التوحيد هو أول واجب وآخر واجب، فالتوحيد أولمقد الأمر وآخره.

التوحيد أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى



التوحيد لغةً وإصطلاحاً :

فالتوحيد لغة: 
مصدر وحد يوحد توحيدا؛أي جعل الشيء واحداً. 

وهذا التوحيد لا يكون إلا بنفي وإثبات.
 وهما ركنا كلمة التوحيد لا إله (نفي) وإلا الله (إثبات) أي لا إله معبود بحق إلا الله.

والتوحيد اصطلاحا :
 إفراد الله بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. 

وبالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا

 كما قال صلي الله عليه وسلم:
(من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) 

فهو أول واجب وآخر واجب، فالتوحيد أول الأمر وآخره.

التوحيد أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى.


 كل آية في القرآن هي متضمنة التوحيد شاهدة به وداعية إليه،

فإن القرآن:

_ إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله فهو التوحيد العلمي الخبري،


_ وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع كل ما يعبد من دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي،

وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره فهي حقوق التوحيد ومكملاته


_ وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة فهو جزاء توحيده


_وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد.


فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم.

 

التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه، فأما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائده؛

قال تعالي:

(فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)

 وَأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها؛

ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع إليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة، ولما فزع إليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه لأن الإيمان عند المعاينة لا يقبل، هذه سنة الله في عباده، فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد؛ 


ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد.

فلا يلقي في الكرب العظام إلا الشرك ولا ينجي منها إلا التوحيد، فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها. 

 

فأعظم أسباب شرح الصدر:

هو التوحيد، وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه؛قال تعالى:

 (أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ)


.......  ...... 

كلمة التوحيد:


هذه الكلمة(لا إله إلا الله محمدرسول الله)وسرها:

 إفراد الرب بالمحبة والإجلال والتعظيم، والخوف والرجاء، وتوابع ذلك من التوكل والإنابة، والرغبة والرهبة، فلا يحب سواه، وكل ما يحب غيره؛

فإنما يحب تبعا لمحبته، وكونه وسيلة إلى زيادة محبته، ولا يخاف سواه، ولا يرجي سواه،ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يرهب إلا منه،ولا يحلف إلا بإسمه، ولا ينذر إلا له، ولا يتاب إلا إليه، ولا يسجد إلا له، ولا يذبح إلا له وباسمه، ويجتمع ذلك في حرف واحد، وهو:


 أن لا يعبد إلا إياه بجميع أنواع العبادة، فهذا هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله؛ولهذا حرم الله على النار من شهد أن لا إله إلا الله حقيقة الشهادة، ومحال أن يدخل النار من تحقق بحقيقة هذه الشهادة وقام بها؛


 كما قال تعالى:

 (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) 

سر عظيم من أسرار التوحيد، وهو أن القلب لا يستقر ولا يطمئن ويسكن إلا بالوصول إليه، وكل ما سواه مما يحب ويراد فمراد لغيره، وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحدا إليه المنتهى، ويستحيل أن يكون المنتهى إلى اثنين كما يستحيل أن يكون ابتداء المخلوقات من اثنين، فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره بطل عليه ذلك، وزال عنه وفارقه أحوج ما كان إليه، ومن كان انتهاء محبته ورغبته ورهبته وطلبه هو سبحانه ظفر بنعمه ولذته وبهجته وسعادته أبد الآباد.


وقد اعطي النبي صلي الله عليه وسلم جانب التوحيد أعظم حماية، حتى نهى عن صلاة التطوع لله سبحانه عند طلوع الشمس وعند غروبها؛

 لئلا يكون ذريعة إلى التشبه بعباد الشمس الذين يسجدون لها فى هاتين الحالتين، وسد الذريعة بأن منع الصلاة بعد العصر والصبح لاتصال هذين الوقتين بالوقتين اللذين يسجد المشركون فيهما للشمس.

لا إله إلا الله سلعة، الله مشتريها، وثمنها الجنة، والدلال الرسول، ترضى بيعها بجزء يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة.


لا تسأل سوى مولاك فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه.

لما طلب آدم الخلود فى الجنة من جانب الشجرة عوقب بالخروج منها، ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤيا لبث فيه بضع سنين.

 

والمقصود أن الطريق إلى الله تعالي واحد، فإنه الحق المبين، والحق واحد، مرجعه إلى واحد،

وأما الباطل والضلال فلا ينحصر، بل كل ما سواه باطل، وكل طريق إلى الباطل فهو باطل، فالباطل متعدد وطرقه متعددة.


وكما أن السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة غيره سبحانه لفسدتا كما قال تعالى:

{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا

 فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير الله تعالى فسد فسادا لا يرجى صلاحه إلا بأن يخرج ذلك المعبود منه، ويكون الله تعالى وحده إلهه ومعبوده الذي يحبه ويرجوه ويخافه ويتوكل عليه وينيب إليه.

 

قال ابن تيمية رحمه الله:
إنَّ حقيقة التوحيد أن نعبد الله وحدهُ، فلا يُدعى إلاَّ هو، ولا يُخشى إِلاَّ هو، ولا يُتقى إِلاَّ هو، وَلاَ يُتَوَكَّلَ إِلاَّ عَلَيْهِ، وَلاَ يَكُونَ الدِّينُ إلاَّ لهُ لا لأحدٍ من الخلقِ، وألاَّ نتخذ الملائكةَ والنبيِّين أربابًا، فكيف بالأئمَّة والشُّيوخِ والعُلماء والملوكِ وغيرهم.
_منهاج السنة النبوية٣/ ٤٩٠


قال ابن القيم رحمه الله:
التوحيد أَلطفُ شيءٍ وأنزههُ وأنظفهُ وأصفاهُ، فأدنى شيءٍ يخدشهُ ويدنسهُ ويؤثرُ فيهِ، فهو كأبيض ثوبٍ يكونُ يؤثرُ فيهِ أَدنى أَثرٍ، وكالمرآة الصافية جدًّا أدنى شيءٍ يؤثر فيها، ولهذا تشوشهُ اللحظةُ واللفظةُ والشهوةُ الخفيةُ، فإن بادر صاحبهُ وقلع ذلك الأثرَ بضدِّهِ وإلاَّ استحكم وصار طبعًا يتعسَّرُ عليهِ قلعهُ.
_الفوائد٢٣٢

بالتتبع والاستقراء لنصوص الوحي قسم العلماء التوحيد إلى ثلاثة أقسام:  


اقسام التوحيد؟


_القسم الأول:
توحيد الربوبية :
 وعرفه أهل العلم: بأنه إفراد الله بأفعاله، أي أننا نعتقد أن الله منفرد بالخلق والملك والتدبير. 
قال تعالى:
 ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )

وهو مدبر أمورهم، وأنه خالق السماوات، وخالق الأرض، وهو توحيد الله بأفعاله، هذا توحيد الربوبية بأن تؤمن بأن الله هو الخلاق، الرزاق، مدبر الأمور، مصرف الأشياء، الذي خلق كل شيء، ودبر الأمور، وصرفها، وخلق الأنهار، والبحار، والجبال، والأشجار، والسماء، والأرض، وغير ذلك، هذا توحيد الربوبية.


_القسم الثاني:
توحيد الألوهية :
وهو توحيد الله بأفعال العباد.
 أي أنّ العباد يجب عليهم أن يتوجهوا بأفعالهم إلى الله سبحانه فلا يشركون معه أحداً.

هل قال تعالى:
 ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)

توحيد الألوهية:

فهو توحيد الله بأفعالك أنت، تخصه بالعبادة دون كل ما سواه، من صلاة، وصوم، ودعاء، ونذر، وزكاة، وحج، وغير ذلك،.


توحيد الألوهية:

 هو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله،

 وهو أن تخص ربك بأفعالك، بعباداتك، بقرباتك، لا تدعو مع الله إلهًا آخر، لا تعبد معه سواه من شجر، أو حجر، أو صنم، أو نبي، أو ولي، فلا تدعو غير الله،

لا تقول: يا سيدي البدوي اشفني، أو يا رسول الله، اشفني، أو عافني، أو انصرني، أو يا فلان، أو يا فلان من الأولياء، أو من غير الأولياء من الأموات، أو من الأشجار، والأحجار، والأصنام، هذا الشرك الأكبر.


فتوحيد العبادة(او توحيد الألوهية)

 معناه:

أن تخص العبادة لله وحده، ويقال له: توحيد الإلهية، والإلهية هي العبادة، معناه: أن يخص الله بالعبادة دون كل ما سواه، وهذا هو معنى قوله سبحانه:

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ" 


قال تعالي:

"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ "


قال تعالي:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ "


قال تعال:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" 

 معناه أن يخصوا الله بالعبادة بصلاتهم، وصومهم، ودعائهم، واستغاثتهم، وجهادهم كله لله وحده، 

هذا يسمى توحيد العبادة،ويسمى توحيد الإلهية.

وهذا أنكره المشركون، وأبوه، ولما قال: قولوا لا إله إلا الله أبوا، واستنكروها، وقالوا: 

(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) فاستنكروا ذلك، وأصروا على كفرهم، وضلالهم، وهم يقولون: الله الخالق، الرازق، المدبر، يقولون: هذا، ولكن مع ذلك لم يخضعوا لتوحيدهم العبادة ....

 فلهذا صاروا كافرين، وقاتلهم النبي صلي الله وعليه وسلم واستحل دماءهم، وأموالهم لكفرهم، وعدم إذعانهم بتوحيد الإلهية.



_القسم الثالث: 
توحيد الأسماء والصفات:
 وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولكن على حسب .
قوله تعالى :
(ليس كمثله شيء وهو السميع االبصير)

وتوحيد الأسماء والصفات هو:
 الإيمان بأسماء الله وصفاته، كلها التي جاءت في القرآن، والتي صحت بها السنة عن النبي صلي الله وعليه وسلم لا بدّ من الإيمان بها كلها، وإثباتها بأنه العليم الحكيم، الرؤوف الرحيم، وأنه يرضى ويغضب، ويتكلم إذا شاء جميع صفاته في القرآن، والسنة لا بدّ من الإيمان بها، وإثباتها لله


والإيمان بأن الله واحد في ذاته، واحد في أسمائه، وصفاته، لا شريك له، ليس له شريك يخلق، أو يرزق، أو يرحم العباد حتى يدخلهم الجنة، وينجيهم من النار، وليس له شريك في القدرة، وأنه قادر على كل شيء، بل هو منفرد بهذا فليس له شريك في إلهيته، ولا في أسمائه، وصفاته، ولا في ربوبيته .

فهو الواحد في الربوبية، هو الواحد في الإلهية، هو الواحد في الأسماء والصفات.

قال تعالي:

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

قال تعالي:

(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)

قال تعالي:

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )

قال تعالي:

(فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) 


فأسماؤه كلها حسنى، وصفاته كلها علا، وكلها حق له ثابت، وهو موصوف بها حقًا لا مجازًا، فيجب إثباتها لله، وإمرارها كما جاءت، والإيمان بها، وأنها حق لائقة بالله وأنه ليس كمثله شيء في ذلك، وهو السميع البصير


وهذا هو التوحيد الذي بعث الله به الرسل ليخرجوا به الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد سبحانه وتعالى. 

قال الله تعالى:
(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)

...........

أهمية التوحيد :


_والتوحيد الذي تعبر عنه كلمة "لا إله إلا الله" ـ بمعانيها وشروطها ـ هو أول وأعظم واجب على العباد، وهو أوَّلما ندعو الناس إليه؛


 عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(يامعاذ ،أتدري ماحقُّ الله علي العباد ؟قال:

الله ورسولهُ أعلم ،قال :أن يعبدوه ولايشركوا به شيئا)


_وتوحيد الله عز وجل هو أعظم المأمورات التي أمر الله بها، والشرك بالله هو أعظم المنهيات التي نهى الله عنها، قال الله تعالى:

(ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)


قال السعدى رحمه الله:

 يخبر تعالى أن حجته قامت على جميع الأمم، وأنه ما من أمة متقدمة أو متأخرة إلا وبعث الله فيها رسولا وكلهم متفقون على دعوة واحدة ودين واحد، وهو عبادة الله وحده لا شريك له.

 وقال تعالي:

(قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم ألا تشركوا بهِ شيئاً)


_والتوحيد هو أول ما يُسأل عنه العبد في قبره،

 ففي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل، وفيه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:فتعاد روحه المؤمن في جسده ويأتيه ملكان فيُجلسانه 

فيقولان له :من ربك؟ فيقول: ربي الله،

فيقولان له :مادينك؟ فيقول:ديني الإسلام،

فيقولان له :ماهذا الرجل الذي بعث فيكم؟

فيقول:هو رسول الله صلي الله عليه وسلم .

فيقولان:ماعملك؟

فيقول:قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقت به، فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي،فأفرشوه من الجنة،وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلي الجنة..

فيقول:رب أقم الساعة حتي أرجع إلي أهلي ومالي..

وإن الكافر فذكر موته قال: وتعادُ روحهُ في جسدِه ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له:من ربك؟ فيقول:هاه هاه،لا أدري،

فيقولان له:وما دينك؟فيقول:هاه هاه ،لا أدري،

قال:فينادي مناد من السماء أفرشوا له من النار وألبسوه من النار ،وافتحوا له بابا إلي النار)

_ رواه أحمد وأبو داود وصححهُ الألباني.


فكل ميت سيُسأل في قبره ثلاثة أسئلة:

من ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟ وهي أسئلة تدور حول التوحيد والإيمان والإسلام، فالمؤمن يثبته الله ويُوَفَق للإجابة، والكافر يقول: هاه هاه لا أدري.

                                                                      
............

فضائل وثمرات التوحيد:


توحيد الله عز وجل له الكثير والكثير من الفضائل والثمرات العظيمة في الدنيا والآخرة؛

 ومن ذلك:

1_الأمن والأمان في الدنيا والآخرة:

قال تعالى:

(الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)

 قال السعدي رحمه الله:

الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها.


2_التوحيد شرط هام من شروط النصر والتمكين:

قال تعالى:

(وعد اللهُ الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات لَيَستخلِفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهِم وليمكننَّ لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لايُشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)


قال الطبري رحمه الله: 

{لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} يقول:

 لا يشركون في عبادتهم إياي الأوثان والأصنام ولا شيئا غيرها، بل يخلصون لي العبادة فيفردونها إليَّ دون كل ما عبد من شيء غيري.


3_التوحيد هو أول وأهم شرط في قبول الأعمال؛

 قال تعالى:

(قل إنما أنا بشرٌ مِثلكم يُوحي إلي أنما إلهكم إلهٌ واحد فمن كان يرجو لِقاء ربهِ فليعمل عملاً صالحا ولا يُشركُ بعبادةِ ربهِ أحداً)

 قال ابن كثير رحمه الله: 

(فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا)، ما كان موافقا لشرع الله، 

(وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل.لا بد أن يكون خالصا لله، صوابا على شريعة رسول الله صلي الله عليه وسلم.

 وفي الحديث القدسي: (قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشِرْكَه)

_ رواه مسلم.

4_يثبت الله العبد في قبره بالتوحيد:

قال تعالى: (يُثبتُ الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياةِ الدنيا وفي الأخرة)

وهذه الآية باتِّفاق أئمة وعلماء التفسير في عذاب القبر، والمراد بالتثبيت هو عند السؤال في القبر حقيقة.

 قال ابن عباس رضي الله عنه: 

(بالقول الثابت) شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله،(في الحياة الدنيا) لكي لا يرجِعوا عنها، (وَفِي الْآخِرَةِ) يَعْنِي فِي الْقَبْر إِذا سُئِلَ عَنْهَا،(ويُضل الله) يصرف الله (الظالمين) الْمُشْركين عَن قَول لَا إِلَه إِلَّا الله فِي الدُّنْيَا لكَي لَا يَقُولُوا بِطيبَة النَّفس وَلَا فِي الْقَبْر وَلَا إِذا أخرجُوا من الْقُبُور وهم أهل الشقاوة(ويفعلُ الله ما يشاء).


5_توحيد الله تعالى من أعظم أسباب الفوز بشفاعة النبي صلي الله عليه وسلم ؛

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

 (قُلتُ: يا رَسولَ اللَّه، مَن أسْعَدُ النَّاسِ بشفاعَتِكَ يوم القيامة؟ فقال:لقد ظننتُ يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك، لما رأيتُ من حِرصك علي الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يون القيامة من قال:لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه) 

_رواه البخاري.


6_بالتوحيد يغفر الله الذنوب، ويكفر السيئات:

 ففي الحديث القدسي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:

(قال الله : يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي وصححه الألباني.


قال ابن رجب رحمه الله : 

مَن جاء مع التوحيد بقراب الأرض - وهو ملؤها، أو ما يقارب ملأها ـ خطايا، لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه.


7_من أجَّل وأعظم ثمرات التوحيد أن الله عز وجل جعله شرطا في دخول الجنة، ومانعا من الخلود في النار:

 قال الله تعالى:

(إنهُ من يُشرك بالله فقد حرم الله عليهِ الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار)

قال ابن عباس:

(إنهُ من يشرك بالله) ويمت عليْه

(فقد حرم الله عليه الجنة) أَن يدخلهَا،

(وَمَأْوَاهُ النَّارُ) مصيره النَّار،

 (وما للظالمين ) للْمُشْرِكين،

(مِنْ أَنْصَارٍ) من مَانع مِمَّا يُرَاد بهم.


 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:(من مات لايشرك بالله شيئاً دخل الجنة ،ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار)

_رواه البخاري

فائدة !!


لا يدخل العبد في الإسلام إلا بهاتين الشهادتين:

 "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله"

فهما متلازمتان..

وفي حديث جبريل  المشهور قال صلي الله عليه وسلم:

(الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً)

_رواه البخاري


فالشهادتان ركن واحد من أركان الإسلام..

وهذا الركن الأول من أركان الإسلام هو اعتقادٌ يشمل توحيد الله والشهادة لنبيه بالرسالة، فكما أنه يجب أن يقول العبد: أشهد ألا إله إلا الله، ولا يدخل في الإسلام إلا بذلك، فكذلك الحكم سواء بسواء  بالنسبة إلى الشطر الثاني من الشهادة:

 أشهد أن محمدا رسول الله، فلا يصح إسلام وإيمان إلا بهما معا، فهما متلازمتان قرينتان في الحكم، شطران لركن واحد، فمن شهد بإحداهما لزمته الأخرى.


قال ابن حجر في فتح الباري:

 والإقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله عَلى إِرادة الشَّهادتين معًا لكونها صارت علمًا عَلى ذلك.

 وفي مرقاة المفاتيح :

 ولتلازم الشهادتين شرعا: جُعِلتا خصلة واحدة، واقتصر في رواية على إحدى الشهادتين اكتفاء.

قيل: وأُخذ من جمعهما كذلك في أكثر الروايات:

أنه لا بد في صحة الإسلام من الإتيان بهما.


التوحيد له فضائل وثمرات عظيمة وكثيرة في الدنيا والآخرة، وهو حق الله الأعظم على عباده، وبالتوحيد يدخل الإنسان الجنة، وبضده وهو الشرك يدخل به النار، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه،قال:

(يامُعاذ، أتدري ماحق الله علي العباد؟ قال:الله ورسولهُ أعلم،قال:أن يعبدوهُ ولايشركوا به شيئا، أتدري ما حقهم عليه؟قال :الله ورسولهُ أعلم ،قال:أن لايعذبهم)

_رواه البخاري.

...........

قد ذكر العلماء لكلمة الإخلاص شروطًا، لا تصح إلا إذا اجتمعت، واستكملها العبد، والتزمها بدون مناقضة لشيء منها. وليس المرادُ من ذلك عدَّ ألفاظِها وحِفْظَهَا؛ فكم من عامي اجتمعت فيه، والتزمها ولو قيل له عَدِّدْها لم يحسن ذلك.

فقد نبّه الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في كتابه: معارج القبول قال رحمه الله:

 ليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها فكم من عامي اجتمعت فيه والتزمها ولو قيل له أعددها لم يُحسِن ذلك وكم حافظٍ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيرًا فيما يناقضها والتوفيق بيد الله.


وهذه الشروط مأخوذة بالتتبع والاستقراء للأدلة من الكتاب والسنة؛

 فالعلماء المحققون استقرؤوا نصوص الكتاب والسنة، فوجدوا أن كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" قُيِّدت في الكتاب والسنة بقيودٍ ثِقال، وهي هذه الشروط لا تنفع قائلها إلا بها.

شروط لا إله إلا الله:

_الأول:

العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا

_الثاني:

اليقين وهو: كمال العلم بها، المنافي للشك والريب.

_الثالث:

الإخلاص المنافي للشرك.

_الرابع:

الصدق المنافي للكذب.

_الخامس:

المحبة لهذه الكلمة، ولما دلت عليه، والسرور بذلك.

_السادس:

الانقياد لحقوقها، وهي: الأعمال الواجبة، إخلاصًا لله، وطلبًا لمرضاته.

_السابع:

القبول المنافي للرد


_الشرط الأول :

(العلم ) بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل بذلك ؛ قال تعالى : 

"فاعلم أنه لاإله إلا الله " 

وقال تعالى :

 " إلا من شهد بالحق " أي بلا إله إلا الله  "

 وهم يعلمون " بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم . 

وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " 


_الشرط الثاني :

( اليقين ) بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ،

 قال تعالي :

 " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون "

 فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين 


 وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 

" أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " وفي رواية لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيُحجب عن الجنة ".

وفيه عنه رضي الله عنه من حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه بنعليه فقال " من لقيت  من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة " الحديث ، فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط .


_الشرط الثالث :

(القبول ) لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، وقد قص الله عز وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبِلها وانتقامه ممن ردها وأباها ؛

قال تعالى :

 ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ، وقفوهم إنهم مسؤلون) إلى قوله ( إنهم كانوا إذا  قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ) 

فجعل الله علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله ، وتكذيبهم من جاء بها ، فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته ، بل قالوا إنكاراًً واستكباراً 

( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيءٌ عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على ألهتكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ) فكذبهم الله عز وجل ورد ذلك عليهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال :

( بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) ... ثم قال في شأن من قبلها ( إلا عباد الله المخلصين . أولئك لهم رزقٌ معلوم . فواكه وهم مكرمون . في جنات النعيم )؛

 وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

  مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير . وأصاب منها طائفة أُخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً ، فذلك مثل من  فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذللك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به .


_الشرط الرابع :

( الانقياد ) لما دلت عليه المنافي لترك ذلك ؛

 قال تعالي:

 ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) أي بلا إله إلا الله ( وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ  ) 

ومعنى :يُسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن موحد ، ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسناً فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى ، وهو المعني بقوله عز وجل بعد ذلك 

( ومن كفر فلا يحزنك كفره ، إلينا مرجعهم فننبؤهم بما عملوا ) 

وفي حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

 (لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جِئت به) وهذا هو تمام الانقياد وغايته .


_الشرط الخامس

(الصدق ) فيها المنافي للكذب ،

 وهو أن يقولها صدقاً من قلبه يواطىء قلبه لسانه ، قال تعالي:

 ( الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) 

وقال في شأن المنافقين الذين قالوها كذباً :

( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )


وفي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي لله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :

(ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار).


_الشرط السادس:

( الإخلاص) وهوتصفية العمل عن جميع شوائب الشرك قال تعالي : 

( ألا لله الدين الخالص )

 وقال تعالي:

 ( قل الله أعبد مخلصاً له ديني ) 

وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 

" أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه " ...


_الشرط السابع:

 (المحبة ) لهذه الكلمه ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وبغض ما ناقض ذلك ، قال تعالى: 

( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) 

فأخبر الله تعالى أن الذين آمنوا أشد حباً لله ؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعوا محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحبه.

وفي الصحيحين من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 

(لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ).

تعليقات