مقدمة:
إن للصدقة باب خير عظيم، ونفعها كريم عميم،وقد تضافرت الآيات والأحاديث الشريفة في مدح المتصدقين والمتصدقات وبيان عظيم نفع هذه العبادة الكريمة.
فالرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين الذين كانوا يسارعون في الخيرات، ويتنافسون في البذل والعطاء ، فكانوا ينفقون مما يحبون، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.
وبكثرة الصدقة في السر والعلانية، تُرزقوا وتُنصروا وتجبروا ؛ فهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم؟
فابتغوا بأموالكم الضعفاء والمساكين والمحتاجين، فارزقوهم ترزقوا، وارحموهم تُرحموا، وتاجروا مع ربكم ببرهم والإحسان إليهم؛
لإنها تجارة لن تبور، فقد ذهب أهل الدثور -أي الأموال- من المؤمنين بالأجور والدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون ويصومون ويتصدقون بفضول أموالهم، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
..............
تعريف الصدقة:
_ الصدقة لغة:
هي من الأصل صَدَقَ، والتي تدل على القوة في الشيء قولًا أو غيره، ومن ذلك أخذ الصّدق لقوّته في نفسه، ومن الصّدق أخذت الصّدقة.
_الصدقة اصطلاحًا :
هي العطيّة يبتغى بها المثوبة من الله تعالى.
وقيل أيضًا: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة، لكنّ الصّدقة في الأصل تقال للمتطوّع به، والزّكاة للواجب.
..............
انواع الصدقة:
تنقسم الصدقة لعدة أنواع ؛
منها:ما يكون لها أثر مادي مثل صدقة المال.
ومنها:ما يكون معنويًا؛ وفيما يأتي بيان ذلك:
صدقة المال والصدقات المادية توجد الكثير من الأمثلة على الصدقات المادية،
ومن ذلك:
_الإنفاق على الأهل فإن إنفاق الرجل على أهل بيته وتلبية احتياجاتهم تعد من الصدقة إذا احتسبها لوجه الله؛ فعن سعد بن أبي وقاص عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
(إنَّك لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلاَّ أُجِرْتَ عليها، حتَّى اللُّقمة ترفعُها إلى في امرأتك).
_زراعة الأشجار والنباتات قال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
(ما مِنْ مسلمٍ يَغرسُ غَرْساً، أو يزرعُ زرعاً، فيأكلُ منه إنسانٌ، أو طيرٌ، أو دابَّةٌ، إلا كان له صدقةٌ).
_ كفالة الأيتام فالصدقة على الأيتام يستحق صاحبها الأجر الكبير يوم القيامة، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:
(كافِلُ اليتيمِ له أو لغيرِهِ، أنا وهو كهاتَيْنِ في الجنّةِ).
_الصدقة على الأقارب والجيران:
قال تعالى: (والْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ).
_الصدقة الجارية:
وهي التي يستمر ثوابها حتى بعد موت صاحبها، قال صلى الله عليه وسلم:
(إذا ماتَ الرجلُ انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ: ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ، أو صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفعُ بِهِ).
_الصدقات المعنوية :
هي الصدقة التي لا تعتمد على المال، ويكون هدف المسلم منها التقرب إلى الله
مثل القيام بالعبادات، وقراءة الأذكار، وغيرها من الأعمال؛
مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. السعي في تعليم الناس ما ينفعهم. إقراء القرآن وتعليمه للناس.
_إزالةُ الأذى عن الطريق لقوله صلى الله عليه وسلم: (وتميط الأذى عن الطريق صدقة).
_ تقديم العون والنفع للناس، ودفعُ الأذى عنهم. الدُّعاء للمسلمين.المداومة على ذكر الله كالتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، فتعد من الصدقات التي تثقل ميزان المسلم يوم القيامة؛لقوله صلى الله عليه وسلم:
(إنَّ بكلِّ تسبيحة صدقة، وكلِّ تكبيرة صدقة، وكلِّ تحميدة صدقة، وكلِّ تهليلةٍ صدقة).
..................
فضل الصدقة:
ينال المتصدق الأجر الكبير والثواب العظيم عند الله سبحانه وتعالى، وقد وردت في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تبيّن فضل الصدفة، ومنها:
_البركة في المال والرزق لقوله صلى الله عليه وسلم : (ما نقصت صدقة من مال)،
وقوله عليه الصلاة والسلم:
(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً).
_ سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم:
(كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس).
_سبب للنجاة من النار قال صلى الله عليه وسلم:
(اتقوا النار ولو بشق تمرة).
_سبب لتكفير الذنوب والخطايا قال صلى الله عليه وسلم:
(الصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ).
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليد العليا خير من اليد السفلى" العليا: هي المنفقة، والسفلى: هي السائلة،
وقال صلى الله عليه وسلم:
(الأيدي ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى، فأعط الفضل ولا تعجز عن نفسك).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من تصدَّق بعدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه -أي مهره- حتى تكون مثل الجبل).
وعند الإمام الشافعي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:
(والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً، ولا يصعد إلى السماء إلا طيب- إلا كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه، حتى أن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم) .
ثم قرأ: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
لذلك أنفقوا من مال الله الذي آتاكم وجعلكم مستخلفين فيه؛ لينظر كيف تعملون، فأنفقوا من طيبات ما كسبتم، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، فلن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)،
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
وفي صحيح مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما نقص مال من صدقة).
وفيه أيضاً عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا ابن آدم! إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(قال الله تعالى: أَنْفِق يا ابن آدم أُنفق عليك).
و ثبت في الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه ثلاث مرات، ثم قال:
(اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة). ففي هذا الحديث أن الصدقة تقي من النار ولو كانت تمرة واحدة أو بعض تمرة، أو كلمة طيبة إذا لم يجد الرجل أكثر منها.
وقد رويت آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الصدقة، منها:
(أنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وتسد سبعين باباً من السوء، وأن البلاء لا يتخطى الصدقة، وأنها تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء، وأنها لتطفئ عن أهلها حرَّ القبور).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله:
(كل امرئٍ في ظل صدقته يوم القيامة حتى يُقضى بين الناس).
فكان أبو الخير راوي الحديث لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه بشيءٍ ولو كعكة أو بصلة، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(إن الصدقة لتطفئ غضب الرب). وقال: إنها حجاب من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله عز وجل،
وقال: (تصدقوا فإن الصدقة فكاك من النار).
فتصدقوا يرحمكم الله بما تجدون؛ فإن خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى نفسٍ من المتصدق، ولو كان جهد مقلّ؛ قال صلى الله عليه وسلم:
(اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة)
وقال لامرأة من الأنصار سألته عن المسكين يقف ببابها لا تجد ما تعطيه:
(إن لم تجدي إلا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده).
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم:
(يا نساء المسلمين! لا تحقرنَّ جارة لجارتها ولو فرسن شاة).
وفيهما أيضاً قال صلى الله عليه وسلم:
(ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحداً يأخذها منه). فبادروا بالصدقة قبل أن يحال بينكم وبينها.
قال تعالي:(وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
اعلموا أن أعظم الصدقة أجراً !!
أن تتصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان؛ واعلموا أن الله ليدخل بلقمة الخبز وقبضة التمر ومثلهما مما ينتفع به المسكين -ثلاثة الجنة- رب البيت الآمر به، والزوجة تصلحه، والخادم الذي يناوله المسكين، فمن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، فإن للسائل حقًّا ولو جاء على فرس، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله.
واعلموا أن أحق من تصدقتم عليهم أقاربكم الذين لا تلزمكم نفقاتهم؛
فإن الصدقة على ذي القرابة يضاعف أجرها مرتين؛ فإنها على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة، وهكذا النفقات يبدأ الإنسان أولاً بنفسه، ثم بمن يعول، قال صلى الله عليه وسلم:
(ابدأ بمن تعول: أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك).
.......................
المنّ يبطل الصدقة:
قال تعالي:( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)
قال تعالي:(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً)
قال تعالي:( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا )
فهذه الشروط الثلاثة؛
_الأول: يتعلق بالمال، أن يكون طيباً.
_الثاني: يتعلق بالمنفق بينه وبين الله، أن يكون مبتغياً مرضاة الله، طيبة بها نفسه.
_الثالث :شيء يتعلق بينه وبين الآخذ، وهو أن لا يمن ولا يؤذي.
وقال الله : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
فالله بيّن صورة المضاعفة هنا فقال:
(كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ )
سنابل من جموع القلّة، ومع ذلك مع أنها سبع لكن قال "سنابل" استعمل جموع الكثرة.
في قصة يوسف قال: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ )
لأن المقام مقام تكثير وتضعيف، فالسبع في مائة سبعمائة، وغير السبع مائة أضعاف كثيرة فوق السبعمائة.
وقال الله هنا:
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ ).
ما هو المشبّه؟ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ شبّهوا بأي شيء؟ ما هو المشبّه به؟ الحبة.
إذن، شبّه المنفق بالحبة، مع أن المثل فيه منفق ونفقة وباذر وبذرة، فاختار المنفق من الشق الأول، والبذرة من الشق الثاني، فاختار من كل شقّ من المثل أهمه.
مع أنه هنا يوجد منفق ونفقة لكن الأهم هو المنفق، ينفقون أموالهم في سبيل الله، واختار هناك البذرة؛ لأنها هي المهمة، هي التي تنمو وتكثر، ولا يهم من الذي بذرها بالنسبة للمثل.
فاختصره وجاء به في غاية البلاغة،
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وغير السبع المائة- وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
وقال الله تعالي كذلك:
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
فإذن، هذا يبين القرض الحسن، ما هو القرض الحسن، هو أن تنفق أموالك في سبيل الله، ثم لا تتبع ما أنفقت منّاً ولا أذى.
عدم الإتباع بالمن والأذى يصيّره قرضاً حسناً، والمن والأذى أنواع،
النوع الاول:
فمن المنّ ما يكون بالقلب دون اللسان، يشعر الإنسان لما أعطى أنه منّ على فلان، لكن ما جهر بذلك، صحيح أن هذا لا يبطل الصدقة، لكنه لا يصيره في المكان العالي والدرجة الرفيعة.
_النوع الثاني من أنواع المنّ فهو المن باللسان.
فيعتدي على من أحسن إليه، ويريه أنه قد صنع إليه معروفاً عظيماً، وأنه طوّقه منّة في عنقه، فيقول له: أنا أعطيتك كذا، ما تذكر كذا.
أو أن يقول له: أعطيتك لكن ما في فائدة، ما رأيت منك شيئاً.
أو أعطيتك فما شكرت.
حتى أن بعض السلف قال:
(إذا أعطيتَ رجلا ًشيئاً ورأيتَ أن سلامك يثقل عليه فكفّ سلامك عنه).
لو رأيت أن السلام يثقل عليه كف سلامك عنه.
كان من كلام بعض السلف:
إذا اصطنعتم صنيعة فانسوها إذا أنت عملت معروفاً انسه وإذا أُسديت إليكم صنيعة فلا تنسوها، وإذا أُسدي إليك معروف فلا تنسه.