مقدمة
الحمدلله الذي فطر عباده علي الحق وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة لعلهم يشكرون ،والصلاة والسلام علي من ارسله الله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله،ولو كره المشركون.
أما بعد؛
إن اهمية الدين هي اهم حاجة أساسية في حياة الإنسان،فكما أنهُ يحتاج الي الطعام والشراب والنكاح لسد حاجاته كذلك يحتاج ان يكون له دين ليعرف به ربهُ ليعظمهُ ويعبدهُ ويقدسهُ وعلي هذا الدين الذي يقتدي به يكون مصيرهُ في الدنيا ،ومصيرهُ في الآخرة حيث الخلود في الجنة .
ولذلك فإن من طبيعة الإنسان وفطرتهُ انه لا يهدأ له بال ولا يرتاح ولايغمض له عين حتي يصل الي دين يقتدي به ويرشدهُ الي ربه عزوجل ،
قال تعالي:(أيحسب الإنسان أن يترك سدى){القيامة:٣٦}
وهنا جاءت رحلة الإنسان عبر التاريخ مصحوبة بمحاولات حثيثة لتحصيل هذه الطمأنينة والراحة الفطرية من خلال البحث عن عقيدة سواء كانت سماوية مما أوحاه الله للرسل أم كانت مادية من صنع الإنسان كالفلسفات والمذاهب الإلحادية؛ كالماركسية وغيرها من المذاهب التي أثبتت فشلها في مواجهة شريعة الله في الأرض.
وحول الحاجة الفطرية للدين يقول المؤرخ البريطاني آرنولد توينبى: الدين إحدى الملكات الضرورية الطبيعية البشرية، وحسبنا القول بأن افتقار المرء للدين يدفعه إلى حالة من اليأس الروحي، تضطره إلى التماس العزاء الديني على موائد لا تملك منه شيئاذ.
وايضاً الباحثون في تاريخ الأمَم والأديان والحضارات أجمَعوا على أنَّ الإنسان من أقدَم العصور "يتديَّن ويتعبَّد ويؤمن بإله"، حتى قال أحدُ كبار المؤرِّخين: بلوتارك : لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد مطلقا مدن بلا معابد.
وكل ذلك يؤكد أن التدين جزء من طبيعة الإنسان؛ حيث إنه لا يستطيع أن يعيش بغير دين، والله خلق الإنسان ويعلم ما يصلح دنياه وآخرته فأنزل له من السماء دين الإسلام التي أثبتت كل التجارب على مدار التاريخ أنه لم يسد فراغ تنحيتها أي عقيدة أو مذهب آخر؛ ذلك أنها رسالة رب العالمين التي جاء بها كل الرسل والأنبياء من لدن آدم عليه السلام حتى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم
_تعريف الدين:
تعريف الدين لغةً:
مشتق من الفعل الثلاثي: (دان)، وهو تارة يتعدى بنفسه، وتارة باللام، وتارة بالباء، ويختلف المعنى باختلاف ما يتعدى به، فإذا تعدى بنفسه يكون (دانه) بمعنى ملكه، وساسه، وقهره وحاسبه، وجازاه.
وإذا تعدى باللام يكون (دان له) بمعنى خضع له، وأطاعه.
وإذا تعدى بالباء يكون (دان به) بمعنى اتخذه ديناً ومذهباً واعتاده، وتخلق به، واعتقده.
وهذه المعاني اللغوية للدين موجودة في (الدين) في المعنى الاصطلاحي كما سيتبين؛ لأن الدين يقهر أتباعه ويسوسهم وفق تعاليمه وشرائعه، كما يتضمن خضوع العابد للمعبود وذلته له، والعابد يفعل ذلك بدوافع نفسية، ويلتزم به بدون إكراه أو إجبار.(١)
تعريف الدين إصطلاحاً :
الدين هو اعتقاد قداسة ذات، ومجموعة السلوك الذي يدل على الخضوع لتلك الذات ذلًّا وحبًّا، رغبة ورهبة.
فهذا التعريف فيه شمول للمعبود، سواء كان معبوداً حقًّا- وهو الله عز وجل- أو معبوداً باطلا، وهو ما سوى الله عز وجل.
كما يشمل أيضا العبادات التي يتعبد الناس بها لمعبوداتهم، سواء كانت سماوية صحيحة كالإسلام، أو لها أصل سماوي ووقع فيها التحريف والنسخ كاليهودية، والنصرانية، أو كانت وضعية غير سماوية الأصل كالهندوكية، والبوذية، وعموم الوثنيات.
كما يبرز التعريف حال العابد؛ إذ لابد أن يكون العابد متلبساً بالخضوع ذلًّا وحبًّا للمعبود حال العبادة؛ إذ إن ذلك أهم معاني العبادة.
ويبين التعريف أيضاً هدف العابد من العبادة، وهو إما رغبة أو رهبة، أو رغبة ورهبة معاً؛ لأن ذلك هو مطلب بني آدم من العبادة.(٢)
إذاً هي علاقةٌ بين معبود وعبد ترتكز على مقدسات، ونظام يسير الأمر بينهما.
وفي الاصطلاح الإسلامي:
الدين:هو التسليم لله تعالى والانقياد له.
والدين: هو ملة الإسلام وعقيدة التوحيد التي هي دين جميع المرسلين من لدن آدم ونوح إلى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: {إِنَّ الدين عند اللّهِ الإِسلاَم}
(آل عمران ١٩)
وبعد أن جاء الإسلام فلا يقبل الله من الناس دينا غيره، قال الله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبلَ مِنهُ وهوَ فِي الآخرةِ منَ الخاسرِينَ} (آل عمران٨٥)،(٣)
_الفطرة:
_تعريف الفطرة لغةً:
الفطرة من فطر الشئ،يفطره فطراً ،فانفطر،وفطره،أي شقَّة،وتفطر:تشقق،فالفطر:الشق.وجمعه:فطور،ومنه فَطَرَ ناب البعير،إذا طلع.(٤)
وفي التنزيل قال تعالي:(إذا السماء انفطرت)أي:انشقت(الانفطار:١)
وفي الحديث:عن عائشة رضي الله عنها :"أن النبي صلي الله وعليه وسلم كان يقوم من الليل حتي تتفطر قدماه.." (٥)
وفطر الله الخلق،يفطرهم:خلقهم وبدأهم،
فالفطر _أيضاً_ الابتداء والأختراع،كما قال تعالي:(الحمدلله فاطر السماوات والأرض){فاطر:١}،
أي خالقهما ومبتدئهما.(٦) ،
وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما_:"كنت لاأدري ما (فاطر السماوات والأرض)،حتي أتاني أعرابيان يختصمان في بئر،فقال أحدهما لصاحبه:أنا فطرتهما،أنا بدأتهما"(٧)
_تعريف الفطرة إصطلاحاً:
_وردت لفظة "الفطرة"مصدراً في القرآن الكريم في آية واحدة هي قوله تعالي:
(فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذالك الدين القيم ولاكنَّ أكثر الناس لايعلمون){الروم:٣٠}،
وإن كان أصل الكلمة قد ورد بصيغ أخري _غير صيغة المصدر_في آيات كثيرة ترجع معانيها إلي الخلق والأبتداء والتشقق.
_ووردت لفظة "الفطرة" في السنة:
فقد ورد لفظ "الفطرة" مصدراً في أحاديث كثيرة، أشهرها حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،قال:
قال رسول الله صلي الله وعليه وسلم :"كل مولود يولد علي الفطرة ،فأبواه يهودانه ،أو ينصرانه،أويمجسانه
،كمثل البهيمة تُنتجُ البهيمة،هل تري فيها جدعاء"(٨)،
وفي رواية قال أبو هريرة رضي الله عنه في آخر الحديث:"اقرؤوا إن شئتم :(فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله){الروم:٣٠}
تعريف الحاجة:
هي شعور بالحرمان يلح على الفرد مما يدفعه للقيام بما يساعده للقضاء على هذا الشعور لإشباع حاجته. تختلف الحاجة عن الرغبة