مقدمة:
الباب لا يُفتَح ، والقيد لا يُكسَر ، والبعيد لا يقرب ، والغائب لا يعود ، إلا بأجل مسمًّى يقدِّره الله تعالى.
ولا بد لشعلة الأمل أن تُضيء ظلمات اليأس ، ولا بد لشجرة الصبر أن تطرح ثمار الأمل ، ومن فَقَدَ الصبر ضيع الأمل، ومن لا أمل معه ، فلا سلاح له لمواجهة معوقات الدهر ، ومكائد الدنيا ، وعقبات الحياة.
ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﺟﺐ ﺑﺈﺟﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ؛
أحاديث في فضل الصبر ، منها :
عن أَبي سعيدٍ الخدريِّ رضي اللهُ عنهُ قال : قال رسول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم : ( من يتصبَّرْ يُصبِّرهُ اللَّهُ ، وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأَوسع من الصَّبرِ ) .رواه في الصحيحين
عن أم سلمة رضي الله عنها أَنَّها قالتْ : سمعتُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلَّم يقُولُ : ( ما من مُسلمٍ تُصيبهُ مُصيبةٌ فيقولُ ما أمرهُ اللَّهُ " إنَّا لله وإنَّا إِليهِ راجعون ، اللهمَّ أجُرني في مُصيبتي وأخلفْ لي خَيْرًا منها " إِلا أَخلف اللَّهُ لهُ خيرًا منها )رواه مسلم
عن صهيبٍ رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم :( عجبًا لأَمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمرهُ كلهُ خيرٌ ، وليس ذاك لأَحدٍ إِلا للمؤْمِنِ ، إن أصابتهُ سرَّاءُ شكر فكان خيرًا لهُ ، وإن أصابتهُ ضرَّاءُ صبر فكان خيرًا لهُ )رواه مسلم.
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاض ( أي عوضه ) مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه .
الصبر ضياء:
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الصبر بأنه ضياء كما ورد في صحيح مسلم والضياء هو النور المصحوب بالإحراق كنور الشمس قال ابن رجب رحمه الله: (ولما كان الصبر شاقا على النفوس يحتاج إلى مجاهدة النفس وحبسها وكفها عما تهواه كان ضياء فإن معنى الصبر في اللغة الحبس ومنه قتل الصبر وهو أن يحبس الرجل حتى يقتل).
ومما يدل على أهمية الصبر وشدة حاجته أن المؤمن يتقلب في الدنيا بين حالين إما السراء فيشرع له الشكر أو الضراء فيشرع له الصبر؛
الصبر والصلاة
لا بد من الصبر ؛ فالصبر من أعلى المقامات التي يجب أن يتحلى بها العبد أمام شدائد الحياة في طريقه إلى الله ، الصبر وقود الحياة ، وسبيل النجاة ، وزادُ الطريق ، وباب الأمل ، ومفتاح الفرج.
كيف لا ؟!
كيف لا ؟!
كيف لا ؟!
كيف لا ؟!
كيف لا ؟!
كيف لا ؟!
قال زياد بن عمرو رحمه الله :
لذا فعدم الصبر دليل ضعف الإيمان ، والله تعالى أمر عباده بالصبر ، ومدح أهله في آيات كثيرة ؛ فمن ذلك قوله تعالى:(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى: 43] ،
فإذا استحكمت الأزمات وتعقَّدت حبالها ،وترادفت الضوائق وطال ليلها ، وزادت الشدائد واشتد كربها ، فإن الصبر يشع للمسلم النور العاصم من التخبُّط ، والهادي من الضلال ، والحافظ من القنوط؛
وبالصبر تبلغ ما تريد، وبالتقوى يلين لك الحديد ، وبالأمل تبني كل جديد.
وكما أن الصفح الجميل لا أذى فيه، والهجر الجميل لا عِتاب فيه ، فالصبر الجميل لا شكوى فيه ؛ قال تعالى : (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا) [المعارج: 5 - 7].
فلا تيأس إذا قَسَتْ أيامك ، وتعثرت أقدامك ، وتشوه هندامك.
وإذا سقطت في حفرة واسعة ، فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكًا وأعظم يقينًا ، وأوسع صدرًا ، وأحسن قوة ، والله مع الصابرين.
يا نفس صبرًا على ما قد مُنيتِ به
فالحر يصبر عند الحادث الجللِ
والصبر ساق إيمان المؤمن الذي لا اعتماد له إلا عليها، فلا إيمان لمن لا صبر له وإن كان فإيمان قليل في غاية الضعف وصاحبه يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ، ولم يحظ منهما إلا بالصفقة الخاسرة .
فخير عيش أدركه السعداء بصبرهم ،وترقوا إلى أعلى المنازل بشكرهم ، فساروا بين جناحي الصبر والشكر إلى جنات النعيم ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
وعلق الفلاح بالصبر والتقوى ، فعقل ذلك عنه المؤمنون فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .
وأخبر عن محبته لأهله ، وفي ذلك أعظم ترغيب للراغبين ، فقال تعالى : ( والله يحب الصابرين ) .
ولقد بشر الصابرين بثلاث كل منها خير مما عليه أهل الدنيا يتحاسدون ، فقال تعالى:( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) .
الصبر واليقين :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. ثم تلا قوله تعالى:( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (سورة السجدة: 24)
قال سفيان بن عيينة رحمه الله في الآية السابقة:"لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسًا"،
وقال زهير بن نعيم الباني رحمه الله: إن هذا الأمر أي الإمامة في الدين لا يتم إلا بشيئين:الصبر واليقين، فإن كان يقينًا ولم يكن معه صبر لم يتم، فإن كان صبرًا ولم يكن معه يقين لم يتم.
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه:
مثل اليقين والصبر كمثل فدادين(مزارعين) يحفران الأرض، فإذا جلس واحد جلس الآخر.
الصبر والحياة الدنيا :
والصبر قوامه طبيعة الحياة الدنيا من ناحية ،
الصبر نصف الإيمان:
إن الصبر يعتمد على حقيقة الإيمان ، فالإيمان يحتاج إلى ابتلاء كي يثقل ، كما يعتمد الإنسان على الابتلاء ؛ لكي يخرج أقوى عودًا ، وأعظم يقينًا ، وأوسع صدرًا.
قال تعالي:
والصبر نصف الإيمان ، والإيمان أن تعلم يقينًا أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
للصبر منازل ودرجات :
الذي يريد الدرجات العلى ، والمنازل الرفيعة ، لا بد أن يدفع الثمن ، والثمن هنا يقدره الصادق الأمين رسول رب العالمين ، كيف؟!
قال صلى الله عليه وسلم : (إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعملٍ ، ابتلاه الله في جسده أو ماله أو ولده ، ثم صبر على ذلك ، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل)
والخير كل الخير في الابتلاء ؛ يقول صلى الله عليه وسلم : (من يُرِدِ الله به خيرًا يُصَبْ منه).
الابتلاء ليس غضبًا أو كرهًا من الله ، كلا ثم كلا ، إنما هو دليل حب الله تعالى للعبد المبتلى :(إذا أحب الله قومًا ابتلاهم ، فمن رضِيَ فله الرضا ، ومن سخط فله السخط)
الصبر على الطاعة :
الصبر على المعصية :
الصبر علي البلاء:
قال ميمون بن مهران رحمه الله:
وقال إبراهيم التيمي رحمه الله:
ورحم الله من قال :
يا نفس صبرًا فعقبى الصبر صالحة
لا بد أن يأتي الرحمن بالفرج
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
قال عمر بن عبد العزيز وهو على المنبر :
قال المفسرون : أي يغرف لهم من الحسنات غرفًا.