة رحمه الله فإنه يكره الغناء ويجعله من الذنوب ، وكلّ ذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحمّاد وإبراهيم والشعبي لا اختلاف بينهم في ذلك ، و لا نعلم أيضاً بين أهل البصرة خلافاً في كراهيّة ذلك والمنع منه . وأمّا الشافعي رحمه الله فقال في كتاب القضاء :

 إنّ الغناء لهوٌ مكروه ويشبه الباطل والمحال . وكان الشافعي يكره الطقطقة بالقضيب ويقول وضعته الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن القرآن . ... وهذه الطائفة (يعني الصوفية) 

مخالفة لجماعة المسلمين لأنهم جعلوا الغناء ديناً ورأت إعلانه في المساجد والجوامع . انتهى المدخل 3/101


5ـ وقال الحسن :

 " ليس الدفّ من سنّة المسلمين " ، 

وقد سأَلَ إنسانٌ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن الغناء .

فقال : أنهاك عنه وأكرهه لك ، قال أحرامٌ هو ،

 قال : انظر يا ابن أخي إذا ميّزَ الله بين الحقّ والباطل منْ أيّهما يحصل الغناء ؟


وقال الحكم بن عيينة _رحمه الله : السماع يورث النفاق كما ينبت الماء الزرع .


وقال الفضيل بن عياض :

 الغناء رقية الزنا .


وقال الضحاك :

 الغناء مفسدة للقلب مسخطة للربّ .


وقال ابن الكاتب :

 إيّاك والغناء .


وقال المُحاسبي في رسالة الإرشاد :

 الغناء حرام كالميتة .


وقال بعض الزهاد :

 الغناء يُورث العناد في قوم ، ويورث التكذيب في قوم ، ويورث الفساد في قوم .


قال ابن الحاج : 

((ونحنُ لا نذمّ إنشاد الشعر ولا نحرّمه ، وإنما يصير الشعرُ غناءً مذموماً إذا لُحّنَ وصُنعَ صَنْعَةً تورثُ الطرب وتزعج القلب وهي الشهوة الطبيعية )) . انتهى المدخل 3/105



6ـ وقال ابن الحاج المالكي : 

فإن قيل : أليس قد روي عن جماعة من الصالحين أنهم سمعوه ؟ 

قُلنا : ما بلغنا أنّ أحداً من السلف الصالح سمعه ولا فعله ، وهذه مصنّفات أئمة الدين وعلماء المسلمين مثل مصنّف مالك بن أنس وصحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود وكتاب النسائي رضي الله عنهم إلى غيرها خالية من دعواكم وهذه تصانيف فقهاء المسلمين التي تدور عليها الفتوى قديماً وحديثاً في شرق البلاد وغربها ، فقد صنّف المسلمون على مذهب مالك بن أنس تصانيفَ لا تحصى وكذلك مصنّفات علماء المسلمين على مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من فقهاء المسلمين ، 

وكلّها مشحونة بالذبّ عن الغناء وتفسيق أهله ! فإن كان فعله أحدُ من المتأخّرين فقد أخطأ ولا يلزمنا الاقتداء بقوله ونترك الاقتداء بالأئمة الراشدين . 

انتهى المدخل 3/108


7ـ فإن سألوا عن معنى قراءة القرآن بالألحان . فالجواب : 

أنّ مالكاً قال : لا تعجبني القراءة بالألحان ولا أحبه في رمضان ولا غيره لأنّه يُشبه الغناء ، ويُضحك بالقرآن فيُقال فلان أقرأ من فلان .

وقال مالك :

 لم تكن القراءة في المصحف في المسجد من أمرِ الناس القديم ، وأوّل منْ أحْدَثَه الحجّاج .

 وقال : وأكره أن يُقرأ في المصحف في المسجد .


وقال بعض الصالحين : 

مَنْ تلذّذَ بألحان القرآن حُرِمَ فَهْمَ القرآن .


وقال ابن الحاج : 

وأمّا الدفّ والرقص بالرجل وكشفُ الرأس وتخريق الثياب فلا يخفى على ذي لبٍّ أنه لعبٌ وسُخْفٌ ونبذٌ للمروءة والوقار ولِما كان عليه الأنبياء والصالحون .... ولو لم يكن في السماع والرقص شيء يُذمّ إلا أنه أول من أحدَثَه بنو إسرائيل حين اتخذوا العجلَ إلهاً من دون الله تعالى فجعلوا يغنّون بين يديه ويُصفّقون ويرقصون ... فهم أصلٌ لما ذُكر وما كان هذا أصله فينبغي بل يتعيّن على كلّ عاقل أن يهربَ منه ويولّي الظهر عنه إنْ كان عاجزاً عن تغييره ، 

وأمّا إن كان له قدرة على ذلك فيتعين عليه والله الموفّق .


وقال القاسم بن محمد : 

الغناء باطل والباطل في النار .


وقال ابن القاسم :

 سألتُ عنه مالكاً فقال : قال تعالى ( فماذا بعد الحقّ إلا الضلال ) أفحقٌّ هو؟! انتهى

المدخل 3/ 110ـ118


8ـ وسُئل الإمام القاضي أبو بكر الطرطوشي_رحمه الله : ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصُّوفية ؟

 وأُعْلِمَ - حرس اللهُ مُدَّتَه - أنه اجتمع جماعة من الرجال , فيكثرون من ذكر الله تعالى , وذكر محمد صلى الله عليه وسلم ثمَّ إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيَّاً عليه , ويحضرون شيئاً يأكلونه . هل الحضور معهم جائز أم لا ؟ أفتونا مأجورين يرحمكم الله .

الجواب :

 - يرحمك الله - مذهبُ الصوفية بطالة وجهالة وضلالة , وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وأما الرقص والتواجد فأوَّل من أحدثه أصحاب السامري , لمّا اتّخَذَ لهم عجلاً جسداً له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون فهو دينُ الكفار وعبّاد العجل , وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى , وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار , فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور قي المساجد وغيرها , ولا يحلُّ لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم , ولا يعينهم على باطلهم وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم من أئمة المسلمين وبالله التوفيق . انتهى من تفسير القرطبي (11/237- 238 ) .


9ـ وقد ذُكرَ أنّ بعض الناس عمَلَ فتوى وكان ذلك في سنة إحدى وستين وستمئة ومشى بها على الأربع مذاهب ولفظها : 

ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين وعلماء المسلمين وفّقهم الله لطاعته وأعانهم على مرضاته ، في جماعة من المسلمين وردوا إلى بلدٍ فقصدوا إلى المسجد وشَرَعوا يصفّقون ويُغنّون ويرقصون تارةً بالكفّ ،

 وتارةً بالدّفوف والشبابة 


فهل يجوز ذلك في المسجد شرعاً أفتونا مأجورين يرحمكم الله تعالى .


فقالت الشافعيّة : 

السماع مكروه يشبه الباطل مَنْ قال به تُرَدُّ شهادته والله أعلم .


وقال المالكيّة :

 يجبُ على ولاة الأمور زجرهم وردعهم وإخراجهم من المساجد حتى يتوبوا ويرجعوا ، والله أعلم .


وقالت الحنابلة : 

فاعلُ ذلك لا يُصلّى خلفه ولا تُقبل شهادته ولا يُقبل حكمه وإنْ كان حاكماً . وإنْ عُقِدَ النكاح على يده فهو فاسد ، والله أعلم .


وقالت الحنفيّة : 

الحُصُرُ التي يُرقص عليها لا يُصلّى عليها حتى تُغسل والأرضُ التي يُرقصُ عليها لا يُصلّى عليها حتى يحفر ترابها ويُرمى ، والله أعلم . انتهى المدخل 3/99



10ـ وقال القرطبي المُفسِّر الصوفي في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " 7/348 عند تفسيره لقوله تعالى :

{إنما المؤمنون الذين إذا ذُكرَ الله وَجِلَت قلوبهم وإذا تُلِيَت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربّهم يتوكّلون}

فقال القرطبي_رحمه الله : 

" وصَفَ الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوَجَل عند ذكره . وذلك لقوّة إيمانهم ومراعاتهم لربّهم ، وكأنّهم بين يديه . 

ونظير هذه الآية{وبشّر المُخبتين ، الذين إذا ذُكرَ الله وجلت قلوبهم} 

وقال:{ وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله} فهذا يرجِعُ إلى كمال المعرفة وثقة القلب .

 والوَجَل : الفزع من عذاب الله ؛ فلا تناقض . وقد جمعَ الله بين المعنيين في قوله:

 {الله أنزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مَثَانيَ تقشعرُّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثمّ تلينُ جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله} 

أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله . 

فهذه حالة العارفين بالله ، الخائفين من سطوته وعقوبته ؛ لاكما يفعله جُهّال العوامّ والمبتدعة الطَّغام مِنَ الزعيق والزّئير، ومِنَ النُّهاق الذي يُشبه نُهاق الحمير . فيُقال لمن تعاطى ذلك وزعم أنّ ذلك وجدٌ وخشوع : لم تبلغ أنْ تساوي حالَ الرسول ولا حال أصحابه في المعرفة بالله ، والخوف منه ، والتعظيم لجلاله ؛ ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهْمَ عن الله والبكاء خوفاً من الله . ولذلك وصفَ الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال :

 {وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعيُنَهُم تفيضُ من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربّنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين}

فهذا وصفُ حالهم وحكايةُ مقالهم .

ومنْ لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم ؛ فمن كان مُستنَّاً فليستنّ بهم ، ومَنْ تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو أخسّهم حالاً ؛ والجنون فنون . انتهى


11ـ وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره 14/58 :

قال أبو الفرج :

 وقال القفّال من أصحابنا : لا تقبلُ شهادة المغنّي والرقاص .

قلتُ : وإذا ثبتَ أنّ هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا يجوز . وقد ادعى أبو عمر بن عبد البرّ الإجماع على تحريم الأجرة على ذلك


الخلاصة:

هذه الطرق الصوفية بدعة ومنكرة سواء كان على الطبول أو الدفوف أو العود أو الموسيقى أو التصفيق بالأيدي أو الضرب بالأرجل أو الرقص، التقرب بهذا الأمر هذا من البدع، سواء في ليلة الخميس أو ليلة الإثنين أو في غيرهما في أي وقت، فالواجب على أهل الإسلام التقرب بالقرب التي شرعها الله، التسبيح والتهليل والتحميد والذكر والاستغفار على غير هذا الصنف بغير الطبول وبغير ضرب الأرجل وبغير الصياح والصفير، وبغير الموسيقى والعود وغيره.

وقد بسط العلامة ابن القيم _رحمه الله: هذا البحث في كتابه إغاثة اللهفان بسطًا جيدًا، فأنا أنصح بمراجعة إغاثة اللهفان الذي بسط فيها الكلام، على الطرق الصوفية والتحذير منها وهذا منها.

فالسنة للمؤمن أن يفعل ما فعله النبي صلي الله وعليه وسلم، إذا فرغ من الصلاة يذكر الله كما فعل النبي صلي الله وعليه وسلم إذا سلم يستغفر الله ثلاثًا، ويقول: 
اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إلى الناس إذا كان إمامًا، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، كان يفعل هذا بعد كل صلاة عليه الصلاة والسلام،
 كما روى هذا ابن الزبير في صحيح مسلم، وروى بعضه المغيرة بن شعبة في الصحيحين بعد كل صلاة.

والاستغفار ثلاثًا مع قوله:
 اللهم أنت السلام.. رواه مسلم في صحيحه عن ثوبان ، وروى بعضه مسلم عن عائشة في: اللهم أنت السلام .. ثم ينصرف الإمام إلى الناس هذه السنة.

ثم بعد هذا يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، ويختم المائة بقوله:  لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، صح هذا عن النبي صلي الله وعليه وسلم أنه قال:
 من فعل هذا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وهذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن بعد الصلوات الخمس أن يأتي بهذا.
بعد الأذكار السابقة،
 تقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثة وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وإن شاء قال: يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كله جاء.
ثم يقرآ آية الكرسي:
 اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إلى آخرها ..إلى قوله: ..وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، 
هذه الآية أعظم آية يستحب أن تقرأ بعد كل صلاة فريضة ثم يقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل فريضة، بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر أفضل، لكن يكررها ثلاثًا، 
هذه السور الثلاث يقرأها ثلاث مرات بعد المغرب، وبعد الفجر وعند النوم، جاءت بذلك السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام ...
تعليقات