الشذوذ الجنسي (المثلية الجنسية)
مقدمة:
جريمة الشذوذ( او المثلية الجنسية) من أعظم الجرائم ، وأقبح الذنوب ، وأسوأ الأفعال وقد عاقب الله فاعليها بما لم يعاقب به أمة من الأمم ، وهي تدل على انتكاس الفطرة ، وطمْس البصيرة ، وضعف العقل ، وقلة الديانة ، وهي علامة الخذلان ، وسلم الحرمان .
والشذوذ الجنسي : خلق سيئ وعادة قبيحة ورثها الناس من قوم لوط وقد عذب الله هؤلاء القوم بعذاب شديد ذكره الله في كتابه وهو أنه رفعهم جبريل إلى السماء الدنيا ثم رماهم إلى الأرض على رؤوسهم وكفى بمثل هذا العذاب رادعاً
التعريف العام للمثلي جنسياً :
هو الذي ينجذب بشكل أساسي إلى أشخاص يماثلونه في نوع جنسه، وقد ينجذب بصورة ضئيلة أو معدومة إلى الجنس الآخر.
والمثلية الجنسية تعتبر نوعاً من أنواع الشذوذ الجنسي
ومنها:
اللوط :
_هو نوع من الشذوذ الجنسي، حيث يتم الانجذاب إلى آخرين من نفس الجنس عند الذكور، وخلاله يتم الجماع عن طريق الشرج.
_وهو الذي يأتي الرجل، إتيان الرجل هذه اللواطة، والله أنكر ذلك، وبين أمر اللوطية في قصة قوم لوط، والله أهلكهم جميعًا، وخسف ببلادهم، وجعل عاليها سافلها ؛ ثم أمطرهم بحجارة من سجيل
السحاق :
_هو :إتيان المرأة المرأة ، وهو محرم بلا شك ، وقد عدَّه بعض العلماء من الكبائر .
-الزواجر عن اقتراف الكبائر ص 362
_وهو : فعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل، فالسحاق لا إيلاج فيه بخلاف الزنا، وليس مشتهى طبعاً؛ وإن فعل فإنما يفعل شذوذا، وهذا كله بخلاف الزنا.
والسحاق محرم لما يشتمل عليه من كشف العورات ومسها بشهوة، ولما فيه من التهييج على الفاحشة، وغير ذلك مما يعلم تحريمه ضرورة من دين الإسلام.
حكم الشذوذ(حكم فعل قوم لوط):
قال تعالى :
( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ . إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُم قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ )
وقال تعالي :
( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ )
وروى الترمذي (1456) وأبو داود (4462) وابن ماجه (2561) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ )
_وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى أحمد (2915) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، ثَلاثًا )
_وحسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
إذا
1_فلا خلاف في حرمة الشذوذ الجنسي، سواء اللواط بين الذكور، أو السحاق بين الإناث.
2_ وأما عقوبة هاتين الجريمتين: فمختلفة، فاللواط حده القتل، وأما السحاق فليس فيه حد، وإنما فيه التعزير.
وهي: قبح وشناعة فاحشة اللواط
أولا:
اتفق الفقهاء على أن اللواط محرم:
لأنه من أغلظ الفواحش، وقد ذمه الله تعالى في كتابه الكريم وعاب على فعله.
_الموسوعة الفقهية
فقال تعالى:
(ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون )
وقال تعالى:
( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ـ وقد ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: لعن الله من عمل عمل قوم لوط)
ثانيا:
لا خلاف بين الفقهاء في أن السحاق حرام:
قد ثبت في القرآن والسنة تحريمه، وعليه أجمع أهل العلم :
قال تعالى:
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(السحاق زنى النساء بينهن )
وقد عده ابن حجر من الكبائر...
وجاء في تفسير الألوسي_ رحمه الله:
السحاق في قوم لوط عليه السلام فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة رضي الله تعالى عنه إنما حق القول على قوم لوط عليه السلام حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال. وعن أبي حمزة رضي الله تعالى عنه: قلت لمحمد بن علي عذب الله تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهم فقال: الله تعالى أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء.
و اتفق الفقهاء على أنه لا حد في السحاق، لأنه ليس زنى، وإنما يجب فيه التعزير، لأنه معصية.
وهذا بالنسبة للفعل، وأما مجرد الميل الذي لا يرقى لأن يكون عزيمة أو تصميما، ولا يترتب عليه قول ولا فعل، فلا يعاقب عليه الإنسان مهما كان سيئا، بل إن مجاهدة صاحبه له، علامة على تقواه، وتعد من الطاعات الكبار التي يستحق عليها الثواب والمدح، وعلى ذلك، فلا يجوز محاسبة الإنسان ومعاقبته أو ازدراؤه على مجرد ميل يوجد فيه بغير تكلف، ولا يتبع فيه نفسه هواها.
بل ينبغي أن يعان على الخير واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن!
وعلى من ابتلي بشيء من ذلك أن يتحلى بالصبر الجميل، على مجاهدة ما يجده بداخله من ميل منحرف، وعلى ما يجده من معاملة الناس له
وإذا اتضح ذلك..!
ظهر أنه من المطلوب معاملة هذا النوع من الناس الذي لا يعدو انحرافه مجرد الميل الذي لا يترتب عليه قول ولا فعل ـ معاملة حسنة تناسب حالهم ومجاهدتهم لشرور أنفسهم، وتعينهم على ما يجدونه من اضطراب نفسي أو عضوي.
وأما من وقع في الفعل المحرم:
فلا تصح معاملته معاملة المرضى النفسانيين هكذا بإطلاق، بحيث ترفع عنهم المؤاخذة ويبرر لهم خبث فعلهم، ويخفف عنهم من سوء صنيعهم!
بل لا بد من الجمع بين الوعظ وبذل النصح، وبين النهي عن المنكر، وبين الردع عن الفساد والعقوبة على الخطأ، كل بحسب حاله وموقعه وقدرته.
وهنا ننبه على أن هذه النظرة الخاطئة للفواحش لا تقف عند حد الشذوذ، بل تسير مع أصحابها في تبرير كافة الجرائم، فترجع كل خطيئة إلى عوامل نفسية في التنشئة والبيئة، بما يعني تبرير الجرائم ورفع عقوباتها، بل والتسامح مع أصحابها وإعطائهم مزيدا من الحقوق!!!
وتصور هذا وأثره على المجتمعات كافٍ في إبطاله، وقد استشكل السائل نفسه في سؤال آخر له: قطع يد السارق إذا كان يعاني من مرض نفسي يجعله يسرق
عقوبة فعل قوم لوط:
(اللواط)(حكم الشذوذ)
قال الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين:
لولا أن الله ذكر قصة اللوطية في القرآن ما كنت أظن أن رجلًا يركب رجلًا! فهي فاحشة شنيعة، أفحش من الزنا وأقبح، فلهذا جاء أن حكمه القتل الذي عليه أصحاب الرسول صلي الله وعليه وسلم وقد أجمعوا جميعًا على قتل اللوطي مطلقًا، سواء كان بكرًا، أو ثيبًا،
وقد أجمع الصحابة على قتل اللوطي ، لكن اختلفوا في طريقة قتله !!
_فمنهم من ذهب إلى أن يحرق بالنار ، وهذا قول علي رضي الله عنه ، وبه أخذ أبو بكر رضي الله عنه ، كما سيأتي
_ومنهم قال : يرمى به من أعلى شاهق ، ويتبع بالحجارة ، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه .
_ومنهم من قال : يرجم بالحجارة حتى يموت ، وهذا مروي عن علي وابن عباس أيضاً .
ثم اختلف الفقهاء بعد الصحابة !!
_فمنهم من قال يقتل على أي حال كان ، محصنا أو غير محصن .
_ومنهم من قال : بل يعاقب عقوبة الزاني ، فيرجم إن كان محصنا ، ويجلد إن كان غير محصن .
_ومنهم من قال : يعزر التعزير البليغ الذي يراه الحاكم .
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على هذه المسألة ، وذكر حجج الفقهاء وناقشها ، وانتصر للقول الأول ، وذلك في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" والذي وضعه لعلاج هذه الفاحشة المنكرة . ونحن ننقل طرفا من كلامه رحمه الله : قال :
" ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد ، كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات .
وقد اختلف الناس هل هو أغلظ عقوبة من الزنا ، أو الزنا أغلظ عقوبة منه ، أو عقوبتهما سواء ؟
على ثلاثة أقوال :
_فذهب أبو بكر الصديق وعلى بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس ومالك وإسحق بن راهويه والإمام أحمد في أصح الروايتين عنه والشافعي في أحد قوليه إلى أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنا ، وعقوبته القتل على كل حال ، محصنا كان أو غير محصن .
_وذهب الشافعي في ظاهر مذهبه والإمام أحمد في الرواية الثانية عنه إلى أن عقوبته وعقوبة الزاني سواء .
_وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن عقوبته دون عقوبة الزاني وهى التعزير ".
إلى أن قال : " قال أصحاب القول الأول وهم جمهور الأمة وحكاه غير واحد إجماعا للصحابة : ليس في المعاصى مفسدة أعظم من مفسدة اللواط وهى تلي مفسدة الكفر وربما كانت أعظم من مفسدة القتل كما سنبينه إن شاء الله تعالى .
قالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدا من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمة غيرهم ، وجمع عليهم أنواعا من العقوبات من الإهلاك ، وقلب ديارهم عليهم ، والخسف بهم ورجمهم بالحجارة من السماء ، وطمس أعينهم ، وعذّبهم وجعل عذابهم مستمرا فنكّل بهم نكالا لم ينكّله بأمة سواهم ، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها ، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شاهدوها خشية نزول العذاب على أهلها ، فيصيبهم معهم ، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .
وقتل المفعول به خير له من وطئه ، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا ترجي الحياة معه ، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد . قالوا :والدليل على هذا
( يعني على أن مفسدة اللواط أشد من مفسدة القتل )
أن الله سبحانه جعل حد القاتل إلى خيرة الولي إن شاء قتل وإن شاء عفى ، وحتم قتل اللوطي حدا كما أجمع عليه أصحاب رسول الله ودلت عليه سنة رسول الله الصريحة التي لا معارض لها ، بل عليها عمل أصحابه وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم أجمعين .
وقد ثبت عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض نواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة ، فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فاستشار أبو بكر الصديق الصحابة رضي الله عنهم ، فكان على بن أبي طالب أشدهم قولا فيه ، فقال :
ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة وقد علمتم ما فعل الله بها . أرى أن يحرق بالنار ، فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه .
وقال عبد الله بن عباس :
ينظر أعلى ما في القرية فيرمى اللوطي منها منكسا ثم يتبع بالحجارة .
وأخذ ابن عباس هذا الحد من عقوبة الله للوطية قوم لوط .
وابن عباس هو الذي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به )
_ رواه أهل السنن وصححه ابن حبان وغيره ، واحتج الإمام أحمد بهذا الحديث وإسناده على شرط البخاري .
قالوا : وثبت عنه أنه قال :
( لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط )
ولم يجىء عنه لعنة الزاني ثلاث مرات في حديث واحد ، وقد لعن جماعة من أهل الكبائر ، فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة واحدة ، وكرر لعن اللوطية فأكده ثلاث مرات ، وأطبق أصحاب رسول الله على قتله لم يختلف منهم فيه رجلان ..
وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله ، فظن بعض الناس أن ذلك اختلاف منهم فى قتله ، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابه ، وهي بينهم مسألة إجماع ، لا مسألة نزاع .
قالوا : ومن تأمل قوله سبحانه :
( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا )
وقوله في اللواط :
( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) تبين له تفاوت ما بينهما ، فإنه سبحانه نَكّرَ الفاحشة في الزنا ،
أي هو فاحشة من الفواحش ، وعرّفها في اللواط وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة ، كما تقول : زيد الرجل ، ونعم الرجل زيد ؛
أي : أتأتون الخصلة التي استقر فحشها عند كل أحد ، فهي لظهور فحشها وكماله غنيّة عن ذكرها ، بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيره"
_الجواب الكافي" ص 260- 263
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية_رحمه الله :
" وأما اللواط فمن العلماء من يقول : حده كحد الزنا ، وقد قيل دون ذلك . والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة : أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل . سواء كانا محصنين ، أو غير محصنين .
فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به )
وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :
( في البكر يوجد على اللواطية ، قال : يرجم )
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحو ذلك . ولم تختلف الصحابة في قتله ، ولكن تنوعوا فيه ، فروي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه ، وعن غيره قتله .
_وعن بعضهم :
أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم .
وقيل : يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا .
_وعن بعضهم :
أنه يرفع على أعلى جدار في القرية ، ويرمى منه ، ويتبع بالحجارة ، كما فعل الله بقوم لوط وهذه رواية عن ابن عباس ، والرواية الأخرى قال : يرجم ، وعلى هذا أكثر السلف ، قالوا :
لأن الله رجم قوم لوط ، وشرع رجم الزاني تشبيها برجم لوط ، فيرجم الاثنان ، سواء كانا حرين أو مملوكين ، أو كان أحدهما مملوك الآخر ، إذا كانا بالغين ، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون القتل ، ولا يرجم إلا البالغ "
_السياسة الشرعيةص 138.
قول بعض الفقهاء :
إنه كالزاني يرجم المحصن، ويجلد البكر مائة جلدة، ويغرب عامًا، ولكنه قول ضعيف.
والصواب: أن اللوطي يقتل، هذا هو أحد الأقوال، وهو الصواب، يقتل قتلًا بالسيف، أو بالرجم بالحجارة كالزاني المحصن، وقد أجمع الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- على قتله، لكن بعضهم قال: يرجم كما يرجم الزاني المحصن وبعضهم قال: بل يلقى من شاهق، وبعضهم يقال: يحرق بالنار.
والصواب في هذا أنه يقتل قتلًا بالسيف، كما جاء في الحديث عن النبي أنه قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط؛ فاقتلوا الفاعل والمفعول به نسأل الله العافية، وهذا الحديث لا بأس بإسناده، جيد، وإن كان فيه بعض الاختلاف، لكن يعضده، ويؤيده إجماع الصحابة، وقد أجمع أصحاب الرسول صلي الله وعليه وسلم على قتله، وأن اللوطي يقتل مطلقًا، سواء كان بكرًا، أو ثيبًا، وإنما اختلفوا في صفة القتل
فهل يقتل بالتحريق بالنار، أو بالرجم، أو بالسيف؟
والصواب: أنه يقتل بالسيف؛ لأن النار لا يعذب بها إلا الله -جل وعلا- والرجم إنما جاء في الزاني المحصن؛ فلا يقاس عليه اللوطي،
فاللوطي له شأن آخر، ولكن يقتل بالسيف الفاعل والمفعول به إذا كانا مكلفين لخبث معصيتهما، ولشناعتها العظيمة؛ ولأن الواجب التنفير منها، والتحذير منها، وكان القتل مناسبًا في هذا المقام؛ للتحذير من هذه الفاحشة الشنيعة القبيحة.
عقوبة المفعول بة في الشذوذ(اللواط)
المفعول به كالفاعل ...!!
لأنهما اشتركا في الفاحشة ، فكان عقوبتهما القتل كما جاء في الحديث ، لكن يستثنى من ذلك صورتان :
_الأولى :
من أكره على اللواط بضرب أو تهديد بالقتل ونحوه ، فإنه لا حد عليه .
" ولا حد إن أكره ملوط به على اللواط بإلجاءٍ بأن غلبه الواطئ على نفسه أو بتهديد بنحو قتل أو ضرب " -شرح منتهي الإرادات ص 3/348
_الثانية :
إذا كان المفعول به صغيرا لم يبلغ ، فإنه لا يحد ، لكن يؤدب ويعزر بما يردعه عن اقتراف هذه الجريمة ، كما سبق في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال ابن قدامة _رحمه الله :
أنه لا خلاف بين العلماء في أن الحد لا يُقام على المجنون ولا الصبيّ الذي لم يبلغ
-المغني ص 9/62
................
الأثار المترتبة علي الشذوذ الجنسي :
من المعلوم أن كثيرا من الأمراض تنتشر بسببها، ومع ذلك فقد فتح الله باب التوبة على مصراعيه لكل تائب،
ويجب على من اقترف الذنب وتاب منه، أن يقترب من الله تعالى ويكثر من الصالحات، ويجالس الصالحين.
والآثار المترتبة عليها من حيث المخاطر الصحية، وبيان سعة رحمة الله للتائبين.
_ الأمر الأول:
وهو قبح وشناعة فاحشة اللواط :
فقد قال ابن القيم – عن قوم لوط – :
ذكر جمهور الأمة، وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة :
ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل ؛ قالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمَّة غيرهم،
وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات:
من الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم، وعذَّبهم، وجعل عذابهم مستمراً، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمَّة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة، التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها...
وقتْل المفعول به خيرٌ له من وطئه، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا تُرجي الحياة معه، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد، وربما ينتفع به في آخرته ...
وأتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله، لم يختلف منهم فيه رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله، فظنَّ بعض الناس ذلك اختلافاً منهم في قتله؛
فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة، وهي بينهم مسألة إجماع.
ومن تأمل قوله سبحانه:
” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً ”
وقوله في اللواط :
” أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين”
تبين له تفاوت ما بينهما ؛
فإنه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا ، أي : هو فاحشة من الفواحش، وعرَّفها في اللواط، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة …
ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم فقال :
” ما سبقكم بها من أحد من العالمين”
ثم زاد في التأكيد بأن صرَّح بما تشمئز منه القلوب، وتنبو عنها الأسماع، وتنفر منه أشد النفور، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى، فقال :
” أئنكم لتأتون الرجال “..
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال، وقلبوا الطبيعة التي ركَّبها الله في الذكور، وهي شهوة النساء دون الذكور، فقلبوا الأمر، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها، وكذلك قلبهم، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم ..
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد، فقال :
” بل أنتم قوم مسرفون”.
فتأمل هل جاء ذلك – أو قريبٌ منه – في الزنا، وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله:
” ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث”..
ثم أكَّد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال :
” إنهم كانوا قوم سوء فاسقين” .
وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال:
” رب انصرني على القوم المفسدين” .
وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم_ عليه السلام :
” إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين”
فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات .
_وأما الأمر الثاني :
فهو ما تسببه هذه الفاحشة(الشذوذ الجنسي) من مضار صحيَّة :
قال الدكتور محمود حجازي في كتابه ” الأمراض الجنسية و التناسلية ” – وهو يشرح بعض المخاطر الصحية الناجمة عن ارتكاب اللواط :
إن الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي
( اللواط ) هي :
1- مرض الأيدز، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة الذي يؤدي عادة إلى الموت .
2- التهاب الكبد الفيروسي .
3- مرض الزهري .
4- مرض السيلان .
5- مرض الهربس .
6- التهابات الشرج الجرثومية .
7- مرض التيفوئيد .
8- مرض الأميبيا .
9- الديدان المعوية .
10- ثواليل الشرج .
11- مرض الجرب .
12- مرض قمل العانة .
13- فيروس السايتو ميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج .
14- المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي .
...........
كيفية التوبة من الشذوذ:
التوبة منه:
إن الباب مفتوح لتوبة العاصين، والله تعالى يفرح بتوبتهم. وتأمل قول الله تعالى :
” والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون . ومن يفعل ذلك يلق أثاماً . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً . إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ”
وعند التأمل في قوله تعالى
" فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات"
يتبين لك فضل الله العظيم.؛
وقد قال المفسرون هنا معنيين للتبديل:
_ الأول :
تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيماناً وبالزنا عفة وإحصاناً وبالكذب صدقاً وبالخيانة أمانة وهكذا
_والثاني :
تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة . فالواجب التوبة إلى الله توبة عظيمة ، والرجوع إليه سبحانه هو خير ...
واعلم أيها المبتلى أن الحياة قصيرة ، وأن الآخرة خير وأبقى ، ولا تنس أن الله تعالى أهلك قوم لوط بما لم يهلك بمثله أحداً من الأمم غيرهم
....................
ماهو العلاج والحل لمن أبتلي بالشذوذ:
وأما العلاج لمن ابتلي بهذه المصيبة :
1- الابتعاد عن الأسباب التي تيسر لك الوقوع في هذه المعصية وتذكرك بها مثل :
– إطلاق البصر ، والنظر إلى النساء أو الشاشات .
– الخلوة بأحد من الرجال أو النساء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضى الرجل إلى الرجل فى ثوب واحد، ولا تفضى المرأة إلى المرأة فى الثوب الواحد.
_صحيح مسلم
قال النووي_رحمه الله:
ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل ، والمرأة إلى عورة المرأة ، وهذا لا خلاف فيه . وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة، والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع ، ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى.
2- اشغل نفسك دائماً بما ينفعك في دينك أو دنياك ؛
كما قال الله تعالى :
( فإذا فرغت فانصب )
فإذا فرغت من عمل في الدنيا فاجتهد في عمل من عمل الآخرة كذكر الله وتلاوة القرآن وطلب العلم وسماع الأشرطة النافعة …
وإذا فرغت من طاعة فابدأ بأخرى ..
وإذا فرغت من عمل من أعمال الدنيا فابدأ في آخر … وهكذا ، لأن النفس أن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، فلا تدع لنفسك فرصة أو وقت فراغ تفكر في هذه الفاحشة .
3- قارن بين ما تجده من لذة أثناء هذه الفاحشة ، وما يعقب ذلك من ندم وقلق وحيرة تدوم معك طويلاً، ثم ما ينتظر فاعل هذه الفاحشة من عذاب في الآخرة، فهل ترى أن هذه اللذة التي تنقضي بعد ساعة يقدمها عاقل على ما يعقبها من ندم وعذاب، ويمكنك لتقوية القناعة بهذا الأمر والرضا به القراءة في كتاب ابن القيم ( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) فقد ألفه رحمه الله لمن هم في مثل حالك.
4-العاقل لا يترك شيئاً يحبه إلا لمحبوب أعلى منه أو خشية مكروه . وهذه الفاحشة تفوت عليك نعيم الدنيا والآخرة ، ومحبة الله لك ، وتستحق بها غضب الله وعذابه ومقته . فقارن بين ما يفوتك من خير ، وما يحصل لك من شر بسبب هذه الفاحشة ، والعاقل ينظر أي الأمرين يقدّم .
5-وأهم من ذلك كله :
الدعاء والاستعانة بالله عز وجل أن يصرف عنك هذا السوء، واغتنم أوقات الإجابة وأحوالها ، كالسجود ، وقبل التسليم من الصلاة، وثلث الليل الآخر ، ووقت نزول المطر ، وفي السفر ، وفي الصيام ، وعند الإفطار من الصيام.