مقدمة:
الحشيش نبات يُستخلص من قمة زهور نبات القنَّب الهندي الذي تنتشر زراعته في مواطن كثيرة، وهو نبات خبيثٌ يريد متعاطيه أن يهرب به عن واقعه الذي يعيشُه من قلق واكتئاب ومشاكل إلى عالم آخر، ويظنه الواقعون في شراكهِ رجولةً وعلاجا،
وهو الداء والسفهُ والجنون بعينه.. لقد انتشر لسهولة الحصول عليه، وبسبب أصحاب السوء الذين يزينون لجليسهم كل خبيث 


فالحشيشة محرمة بجميع أنواعها كالماريجوانا وغيره.
قال التقي السبكي والأصل في تحريمها مارواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه بسند صحيح عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر .

قال العلماء: المفتر كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف، وهذا الحديث فيه دليل على تحريم الحشيش بخصوصه، فإنها تسكر وتخدر وتفتر، ولذلك يكثر النوم لمتعاطيها.
وحكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريمها قال ابن تيمية رحمه الله :ومن استحلها فقد كفر،
قال : وإنما تتكلم فيها الأئمة الأربعة رضي الله عنهم لأنها لم تكن في زمنهم وإنما ظهرت في آخر المائة السادسة وأول المائة السابعة حين ظهرت دولة التتار . 

ولها مضار دينية ودنيوية قال التقي السبكي رحمه الله: قال بعضهم ؛وفي أكل الحشيش مائة وعشرون مضرة دينية ودنيوية منها:
أنها تورث الفكرة ،وتجفف الرطوبةت ،وتعرض البدن لحدوث الأمراض ،وتورث النسيان ،وتصدع الرأس ،وتقطع النسل والمني وتجففه، وثورث موت الفجاة ،واختلال العقل وفساده، والدق، والسل ،والاستسقاء، وفساد الفكر وإفشاء السر وذهاب الحياء ،
وكثرة المراء ،وعدم المروءة ،وكشف العورة ،وعدم الغيرة ،وإتلاف الكسب ،ومجالسة إبليس ،وترك الصلاة،والوقوع في المحرمات،والجذام،والبرص،
وتوالي الأسقام ،والرعشة ،ونتن الفم ،
وسقوط شعر الأجفان،واحتراق الدم ،
وصفرة الأسنان ،والبخر ،وثقب الكبد ،وغشاء العين ،والكسل ،والفشل ،وتجعل الأسد كالعجل ،
وتعيد العزيز ذليلاً، والصحيح عليلاً ،
إن أكل لايشبع وإن أعطي لايقنع ،
وإن كُلم لايسمع ،تجعل الفصيح أبكم ،
والصحيح أبلم ،وتذهب الفطنة ،وتحدث البطنة،
وتورث اللعنة والبعد عن الجنة .
 
 فلا يوجد في الحشيش نوع إلا وفيه أضرار كثيرة، ولم يحرم الله تعالى شيئاً إلا وفيه من الأضرار ما لو علم العاقل حقيقته لأعرض عن تناوله، ما لم يكن ممن غلب هواه عقله، فقد قال القائل:
وآفة العقل الهوي فمن علا
     علي هواه عقله فقد نجا

أضرار الحشيش كثيرةٌ ومآسيَهُ وفيرة،كما هو الشأن في سائر المخدرات ؛

أضرارالحشيش الدينية:

تركُ الصلاة وثقلُ الطاعات، وحصدُ السيئات وإغضاب رب الأرض والسموات، وهو سبب لكراهية الصالحين وبغضِهم وعدم مجالستهم، والبعد عن مجالس الذكر ومواطن العبادة، وإلف المعاصي، ومصاحبة الأشرار وصداقتهم ومودتهم. وهو شرٌّ من الخمر التي لعن النبي صلى الله عليه وسلم شاربها وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومبتاعها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

(إن الحشيشة حرام، يُحَدُّ متناولها كما يُحدُّ شاربُ الخمر، وهي أخبثُ من الخمر، من جهة أنها تُفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجلِ تخنثٌ ودياثة، وغير ذلك من الفساد. )

وقال أيضا: (فهذه الحشيشة الملعونة هي وآكلوها ومستحلوها، الموجبةُ لسخط الله وسخط رسوله وسخط عباده المؤمنين، المعرضةُ صاحبِها لعقوبة الله; إذا كانت كما يقوله الضالون من أنها تجمع الهمة وتدعو إلى العبادة، فإنها مشتملة على ضرر في دين المرء وعقله وخلقه وطبعه أضعاف ما فيها من خير؛ ولا خير فيها).

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (الحشيشة أخبث من الخمر وأشد)،

 وقال أيضا: (إن الخمر في النجاسة بمنزلة البول، والحشيشة بمنزلة الغائط).

  أضرار الحشيش الصحية:

 أنه سبب للهلوسة وذهاب التركيز، والسرطان، والضعف الجنسي، وأمراضِ القلب، وتلف خلايا الدماغ التي تؤدي إلى الجنون بل والموت أيضا،

وهو سبب لتشوهات المواليد كما هو واقعُ الحال..

 أضرار الحشيش الاجتماعية:

العزلةُ والانطواءُ، وتبدلُ الطبائعِ إلى الأسوأ، والسفهُ في التصرف وفسادُ التدبير فلا يكون أهلا للاعتماد عليه في بيته ولا عمله. والحشيش سبب لفقدانِ الأمانة والتفريط فيما يجب حفظُه ورعايته؛

فلا يؤمنُ المحشِّش على مصلحة عامة، ولا على أموالٍ ولا على عمل، ولا يؤمن حتى على محارمه وأسرته لأن إنسانيته في انحدار.

ومن أضرار الحشيش:

أنه يجعل متعاطيه عالةً على المجتمع، يضر ولا ينفع، وهو منبوذ من كل قريب حتى من والديه و زوجته وأولاده..

وكم فرق الحشيش بين زوجين وهدم بيوتا قائمة مستقرة..

 وهو باب إلى الهيروين والكوكايين والحبوب المهلوسة وغيرها من صنوف المخدرات.

وهو سبب لانتشار الجرائم، وارتكاب الفواحش وضياع الأسر، وانحراف الناشئة، ونزول العقوبات والفتن والبلايا،

 قال تعالي:( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسَرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .


 أضرار الحشيش المادية :
فظاهرة لا تحتاج إلى بيان فهو متلف للأموال،وللصحة التي يضطر معها لبذل أموال طائلة لعلاج آثاره وتبعاته. ف بالله عليك !
هل يمكن لعاقل بعد بيان الحكم الشرعي ومعرفة هذه الأضرار كلها أن يستسلم لشيطانه وهواه ويقدم على تعاطي هذا البلاء وأمثاله.
 قال الحسن البصري رحمه الله :(لو كان العقلُ يشترى، لتغالى الناس في ثمنِه، فالعجبُ ممن يشتري بمالِه ما يفسده!)

 إن تعاطي هذه المواد من مسكرات ومفتِّرات :
ومنها الدخان والحشيش ابتلاء لا نجاح فيه إلا بالتخلص منها بالاستعانة بالله تعالى، ثم بالعزيمة القوية، والإرادة الجازمة، والتوبة الصادقة إلى غافر الذنب وقابل التوب، قال تعالي:(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) إلى قوله تعالي:( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ).
 فتب إلى الله تعالى أيها المبتلى بهذه السموم،


الخلاصة:

  وجود دليل على تحريم الحشيش بخصوصه ، فإنها تسكر وتخدر وتفتر ، ولذلك يكثر النوم لمتعاطيها ، وحكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريمها ،
قال : ومن استحلها فقد كفر . 
قال : وإنما لم تتكلم فيها الأئمة الأربعة رضي الله تبارك وتعالى عنهم لأنها لم تكن في زمنهم ، وإنما ظهرت في آخر المائة السادسة وأول المائة السابعة حين ظهرت دولة التتار " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/425) : (أكل هذه الحشيشة الصلبة حرام , وهي من أخبث الخبائث المحرمة , وسواء أكل منها قليلا أو كثيرا ) .انتهى .

وتعاطي المسكرات حرام مهما كانت طريقة التعاطي.

قال العلامة ابن قاسم الشافعي في "حاشيته على تحفة المحتاج بشرح المنهاج" (9/167) وهو يبين من هو شارب المسكر قال :
( والمراد بالشارب المتعاطي ، شرباً كان أو غيره ، وسواء فيه المتفق على تحريمه والمختلف فيه ، وسواء جامده ومائعه ، مطبوخه ونيئه)انتهى .

والشريعة إنما حرمت تناول المخدرات والمسكرات لما فيها من أضرار بالغة على العقل والنفس والأسرة والمجتمع .

أما التوتر والقلق فكن على يقين أن دواءه ليس في تدخين الحشيشة أو غيرها من المحرمات، فلم يجعل الله شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها ، ففي صحيح مسلم (3670) :
( أن طارقَ بن سويدٍ الجُعفِيَّ رضي الله عنه سأَل النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن الخمرِ ، فنهاهُ ، أو كره أن يصنعها ، فقال إنَّما أصنعها للدَّواء ، فقال :( إنَّهُ ليس بدواءٍ ، ولكنَّهُ داءٌ ) .

وإذا أردت طرد القلق عن نفسك بعدة أمور منها :
ـ كثرة الاستغفار بحضور قلب .
- التوضؤ والصلاة فإنها من أعظم أسباب العون على الصبر على المكاره وطرد الغم .
ـ كثرة ذكر الله تعالى ، فإنه سبيل أكيد لحصول الطمأنينة والسكينة .
ـ كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي سنن الترمذي (2381): قال أبيٌّ رضي الله عنه : قُلْتُ : يا رسُول اللهِ ،إني أُكثرُ الصَّلاة عليك ،فكم أجعلُ لك من صلاتي ؟ فقال : ( ما شئت ) قال : قلتُ الرُّبع ؟
قال : ( ما شئت ، فإِن زدت فهو خَيرٌ لك )
 قلتُ : النِّصفَ ؟ قال :( ما شئتَ ، فإِن زدت فهو خيرٌ لك ) قال :قُلتُ : فالثلُثين ؟
 قال :( ما شِئْتَ ، فإن زدت فهو خَيرٌ لك )
قُلتُ : أجعلُ لك صلاتِي كُلَّهَا ،
 قَالَ : ( إِذًا تُكفى همَّكَ ، ويُغفرُ لك ذَنْبُكَ ) -وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي .

هذا بالإضافة إلى اجتناب أسباب التوتر والقلق بقدر المستطاع ، فإن كان مصدر ذلك القلق التوتر هموم مستقبلة كأسباب الرزق ونحوها ، فعليك بحسن الظن بالله تعالى وصدق الاعتماد عليه ،
فقد قال تعالي:( ومن يتوَكَّلْ على اللَّهِ فهو حسبُهُ إنَّ الله بالغُ أمرهِ قد جعل اللَّهُ لكلِّ شيءٍ قَدراً )  

تعليقات